FINANCIAL TIMES

الشاحنات ساحة المعركة التالية لتكنولوجيا القيادة الذاتية

الشاحنات ساحة المعركة التالية لتكنولوجيا القيادة الذاتية

تقطع الشاحنات في الولايات المتحدة 170 مليار ميل على الطرق السريعة كل عام.

بغض النظر عن نوع السيارة التي تصل إلى مقر أورورا في ساحة الخليج في سان فرانسسكو، وهي شركة ناشئة للقيادة الذاتية تدعمها أمازون وسيكويا، يمكن للفريق تشغيلها دون سائق في غضون 12 أسبوعا فقط.
قال سترلينج أندرسون، المؤسس المشارك وكبير مسؤولي المنتجات، إن التحول يتضمن تفكيك لوحة العدادات، وتجهيز السيارة بمجموعة من أجهزة الاستشعار وأنظمة الكمبيوتر، ثم تثبيت سلك "واحد مثل الحبل السري" لتسهيل الاتصال بين السيارة وتكنولوجيا القيادة الذاتية.
أضاف، مشيرا إلى التكنولوجيا ذات الحجم الواحد الذي يناسب الجميع "إذا كان علينا إعادة تطوير أجزاء كبيرة من (النظام) لكل مركبة (...) فسيكون ذلك مفتقرا إلى الكفاءة بشكل هائل".
دمجت شركة أورورا حتى الآن "سائقها" الروبوتي في ثمانية أنواع من المركبات منذ تأسيسها في عام 2017. لكن نظامها يثبت نجاحه في الشاحنات الثقيلة، التي ظهرت فجأة باعتبارها ميدانا رئيسيا لتكنولوجيا القيادة المستقلة في الوقت الذي أخذ يتعثر فيه الإنتاج الشامل لسيارات الأجرة الروبوتية.
أعلنت أورورا يوم الثلاثاء الماضي عن توقيعها شراكة متعددة الأعوام مع شاحنات فولفو - وهو فوز يأتي بعد شهرين فقط من إبرام الشركة شراكة مماثلة مع باك كار، الشركة المصنعة لشاحنات بيتربيلت وكنويرث الثقيلة.
باك كار وفولفو هما من بين أكبر أربع شركات مصنعة للشاحنات في العالم، بحصة سوقية مشتركة في الولايات المتحدة تزيد على 50 في المائة. تؤكد الشراكة على أن أورورا أصبحت الآن قوة كبيرة في مجال النقل بالشاحنات دون سائق، المجال الذي تتوقع أن يكون لها فيه أول منتج تجاري.
حجة الأعمال الداعية لتعطيل سوق الشاحنات الأمريكية البالغ حجمها 800 مليار دولار واضحة. يتم نقل ثلثي السلع الاستهلاكية الأمريكية إلى السوق عن طريق الشاحنات، لكن قوانين العمل التي تحدد نوبات عمل السائقين بحد أقصى 11 ساعة تعني أنه يجب في كثير من الأحيان تقسيم الرحلات الطويلة عبر عدة أيام.
صناعة النقل بالشاحنات مجزأة أيضا، مع 200 ألف شركة منتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. 95 في المائة من هذه الشركات لديها أقل من 100 شاحنة، وفقا لبوب بيسترفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة سي إتش روبينسون، وهي مجموعة شحن ووساطة رائدة.
قال إن الشاحنات، في المتوسط، تكون خالية في 20 في المائة من الأميال المقطوعة. "وهي لا تزال تولد أشياء مثل انبعاثات الغازات والتلوث، لكنها لا تدر عائدات، لذا فهي تفتقر بشكل كبير إلى الكفاءة".
يرى خبراء أن إمكانية أن تعمل الأتمتة على تغيير المشهد وقيادة الدمج يمكن أن تكون بسهولة كبيرة مثلما هي في قطاع السيارات.
قالت نانسي صن، كبيرة المهندسين في شركة آيك Ike، وهي شركة ناشئة للشاحنات ذاتية القيادة استحوذت عليها مجموعة التوصيل الروبوتية نورو Nuro في كانون الأول (ديسمبر): "تقطع الشاحنات 170 مليار ميل على الطرق السريعة كل عام. هذا رقم أقل من أميال سيارات الركاب لكنه لا يزال يمثل فرصة هائلة (...) الصناعة مستعدة منذ الآن بشكل جيد لاعتماد التكنولوجيا من خلال عمليات الأساطيل".
حتى وقت قريب كان وادي السيليكون بطيئا في الاستجابة لهذه الفرصة. منذ أن أطلقت جوجل مشروعها للسيارة ذاتية القيادة في عام 2009، كان السيارات الروبوتية هي النقطة المحورية للقطاع، ما أدى إلى أعوام من الدمج حيث بحثت كل شركة تصنيع سيارات كبرى - وعدد قليل من المجموعات التكنولوجيا الكبيرة بما في ذلك أبل وأمازون ومايكروسوفت - عن شريك.
في المقابل، في مجال النقل بالشاحنات، تم توقيع جميع الشراكات الكبيرة خلال الأشهر الثمانية الماضية.
شركة توسيمبل، وهي شركة ناشئة رائدة في مجال النقل بالشاحنات دون سائق، تقدمت بطلب للاكتتاب العام الأسبوع الماضي، دخلت في أيلول (سبتمبر) الماضي في شراكة مع تراتون Traton التابعة لمجموعة فولكسفاجن. وهي مدعومة من قبل مجموعة الإنترنت الصينية، سينا، وشركة نفيديا الأمريكية لصناعة الرقائق وشركة يو بي إس. شركة وايمو، التي بدأت باعتبارها مشروع جوجل للقيادة الذاتية، وقعت صفقة في تشرين الأول (أكتوبر) مع شركة ديملر، أكبر شركة لتصنيع الشاحنات في العالم.
يجادل أشخاص مشاركون في هذه الشراكات الأربع بأن هناك ميزة أخرى للشاحنات ذاتية القيادة هي أن التكنولوجيا التي تتطلبها أسهل من حيث التطوير.
من أجل وجود خدمة طلب سيارات دون سائق، تحتاج السيارة إلى نقل الركاب إلى أي مكان في المدينة، بما في ذلك الشوارع الجانبية التي نادرا ما يزورها أحد. سيتطلب ذلك عمل خرائط مستمر للبقاء على اطلاع دائم، في حين يقضي سائقو الشاحنات الكبيرة فئة 18 عجلة معظم وقتهم على الطرق السريعة الرتيبة نفسها.
قالت آني كادافي، الشريكة في ريدبوينت فنتشرز، التي قادت سابقا العمليات الاستراتيجية في أوبر للشحن: "إنه في الأساس طريق مستقيم لا تقوم فيه حتى بتغيير السرعة، فضلا عن فرصة الاصطدام بمبنى".
تحاول معظم الشركات المعنية تقييد المشكلة الهندسية قدر الإمكان - على عكس النهج الذي تتبعه مجموعات سيارات الأجرة الروبوتية، التي كان اهتمامها الأساسي هو معالجة تعقيدات التنقل الحضري.
قال دون بيرنيت، مهندس برمجيات سابق في أوبر يقود الآن شركة كودياك للروبوتات، وهي شركة ناشئة في مجال النقل بالشاحنات دون سائق، إن محاولة حل كل حالة متطورة يمكن تصورها هو ما جعل شركات السيارات المستقلة الرائدة تعلق في "عقلية تجريبية" بدلا من تطوير تطبيقات تجارية عملية يمكن أن تنافس أوبر.
لذا بدلا من ذلك، تهدف كودياك إلى بناء "مراكز نقل" بالقرب من الطرق السريعة حيث يقوم سائق الشاحنة العادي بنقل الشحنة أميال قليلة إلى المركز، ثم يقوم يترك الشحنة لشاحنة مستقلة تحملها، مثلا، مسافة 300 ميل إلى المركز التالي، حيث ينتظر سائق شاحنة آخر.
توقعت شركة ماكينزي الاستشارية أن "استقلالية القيادة التامة" لن تكون جاهزة تجاريا للشاحنات حتى عام 2027. لكن الشركات الناشئة بما في ذلك أورورا وآيك وإمبارك وكودياك تعتقد أنها تستطيع تسريع هذا الجدول الزمني عدة أعوام من خلال هذا النهج من المركز إلى المركز.
قال بيرنيت: "إذا كنت ترغب في الوصول إلى السوق في وقت أقرب، فأنت بحاجة حقا إلى تضييق نطاق استخدامك قدر الإمكان. نحن في مشكلة القيادة لمسافات طويلة بين الولايات نركز فقط على جزء الطريق الفرعي المؤدي إلى الطريق السريع، ثم على الطريق السريع، ثم على الطريق الفرعي القادم من الطريق السريع".
تتمثل إحدى ميزات هذا النهج في أنه لن يتم إلغاء دور سائق الشاحنة ولكن سيتم تعديله فقط للقيام بالقيادة لمسافات قصيرة والدعم اللوجستي. تعتقد كادافي، من ريدبوينت، أن كثيرا من سائقي الشاحنات يفضلون دورهم الجديد.
قالت: "سائقو الشاحنات يسافرون أكثر من 250 يوما في العام، بعيدا عن عائلاتهم". لكن مع الأتمتة "يمكنهم النوم في المنزل كل ليلة إذا كانوا يقومون فقط بجزء (من الرحلة) مرارا وتكرارا".
من دون هذه التكنولوجيات، قالت اتحادات النقل بالشاحنات الأمريكية إنها قد تواجه أزمة. في عام 2018 كان ينقص الصناعة عدد قياسي من السائقين بلغ 61 ألف سائق وبحلول عام 2028 من المتوقع أن يكون النقص 160 ألف سائق، حيث يترك السائقون المسنون القوة العاملة ولا يظهر العمال الأصغر سنا اهتماما يذكر بالقطاع.
الخطر هو أن الأخطاء يمكن أن تكون لها عواقب أكبر بكثير. قال أحد المديرين التنفيذيين إن شاحنة ذات 18 عجلة يصل وزنها إلى 80 ألف رطل ستصبح "صاروخا غير موجه" في حالة حدوث عطل خطير. لكن هذا الخطر منخفض بسبب عديد من أنظمة الأمان والاحتياط.
إلى جانب مزايا العمل، قال أندرسون، من أورورا، إنه يتوقع أن يكون التركيز على الطريق السريع للشاحنات أمرا بالغ الأهمية في النشر اللاحق لسيارات الأجرة الروبوتية، الذي سيحتاج أيضا في النهاية إلى تعلم كيفية التنقل خارج البيئات الحضرية. إذا كان على حق، فإن الدخول في النقل بالشاحنات يمكن أن يثبت أنه ميزة تنافسية لشركات مثل أورورا ووايمو.
قال ندرسون "50 في المائة من الرحلات تتطلب القدرة على القيادة لمسافة تزيد على 50 ميلا في الساعة. إذا لم تتمكن من القيام بذلك، فلن تتمكن من خدمة 50 في المائة من رحلات سيارات الأجرة. امتلاكك للنطاق الواسع أولا في النقل بالشاحنات - الذي يسمح لك بالوصول إلى السوق بشكل مربح وفي وقت مبكر - يتيح لك القفز على التوالي إلى بعض هذه الأسواق الأخرى من موقع قوة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES