FINANCIAL TIMES

رأسمالية أصحاب المصلحة يجب أن تجد طرقا لمساءلة الإدارة

رأسمالية أصحاب المصلحة يجب أن تجد طرقا لمساءلة الإدارة

ميلتون فريدمان

في بداية جائحة كوفيد - 19، افترض كثيرون أن زيادة الاهتمام برأسمالية أصحاب المصلحة ستتراجع. وبالنسبة إلى الشركات المتضررة من الوباء، التي كانت في أوضاع عصيبة للغاية، لا بد أن مصالح الزبائن والموظفين والموردين والمجتمع ستداس في التدافع من أجل البقاء على قيد الحياة.
مع ذلك، الدعوة التي تناولها كثيرا لاري فينك، من شركة بلاك روك، والتي تحث الشركات على ربط غرض الشركة بجميع أصحاب المصلحة، تبدو الآن من منظور زمني أنها كانت ذكية من الناحية السياسية. في حين أن الكثيرين يتساءلون عما إذا كان هذا الالتزام أكثر من مجرد كلام، لا يمكن أن يكون هناك شك في أن الشركات الكبرى والمستثمرين المؤسسيين يتعرضون لضغوط متزايدة بشأن هذه القضية، بعدما تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن في تموز (يوليو) الماضي "بوضع حد لحقبة رأسمالية المساهمين". ومن الواضح أن المؤسسات البريطانية التي تجنبت تعويم ديليفرو الأسبوع الماضي كانت جادة في اعتراضها على طريقة معاملة الشركة للعاملين فيها وعلى هيكل التصويت المزدوج.
من المسلم به أن الضغط ليس من جانب واحد - شاهد الإطاحة الأخيرة بالرئيس التنفيذي لمجموعة الطعام الفرنسية، دانون. عقيدة ميلتون فريدمان القائلة إن الغرض الوحيد للشركة هو جني الأموال لمساهميها لا تتناسب بسهولة مع مصادر القلق الحالية، ليس فقط بشأن فيروس كورونا ولكن أيضا بشأن تغير المناخ، وركود الأجور، وعدم المساواة، والتنوع.
والأهم من ذلك، أظهر الوباء أن أنموذج الرأسمالية القائم على أسبقية المساهمين، الذي ظهر في القرن الـ19، غير مناسب نهائيا لظروف القرن الـ21. الأنموذج المذكور هو دلالة على الفكرة القائلة إن المالك، المساهم، هو المجازف النهائي، ويحق له الحصول على الأرباح المتبقية للشركة عندما يتم استيفاء جميع مطالبات أصحاب المصلحة الآخرين.
إذا أخذنا الأمثلة الأكثر وضوحا اليوم، فإن العاملين والمرضى في دور الرعاية المملوكة للقطاع الخاص معرضون لخطر كبير بلا حدود من المساهمين الخارجيين في تلك الدور. كثير من العمال المهرة الذين فصلوا من العمل أثناء الوباء لم يفقدوا وظائفهم فحسب، بل فقدوا أيضا رأس المال البشري - وهي مهارات كانت خاصة بالشركة التي وظفتهم.
في الوقت نفسه، إفلاس الشركات يعد أكثر خطورة بكثير بالنسبة للموردين منه لمالكي الأصول المؤسسية الذين ينشرون المخاطر عبر محافظ كبيرة ومتنوعة. في الاقتصادات الناطقة بالإنجليزية، الالتزام بتعريف مالي قصير الأجل لقيمة المساهمين ساعد على تقويض مرونة الشركات من خلال تشجيع توزيعات الأرباح المفرطة وإعادة شراء الأسهم التي تضعف الميزانيات العمومية.
مع ذلك، التحول إلى أنموذج أصحاب المصلحة يثير أسئلة صعبة حول كيف يمكن لأصحاب المصلحة مساءلة الإدارة. نماذج أصحاب المصلحة الحالية تتضمن العاملين - المديرين. وهذا يعطي الأولوية لمصلحة واحدة من أصحاب المصلحة قد تتعارض مع مصالح أصحاب المصلحة الآخرين. وهناك خطر واضح يتمثل في أن توسيع نطاق مسؤولية مجلس الإدارة سيقلل من مساءلة الإدارة.
تقدم المملكة المتحدة دراسة حالة مثيرة للاهتمام. يتطلب القسم 172 من قانون الشركات في 2006 من المديرين أن يعملوا على تعزيز نجاح الشركة مع مراعاة العواقب طويلة الأجل المحتملة لأي قرار، ومصالح الموظفين، والحاجة إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الموردين والزبائن وغيرهم، و تأثير عمليات الشركة في البيئة. (تصريح: كنت عضوا في المجموعة التوجيهية لمراجعة قانون الشركات في المملكة المتحدة التي قدمت مخططا لقانون 2006).
تبين أن هذا غير فعال. أولا، لأن النزعة طويلة الأمد تتعرض للتخريب بفعل ثقافة المكافآت قصيرة الأمد في مجالس الإدارة. وفي الوقت نفسه، ضغوط سوق رأس المال ونظام الاستحواذ العدائي يضمن أن الأداء قصير المدى يتفوق على مسؤولية أصحاب المصلحة، مع إحجام أصحاب المصلحة العامين عن التماس الإنصاف في المحاكم.
لكي تعمل رأسمالية أصحاب المصلحة، فإن الجهود المبذولة لتوسيع الآفاق الزمنية لخطط الحوافز يجب أن تستكمل بمقاييس تتعلق بجدول الأعمال البيئي والاجتماعي والحوكمة. يجب إعطاء المساهمين سلطة أكبر لتقييد نشاط الاستحواذ، الذي لا يقدم دائما قيمة. يجب تعزيز المبادرات الحالية لتحسين الإبلاغ عن رأس المال البشري، وسلامة الموظفين واستدامتهم حتى يتمكن المساهمون من المشاركة بشكل أكثر فعالية مع الشركات المستثمر فيها بشأن قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة.
لكن هناك حدودا لما يمكن أن تفعله مجالس الإدارة والمساهمون وحدهم. ليو ستراين، كبير القضاة السابق في المحكمة العليا في ديلاوير، يدعم تحديث "الصفقة الجديدة" التي تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي بحيث تناسب اقتصاد القرن الـ21 لحماية أصحاب المصلحة الرئيسين من خلال إجراءات مثل القيود على اقتصاد الوظائف المؤقتة، وتعزيز حماية المستهلكين، وقانون أقوى لمكافحة الاحتكار، وضرائب الكربون. مع رئاسة بايدن والمناخ السياسي سريع التغير في الدول الغنية، قد يكون ذلك الآن ضمن نطاق الممكن.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES