ثقافة وفنون

مسلسل«بيروت 6:07» يوثق الانفجار «كي لا ننسى»‬

مسلسل«بيروت 6:07» يوثق الانفجار «كي لا ننسى»‬

بوستر العمل.

مسلسل«بيروت 6:07» يوثق الانفجار «كي لا ننسى»‬

مشهد من العمل.

في 4 آب (أغسطس) 2020 في الساعة 6:07 بعد الظهر تحولت بيروت إلى مدينة منكوبة، أشلاء تناثرت تحت الركام ومعاناة حطمت جدران المنازل، قصص أبكت كثيرين، ليس فقط داخل بيروت إنما خارجها أيضا، كثيرون غصت قلوبهم ودمعت عيونهم على المآسي التي خلفها انفجار مرفأ بيروت، مآس دفعت بكثير من المخرجين اللبنانيين إلى وضع قصص مستوحاة من هذه الواقعة، تقشعر لها الأبدان في مشاهد درامية حزينة مبكية واقعية، تنكأ جراحا لم تندمل، لكنها توثق تلك اللحظات التي جاءت في أوضاع معيشية صعبة يعيشها الشعب اللبناني.‬
من على منصة "شاهد VIP" للبث التدفقي انطلق مسلسل "بيروت 6:07" من إنتاج "ذي بيج بيكتشر ستوديوز" و"إيماجيك" اللتين كانتا وراء هذه الفكرة، فقدمتا 15 حلقة قصيرة، لا تتعدى الحلقة عشر دقائق تروي - من خلال شخصيات ومواقف متعددة - مآسي، خلفها الانفجار الذي أسفر عن أكثر من 200 قتيل و6500 جريح، وقضى على أحياء بكاملها في بيروت، ‬ولقد صُوّرت كل حلقة من حلقات "بيروت 6:07" كقصة قائمة بذاتها، بمعزل عن باقي الحلقات، على مبدأ الحلقات المنفصلة المتصلة، لذا تروي كل حلقة قصة ضحية أو ناج أو بطل، وذلك من خلال عيون وعدسة مخرج وفريق عمل مختلفين.
قصة الإطفاء أبكت ملايين
في الحلقة الأولى التي أخرجتها كارولين لبكي، تظهر عناصر الإطفاء في بيروت يحتفلون بعيد ميلاد، قبل إيفادهم إلى المرفأ حيث اندلع حريق، وتم احتواء الحريق قبل أن تصل النيران إلى مستودع خزنت فيه أطنان من نترات الأمونيوم "كان انفجارها ليحدث كارثة"، بحسب ما ورد في نشرة الأخبار المتخيلة في الفيلم، لكن واقع الحال هو أن هذه المواد انفجرت من جراء الحريق، وكانت عشرة عناصر إطفاء من أول ضحايا هذا الانفجار، ولقد صورت لبكي الفيلم بطريقة درامية، حيث إن فوج الإطفاء يشاهد ما حصل بعد أن أخمد الحريق، كما لو أنها تتمنى أن يكون الفيلم هو الواقع، وأن تكون تلك العناصر حية ترزق، لكن في الحقيقة جميعهم فارقوا الحياة.‬

من واقع معيشي صعب
‬في جزء آخر للمخرج لوسيان بورجيلي، تظهر فتاة تدعى ميرا، تحاول أن تعمل جاهدة لتأمين لقمة العيش، ‬تعمل في أحد المقاهي في بيروت، حصلت على فرصة المشاركة في مسرحية، فذهبت للعب دور أمام لجنة الحكم، علّها تفوز بالدور. الحوار تركز على الهجرة، والذهاب بعيدا عن هذا الوطن‫ وأثناء ذهابها تتحدث مع خطيبها تسأله "لماذا لا نهاجر‬، لماذا نتمسك بهذا البلد"، إنه السؤال الذي يطرحه اللبناني يوميا أكثر من 100 مرة، لكن لا جواب، فصمت خطيبها وقال لها "لا أستطيع أن أعيش بعيدا عن وطني"، لتذهب هي بعد ذلك ضحية الانفجار.
الموت والولادة في قصة واحدة
أما الرواية الأبرز فكانت لولادة طفل في لحظة الانفجار، مئات تحت الأنقاض وامرأة تلد طفلها من تحت الأنقاض، فكان لهذا الطفل تحية من طاقم عمل "بيروت 6:07" للظروف الصعبة التي رافقت ولادته، أما الكلمة الأولى التي قالتها والدته له فهي "أعتذر"، وفعلا كانت تعتذر لأنها جلبته في هذه الظروف الصعبة.
الكورونا والحجر والانفجار
‫‬وفي حلقة "علاج جماعي" يظهر حبيبان مستلقيان على الشاطئ على وقع هدير الموج، قبل أن يجمعا أغراضهما للرحيل، إلى أن تقع الكارثة، وقد سعت إنجريد بواب مخرجة العمل إلى تفادي مشاهد العنف فيه، التي صرحت لإحدى الوسائل الإعلامية المحلية، بأن هذا الفيلم "لا يؤذي العين" بل "يوجع القلب". ولقد تطرق الفيلم الى أزمة كورونا، فالحبيبان يعيشان وحدة قاتلة نتيجة جائحة كورونا والحجر المنزلي، وكانا يريدان الذهاب إلى منزل صديقهما لتمضية بعض الوقت، قبل أن يقضي عليهما الانفجار.‬

طيف .. أشباح تتحدث
‬أما حلقة "طيف" فهي كانت لوحة فيديو سريالية ‬تتخالط فيها أصوات المفقودين من الانفجار في بيروت وما قبله، فهذه المدينة لم يكن الانفجار أول "انفجار" فيها، نرى قاع البحر، والنيران، والدمار هنا وهناك، ونسمع أصوات أشخاص يبدو أنهم لا يعرفون إن كانوا أشباحا أم حقيقيين، استهلت الحلقة بعبارات للكاتبة الفلسطينية بيان نويهض الحوت، التي قالت "في تاريخ المجازر يتكلم الموت أولا، ثم يتكلم القتيل، ثم يتكلم القاتل، لقد تكلم الموت، وتكلم القتيل، وتكلم الشهود، وما زال الضحايا الأحياء ينتظرون القاتل كي يتكلم".
‫‬
بداية حياة طفلة بعد وفاة إحدى الضحايا‬لم تعرض حلقة "المحظوظون" مآسي الانفجار، بل ذهبت إلى ما بعد الانفجار بيومين، حيث ذهبت سيدة برفقة ابنتها المريضة إلى المستشفى المدمر، لتزرع لابنتها قلبا، حيث اتصل بها المستشفى بعدما تمكنوا من العثور على قلب لطفلتها، في تلك الأثناء، تدخل سيدة إلى المستشفى تبحث عن ابنها المفقود الجريح، يخبرونها بأنه هنا، فتنتظر. تلك اللحظة التي يتم فيها إبلاغ الأم الأولى بأن ابنتها الآن في طريقها إلى غرفة العمليات لزراعة قلبها الجديد، يتم إبلاغ الأم الثانية بأن ابنها مات. إنها لحظات مؤثرة وفاصلة ما بين الحياة والموت، ما بين بداية حياة جديدة ونهاية حياة كانت قائمة‬.
‫‬
كي لا ننسى
‬قبل البدء بعرض المسلسل كتب القيمون عليه "هذه السلسلة بمنزلة إجلال للضحايا الذين فقدوا حياتهم في الانفجار المروع الذي حدث في مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020 في الساعة 6:07 مساء"، كما تثني السلسلة على الأبطال المدنيين الذين قاموا بجهود الإنقاذ وتسلط الضوء عليهم. الأفلام القصيرة المضمنة في السلسلة عبارة عن جهد تطوعي من مخرجين وممثلين لبنانيين لتخليد ذكرى وأسماء الضحايا. نروي قصصهم "كي لا تنسى". وعلى الرغم من هذا التوضيح إلا أن المسلسل واجه انتقادات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث غردت سوسن نورالله، على "تويتر"، قائلة: "في مسلسل سيبدأ عرضه قريبا على (شاهد) عن انفجار المرفأ، (اسمه بيروت 6:07) يا جماعة والله بعدنا تحت تأثير الصدمة، ما لحقنا نشفى منها لنرجع نتابع قصص المصابين والناجين في مسلسل. أصلا كيف لحقتوا تكتبوا القصة وتصويرها؟".
تجدر الإشارة الى أن منصة "شاهد VIP" بدأت بعرض مسلسل "بيروت 6:07" يوم السبت 17 تشرين الأول (أكتوبر)، وسيعرض على شاشة "إم بي سي 4" بدءا من يوم 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، تزامنا مع عيد الاستقلال اللبناني.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون