FINANCIAL TIMES

الشركات الأمريكية .. أكوام من المال تبحث عن مكان تذهب إليه

الشركات الأمريكية .. أكوام من المال تبحث عن مكان تذهب إليه

تجلس الشركات الأمريكية على تريليونات الدولارات النقدية التي اقترضتها للنجاة من صدمة فيروس كورونا في 2020. والسؤال الآن هو ما الذي تفعله بكل هذه الأموال، خاصة إذا ترسخ الانتعاش الاقتصادي؟
اقترضت الشركات الأمريكية 2.5 تريليون دولار في أسواق السندات العام الماضي. بالنسبة لبعضها، يظل هذا التمويل ضروريا لبقائها على قيد الحياة. فلا تزال الشركات المنكوبة بسبب الوباء، مثل شركات الطيران ومشغلي دور السينما، تستهلك أموال التمويل على أمل العودة إلى طبيعتها عندما يبدأ الناس في السفر والتواصل الاجتماعي مرة أخرى. قالت شركة أمريكان إيرلاينز الشهر الماضي إنها تتوقع متوسط استهلاك نقدي يقارب 30 مليون دولار يوميا للربع الرابع، بينما سعت شركة "إيه إم سي" المشغلة لدور السينما أخيرا للحصول على تمويل إضافي.
لكن بعضا آخر في حالة أفضل. جمعت الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي 1.3 تريليون دولار إضافية من النقد في ميزانياتها العمومية العام الماضي، وفقا لبيانات من ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو. ويتعين على كثير من الشركات أن تقرر ما يجب فعله بثروتها المقترضة.
الخيار الأول، وربما الأكثر وضوحا، هو أن تستخدم الشركات السيولة الفائضة لتقليل حجم قروضها – بأن تبدأ 2021 بحمية ديون لتقليص السندات التي صدرت بشراهة في 2020.
في نهاية العام الماضي أظهر استطلاع منتظم لبانك أوف أمريكا أن معظم مديري الصناديق يريدون من الشركات تحسين ميزانياتها من خلال تقليل عبء الديون.
أشار محللون إلى أن: "هذه هي النقطة في الدورة التي لا تكون فيها الميزانيات العمومية بشكل عام في حالة جيدة وحتى مستثمري الأسهم قلقون بشأن الرافعة المالية (...) وبالنسبة للغالبية العظمى من الشركات سيكون التركيز على إصلاح الميزانية العمومية".
أوكسيدنتال بتروليوم هي أحد الأمثلة على شركة ترغب في تحويل جزء من تدفقها النقدي لتقليل رفعها المالي - معدل الدين إلى الأرباح، الذي يوفر قراءة مهمة لقوة الشركة.
في مكالمة أرباح الربع الثالث في تشرين الثاني (نوفمبر)، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة أوكسيدنتال بتروليوم، فيكي هولوب، إن تخفيض الديون سيكون استخداما مهما للتدفق النقدي للشركة "حتى أوائل 2022".
الرغبة في تحسين الميزانية العمومية تأتي على رأس قائمة رغبات مديري الصناديق، لكن هيمنتها تراجعت خلال النصف الثاني من 2020، وفقا لاستطلاع بانك أوف أمريكا.
بدلا من ذلك، يتبنى بعض المستثمرين فكرة إنفاق المديرين التنفيذيين مزيدا من الأموال للمساعدة على تنمية أعمالهم، خاصة وأن الشركات أصبحت الآن أكثر قدرة على اقتناص تمويل الديون طويلة الأجل بمعدلات منخفضة للغاية.
"أيه تي آند تي" التي تمتلك أكبر كومة من صافي الديون لأي شركة غير مالية في العالم، نحو 175 مليار دولار، وفقا لبيانات من بلومبيرج، أكدت تعهدها بتقليل هذا التراكم. مع ذلك، أضاف جون ستيفنز، المدير المالي للشركة، في مكالمة أرباح الربع الثالث في تشرين الأول (أكتوبر)، أنه بسبب عملها على تخفيف الديون عندما يحل أجلها، يمكنها أيضا أن تنتهز الفرصة لاستثمار الأموال في الشركة.
قال إن الميزانية العمومية للشركة وآجال استحقاق الديون "في حالة جيدة حقا"، مضيفا: "لقد استجابت سوق السندات لها بشكل جيد للغاية. سنواصل خفض مستويات ديوننا، لكن لدينا الكثير من المرونة في المضي قدما".
قد تشعر الشركات الأخرى بالمثل. مع مثل هذه التكلفة المنخفضة للاقتراض في الوقت الحالي، قد يكون نشر الأموال الرخيصة أمرا جذابا.
قال كيفن فولي، الرئيس العالمي لأسواق رأس المال للديون في جيه بي مورجان: "إذا نظرت إلى الخيارات المتاحة، فإن الجلوس على السيولة في بيئة أسعار الفائدة هذه لا معنى له كثيرا". أضاف: "يمكنك تسديدها لكن هناك تكلفة للسداد قبل حلول الأجل. بدلا من ذلك، ربما تستثمر فقط في الأعمال التجارية".
هناك خيار آخر لفرق الإدارة وهو اتخاذ خطوة أكثر قوة، مثل الاستحواذ أو إعادة شراء الأسهم لإرضاء المستثمرين. يتوقع بعض المحللين أن تنفق البنوك الأمريكية الكبرى نحو عشرة مليارات دولار هذا الربع على إعادة شراء الأسهم، بعد الحصول على الضوء الأخضر الشهر الماضي من مجلس الاحتياطي الفيدرالي لإعادة تشغيل هذه البرامج.
من المتوقع أيضا حدوث ارتفاع في عمليات الاستحواذ، الممولة جزئيا من الأموال التي تم جمعها من خلال أسواق الديون العام الماضي. قد تتحمل بعض الشركات المزيد من الديون لتحقيق هذا الهدف في 2021. من الأمثلة المبكرة على ذلك هذا العام متجر تحسين المنزل، هوم ديبو، ومورد مواد البناء، يو إس لامبر.
لم يكن الاقتراض أرخص على الإطلاق بالنسبة للشركات. متوسط العوائد على السندات الصادرة عن كل من المقترضين ذوي المخاطر المرتفعة وشركات الاستثمار الأكثر أمانا، هو عند مستويات قياسية منخفضة أو قريب منها.
يتم تداول نحو 90 في المائة مما يسمى السندات "غير المرغوب فيها" وأكثر من 95 في المائة من السندات ذات الدرجة الاستثمارية بسعر الإصدار الأصلي أو أعلى منه، ما يشير إلى إمكانية إعادة تمويلها بتكلفة أقل، وفقا للمؤشرات التي تديرها آيس لخدمات البيانات.
قال محللون إن بعض الشركات سترى أن من الحكمة الاحتفاظ بفائض نقدي يتم تمويله من خلال أسواق الديون، في ظل التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة. حتى مع احتمال توزيع اللقاحات على نطاق واسع، فإن الاحتياطي النقدي سيساعد في حالة حدوث أي صدمات اقتصادية أخرى.
قال جون هاينز، رئيس أسواق الديون الرأسمالية في ويلز فارجو: "يشعر المصدرون، بالتأكيد مع بداية توزيع اللقاح، بالرضا عن الأموال التي جمعوها".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES