FINANCIAL TIMES

لماذا يخطئ رجل دافوس في فهم الأمور دائما؟

لماذا يخطئ رجل دافوس في فهم الأمور دائما؟

لا نعرف حتى الآن ما الذي سيحدث في 2021، لأن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس تم إلغاؤه. عادة في هذا الوقت من العام يجتمع القادة السياسيون وقادة الأعمال في منتجع التزلج السويسري للكشف عن المستقبل. الآن سنكتشف فقط ما سيحدث عندما يلتقون في سنغافورة في أيار (مايو). في الواقع، تجاهل هذه الملاحظة: معظم توقعات دافوس لا قيمة لها.
هدفي هنا ليس السخرية من دافوس – فهذا أمر يمكن لأي شخص أن يفعله. سأتجاوز حتى النكتة المعتادة حول وصول الرجال الأغنياء على متن طائرات خاصة لمناقشة تغير المناخ والتمييز الجنسي وعدم المساواة. سؤالي الوحيد هو: كيف نحسن منتج دافوس؟
أولا، دعونا نراجع التوقعات السابقة. في كانون الثاني (يناير) 2008، عندما اندلعت أزمة الرهن العقاري، كان دافوس ينبض بالثقة، كما عبر عنها بشكل جيد فريد بيرجستين، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: "من غير المعقول – أكرر، من غير المعقول – أن يحدث ركود عالمي". لكي نكون منصفين "تقرير المخاطر العالمية" الصادر عن المنتدى والمكون من 54 صفحة تضمن فقرتين عن الرهون العقارية عالية المخاطر.
بحلول كانون الثاني (يناير) 2016، كان الاستفتاء على بريكست متوقعا في ذلك العام، بينما كان دونالد ترمب ، أكثر مرشحي الرئاسة الجمهوريين الذين يدور الحديث حولهم، على وشك الفوز في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير. ومع ذلك، لم يذكر ذلك الشهر أيا من هذين الخطرين.
مع قول الجميع في دافوس إن رئاسة ترمب لا يمكن أن تحدث، أدرك الاقتصادي كينيث روجوف فجأة أن ذلك ممكن. قال لبلومبيرج: "بغض النظر عن مدى احتمال حدوثه، فإن الحدث الأكثر احتمالا هو عكس أي إجماع في دافوس".
قفزت دافوس برشاقة من العمى إلى تبجيل السلطة، وكانت ترحب بترمب في كل مرة يأتي فيها للتحدث عن الأكاذيب. في 21 كانون الثاني (يناير) 2020، يوم افتتاح العام الماضي، كلاوس شواب، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، شكر الرئيس الذي كان قبل ذلك قد تعرض للمحاكمة والإدانة، على "ضخ التفاؤل" في الخطاب العالمي. وقال شواب بحماس: "نحن بحاجة إلى الأحلام".
بحلول 22 كانون الثاني (يناير)، كانت "سي إن إن" تجري "تحديثات حية لفيروس كورونا" وعلى عمليات الإغلاق في الصين والكمامات الإلزامية ووصول الفيروس إلى الولايات المتحدة – وهي مواضيع لم يأت على ذكرها ترمب، أو بالتأكيد أي متحدث تقريبا في دافوس. لجنة النقاش التي تحمل عنوان "المشكلة الضخمة التالية"، وهي جولة واسعة حول التهديدات البيولوجية، تناولت بإيجاز شديد المشكلة الضخمة التالية الفعلية. قال أحد أعضاء الفريق، ريتشارد هاتشيت، من "التحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة"، إن فيروس كورونا يمكن أن "يتسبب في وفاة عشرات أو مئات الآلاف أو حتى الملايين". تركت هذه الفكرة دون نقاش.
في وقت لاحق، أضاف هاتشيت كلمات مهدئة حول تفشي ووهان: "أنتم على وشك رؤية ردود أفعال اجتماعية من المحتمل أن تكون غير متناسبة مع التهديد الحالي (...) لا يمكننا التنبؤ بما سيكون عليه المرض التالي، بحكم التعريف. ولا يمكننا التنبؤ بموعد حدوث ذلك". لكنه كان يحدث بالفعل.
لا أتوقع أن يكشف دافوس عن المستقبل. جميع التوقعات طويلة المدى تقريبا (بما في ذلك تنبؤاتي عندما كنت غبيا بما يكفي للقيام بأي منها) كانت خاطئة. لكن فيليب تيتلوك، عالم النفس الذي يدرس التنبؤ، أخبر دافوس في 2017 أن المتنبئين المهرة يمكنهم إلقاء الضوء على المدى القصير، وتحديدا "نطاق ثلاثة أشهر إلى 18 شهرا".
استدعى المنتدى الاقتصادي العالمي، وهو أمر يحسب له، تيتلوك لشرح سبب استمرار دافوس في فهم الأمور بشكل خاطئ. قدم طمأنة باهتة: "الفكرة القائلة إن رجل دافوس مخطئ دائما، هي في الواقع غير صحيحة. من الصعب للغاية أن تفعل ما هو أسوأ من الصدفة. وما إذا كان رجل دافوس أكثر دقة من الشمبانزي الذي يرمي النبال، فهو سؤال آخر".
ضيوف دافوس لا يحسنون التنبؤ. ربما يكون هذا بسبب التفكير الجماعي وبسبب رؤية تيتلوك أن الأشخاص المشهورين والواثقين بأنفسهم سيئون بشكل خاص في التنبؤ. يروجون لكتبهم الخاصة وهم بعيدون عن العمل الفعلي. في 2016، ربما كان أداء لجنة من سائقي رجال دافوس أفضل في التنبؤ بترمب.
ربما يكون الغرض من دافوس هو التواصل ضمن شبكات، لكن لماذا إذن عناء توليد المعلومات الخاطئة؟ يبنغي لدافوس أن يطير إلى أرييه كوفلر، وهو مستشار اتصالات الشركات في القدس، الذي كتب تغريدة في 21 كانون الأول (ديسمبر)، بعد دراسة المنتديات المؤيدة لترمب على الإنترنت جاء فيها: "في السادس من كانون الثاني (يناير)، ستحتشد الميليشيات الترمبية المسلحة في العاصمة، بناء على أوامر ترمب. من المحتمل جدا أنهم سيحاولون اقتحام مبنى الكابيتول بعد أن يصادق على فوز جو بايدن".
للحصول على رؤى حول المستقبل البعيد، ينبغي إعطاء الأفضلية لآراء الشخصيات الإبداعية. بعد 9/11 أجرى البنتاجون ـ بحكمة ـ عصفا ذهنيا مع ممثلين من هوليوود حول الهجمات المستقبلية المحتملة. توقع برنامج تلفزيوني في 2000 أن تتسبب رئاسة ترمب في أزمة في الميزانية.
في 1995، أعرب عالم الفلك والكاتب والشاعر كارل ساجان عن "نذير شؤم" لأمريكا في المستقبل "عندما تنتقل جميع الصناعات التحويلية الرئيسة تقريبا إلى دول أخرى، وعندما تكون القوى التكنولوجية الرائعة في أيدي قلة قليلة جدا، ولا يمكن لأي شخص يمثل المصلحة العامة حتى استيعاب هذه المشكلات". وتوقع "العلم الزائف والخرافات، ولكن بشكل خاص نوعان من الاحتفال بالجهل"، بينما تنزلق الولايات المتحدة، "تقريبا دون أن تلاحظ، مرة أخرى إلى الخرافات والظلام".
في عصر ما بعد الجائحة نحتاج إلى إعادة هندسة عالمنا. سيكون الكثير من هذا صعبا. بعض منه، مثل التخلي عن دافوس، سهل بشكل مدهش.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES