FINANCIAL TIMES

كيف أعاد كين جريفين بناء دفاعات سيتادل ‏

كيف أعاد كين جريفين بناء دفاعات سيتادل ‏

كين جريفين في حديث مع أحد العاملين في قاعة التداولات في سيتادل.

في أعقاب الأزمة المالية كانت سيتادل (الحصن) على وشك الانهيار. اعتقد الكثيرون أنه لم يكن بالإمكان إنقاذها.
اليوم، بعد اجتياز السوق تداعيات وباء فيروس كورونا، تمكن صندوق التحوط الذي يتخذ من شيكاغو مقرا له، من ترسيخ مركزه واحدا من عمالقة الصناعة - وواحدا من أبرز مستقطبي الانتقاد.
التغيير في الحظوظ يمثل إعادة تأهيل عجيبة نفذها مؤسس المجموعة الواثق من نفسه، كين جريفين، البالغ من العمر 52 عاما، الذي تفاخر في 2015 بأن سيتادل تصنع الأموال كما تقوم شركة صناعة السيارات بصنع السيارات.
زادت أصول الشركة التي تحت الإدارة أكثر من الضعف خلال العقد الماضي لتصل إلى أكثر من 34 مليار دولار، في صناديق تتداول كل شيء، من أسهم الشركات الكبرى إلى السندات الغريبة والسلع، وقد تم إغلاقها أمام الاستثمارات الجديدة خلال الأعوام الخمسة الماضية.
حقق صندوقها الرئيس، ويلينجتون، عوائد بنسبة 24.4 في المائة في 2020 - أكثر من ضعف متوسط مكاسب صناديق التحوط - وارتفع 6 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من 2021، وفقا للمستثمرين.
تم تصنيف سيتادل الآن من قِبل شركة الاستثمار إل سي إنفيستمنتس LCH Investments باعتباره رابع أعلى صندوق تحوط من حيث الدخل في التاريخ، وتقدر مجلة فوربس ثروة جريفين الشخصية بنحو 16 مليار دولار.
كان أداء العام الماضي متناقضا بشكل حاد مع تجربة سيتادل عندما اقترب من الانهيار في 2008. "لقد عملنا بأقصى طاقتنا"، كما قال جريفين في مقابلة، متذكرا كيف قارن أحد مستثمريه أخيرا الشركة بطائرة مقاتلة من طراز F-22.
أضاف "كثير من الشركات الأخرى تقاتل باستراتيجيات قديمة، وفي لحظات الاضطراب يكون عليها التراجع إلى مكان أكثر أمانا". وأردف قائلا "الآن، هذا لا يجعلنا منيعين، لكننا حققنا استثمارات على مدى عقود لنكون راسخين أكثر في مثل هذه اللحظات".
لكن سيتادل وجدت نفسها أيضا موضع تدقيق وجدل هذا العام. فقد لعبت دورا بارزا في فوضى سوق الأسهم التي كان محورها متجر جيم ستوب، عندما اجتمع جيش من المستثمرين الأفراد على منتدى WallStreetBets في موقع ريديت لمواجهة صناديق التحوط التي تراهن ضد متجر ألعاب الفيديو وغيره من "الأسهم ذات الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي".
تدخلت سيتادل بضخ ملياري دولار لمساعدة ميلفين كابيتال، أحد أكبر صناديق التحوط الذي تضرر من الاضطرابات. في الوقت نفسه، ألقى المستثمرون في موقع ريديت اللوم على شركتها الشقيقة، سيتادل للأوراق المالية، التي هي أكبر صانعة سوق في الأسهم الأمريكية، وحملوها المسؤولية عن قرار شركة روبن هود للوساطة تقليص التداول في جيم ستوب في ذروة الحمى.
في حين أن جريفين شهد في الكونجرس بأن أيا من شركتيه لم تلعب دورا في قرار روبن هود إيقاف التداول – وهو ما يدحض نظرية المؤامرة الشعبية التي روجها متداولو ريديت - إلا أن عضوة مجلس النواب الديمقراطية، رشيدة طليب، استحوذت على المزاج الشعبي تجاه صناديق التحوط، عندما هاجمت جريفين في جلسة الاستماع. قالت، موجهة الحديث إليه "أنت شخص غير مسؤول وقد تم إعدادها (السوق) بطريقة لا تساعد سوى الأغنياء".
من جانبه، يتجاهل جريفين ازدراء السياسيين له باعتباره طريقة للاستعراض، معربا عن قناعته بأن "التأثير الإيجابي الذي لا يصدق" لشركتي سيتادل وسيتادل للأوراق المالية سينتشر ويعم.
قال "لم أفكر في أننا برزنا في هذا المركز (كبعبع شعبوي)، لأن الكثير مما نفعله بناء بشكل واضح لأسواق رأس المال، ويحظى بتقدير واسع النطاق من قِبل هيئات التنظيم وصناع السياسة في جميع أنحاء العالم".
لم يبق هناك شبه يذكر بين سيتادل التي بدأت في 1990 وشركة اليوم، عندما استثمر جريفين هوايته أثناء وجوده في سكن جامعة هارفارد، بالتداول في السندات القابلة للتحويل لتصبح استثمارا أوليا.
صنعت الشركة الوليدة اسما لنفسها من خلال تسجيل عوائد ثابتة وقوية - والاستفادة من مصائب الآخرين، من خلال انتقاء بقايا منافسين مثل صندوق LTCM، وأمارانث Amaranth، وسوود Sowood، للحصول على الأصول المتعثرة ومواهب التداول. ثم جاء 2008. خسرت سيتادل ثمانية مليارات دولار في ذلك العام واضطرت إلى تجميد عمليات سحب المال التي يقوم بها المستثمرون بسبب تدهور الأسواق.
يقول مطلعون وآخرون إن انتعاش سيتادل من الأزمة المالية يرجع إلى حد كبير إلى ثلاثة عوامل ذات صلة: التكيف السريع مع النظام البيئي المالي المتغير، وأنموذج أعمال يدعم الاستثمارات الضخمة في التكنولوجيا والمواهب، ومطالب جريفين المرهقة.
استجابة للأزمة المالية، شددت هيئات التنظيم القيود على اتخاذ المخاطر من قبل البنوك، وتم التخلص من مكاتب تداول البنوك التي تتداول "لحسابها الخاص" التي كانت فيما مضى تشبه صناديق تحوط داخلية ضخمة. هذا سمح لصناديق التحوط مثل سيتادل بالحصول على أفضل المواهب.
هيكلة التكلفة في المجموعة عززت قدرتها على القيام بهذا. تقوم سيتادل بتشغيل أنموذج "تعدد المديرين"، حيث تعمل فرق فردية من المتداولين ومديري المحافظ بشكل مستقل نسبيا. يتم تحويل جميع التكاليف - مثل الرواتب والمكافآت واستثمارات التكنولوجيا - مباشرة إلى المستثمرين بدلا من رسوم الإدارة.
مثل صندوق ملينيوم للإدارة برئاسة إسرائيل إنجلاندر، وإجزودس بوينت برئاسة مايكل جيلباند، أدى هذا إلى تمكين سيتادل من توظيف المتداولين بشكل نشط - مدركة أن التكلفة يتحملها المستثمرون - والتخلص السريع من الذين يقدمون أداء سيئا.
مع ذلك، حتى في قطاع معروف بطرد المتداولين ذوي الأداء الضعيف بلا رحمة، يشتهر جريفين بكونه رئيسا صارما. قال موظف سابق "لا يوجد الكثير من التعاطف. قد يكون ذلك مصدر قوة عندما تسوء الأمور، لأنني لا أعتقد أنه يشعر بالتوتر بالطريقة نفسها التي يشعر بها الآخرون. لديه هذه الرغبة فقط في يكون الأفضل في كل شيء، والجميع إما يساعدونه على تحقيق ذلك، أو لا يفعلون".
يجادل مسؤول تنفيذي سابق آخر أن قسوة جريفين ترفع سقف التوقعات: "غالبا ما يتأمل الاتفاقيات القانونية، وأجزاء من الرموز البرمجية أو نماذج المحللين. وإذا عرفت أن جريفين قد ينظر إلى عملك، فعليك التحقق منه مرتين".
لا يعتذر جريفين عن ثقافة الشركة: "إذا كنت متحمسا للاستمتاع بكونك منافسا جيدا، فستحب العمل هنا".
جاك وودروف، الذي غادر سيتادل في 2019 لتأسيس صندوق التحوط الخاص به، وصف جريفين بأنه "صارم، لكنه عادل" والشركة بأنها منصة داروينية: "إذا حققت أداء جيدا تكافأ، وإذا لم تفعل، تفصل. إنه ليس مكانا سياسيا على الإطلاق. إنه رأسمالية في أنقى أشكالها".
تم ردع بعض المستثمرين بسبب أنموذج تمرير التكلفة، التي غالبا ما تصل إلى أكثر بكثير من الرسوم الإدارية الثابتة البالغة 1-2 في المائة من الأصول، التي تفرضها معظم صناديق التحوط. لكن بالنسبة للآخرين، صافي عوائدها طويلة الأجل تجعلها استثمارا مطلوبا. قائمة الانتظار في سيتادل للعملاء الراغبين بدخول صناديقها تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، وفقا لشخص مقرب من الشركة.
هذا على الرغم مما يصفها بعض المستثمرين بأنها أعمال غامضة إلى حد ما. قال مستثمر سابق تمت إعادة أمواله "إنه استثمار غامض. لا يوجد الكثير من الشفافية. لكن عوائدنا طويلة الأجل كانت ممتازة، وشعرنا بالأسف لاستردادها".
كانت هناك خطوات خاطئة على طول الطريق، أبرزها محاولة فاشلة بعد الأزمة المالية لبناء بنك استثماري، واهتمام متكرر بإدراج عام لم يتحقق قط. في الآونة الأخيرة، يقول النقاد تم إنقاذ تداولات سيتادل القوية ذات الرفع المالي في سندات الخزانة الأمريكية بسبب برنامج التحفيز الاستثنائي الذي أطلقه الاحتياطي الفيدرالي في آذار (مارس) 2020.
يشعر بعضهم بالقلق بشأن تأثيرها الهادئ في المنظمين وصناع السياسات. تلقت وزيرة الخزانة، جانيت ييلين، ما يقارب 800 ألف دولار من سيتادل لإعطاء الشركة سلسلة من الخطابات بعد تنحيها عن منصب رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في 2018، وتحتفظ سيتادل برئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق، بن برنانكي، مستشارا. وظفت سيتادل للأوراق المالية عددا من كبار المسؤولين السابقين في هيئة الأوراق المالية والبورصات، واقتنصت الأسبوع الماضي هيث تاربرت، الذي كان حتى وقت قريب رئيس هيئة تنظيم المشتقات الأمريكية الرئيسة.
ولا يوجد ما يدل على أن ثروة جريفين تؤثر في طموحه. قال إن صناعة صناديق التحوط لا تزال منقسمة إلى أجزاء متنافسة مقارنة بمعظم القطاعات الأخرى. هناك الآلاف من الشركات وتمثل سيتادل ما يقارب 1 في المائة من إجمالي الأصول الخاضعة للإدارة.
يلاحظ أحد المطلعين أن جريفين يرى كل دولار تعيده سيتادل للمستثمرين على أنه خسارة - وأنه سيتم تحويله فقط إلى منافس بدلا من ذلك.
مع ذلك، في انتقادات لاذعة خفية موجهة إلى كثير من منافسيه، مؤسس سيتادل مصمم على أنه لن يتساهل في العائدات لمجرد جمع خزانة أكبر. بدلا من ذلك، يستثمر صندوق التحوط في مجالات مثل التعلم الآلي وتداول سندات الشركات وبيانات أفضل لتوسيع القدرة الإنتاجية باستمرار لاستراتيجياته المختلفة بمرور الوقت.
قال جريفين: "نحاول دائما تحسين قدرتنا على التنبؤ غدا، والأسبوع المقبل، والشهر المقبل، والربع المقبل، والعام المقبل. (لكني) أفضل الانخراط في السعي وراء التميز بدلا من السعي وراء الأصول".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES