FINANCIAL TIMES

أصحاب الحاجات الخاصة يجدون جانبا إيجابيا في ممارسات العمل الجديدة

أصحاب الحاجات الخاصة يجدون جانبا إيجابيا في ممارسات العمل الجديدة

8 % ممن هم في سن العمل، النشطين اقتصاديًا، من ذوي الحاجات الخاصة في المملكة المتحدة عاطلون عن العمل.

بالنسبة إلى جيف كوك – من ناحية – كان عام 2020 جيدا. على الرغم من الوباء، حقق جيف، وهو استراتيجي اتصالات رقمية، تقدما مهنيا. وهو ينسب الفضل في ذلك إلى "بوديوم"، وهي منصة وظائف عبر الإنترنت تساعد الشركات وأصحاب الحاجات الخاصة الذين يعملون لحسابهم الخاص في العثور على بعضهم بعضا، بغض النظر عن الجغرافيا.
تم إطلاق بوديوم في أيار (مايو) من قبل شركة تسمي نفسها "أصحاب القدرات" The Ability People، وهي شركة استشارية مقرها المملكة المتحدة، ساعدت كوك الذي يعيش في نيويورك، في الحصول على عملاء في لندن، بما في ذلك أحد أندية الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن كانت جهوده لتأمين وظيفة في قطاع الإعلام في الولايات المتحدة أقل نجاحا.
يتذكر اللحظة التي أخبر فيها أحد المحاورين أنه مصاب بالشلل الدماغي، يقول: "سمعت النغمة وهي تتغير". يضيف: "على مر السنين، أجريت عددا كبيرا من المقابلات وهو ما جعلني أعرف ما تعنيه هذه التغيرات في النغمة".
وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة، فإن 8 في المائة ممن هم في سن العمل، النشطين اقتصاديا، من ذوي الحاجات الخاصة عاطلون عن العمل، مقارنة بـ5 في المائة فقط ممن ليس لديهم إعاقة. تشير البيانات الصادرة عن المكتب الأمريكي لإحصاءات العمل في عام 2019 إلى أن نسبة الفئة نفسها في الولايات المتحدة تبلغ أيضا 8 في المائة، مقارنة بـ4 في المائة للذين لا يعانون إعاقة.
تجربة كوك المتقطعة تشابه تجارب كثير من الأشخاص من ذوي الحاجات الخاصة. لكن جيمس تايلور، المدير التنفيذي للاستراتيجية في سكوب Scope، وهي مؤسسة خيرية للإعاقة، يقول إن أحد الأمور الإيجابية الناتجة عن الوباء "هو أن أرباب العمل تبنوا، بدافع الضرورة، إجراءات العمل المرنة التي يطلبها الموظفون أصحاب الحاجات الخاصة منذ أعوام".
مع ذلك، الخبر السيئ هو أن البطالة ترتفع بشكل أسرع بين الأشخاص من ذوي الحاجات الخاصة مقارنة بالعاملين الآخرين، ويبدو أن التحيز اشتد. عندما سئل أرباب العمل في المملكة المتحدة في أيلول (سبتمبر) الماضي من قبل مؤسسة ليونارد شيشاير، وهي منظمة خيرية تدعم الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة، أشار 42 في المائة منهم إلى أن فيروس كورونا جعلهم أكثر ترددا في توظيف عاملين أصحاب حاجات خاصة، بسبب مخاوف بشأن دعمهم بشكل صحيح أثناء الوباء.
لحسن الحظ، لا تريد جميع الشركات استبعاد توظيف الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة. عندما منع الإغلاق براند كونتينت، وهي وكالة إبداعية، من استضافة الطلاب الموظفين في مكتبها في كارديف، عملت مع المؤسسة الخيرية، ويز كيدز، لإنشاء وظائف افتراضية لمستخدمي الكراسي المتحركة الشباب. بعد أن تمكنت من إدارة هذا الأمر على زووم، أصبحت الشركة الويلزية مستعدة الآن للإعلان عن جميع الوظائف الشاغرة في وسائل الإعلام الخاصة بأصحاب الحاجات الخاصة، على الرغم من أن مبانيها المستأجرة تفتقر إلى تسهيلات لهم.
تقول راشيل بيسيني، رئيسة قسم النمو في براند كونتينت: "نعتقد الآن أن بإمكاننا تقديم وظيفة مرضية لشخص يعمل عن بعد، وحين يكون الاجتماع الشخصي ضروريا، يمكنك حجز غرفة اجتماعات يمكن الوصول إليها بواسطة الكراسي المتحركة".
في إطار فتح مهنة القانون أمام "شريحة عريضة من السكان"، بمن فيهم الموظفون أصحاب الحاجات الخاصة، يتصور كيث فرود، الشريك المنتدب في إيفرشيدز سوذرلاند، وهي شركة محاماة، مكان عمل هجينا "مع تركيز أقل على الجغرافيا". قد يعني ذلك، مثلا، محاميا مبتدئا يتصل من محطة عمل منزلية لمتابعة أحد الشركاء وهو في مكالمة مهمة إلى أحد العملاء. يقول: "إذا كان بإمكانك استخدام التكنولوجيا بشكل صحيح، يمكنك في الواقع تزويد الناس بفرص وظيفية مذهلة، على الرغم من أنه يتعين عليك العمل بجدية أكبر". لكن هل سيستفيد الجميع بالتساوي؟
عمليات الإغلاق فرضت بشكل غير متوقع طرق العمل التي يدافع عنها نشطاء الإعاقة. لكن أبحاثا أجرتها كلية إدارة الأعمال في كارديف الصيف الماضي، شملت أكثر من 100 محام من أصحاب الحاجات الخاصة، تشير إلى أن المخاوف المتعلقة بالإعاقة سرعان ما تتلاشى عندما تتطلب تكيفا يتجاوز ذلك الذي يتطلبه أغلبية الموظفين الآخرين عن بعد.
قال معظم المحامين أنهم يديرون صحتهم بشكل أفضل ويحققون المزيد، لأنهم لم يعودوا يواجهون الأضرار إلى التنقل المتعب. لكن ما لم يتغير هو افتراضات المجتمع بأن الترتيبات التي تناسب معظم الناس ستنجح مع الجميع.
تحدث كثير من المحامين الذين تقدموا بطلبات للحصول على وظائف وعقود تدريب عن التعامل مع القائمين على التوظيف "الذين لم يكونوا جيدين في الاستماع"، وقالوا إنهم لم يتلقوا التعديلات التي يحتاجون إليها للتنافس على قدم المساواة في التقييمات الافتراضية والمقابلات، أو حتى مجرد المشاركة.
أحد المرشحين الذين يعانون ضعفا في السمع كان من المتوقع أن يجري مقابلة هاتفية دون بديل، مثل تحويل الكلام إلى نص، أو مكالمة فيديو مع ظهور نص الحديث مباشرة أسفل المقطع، أو ترجمة لغة الإشارة. طلب من شخص آخر، وهو مرشح يعاني عسرا في القراءة، إجراء اختبار عبر الإنترنت على منصة يتعذر الوصول إليها. تتضمن المشكلات المعتادة لمرضى عسر القراءة استمارات عبر الإنترنت لا يمكن تعديلها لتحسين تباين الألوان أو أحجام الخطوط.
تطلب الأمر حدوث وباء بالنسبة إلى تشاك إدوارد، نائب رئيس قسم الموارد البشرية في مايكروسوفت، ليكون منفتحا بشأن التعامل مع مرض التصلب المتعدد. في عام 2012 تم تشخيصه على أنه مصاب بالمرض لكنه التزم الصمت في البداية، متوقعا أن تصبح أعراضه واضحة. لكن الأدوية أنقذت الموقف، وتم تكليفه بوظيفة أكبر – سبب آخر يدعوه للبقاء صامتا. "كنت قلقا من أن الناس قد يرونني أقل فعالية. هل ستكون هناك كلمات غير منطوقة (...) عدم الثقة بي في المستقبل؟"، ثم جاء فيروس كورونا، وجاءت معه مفارقة تشجيع الآخرين على التحدث عن مخاوفهم الصحية، في حين هو نفسه لم يفعل ذلك.
وأخيرا "خرج إدوارد علنا" في مؤتمر قمة للشركة في الربيع الماضي. وهو بذلك يمثل أقلية. وفقا لبحث أجرته شركة أكسنتشر، فإن 20 في المائة فقط من القادة من ذوي الحاجات الخاصة يتمتعون بالشفافية الكاملة بشأن إعاقتهم. ما يقارب الربع لا يخبرون أحدا. هذه مشكلة، لأنه عندما يكون الرؤساء صامتين، فإن صغارهم يفتقرون إلى قدوة وإلى دعاة من أجل سياسات أفضل. يقول أحد أفراد جيل الألفية الذي يعاني من مرض عصبي: "في كل مرة تدخل فيها مرحلة جديدة من حياتك المهنية، تكون أنت الأول. (الصغار) يجدون أنهم يقاتلون حقا من أجل أنفسهم وكل من يقف وراءهم".
ظهر التحيز على أنه أبوية في غير محلها تخلط بين "الإعاقة والضعف"، كما تقول ديان لايتفوت، الرئيسة التنفيذية لمنتدى إعاقة الأعمال، وهي منظمة لأصحاب العمل. مع بدء إعادة فتح أماكن العمل الصيف الماضي، تلقى المنتدى مكالمات من أرباب العمل الذين يريدون معرفة ما إذا كان ينبغي اعتبار الموظفين أصحاب حاجات خاصة فئة عالية الخطورة من حيث الإصابة بفيروس كورونا، وبالتالي إعطاء تعليمات شاملة للبقاء في المنزل.
طلب المنتدى من المتصلين تجنب الافتراضات الشاملة ونصحهم بسؤال كل شخص عن كيفية إدراكه للمخاطر، وما الذي يفضله.
يقول روب كام، وهو محام متدرب مصاب بالشلل الرباعي في أوزبورن كلارك، إن كل شخص يقوم بمقايضات. "العمل من المنزل يجعل التعامل مع إعاقتي أسهل بكثير. لكني أفضل أن أعمل في المكتب بسبب التفاعل الاجتماعي والحصول على القليل من الفصل بين المنزل والعمل".
يقول روبرت هنتر، مؤسس منظمة City Disabilities، التي ترعى المهنيين المتخصصين داخل الحي المالي في لندن، إن جميع أشكال التحيز هي "إدارة رديئة، لأنها تعميك عن العوامل التي تؤثر حقا على الربحية".
يتفق آخرون معه. يقول أحد الخريجين في منتصف حياته المهنية، طلب عدم ذكر اسمه: "في اللحظة التي أذكر فيها أنني مصاب بأحد أنواع التوحد، أقابل بصمت محرج". يضيف: "تحولت من شخص قابل للبحث عنه ضمن الكفاءات إلى شخص يتم تجاهله".
العمل في شركة ترى الإعاقة على أنها مصدر إزعاج وتكلفة تجعل طلب المساعدة أكثر صعوبة. مثلا، كثير من الإعاقات المكتسبة من قبل الراشدين في سن العمل – مثل فقدان السمع والسكري والأمراض العقلية والتصلب المتعدد وما إلى ذلك – هي غير مرئية. هذا يعني أنه في معظم المكاتب، من المحتمل أن شخصا يبذل جهدا كبيرا للعمل مع معاناته من حالة صحية، حيث يمكن أن تساعده تعديلات صغيرة – استراحة إضافية أو كرسي قابل للتعديل – في تحقيق نتائج أفضل بشكل أكثر راحة.
"إذا كان الناس يكافحون من أجل الاندماج في عالم لم يتم إنشاؤه من أجلهم، فإنهم بذلك يضعفون إنتاجيتهم"، كما تقول ليز جونسون، التي شاركت في تأسيس "أصحاب القدرات".
تعتقد جين بيرتون، رئيسة قسم المحامين ذوي الحاجات الخاصة في جمعية القانون، أنه للحد من "الخوف والوصمة" التي تلقي بظلالها على الإعاقة، ينبغي على أصحاب العمل التخطيط لتعاف يلائم نقاط قوة الناس وظروفهم. على وجه التحديد، هي تحث كبار الموظفين الذين يعانون إعاقات على أن يصبحوا قدوة وموجهين مرئيين، ويتبعون سياسات مناصرة مثل عقود التدريب بدوام جزئي، لمساعدة مزيد من المرشحين ذوي الحاجات الخاصة للنجاح في خطوتهم الأولى.
الأمر الذي يبعث على التشجيع هو أنه بعد أن أجبر الوباء الناس على الارتجال، يقول المزيد من أصحاب العمل أنهم سيستخدمون التجربة لبناء مستقبل يعمل بشكل أفضل للجميع. شركة أنتربرايز رينت أكار هي إحدى الشركات التي ترى ذلك. عند إعادة فتح مكاتبها، سيختار الموظفون ما إذا كانوا سيعودون إلى مكاتبهم أو العمل من المنزل أو العمل على أساس مزيج من الإثنين. تقول دونا ميلر، مديرة الموارد البشرية الأوروبية في الشركة: "ما يفعله الشخص يعود في النهاية إلى كون الموظف يكتشف ما هو الأفضل بالنسبة إليه".
يقول كوك إن إعطاء الناس القدرة على التصرف من أجل التغلب على حواجزهم أمر صحيح. "من الواضح أن لدي مزيدا من الأشياء التي يمكنني اكتشافها أكثر من بعض الأشخاص، لكن إذا أعطوني الفرصة، فسأفعل".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES