الطاقة- النفط

مع عودة التوترات وتقلبات الأسعار .. "الصخري الأمريكي" يكافح للبقاء على قيد الحياة

مع عودة التوترات وتقلبات الأسعار .. "الصخري الأمريكي" يكافح للبقاء على قيد الحياة

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تقلبات، حيث تراجعت بسبب تنامي الإصابات مجددا بفيروس كورونا في أغلب دول العالم لتفقد الأسعار بعضا من المكاسب القياسية السابقة، التي دفعت بها في الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى في 11 شهرا بفعل قيود إنتاج "أوبك+" خاصة بعد التخفيضات السعودية بنحو مليون برميل يوميا في الشهرين المقبلين، علاوة على مؤشرات سابقة على تعافي الطلب الصيني.
ثم مالت الأسعار إلى استعادة المكاسب تحت تأثير اللقاحات الجديدة ضد فيروس كورونا، التي تسجل نجاحا وانتشارا واسعا في أغلب دول العالم، إضافة إلى تأثير حزمة التحفيز المالي الأمريكية التي أقرها الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي سيتولى السلطة رسميا غدا الأربعاء.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري يكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل هذه الأوضاع المتوترة في السوق بسبب الجائحة وغياب اليقين بشأن المدى الزمني لتعافي الطلب العالمي على النفط، لافتين إلى استمرار معاناة الإنتاج الأمريكي من تداعيات انهيار أسعار النفط في آذار (مارس) 2020 الذي كان له تأثير كبير في صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وأشار المختصون إلى أنه بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن متوسط إنتاج النفط في الولايات المتحدة لعام 2020 بلغ 11.3 مليون برميل من النفط الخام يوميا، وقد انخفض 7 في المائة، مقارنة بعام 2019.
وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن تسارع وتيرة الإصابات بفيروس كورونا في العالم وظهور أكثر من سلالة جديدة سريعة الانتشار في بريطانيا وجنوب إفريقيا وأخيرا في البرازيل كان السبب الرئيس في خسارة مستوى جيد من المكاسب السعرية عند أعلى مستوى في 11 شهرا والذي كان قد تحقق بفعل تخفيضات "أوبك+" وانتشار اللقاحات.
وأوضح أن البيئة السعرية المتقلبة والضعيفة تهدد استقرار الإمدادات وتضيف ضغوطا هائلة على الشركات المنتجة للنفط الخام، مبينا أن إدارة معلومات الطاقة تتوقع أن ينخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة في 2021 بنسبة 2 في المائة على أساس سنوي إلى 11.1 مليون برميل يوميا، وهو ما لا يزال أكبر 26 في المائة عن 2014.
وأشار إلى أنه، وفقا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي يبلغ متوسط سعر التعادل لآبار النفط الصخري من 46 دولارا إلى 52 دولارا للبرميل.
من جانبه، قال ألكسندر بوجل، المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، إن تحالف "أوبك+" يتمتع بقوة اقتصادية كبيرة في السوق النفطية وهو عنصر الأمان في تحقيق التوازن في السوق من خلال سياسات هادئة تركز على الاستقرار وتبعد عن المكاسب السعرية السريعة والمؤقتة.
وأشار إلى أن اقتصاد العالم يتطلع إلى تولي إدارة أمريكية جديدة برئاسة الرئيس جو بايدن غدا الأربعاء وهو من أعلن مسبقا انحيازه إلى موارد الطاقة النظيفة، ولكن خطط التحفيز المالي التي يعتزم إقرارها سيكون لها انعكاسات إيجابية على السوق النفطية.
من ناحيته، ذكر لوكاس بيرتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، أن سوق النفط تقاوم ضغوطا هائلة ومستمرة ناجمة عن الإصابات الجديدة والسريعة وتحور سلالات فيروس كورونا، معتبرا أن مهمة تعافي الطلب قد تحتاج إلى وقت أطول من المقدر سابقا، ومن هنا تأتي الرؤية الثاقبة للسعودية التي قررت خفض مليون برميل يوميا من إنتاجها من النفط الخام على مدار شهرين مقبلين لدعم الأسعار وامتصاص زيادات من منتجين آخرين مع السماح لروسيا وكازاخستان بإجراء زيادات محدودة، وفق ما اتفق عليه اجتماع "أوبك+" الوزاري في 4 كانون الثاني (يناير) الجاري.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية إن التقلبات السعرية سمة رئيسة في سوق النفط الخام، وقد حققت مكاسب بأكثر من 30 في المائة في أسعار خام برنت منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وهو ما مثل مفاجأة لعديد من المعنيين بالسوق، بينما تميل حاليا إلى التقلب نتيجة الإصابات الجديدة، ومخاوف الطلب، وربما بعض أنشطة المضاربة في الأسواق.
وذكرت أن التفاؤل بشأن لقاحات فيروس كورونا قدم كثيرا من الدعم لتوقعات الطلب ولكن استمرار العالم في خضم الوباء ما زال مصدر قلق واسعا، ما أسهم بدور مؤثر في هيمنة التذبذبات المتلاحقة، مبينة أن التحفيز المالي الأمريكي والسياسات الهادئة للإدارة الجديدة والتقدم في انتشار اللقاحات سيجعل الأسعار أقرب إلى حصد مزيد من المكاسب.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط بدرجة أكبر عن أعلى مستوى في 11 شهرا الذي لامسته الأسبوع الماضي، منهية موجة صعود بدأت في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) بفعل تخفيضات الإنتاج وطلب صيني قوي، في ظل تساؤلات بخصوص اتجاه السوق وسط تنامي الإصابات بفيروس كورونا.
وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 06:22 بتوقيت جرينتش، كان خام برنت منخفضا 30 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة إلى 54.79 دولار للبرميل، بعد نزوله 2.3 في المائة الجمعة الماضي. وتراجع الخام الأمريكي 21 سنتا أو 0.4 في المائة ليسجل 52.15 دولار، بعد أن هبط 2.3 في المائة في الجلسة السابقة.
وصعد خاما القياس في الأسابيع الأخيرة، مدعومين بالشروع في التطعيم ضد كوفيد-19 وخفض مفاجئ في إنتاج الخام من السعودية، أكبر مصدر له في العالم. لكن تنامي الإصابات الجديدة في أنحاء العالم يثير شكوكا حيال مدى تماسك الطلب.
وقال جيفري هالي، كبير محللي السوق في أواندا، "مؤشرات القوة النسبية لكلا العقدين بلغت نطاق المغالاة في الشراء، ما ينبئ بتصحيح في الطريق".
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 54.68 دولار للبرميل الجمعة الماضي، مقابل 55.19 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، كما أن السلة كسبت بضعة سنتات، مقارنة بليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 54.39 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط