FINANCIAL TIMES

الهيدروجين الأخضر .. سباق لحل أصعب مشكلات الطاقة في العالم

الهيدروجين الأخضر .. سباق لحل أصعب مشكلات الطاقة في العالم

موقع مصفاة راينلاند التابعة لشركة شل حيث يجري تركيب ما سيكون أكبر محلل كهربائي للهيدروجين في العالم

الهيدروجين الأخضر .. سباق لحل أصعب مشكلات الطاقة في العالم

قبالة الطريق السريع M1 بالقرب من شيفيلد، في موقع حيث ساعد الآلاف من عمال الصلب في الماضي على تشكيل السمعة الصناعية لهذه المدينة الواقعة شمالي إنجلترا، شركة هيدروجين غير معروفة يعمل فيها ما يزيد قليلا على 220 موظفا تجذب الاهتمام الدولي مرة أخرى إلى المنطقة.
صنعت شركة آي تي إم باور ITM Power ، على مدار الـ20 عاما الماضية، اسما دوليا لنفسها في صناعة الطاقة النظيفة التي تستحوذ على اهتمام الحكومات من ألمانيا إلى اليابان. مصنعها الجديد الذي تبلغ تكلفته 22 مليون جنيه - بحجم ملعبين لكرة القدم - يقوم بتصنيع أجهزة التحليل الكهربائي التي يمكنها استخدام الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين من الماء.
كانت شركة رويال داتش شل من العملاء الأوائل وتم نشر كثير من أجهزة التحليل الكهربائي الأولى لإنتاج الهيدروجين لمحطات التزود بالوقود التابعة لشركة النفط الكبيرة في المملكة المتحدة. ومنذ ذلك الحين، شكلت آي تي إم باور شراكات مع مجموعات صناعية أخرى بما في ذلك شركة سنام الإيطالية وشركة لندي الأمريكية الألمانية - وكلتاهما استحوذت على حصص أقلية في الشركة التي تعمل في شيفيلد - لكنها تواجه منافسة من الصينيين والأوروبيين والأمريكيين.
تضخم الاهتمام بمعدات الهيدروجين النظيف من النوع الذي تنتجه آي تي إم في الأعوام الثلاثة الماضية، في الوقت الذي تنظر فيه الحكومات والشركات والأكاديميون في ما إذا كان الغاز الخفيف عديم اللون - الذي لا ينتج ثاني أكسيد الكربون عند احتراقه - يمكن أن يساعد على حل بعض أصعب مشكلات الطاقة في العالم.
لعقود من الزمان، تم الترحيب بالهيدروجين باعتباره بديلا ثوريا محتملا للوقود الأحفوري - صنعت جنرال موتورز أول مركبة تعمل بالهيدروجين في الستينيات. مع ذلك، فإن تكاليفه المرتفعة وتعقيداته أعاقت المحاولات السابقة لإنشاء اقتصادات جديدة بالكامل تتمحور حول الهيدروجين، وغالبا ما كانت تلك المحاولات مدفوعة بالارتفاع الحاد في أسعار النفط ونقصه، أو رغبة الحكومات في الاستقلال في مجال الطاقة.
لكن منذ اتفاقية باريس للمناخ في 2015، عاد "الهيدروجين منخفض الكربون"، المنتج إما من دون وقود أحفوري أو عن طريق تخزين واحتجاز الانبعاثات المتولدة، إلى جدول الأعمال. تسعى الحكومات التي تتبنى أهدافا صافية صفرية بشكل مستميت إلى إيجاد طرق لخفض الانبعاثات من القطاعات شديدة التلوث بما في ذلك التدفئة والصناعات الثقيلة مثل الصلب والنقل لمسافات طويلة، حيث لا توجد خيارات أخرى بعد أو لا تزال في مهدها.
في العام الماضي، نشر الاتحاد الأوروبي ونحو 15 دولة خططا للهيدروجين مدعومة في كثير من الأحيان بإعانات للمساعدة في خفض تكاليف الإنتاج، وفقا لـ"مجلس الهيدروجين" الذي يشكل مجموعة ضغط تعمل لمصلحة الصناعة. بحسب المجلس، من المتوقع أن يتم استثمار 300 مليار دولار على الأقل على مستوى العالم خلال العقد المقبل، من قبل القطاعين العام والخاص، ويتوقع بعض العاملين في الصناعة أن الهيدروجين - إذا نجح - يمكن أن يساعد يوما ما على تلبية ما يقارب خمس الطلب العالمي على الطاقة. لكن، حتى الآن، تم تخصيص 80 مليار دولار فقط.
يقول جراهام كولي، الرئيس التنفيذي لشركة آي تي إم، في إشارة إلى قرار المملكة المتحدة في 2019 بأن تصبح أول اقتصاد رئيسي يكرس مثل هذا الهدف في القانون: "التشريع الذي أصدرته حكومة المملكة المتحدة بشأن صافي (الانبعاثات) الصفري بحلول 2050 غير العالم. لديك الآن صافي صفر (من المقرر) أن يصبح قانونا في أوروبا (...) لا يمكنك القيام بذلك من دون غاز صافي صفر للطاقة".
حظوظ آي تي إم، المدرجة في بورصة لندن الموازية في 2004، توضح الهيجان حول الهيدروجين، الذي يستخدم بالفعل على نطاق واسع في صناعات مثل البتروكيماويات. في بداية 2019، تراجعت أسهمها نحو 20 بنسا. لكن مع زيادة الاهتمام بالهيدروجين، ارتفعت قيمة الشركة أكثر من 2000 في المائة لتصل إلى 2.6 مليار جنيه. في بعض الأحيان، كانت تنافس قيمة بعض شركات الطاقة التقليدية مثل سنتريكا، المالكة لشركة بريتش غاز البريطانية العملاقة المملوكة للدولة سابقا.
مع ذلك، يراهن المستثمرون على تكنولوجيا لا تزال في مهدها. يتم إنتاج الأغلبية العظمى من الهيدروجين من الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي والفحم، ما يولد انبعاثات مكافئة لتلك الصادرة عن إندونيسيا والمملكة المتحدة مجتمعتين - نحو 830 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا - وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
ما يسمى الهيدروجين "الأخضر" - الذي يتم إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة - هو الأمل الكبير لقطاع الطاقة، لكنه لا يمثل حاليا سوى نحو1 في المائة من إمدادات الهيدروجين العالمية. وهناك شكوك حول كفاءته وما إذا كان يمكن توفير ما يكفي باستخدام الكهرباء المتجددة بسعر مجد تجاريا - أو من الغاز الطبيعي باستخدام تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه، لتقليل الانبعاثات - وعلى النطاق الذي يحتاج إليه العالم.
يقول بن جالاجر، من شركة وود ماكينزي لاستشارات الطاقة: "كل هذا يتوقف على مدى قوة ونشاط صانعي القرار الرئيسين في الحكومة وعالم الشركات. لكن لا يمكنك الوصول إلى هدف درجتين مئويتين (للحد من الارتفاع العالمي في درجات الحرارة المنصوص عليه في اتفاقية باريس) من دون الهيدروجين منخفض الكربون".

مقامرة شركات النفط الكبرى

من بين أكبر المدافعين عن ثورة الهيدروجين هذه، أكبر شركات النفط والغاز في العالم، التي تراهن على أن الاستخدام الأكبر للهيدروجين يمكن أن يساعد على تأمين مستقبلها على المدى الطويل.
إحدى الوحدات التي يتم تصنيعها في مصنع آي تي إم مخصصة لمصفاة راينلاند التابعة لشركة شل شمال غرب بون في ألمانيا، حيث تعكف شركة النفط والغاز الكبرى على تركيب ما سيكون أكبر محلل كهربائي للهيدروجين في العالم. سيكون قادرا على إنتاج نحو 1300 طن سنويا من الهيدروجين لاستخدامها في عمليات مثل إزالة الكبريت من أنواع الوقود التقليدي.
يقول جالاجر: "أعلن تقريبا أي شخص منخرط في مجال الطاقة خلال العام الماضي عن نوع من الالتزام بهيدروجين منخفض الكربون. يتم الآن إلقاء الكثير من الأموال (العامة) على الهيدروجين منخفض الكربون للتخلص من مخاطره".
وتشير حساباته إلى أنه يتم توفير نحو 150 مليار دولار من قبل الحكومات على مستوى العالم لدعم مشاريع الهيدروجين، في شكل إعانات ودعم. النظرية هي أن التكاليف ستنخفض بمرور الوقت كما حدث مع طاقة الرياح والطاقة الشمسية البحرية - وهو تحول جعلها أكثر قدرة بكثير على المنافسة.
بالنسبة لشركة شل، التوسع في استخدام الهيدروجين الأخضر له فوائد مزدوجة: فهو يحل محل الهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري الذي تستخدمه بالفعل في مصافيها، ويوجد أسواقا جديدة في وقت يكون فيه مستقبل أعمالها الأساسية في النفط على المدى الطويل أقل يقينا.
يقول بول بوجرز، نائب رئيس شركة شل للهيدروجين: "شركة شل متحمسة بشكل خاص بشأن الهيدروجين باعتباره ناقلا للطاقة حيث نرى أنه يمكن أن يصل إلى جميع أجزاء نظام الطاقة التي يصعب حقا كهربتها بشكل مباشر".
وهو ينفي أن الشركة تقفز للتو في اتجاه جديد ويقول إنها أدخلت تغييرات واسعة في تخطيطها قبل عامين مع اشتداد ضغوط المستثمرين لبذل مزيد من الجهود لمعالجة تغير المناخ. قامت بعكس هندسة سيناريو لتحقيق أهداف اتفاقية باريس ووجدت أنه لتحقيق هذه الأهداف، يجب أن يلعب الهيدروجين منخفض الكربون دورا أكبر.
يقول بوجرز: "إذا عملنا بسرعة كبيرة على ذلك سنصل إلى عالم يشكل فيه الهيدروجين أكثر من 10 في المائة من إجمالي مزيج الطاقة في العقود المقبلة".
تم تصميم المشروع في مصفاة راينلاند جزئيا لمساعدة الشركة على معرفة المزيد عن إمكانات الهيدروجين. يستخدم المصنع الهيدروجين منذ الآن لكن من خلال إنشاء نسخة أنظف - تأتي الكهرباء للمحللات الكهربائية من مزارع الرياح البحرية - تأمل شل ليس فقط في استبدال مصادرها الحالية لكن أيضا تجربة اتفاقيات التوريد مع شركات الحافلات المحلية والتطبيقات الأخرى. تعتقد الشركة أن الهيدروجين سيصبح قسما "متكاملا" في الأعمال، على غرار أقسامها الحالية في النفط والغاز الطبيعي المسال.
يقول بوجرز: "أود أن أطلق على هذا عقد الهيدروجين. لكن الكثير من ذلك يعتمد على ما نفهمه بشكل سليم في الأعوام الخمسة المقبلة ثم نوسع نطاقه خلال الأعوام الخمسة
التالية".

تنظيف الفولاذ

الفولاذ هو أحد اللبنات الأساسية للحياة الحديثة، ويستخدم في كل شيء، بدءا من المركبات الكهربائية إلى البنية التحتية، لكنه أيضا أحد أكثر الصناعات تلويثا. تشير تقديرات إلى أن هذا القطاع يمثل ما بين 7 و9 في المائة من جميع انبعاثات الوقود الأحفوري المباشرة، وفقا لاتحاد الصلب العالمي.
في مشروع هايبريت Hybrit في مدينة لوليا الساحلية السويدية، تعمل ثلاث من أكبر الشركات في البلاد - شركة التعدين LKAB وشركة إنتاج الصلب SSAB وشركة توليد الكهرباء Vattenfall - على خطة لعكس ذلك وإنتاج نسخة من الفولاذ "خالية من الأحافير".
لتصنيع الفولاذ، يستخرج الحديد عادة من خامه الملون بالصدأ في أفران الصهر عند درجات حرارة تصل إلى 1200 درجة مئوية باستخدام فحم الكوك، وهو شكل من الفحم غني بالكربون. نتيجة ثانوية لا مفر منها لإزالة جزيئات الأكسجين هي ثاني أكسيد الكربون. مع ذلك، من الممكن استبدال فحم الكوك بالغاز الطبيعي - إذا كان رخيصا ومتوافرا بسهولة - لإنتاج منتج صلب وسيط يسمى الحديد المختزل المباشر DRI الذي يمكن تغذيته مباشرة في فرن القوس الكهربائي لإنتاج الفولاذ.
يخطط شركاء مشروع هايبريت للمضي قدما في خطوة أبعد. في وقت لاحق من هذا العام، سيختبرون استخدام الهيدروجين الأخضر لإنتاج الحديد المختزل المباشر. سيأتي الهيدروجين من منشأة التحليل الكهربائي التي تعمل بالطاقة الكهرومائية التي توفرها شركة Vattenfall. إذا نجحت، ستقوم بعد ذلك ببناء مصنع تجريبي طاقته 1.1 مليون طن سنويا، ما يمهد الطريق لإنتاج الفولاذ الخالي من الأحافير اعتبارا من 2026.
مارتن باي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في SSAB، يقول: "نريد أن نظهر لصناعة الصلب على مستوى العالم أن هذه التكنولوجيا لا تعمل فقط في المختبر أو في مصنع تجريبي لكن على نطاق تجاري".
لكن الاعتماد واسع النطاق للهيدروجين الأخضر في صناعة الصلب يواجه عقبات كبيرة، بدءا من أسعار الطاقة المتجددة إلى توريد خام الحديد المناسب.
تقدر SSAB أن الخط الجديد سيكون في البداية أكثر تكلفة بنسبة 20 إلى 30 في المائة للطن. ولكي تتمتع صناعة الصلب القائمة على الاختزال المباشر بالكفاءة، يجب أن تستخدم خاما عالي الجودة، مع محتوى حديد بنسبة 67 في المائة. هذه الرواسب نادرة. تنعم LKAB بموارد معدنية غنية لكن شركات التعدين الأخرى أقل حظا. لذلك، ما لم يتم جعل الحديد المختزل المباشر يعمل بكفاءة مع مواد منخفضة الدرجة، فإنه سيحد من قدرتها التنافسية مقابل أساليب صناعة الصلب التقليدية، كما تقول مجموعة بي إتش بي.
ربما تكون العقبة الأكبر هي طرح طاقة متجددة رخيصة بسرعة كافية لتشغيل المحلل الكهربائي، في وقت من المتوقع أن يرتفع فيه الطلب من القطاعات الأخرى على طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومصادر الطاقة البديلة الأخرى.
مثلا، لتحويل صناعة الصلب اليابانية التي تبلغ طاقتها 100 مليون طن سنويا إلى هيدروجين أخضر، يتطلب ذلك أكثر من ضعف إجمالي إمدادات الطاقة المتجددة في البلاد حتى اليوم، وفقا لشركة بي إتش بي، أحد أكبر منتجي خام الحديد في العالم. تقدر شركة LKAB أن الطاقة المطلوبة لتصبح منتجا لاختزال مباشر قائم على الهيدروجين تعادل نحو ثلث 160 تيرا واط ساعة من إنتاج الطاقة المتجددة السنوي في السويد.
يقول أندرياس ريجنيل، رئيس الاستراتيجية في Vattenfall ورئيس مجلس إدارة هايبريت، إن الأمر لا يتعلق بما إذا كان بإمكانهم إنجاحه، لكن متى يمكنهم ذلك. "قبل أربعة أعوام عندما أعلنا عن هذه الخطة، قال الناس إننا مجانين. فقد كانت مكلفة فوق الحد، لكن الصورة الموجودة في الأذهان عما هو ممكن تغيرت".

مبالغات الصناعة

مع ذلك، تسود الشكوك. يخشى بعضهم أن يتم الترويج لزيادة استخدام الهيدروجين من قبل شركات إنتاج الطاقة كوسيلة للبقاء على صلة وإطالة عمر أصول الغاز الموجودة لديها. "مرصد أوروبا للشركات" الذي يوجد مقره بروكسل، واحد من بين عدد من المنظمات غير الهادفة للربح والجماعات البيئية التي تجادل بأن موجة الاهتمام بالهيدروجين مدفوعة بـ"مبالغات" من فبركة الصناعة.
تقول هذه الجهات إن ذلك من مصلحة شركات الوقود الأحفوري القوية التي تريد تجنب أن تعلق أصولها بلا فائدة إذا تمت كهربة الصناعات من النقل البري إلى التدفئة المنزلية.
مجموعات الضغط مثل هيدروجين يوروب Hydrogen Europe - التي تضم في عضويتها مجموعات النفط، بريتيش بتروليوم وتوتال وشل - تنفق بشكل جماعي ما يقارب 60 مليون يورو سنويا في محاولة للتأثير في بروكسل، وفقا لمرصد أوروبا للشركات.
يقول باسكو سابيدو، وهو باحث في مجموعة الضغط: "أصبح (الهيدروجين) هدفا جادا للضغط". ويضيف أنه خلال الموجة الأولى من عمليات الإغلاق الناجمة عن فيروس كورونا العام الماضي "كثفت هذه الشركات من جهود الضغط على نطاق واسع وحصلت على اجتماعين في الأسبوع مع بعض كبار المفوضين الأوروبيين ومساعديهم الذين يتعاملون مع الهيدروجين (...) والمناخ والطاقة".
من بين المبادرات المقترحة، كما تقول مجموعة الضغط، زيادة الاستثمار للمساعدة في بناء اقتصاد الهيدروجين النظيف كوسيلة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي أثارها الوباء.
تقول هيدروجين يوروب إن الرقم الذي يعطيه مرصد أوروبا للشركات "مضلل" نظرا لأن أعضاءه لديهم "عدد من المصالح الأخرى في بروكسل"، وليس فقط الضغط على الهيدروجين.
استراتيجية المفوضية الأوروبية تدعم الهيدروجين الأخضر أو "المتجدد" - المنتج دون إطلاق انبعاثات – وتفضله على "الأزرق"، المنتج من الغاز الطبيعي واستخدام تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه للتعامل مع الانبعاثات. لكن مرصد أوروبا للشركات يقول إن "الضغط المنسق" من قبل صناعة الغاز ضمن أنه خلال العقود القليلة المقبلة على الأقل، سيتم دعم جهود الهيدروجين في أوروبا بواسطة الوقود الأحفوري أكثر من الكهرباء المتجددة.
يجادل آخرون بأن إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي هو طريقة تفتقر تماما إلى الكفاءة في استخدام الكهرباء المتجددة. هناك خسارة فورية للطاقة، لكسر الرابطة الكيميائية بين الأكسجين والهيدروجين، بنسبة 30 في المائة، وهناك المزيد من أوجه القصور اعتمادا على كيفية نشرها بعد ذلك.
يقول يورجن هينينجسين، مستشار أعلى في مركز السياسة الأوروبية، وهو مؤسسة فكرية: "بالنسبة لمعظم الاستخدامات المقترحة للهيدروجين الأخضر المعتمد على الكهرباء (على الأقل) يفقد نحو نصف الطاقة في الكهرباء الخضراء. الكهرباء الخضراء هي سلعة (ستكون) نادرة داخل أوروبا لأعوام كثيرة مقبلة (...) ليس من المنطقي من وجهة نظر سياسة المناخ إضاعة نصف، أو أكثر، من الكهرباء الخضراء لإنتاج الهيدروجين".
يصف بعض العاملين في الصناعة هذه الانتقادات بأنها غير عادلة، قائلين إنها تنبع من عدم الثقة المتكرر بشركات النفط والغاز، حتى عندما تعلن عن خطط طموحة على نحو متزايد لإزالة الكربون. التكلفة المتزايدة للكربون - خاصة في الاتحاد الأوروبي حيث تضاعف سعر خطة الاتحاد الأوروبي لبَدَل الانبعاثات تقريبا في العام الماضي - لديها القدرة على تحويل الموارد لتسريع استخدام الهيدروجين المصنوع من الطاقة المتجددة.
يعتقد مجلس الهيدروجين - الذي يشمل أعضاؤه شركات النفط مثل بريتيش بتروليوم، وشركات صناعة السيارات مثل مجموعة بي إم دبليو والشركات المصنعة مثل 3M - أن الهيدروجين الأخضر يمكن أن يصل إلى التكافؤ في الأسعار مع الهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري في المناطق الغنية بالطاقة المتجددة في نهاية هذا العقد.
مع ذلك، مستقبل الهيدروجين لا يزال غير مؤكد، بحسب جالاجر الذي يصف "الزخم" المتجمع وراءه بأنه "لا يصدق".
يقول: "بعد 2030، يمكن أن يكون أي افتراض بشأن مستقبل اقتصاد الهيدروجين صحيحا - في النهاية سيعود إلى ما يقرره صناع السياسات وقادة الأعمال. يتم تقديم (الهيدروجين) كحل سهل للغاية لمشكلة معقدة بشكل هائل. لكن لمجرد أن الحل بسيط فلا يعني أنها إجابة خاطئة. في الوقت الحالي هي أفضل إجابة لدينا".

ألوان قوس قزح

الهيدروجين الأخضر: يتم تصنيعه باستخدام الكهرباء النظيفة من تكنولوجيات الطاقة المتجددة لتحليل المياه بالكهرباء، وفصل ذرة الهيدروجين داخلها عن الأكسجين المزدوج الجزيئي. حاليا العملية مكلفة للغاية.
الهيدروجين الأزرق: يتم إنتاجه باستخدام الغاز الطبيعي لكن مع انبعاثات الكربون التي يتم التقاطها وتخزينها أو إعادة استخدامها. كمياته ضئيلة بسبب نقص مشاريع الالتقاط.
الهيدروجين الرمادي: هذا هو الشكل الأكثر شيوعا لإنتاج الهيدروجين. يأتي من الغاز الطبيعي عن طريق إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار، لكن من دون احتجاز الانبعاثات.
الهيدروجين البني: أرخص طريقة لصنع الهيدروجين، لكنه أيضا الأكثر ضررا بيئيا بسبب استخدام الفحم الحراري في عملية الإنتاج.
الهيدروجين الفيروزي: يستخدم عملية تسمى الانحلال الحراري للميثان لإنتاج الهيدروجين والكربون الصلب. لم تثبت جدواه على نطاق واسع ويثير مخاوف بشأن تسرب غاز الميثان.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES