أخبار اقتصادية- عالمية

مجموعة العشرين .. الحاجة إلى التعاون أكثر من أي وقت مضى

مجموعة العشرين .. الحاجة إلى التعاون أكثر من أي وقت مضى

خادم الحرمين خلال ترؤسه قمة قادة مجموعة العشرين أمس. "واس".

يسجل التاريخ أن قمة العشرين كانت في بداياتها قمة اقتصادية ومالية، يجتمع فيها وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمناقشة القضايا المهمة، وذلك حينما أسست في عام 1999، إلا أن الأزمة المالية التي ضربت العالم في عام 2008، وما صاحبها من توابع، رفع من مستوى المجموعة، لتضم قادة الدول العشرين.
ولعل الظروف التي انطلقت منها القمة، تشابه الظروف التي يعيشها العالم اليوم، نتيجة التبعات السلبية التي يواجهها الاقتصاد العالمي بعد جائحة كورونا، وتعيد إلى الأذهان أهمية القمة الأولى التي أقيمت عقب الأزمة المالية، حيث تتجه أنظار العالم إلى قمة استثنائية في الرياض، تسرع التعافي، وتوحد الجهود العالمية، أكثر من أي وقت مضى.


ثلثا العالم

اكتسبت مجموعة العشرين زخما كبيرا، نسبة إلى أعضائها، فهي تضم قادة من جميع القارات، يمثلون دولا متقدمة ونامية، يمثلون - مجتمعين - نحو 80 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلثي سكان العالم، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية، ما يضفي على القمة ثقلا اقتصاديا، يؤثر في النظام المالي العالمي.
وكانت أزمة عام 2008 دافعا ليجتمع ممثلو دول المجموعة في نوفمبر من العام نفسه، في واشنطن، ودرجت العادة أن تتناول القمة والقمم المنبثقة عنها قضايا متنوعة، تشمل الجوانب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتنموية والثقافية، وذلك من خلال أكثر من 130 اجتماعا ومؤتمرا وجلسة، سواء مغلقة أو متاحة للإعلاميين.
وتسعى القمة إلى تطوير سياسات فاعلة لتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة، وإيجاد وظائف حقيقية لرفع مستويات المعيشة والرفاهية بين شعوب العالم، وإيجاد حلول مبتكرة والتنسيق المستمر للخروج من الأزمات، مثل الأزمة المالية التي وضع لحلها حزمة مالية تجاوزت أكثر من تريليوني دولار، وتنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية على مستوى الأعضاء وعلى مستوى المنظمات الدولية، إضافة إلى تأسيس مجلس الاستقرار المالي، الذي وضع تشريعات لرفع متانة المصارف والمؤسسات المالية التي استطاعت أن تتفادى كثيرا من الأزمات المالية لاحقا، وإقرار اتفاقية التبادل الضريبي بين الدول.
أما الأعضاء العشرين فهم مجموعة الثمانية، و11 دولة من الاقتصادات الناشئة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، ليصبح في عضوية القمة الدول التالية: السعودية "العضو العربي الوحيد"، إضافة إلى الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وكوريا، وروسيا، وجنوب إفريقيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي "ويمثله البرلمان الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي".


ضيوف القمة

في كل عام تقام فيه قمة العشرين، يوجه الأعضاء الدعوة إلى دول أخرى للمشاركة، فإسبانيا ضيف دائم في اجتماعات مجموعة العشرين، وفي القمة السعودية لعام 2020، دعيت كل من الأردن وسنغافورة وسويسرا للمشاركة بصفتها ضيف، كما ستدعى المنظمات الدولية التي أسهمت على مدى الأعوام الماضية في عمل المجموعة، وتشمل هذا المنظمات: منظمة الأغذية والزراعة، ومجلس الاستقرار المالي، ومنظمة العمل الدولية، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والأمم المتحدة، ومجموعة البنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية.
وبحسب الموقع الإلكتروني للقمة، فقد دعيت المنظمات الإقليمية أيضا، ومنها: صندوق النقد العربي، والبنك الإسلامي للتنمية، وفيتنام بصفتها رئيسا لرابطة دول جنوب شرق آسيا، وجنوب إفريقيا بصفتها رئيسا للاتحاد الإفريقي، والإمارات بصفتها رئيسا لمجلس التعاون الخليجي، ورواندا بصفتها رئيسا للشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا.


تناوب على الرئاسة

تستضيف المملكة أعمال الدورة الخامسة لقمة مجموعة العشرين، حيث تتناوبت الدول الأعضاء على رئاسة مجموعة العشرين كل عام، وقد سبقتها 14 قمة، تقام سنويا، بدءا من واشنطن عام 2008. وفي عام 2009 أقيمت مرتان في أعقاب الأزمة المالية، مرة في بيتسبرج الأمريكية، والأخرى في لندن في المملكة المتحدة، تلا ذلك إقامتها في تورنتو في كندا، وسيئول في كوريا، وكان في فرنسا، ولاس كابوس في المكسيك، وسان بطرسبورج في روسيا، وبرزبن في أستراليا، وأنطاليا في تركيا، وهانجتشو في الصين، وهامبورج في ألمانيا، وبوينس آيرس في الأرجنتين، وأخيرا أوساكا اليابانية.
وتؤدي دولة الرئاسة دورا قياديا في إعداد برنامج الرئاسة، وفي تنظيم قمة القادة التي يحضرها قادة الدول أو الحكومات، كما يصدر القادة بيانا ختاميا بناء على سياسات تناقش خلال الاجتماعات التي تعقد طوال العام، إذ لا يعد اجتماع القادة الوحيد الذي يقام خلال العام، بل تسبقه اجتماعات تضم الوزراء وكبار المسؤولين وممثلي المجتمع المدني.
وعلى مستوى الحكومات، يتمحور عمل المجموعة حول مسارين اثنين هما، المالي والشربا، إضافة إلى مجموعات تواصل المجتمع المدني.
وفي المسار المالي، يجتمع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية ونوابهم على مستوى دول مجموعة العشرين، وهي اجتماعات تركز على قضايا السياسة المالية والنقدية، مثل: الاقتصاد العالمي، والبنية التحتية، والرقابة على النظم المالية، والشمول المالي، والهيكل المالي الدولي والضرائب الدولية.
فيما يعد مسار الشربا خاصا باجتماعات الوزراء وكبار المسؤولين المعنيين، وتركز هذه الاجتماعات على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل: الزراعة، ومكافحة الفساد، والمناخ، والاقتصاد الرقمي، والتعليم، والعمل، والطاقة، والبيئة، والصحة، والسياحة، والتجارة والاستثمار، وأضافت المملكة إلى هذه الاجتماعات قمة لوزراء الثقافة، لأهمية هذا القطاع ودوره في تنشيط الاقتصاد.
وفي إطار مجموعات التواصل، فيعنى بها المجتمع المدني، وتضع المجموعات عقب اجتماعاتها توصيات تقدم إلى قادة مجموعة العشرين للنظر فيها، وهي ثماني مجموعات تشمل: مجموعات التواصل، مجموعة الأعمال B20، ومجموعة الشباب Y20، ومجموعة العمال L20، ومجموعة الفكر T20، ومجموعة المجتمع المدني C20، ومجموعة المرأة W20، ومجموعة العلوم S20، ومجموعة المجتمع الحضري U20.


قمة استثنائية للجائحة

استثمرت المملكة فرصة رئاستها مجموعة العشرين، ودعت إلى قمة استثنائية افتراضية في 26 مارس الماضي، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بهدف مناقشة سبل المضي قدما في تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة كورونا والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي والاجتماعي.
وتعهد القادة - في بيان القمة - ببذل كل ما يمكن للتغلب على هذه الجائحة، التي لا تعترف بأي حدود، وتتطلب عملية التعامل معها استجابة دولية قوية منسقة، وواسعة المدى، مبنية على الدلائل العلمية ومبدأ التضامن الدولي، من أجل حماية الأرواح، والمحافظة على وظائف الأفراد ومداخيلهم، واستعادة الثقة، وحفظ الاستقرار المالي، وإنعاش النمو ودعم وتيرة التعافي القوي، إضافة إلى تقليل الاضطرابات التي تواجه التجارة وسلاسل الإمداد العالمية، وتقديم المساعدة لجميع الدول التي بحاجة إلى المساندة، وتنسيق الإجراءات المتعلقة بالصحة العامة والتدابير المالية.
وقدمت القمة حلولا عاجلة لاحتواء الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا، منها حماية العاملين والشركات، وتحديدا المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة، والقطاعات الأكثر تضررا، إضافة إلى حماية الفئات المعرضة للخطر من خلال توفير الحماية الاجتماعية الملائمة، مع ضخ أكثر من خمسة تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، كجزء من السياسات المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة.
كما أكد قادة مجموعة العشرين على ضمان تدفق الإمدادات الطبية الحيوية، والمنتجات الزراعية الضرورية، والسلع والخدمات الأخرى عبر الحدود، ومعالجة الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، وذلك لدعم صحة ورفاهية جميع الناس، تجاوبا مع حاجات المواطنين، ومواصلة العمل معا لتيسير التجارة الدولية وتنسيق الاستجابات المرتبطة بها، بحيث يتم تفادي التدخلات غير الضرورية في حركة التنقل والتجارة الدولية، مع تأكيد الهدف الجماعي لتحقيق بيئة تجارية واستثمارية حرة وعادلة وغير تمييزية وشفافة ومستقرة وقابلة للتنبؤ، وإبقاء الأسواق مفتوحة.
وكان من أبرز ما عبر عنه القادة في بيانهم قولهم، "إن العمل والتضامن والتعاون الدولي أصبح ضروريا أكثر من أي وقت مضى لمعالجة هذه الجائحة. ونحن على ثقة بأننا سنتمكن من التغلب عليها بالعمل معا بشكل وثيق. وسنقوم بحماية الحياة الإنسانية، واستعادة الاستقرار الاقتصادي العالمي، ووضع أسس متينة للنمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية