عقارات- عالمية

قطاع العقارات الأوروبية يتفوق على قطاعات استراتيجية في التوظيف .. 4.2 مليون موظف

قطاع العقارات الأوروبية يتفوق على قطاعات استراتيجية في التوظيف .. 4.2 مليون موظف

بلغت المساهمة الإجمالية لقطاع العقارات التجارية في اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي 452 مليار يورو في 2019، بنسبة 3.1 في المائة من إجمالي اقتصاد دول الاتحاد، وتجاوزت تلك المساهمة بكثير قطاع صناعة السيارات (261 مليار يورو) أو الاتصالات السلكية واللاسلكية (197 مليار يورو).
وتفوق القطاع في مجال التوظيف والعمالة على غيره من القطاعات الاستراتيجية، إذ بلغ عدد العاملين في كل أفرع القطاع العقاري 4.2 مليون شخص، في الوقت الذي قدر عدد العاملين في القطاع المصرفي بـ 3.2 مليون شخص، وفي قطاع السيارات 2.7 مليون عامل وموظف، و1.1 مليون شخص في قطاع الاتصالات.
إلا أن هذا المشهد بات الآن محل بحث وتدقيق، نظرا للتغيرات، التي شهدتها دول الاتحاد الأوروبي أخيرا، فعام من جائحة كورونا، ترك بصمته على مسيرة القطاع في جميع دول الاتحاد بلا استثناء، وإيجاد أوضاع من عدم اليقين تحيط بالاقتصاد ككل وسوق العقارات على وجه الخصوص.
المؤشرات المتاحة حاليا تشير إلى أن الانتعاش الاقتصادي سيكون متفاوتا في جميع أنحاء أوروبا، مع اختلالات في المالية العامة، بما لذلك من تأثير في قدرة الدول على الاستثمار في مجالات البنية الأساسية كالطرق والكباري والجسور، وما لذلك كله من آثار على سوق العقارات.
في هذا السياق، يقول لـ"الاقتصادية"، الخبير العقاري جو ستيلر "المدى الكامل لمعرفة تأثير الجائحة وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي على سوق العقارات يتطلب بعض الوقت، ولكن المؤكد أن المدى الكامل أيضا لأي تعديلات في القيمة الحقيقة للعقارات، لن تكون متساوية بين جميع الدول الأوروبية، ولن تكون متساوية بين جميع أنواع الممتلكات العقارية".
ويضيف لكن مع ذلك يمكنا ملاحظة أن هناك بعض المظاهر المستقبلية الإيجابية في القطاع، مثل تعزيز العلاقة بين سوق العقارات والتكنولوجيا، فزيادة عمليات الشراء عبر الإنترنت تتيح فرصا مستقبلية طيبة، فيما يتعلق بإمكانية جذب أعداد أكبر من المشترين من خارج دول الاتحاد إلى السوق المحلية، يضاف لذلك أن معدلات الفائدة المنخفضة للغاية دفعت بعائدات السندات إلى حدودها الدنيا، ومهدت الطريق لزيادة المخصصات المالية للاستثمار العقاري من قبل المستهلكين، الذين يفضلون الآن هذا النمط الاستثماري، مقارنة بإيداع مدخراتهم في البنوك.
وتشير البيانات المتاحة إلى أنه على الرغم من أزمة كورونا الحادة في معظم الدول الأوروبية، فإن سوق الإسكان أدت بشكل جيد في النصف الأول من العام الماضي، وارتفعت أسعار المنازل القائمة والجديدة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي 5.2 و4.7 في المائة على التوالي في الربع الأول، والثاني، مقارنة بالفترة نفسها من 2019.
وعلى الرغم من أن مؤشرات الربع الأخير من العام الماضي قد أصابها بعض الاهتزاز، فإن الصورة النهائية لعام 2020 تبدو جيدة، مقارنة بالأسواق الدولية الأخرى، إذ بلغت القيمة السوقية للقطاع العقاري الأوروبي في الفترة الممتدة من أكتوبر إلى ديسمبر 2020 ما يقدر بـ78.1 مليار يورو أي بانخفاض 7 في المائة مقارنة بعام 2019.
ومع هذا، فإن القيمة الإجمالية لسوق القطاع على مدار العام 599.94 مليار يورو، وقد عد الخبراء العقاريون أن ذلك يشير إلى أوضاع أفضل للسوق العقارية الأوروبية، مقارنة بالأسواق الأمريكية والآسيوية، إذ بلغت القيمة السوقية للقطاع العقاري الأمريكي في عام جائحة كورونا نحو 1.3 تريليون دولار بانخفاض 6 في المائة عن 2019، بينما لم تتجاوز تلك القيمة في الأسواق الآسيوية 705 مليارات دولار بتراجع 11 في المائة عن العام قبل الماضي.
ويضيف الاستشاري الهندسي كولن ليم قائلا: "يرجع سبب بقاء سوق الإسكان الأوروبية في حالة جيدة إلى حد ما في ظل ظروف اقتصادية صعبة إلى معدلات الفائدة المنخفضة للغاية، وسياسات دعم دخول المواطنين، التي طبقت في معظم الدول، ما دعم القدرة على تحمل تكاليف العقارات.
وأشار إلى أنه إضافة إلى ذلك أدى الجمع بين أسعار الفائدة المنخفضة والمناخ الاقتصادي غير المستقر إلى زيادة اهتمام المستثمرين بالعقارات، ومع الطلب القوي، فإن طفرة الأسعار في سوق الإسكان الأوروبية تحققت بفضل قيود العرض الناجمة عن سياسات الإغلاق، وتقلص الأيدي العاملة المتاحة في الأسواق.
وتعتقد نيكول نيكلسون إحدى مديرات التسويق في شركة "سيجروا" للاستثمار والتطوير العقاري في أوروبا، أنه يمكن البناء على ما تحقق العام الماضي، وأن قطاع العقار، سواء في الشق المتعلق بالعقارات السكنية أو الخدمات اللوجستية من جانب وأنواع العقارات الأقل تفضيلا من جانب آخر بما في ذلك الأصول التجارية والمكتبية ستشهد انتعاشا على الجانبين.
وتقول: "الأضرار الاقتصادية للوباء واضحة، لكنه أتاح فرصة للمستثمرين لإعادة موازنة محافظهم، والاتجاه العام سيكون خلال هذا العام التحول في اتجاه القطاعات العقارية المتخصصة بما في ذلك عقارات الرعاية الصحية، ومرافق التخزين الذاتي، وعلى الرغم من أن ذلك اتجاه عالمي، إلا أنه أكثر وضوحا في السوق الأوروبية".
وأكدت أن هذا لا يعني أن المحافظ الاستثمارية يجب أن تنصب فقط على قطاع العقارات المتخصصة، وإنما المستثمرون الأكثر نجاحا يجب أن يكونوا نشيطين على الجانبين، على العقاري المكتبي المتخصص والعقار السكني في الوقت ذاته مع بعد عن العقار المكتبي ذي الاستخدامات العامة مثل شركات المحاسبة وغيرها لأن المتوقع أن يواصل العاملون في تلك الشركات العمل من المنازل، ولن تكون في حاجة إلى مساحات عقارية كبيرة.
وبعد خروج المملكة المتحدة من السوق الأوروبية، التي احتلت فيها المرتبة الأولى في مجال العقارات، فإن تقديرات الطلب المحتمل على العقارات تشير إلى أن باريس ستحتل المرتبة الأولى أوروبيا يليها لوكسمبورج ثم العاصمة السويدية ستوكهولم، بينما ستحظى مدينة ميونيخ الألمانية بالمرتبة الرابعة، في المقابل، فإن الشكوك تحيط بقدرة بعض أقسام القطاع العقاري في إسبانيا والبرتغال على استعادة عافيتها، فعلى الرغم من أن إسبانيا واحدة من الدول، التي تقدم فرصا مقبولة للاستثمار في العام المقبل، إلا أنه من غير المتوقع أن تتعافى سوقها العقاري، وتعود إلى مستويات ما قبل كوفيد -19 خلال العامين المقبلين.
ومع هذا تكشف بعض التقارير والدراسات العقارية عن وجهة نظر لا تنطبق تماما مع وجهات النظر التقليدية السائدة في الأسواق العقارية الأوروبية حاليا. وتحت عنوان "سوق الإسكان الأوروبي في عام 2021 أقل جودة" نشرت مجموعة ك بي سي البلجيكية للتأمين والبنوك دراسة تكشف أن مناخ سوق العمل المتدهور في أوروبا قد يؤدي إلى تصحيح أسعار المساكن في 2021.
وأعربت الدراسة عن أن الأسعار ستنخفض في دول الاتحاد الأوروبي هذا العام لكن مقدار الانخفاض سيظل غير مؤكد، ويعتمد على مدى انحسار الوباء وتعافي الاقتصادات الأوروبية، مع ترجيح ارتفاع أسعار المنازل مرة أخرى في معظم الدول الأوروبية بدءا من العام المقبل وليس هذا العام.
ولهذا يعتقد التقرير أن السوق العقارية الأوروبية ستشهد هذا العام تصحيحا في أسعار المنازل باتجاه انخفاض قد يصل إلى 3 في المائة في بعض الدول، وأنه في بعض الأسواق مثل إسبانيا وأيرلندا، فإن عملية التصحيح قد تكون من الحدة لتشهد العقارات السكنية انخفاضا حادا في قيمتها الراهنة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من عقارات- عالمية