FINANCIAL TIMES

عتبة عالية تمنع تدخل الاحتياطي الفيدرالي في الأسواق

عتبة عالية تمنع تدخل الاحتياطي الفيدرالي في الأسواق

تزايدت خسائر سندات الخزانة طويلة الأجل في الآونة الأخيرة، ما أدى إلى أسوأ أداء ربع منذ أكثر من 4 عقود.

في ذروة الذعر المالي الذي انتشر في الأسواق العالمية في آذار (مارس) 2020، دعا مستثمرو الدخل الثابت مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى أن يهيئ سوق سندات الخزانة لما هو آت.
كان النداء من أجل وضع سياسة تم استخدامها آخر مرة خلال الحرب العالمية الثانية من أجل تهدئة التقلبات في أكبر سوق للسندات الحكومية في العالم وإعادتها إلى الأداء الطبيعي بعد فترة وجيزة، لكن مثيرة للقلق من عدم السيولة.
ما يسمى التحكم في منحنى العائد، الذي تبناه البنك المركزي الأسترالي العام الماضي، ولطالما استخدمته اليابان، يتضمن تحديد الاحتياطي الفيدرالي أهدافا لعوائد سندات الخزانة وشراء أكبر، أو أقل عددا من السندات حسب الضرورة للحفاظ على تلك المستويات.
بعد مرور عام تقريبا، يتكهن المستثمرون مرة أخرى بما سيحتاج إليه البنك المركزي الأمريكي للذهاب إلى مثل هذه الأبعاد الكبيرة، أو أي شيء آخر ليحافظ على عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل، بسبب الارتفاع الحاد في تكاليف الاقتراض الذي صاحبه تحسن المعنويات بشأن الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ بالفعل هذا العام.
لكن العائق الذي يقف أمام مزيد من التدخل مرتفع للغاية، ومن المرجح أن يظل الاحتياطي الفيدرالي على الحياد مع بقاء سياسته الحالية كما هي، أو حتى يبدأ في التلميح إلى تراجع تدريجي، بدلا من التعمق في المياه غير التقليدية.
قال ثانوس بارداس، الرئيس المشارك العالمي للدخل الثابت من الدرجة الاستثماري في "نيوبرجر بيرمان" Neuberger Berman: "التحرك في الأسواق يعكس الأساسيات ولن يتعارض الاحتياطي الفيدرالي مع الأساسيات".
نظرا لأن الاقتصاديين رفعوا توقعاتهم للنمو والتضخم، تم اختبار نهج الاحتياطي الفيدرالي بشكل متكرر. تزايدت خسائر سندات الخزانة طويلة الأجل، ما أدى إلى أسوأ أداء ربع سنوي منذ أكثر من أربعة عقود. العوائد التي ترتفع مع انخفاض الأسعار، ارتفعت بدورها. تحوم السندات القياسية لأجل عشرة أعوام الآن فوق 1.7 في المائة. ويقارن ذلك بنحو 0.9 في المائة في أوائل كانون الثاني (يناير). تحولت حالات التداول في بعض الأحيان إلى اضطراب، وأصبحت مزادات الخزانة التي كانت عادية ذات يوم نقاطا ساخنة لمزيد من البيع.
لم تهز التقلبات حتى الآن كبار المسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي. أكد جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي أن التحركات حتى الآن كانت منظمة وانعكاسا لاقتصاد آخذ في التحسن. قال جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "أكسفورد إيكونوميكس"، إن الذين يتوقعون تدخلا من الاحتياطي الفيدرالي ربما ينتظرون محرك الألعاب جودوت.
وفقا لمقياس أكسفورد للاقتصاد الذي يتتبع ثمانية مؤشرات بما في ذلك عوائد الخزانة ، وفروق ائتمان الشركات مقابل السندات الحكومية، والتقلبات وأسعار الأسهم، لا تزال الأوضاع المالية قريبة من أدنى مستوى لها منذ نحو 20 عاما.
تشير حسابات داكو إلى أن الظروف المالية عند هذه المستويات قد عززت نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 0.6 نقطة مئوية في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من هذا العام، مع زيادة أخرى مقبلة في الربع الثاني وتستمر حتى النصف الأخير من العام.
يرى مستثمرون أن عودة التقلبات التي تقوض الأصول الخطرة وتبدأ في تقييد النشاط الاقتصادي ستدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة التفكير.
قال جيمس سويني، كبير الاقتصاديين في "كريدي سويس": "إذا انخفضت سوق الأسهم 15 في المائة ورأيت اتساعا في هوامش الائتمان وتباطؤا في نمو الائتمان، فستكون هذه مجموعة من الأمور التي من شأنها أن تجعل الاحتياطي الفيدرالي يقول إن توقعاتنا للنمو والتضخم أسوأ مما كنا نظن، ومن الضروري اتباع سياسة أسهل تدريجيا".
الإشارات التي تدل على أن ارتفاع تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة يؤثر سلبا في سوق الإسكان، التي تراجعت هذا العام، قد تجبر الاحتياطي الفيدرالي أيضا على اتخاذ إجراء. لكن وفقا لسويني، سيستغرق الأمر زيادة ملموسة أكبر بكثير للوصول إلى نقطة التحول تلك.
بدلا من ذلك، ما قد ينتهي به الأمر إلى احتلال معظم وقت الاحتياطي الفيدرالي، مع تعافي الاقتصاد، هو الطريقة التي سيتبعها بالضبط لاستخراج نفسه من السوق التي أصبح جزءا لا يتجزأ منها.
قال باول في آذار (مارس) إن الاقتصاد لم يشهد بعد "تقدما إضافيا جوهريا" ضروريا للبنك المركزي لبدء التفكير في سحب دعمه وخفض برنامج شراء السندات تدريجيا الذي يبلغ 120 مليار دولار شهريا. لكن المستثمرون يعتقدون أن الوتيرة السريعة للتعافي المتوقع في وقت لاحق من هذا العام التي من المرجح أن تتسارع إذا تم تمرير خطة البنية التحتية لإدارة بايدن البالغة تريليوني دولار، يمكن أن تعارض هذا الرأي قريبا.
يمكن أن يبدأ حديث الخفض التدريجي في وقت مبكر من هذا الصيف، وفقا لبارداس، بينما يعتقد سويني أن الاحتياطي الفيدرالي سيحجم عن ذلك حتى اجتماعه في أيلول (سبتمبر). في غضون ذلك، ترى شركة بيمكو أن الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ "خفضا تدريجيا" في أواخر هذا العام أو أوائل 2022.
باستثناء بعض الانتكاسات غير المتوقعة فإن احتمالات الحصول على دعم أقل، وليس أكثر من الاحتياطي الفيدرالي تبدو بالتأكيد أكثر ملاءمة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES