FINANCIAL TIMES

القبضة اللندنية ترتخي .. أمستردام تتطلع لانتزاع سوق الاكتتابات

القبضة اللندنية ترتخي .. أمستردام تتطلع لانتزاع سوق الاكتتابات

بورصة أمستردام التي استقبلت عددا من الشركات المهاجرة من الحي المالي في لندن.

قرار مجموعة التجارة الإلكترونية البولندية، إن بوست InPost اختيار أمستردام لإدراج أسهمها في بورصتها يقدم أحدث إشارة على أن لندن تخاطر بفقدان قبضتها بوصفها مركزا للتداول بعد بريكست.
أشار وزير المالية البريطاني، ريشي سوناك، إلى الانفصال الصعب عن الاتحاد الأوروبي في مجال الخدمات المالية الذي بدأ في الأول من كانون الثاني (يناير) باعتباره "التحرير الكبير رقم 2"، واعتبره حافزا لازدهار الحي المالي في لندن.
لكن مصرفيين يقولون إن أمستردام تظهر بالفعل إمكانية أن تأخذ نصيبا من تفوق لندن باعتبارها مركزا لأسواق رأس المال الأوروبية. التداول في أسهم الاتحاد الأوروبي هاجر من لندن إلى مراكز الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المدينة الهولندية، في اليوم الأول لوجود المملكة المتحدة خارج السوق الموحدة في بداية 2021. ويشير إعلان شركة تصنيع خزائن حفظ الطرود، المدعومة من آدفنت Advent، إلى أن العروض العامة الأولية قد تنجذب أيضا نحو المكان الذي يكون فيه التداول في الأسهم الأوروبية أكثر حيوية.
قال رافاي برزوسكا، الرئيس التنفيذي لشركة إن بوست: "بالنظر إلى الخيارات وأسواق الأسهم، تبدو أمستردام جذابة للغاية لأنه يبدو الآن أن بورصة يورونيكست أمستردام تصبح نوعا من البورصة التي تفضل شركات التكنولوجيا إدراج أسهمها فيها".
أندرياس بيرنستورف، رئيس أسواق رأس المال الأوروبية في "بي إن بي باريبا"، الذي قدم المشورة بشأن صفقة إن بوست، أضاف: "عندما كانت لندن في الماضي المركز الأصلي للإدراج، كان يمكننا رؤية أمستردام وهي تبرز باعتبارها مكان إدراج محايد جديد للاكتتابات العامة الأولية، وبالتأكيد لدول أوروبا الوسطى والشرقية. هذا شيء تم تسريعه الآن من خلال بريكست، ولكن أيضا بسبب المزايا التنظيمية في أمستردام مقارنة بلندن. نحن نرى أن هذا الموضوع سيستمر".
يورونيكست أمستردام – وهي جزء من مجموعة من البورصات في أنحاء القارة – تولت إدارة عمليتي اكتتاب اثنتين فقط العام الماضي، وهو ما يقل كثيرا عن حصيلة لندن البالغة 36، بما في ذلك عمليات الإدراج المزدوجة، بحسب بيانات ديلوجيك. لكن إحدى الصفقتين الهولنديتين، لشركة القهوة العملاقة، جيه دي إي بيت JDE Peet، كانت أكبر إدراج في أوروبا العام الماضي، بلغت قيمتها 2.3 مليار يورو، وهي الأكبر منذ 2018. كانت صفقة فترة الإغلاق في أيار (مايو) أول عملية إدراج تزيد قيمتها على مليار يورو ويتم تنفيذها افتراضيا. استمرت الحملة الترويجية ثلاثة أيام فقط، مقارنة بالمعدل المعتاد الذي يبلغ 14 يوما. وجاء نحو 90 في المائة من الاستثمار في الصفقة من خارج هولندا.
هذه المرونة والوصول الدولي لصفقة كبيرة تقدم الدليل على أن المركز المالي الهولندي يمكنه استيعاب المعاملات التي كان من الممكن أن تتجه إلى لندن بخلاف ذلك.
قال رينيه فان فليركين، رئيس عمليات الإدراج في يورونيكست أمستردام، إن تركيزه ينصب على جذب عمليات الإدراج والسيولة إلى شبكة يورونيكست بأكملها، التي تمتد عبر دول مثل فرنسا والبرتغال وبلجيكا، وليس هولندا فقط.
قال: "لا أهتم كثيرا بشأن المكان الذي يوجد فيه مركز اتحاد أسواق رأس المال (الأوروبية). هذا لا يهمني. أنا مهتم بالدرجة الأولى بأن تكون يورونيكست بأكملها قادرة على تسهل ذلك".
لكن محللين يرون أن نهاية هيمنة لندن طويلة الأمد على التمويل الأوروبي بعيدة للغاية، حتى في الوقت الذي تواجه فيه التحدي.
قال متحدث باسم الشركة الأم لبورصة لندن: "لا تزال بورصة لندن البورصة الأكثر عالمية لمصدري الأسهم والسندات والمتداولين والمستثمرين، وتظل المركز المالي المفضل للإصدار والتداول في المنطقة الزمنية الأوروبية". وهي أيضا تحث الحكومة على تعديل قواعد الإدراج لجعل المدينة مكانا أكثر جاذبية للشركات سريعة النمو.
لكن بالنسبة للشركات التي تتطلع إلى خارج المملكة المتحدة، يعتقد المصرفيون أن أمستردام يمكن أن تكون لها ميزة على المراكز الأوروبية الأخرى. قال مصرفي مطلع على صفقة إن بوست: "اختيار باريس أو فرانكفورت هو أقرب إلى كونه بيانا"، مضيفا أن الاختلافات الهامشية في قواعد الإدراج والحوكمة في أوروبا تميل لمصلحة أمستردام.
قال إن فان فليركين يدفع الحجة لمصلحة أمستردام "بصوت عال جدا"، مشيرا إلى أن الشركات بدأت في النظر إلى ما وراء لندن قبل اكتمال بريكست. أضاف: "نتحدث إلى جهات إصدار من إسرائيل ومن إفريقيا، التي إذا كانت في الماضي تريد الإدراج في أوروبا. كانت تذهب تلقائيا إلى لندن. كان هناك تقليد وتاريخ. لكن هذا آخذ في التحول فعليا. المزيد والمزيد من الشركات من خارج أوروبا التي تبحث في الإدراج، تفكر بجدية في يورونيكست بديلا للندن".
من الناحية العملية يعمل القطاع المالي في لندن بموجب بريكست من دون صفقة بعد أن فشلت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بشأن ما يسمى التكافؤ، أو الاعتراف المتبادل بشأن المعايير واللوائح، قبل انسحاب المملكة المتحدة من السوق الموحدة والجمارك في نهاية 2020. تلك النتيجة كانت متوقعة من قبل المؤسسات المالية من كلا الجانبين، لذلك لم تولد قدرا كبيرا من الاضطراب. لكنها سحبت تداول أسهم الاتحاد الأوروبي بعيدا عن لندن بين عشية وضحاها، في تذكير بمدى سرعة تغيير معايير التداول الراسخة.
بالنسبة للأسهم في شركة جست إيت Just Eat ذات الإدراج المزدوج، مثلا، توجه نحو 66 في المائة من التداول المنظم إلى أمستردام العام الماضي. ارتفع هذا الرقم منذ فترة فوق 80 في المائة. قال فان فيلركين إن هذا التحول في السيولة يساعد على جذب عمليات إدراج جديدة.
في الأسبوع الماضي قالت جست إيت إنها أوقفت خططها لشطب إدراجها من هولندا والتركيز على المملكة المتحدة. وتعكف الشركة على مراجعة جميع إدراجاتها في الوقت الذي تطلب فيه القواعد الأمريكية أن يتم تداول الشركة أيضا في بورصة أمريكية بعد شرائها لشركة جرب هب Grubhub مقابل 7.3 مليار دولار العام الماضي. ما يطغى على قرار الشركة هو مراجعة أجرتها "فاينانشيال تايمز رسل" FTSE Russell لتجميع المؤشرات، ما قد يعني إزالة جست إيت من مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في المملكة المتحدة.
يعتقد فان فليركين أن أي دعم لهولندا بسبب الافتقار إلى التكافؤ سيتبين أنه دعم عابر. قال: "يسألني المستشارون والمصْدرون عن الافتقار إلى التكافؤ لكني أفضل الاعتماد على نقاط قوتنا. المنافع المتبادلة أكبر كثيرا من أن تحرر لندن نفسها وتبتعد عن الآخرين على المدى الطويل. في النهاية سيكون هناك نوع من الحل".
لكن المملكة المتحدة تظهر بالفعل أنها على استعداد لشق طريقها الخاص في الخدمات المالية، والانفصال عن ممارسات وقواعد الاتحاد الأوروبي. وهي تخطط لإعادة تداول الأسهم السويسرية إلى لندن، في خرق لحظر كان يفرضه الاتحاد الأوروبي كان سائدا قبل الانفصال الكامل في نهاية كانون الثاني (يناير).

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES