تقارير و تحليلات

تكلفة الاستدانة المحلية للحكومة السعودية تحقق انخفاضات قياسية على خزينة الدولة

تكلفة الاستدانة المحلية للحكومة السعودية تحقق انخفاضات قياسية على خزينة الدولة

هبطت عوائد أدوات الدين للحكومة السعودية في السوق المحلية على جميع آجال الاستحقاق "أربعة أعوام إلى 30 عاما" بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، إلى أدنى مستوى على الإطلاق مع ابتعاد المستثمرين المحليين عن الأصول الخطرة وتزايد الطلب على الملاذات الآمنة.
وحققت أربعة من آجال الاستحقاق، البالغ عددها عشرة، انخفاضات في عوائدها تتجاوز الثلث مع تحول الإصدارات السيادية إلى أهم الملاذات الاستثمارية الآمنة في السوق المحلية، وبذلك تصبح الصكوك الادخارية أهم الملاذات الآمنة التي برزت على السطح في الآونة الأخيرة.
وسجلت الصكوك الادخارية لأجل خمسة أعوام وخمسة أشهر، أدنى عائد على الإطلاق من بين جميع الإصدارات، البالغ عددها 39 إصدارا، وذلك خلال طرحها في الربع الثالث بعد أن وصل العائد إلى 1.43 في المائة، في أكبر مؤشر لمقترضي أسواق الدخل الثابت من الشركات السعودية، ما يدل على انخفاض تكلفة التمويل، بحكم دخول "المراجع التسعيرية" للإصدارات الحكومية مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين ذات الفائدة الثابتة الخاصة بإصدارات مؤسسات القطاع الخاص.
وأظهر مسح لـ"الاقتصادية"، تحقيق تكلفة الاستدانة المحلية للحكومة السعودية انخفاضات قياسية على "الخزينة العامة للدولة"، حيث بلغ مقدار حجم التراجع في عائد التوزيع السنوي للمستثمرين ما بين 6.9 و55.4 في المائة مقارنة بأعلى عائد مسجل لكل أجل استحقاق "أي لكل فترة زمنية".
وهذه هي المرة الأولى التي تتعدى فيها نسبة الانخفاض لعائد الصكوك السبعية حاجز الـ55 في المائة مقارنة بأعلى عائد سبق أن سجلته في 2018، وبذلك تصبح السوق المحلية لأسواق الدخل الثابت، التي لم تكن موجودة قبل 2006، بمنزلة الرافد التمويلي الذي يمكن للحكومة الاعتماد عليه في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف التمويل على جميع الدول التي استدانت من الأسواق الدولية بعد ظهور الجائحة خلال الربع الأول.
في حين يشير رصد وحدة التقارير الاقتصادية في "الاقتصادية"، إلى تحقيق تسعة من آجال الاستحقاق، من بين عشرة، للإصدارات الحكومية أدنى عائد لها على الإطلاق خلال ستة أعوام، أي منذ تدشين برنامج السندات والصكوك المقومة بالريال.
بل إن موجة العوائد المتدنية قد طالت أحدث إصدارين جديدين في الربع الثالث من العام الجاري، وذلك عندما راوحت الانخفاضات ما بين 6.9 و8.5 في المائة للصكوك الرباعية والثُمانية مقارنة بأعلى عائد لآجال الاستحقاق.
ويتوافق التراجع المحلي في العوائد مع ما يجري في أسواق الدخل الثابت العالمية وذلك مع اتجاه البنوك المركزية إلى خفض معدل الفائدة وتطبيق تحفيزات نقدية غير مسبوقة للحد من تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية.
يذكر أن الرياض أصدرت في شهر تموز (يوليو) الماضي أربعة طروحات جديدة دفعة واحدة، وتضمنت آجال استحقاق طرحت للمرة الأولى في تاريخ السعودية كشريحة أربعة وثمانية الأعوام.
وأظهر رصد "الاقتصادية"، أن السعودية أصبحت الدولة الخليجية الوحيدة التي لديها إصدارات صكوك موزعة على عشرة آجال استحقاق "مدة أداة الدين من أربعة أعوام إلى 30 عاما"، مع وجود كذلك منحنى العائد النشط، المدعوم بالتداولات الثانوية للأوراق المالية المدرجة.
وعلى الرغم من بلوغ أعداد إصدارات السندات الحكومية "القائمة والمدرجة" المقومة بالريال 30 إصدارا، جاءت خلال عامي 2015 و2016، إلا أن بعضا منها لم يتم إدراجه حتى الآن في البورصة المحلية. في حين شهد هذا العام حلول أجل استحقاق سندات خمسية.

تباين العائد للإصدارات المحلية

تتميز الإصدارات الحكومية بكونها مرت بفترتين من حيث العائد وذلك خلال ستة أعوام، الأولى كانت إبان تولي مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" إصدارات السندات الحكومية ما بين الفترة من 2015 إلى 2016 التي تميزت بدنو نسبة العائد على الإصدارات.
وبخلاف السندات التي كانت بالفائدة المتغيرة، التي تتبع حركة السايبور، كان يتم طرح سندات بالفائدة الثابتة، كإصدار شهري جديد من دون إعادة فتح إصدارات قديمة، حيث بلغ العائد على سندات أيلول (سبتمبر) 2016 ما بين 1.81 و2.50 في المائة للشرائح ما بين خمسة إلى عشرة أعوام.
ولا توجد إحصائيات دقيقة عن قيمة ما تمتلكه البنوك والجهات الحكومية من أدوات الدين السيادية، بشقيها من الصكوك والسندات. إلا أن أقرب التقارير التي تطرقت إلى هذه الجزئية هو التقرير الصادر من "موديز" في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 الذي ذكر أن البنوك السعودية تقوم باستثمار فائض سيولتها في الاستثمارات الحكومية ذات العائد المرتفع "أي الصكوك" وذلك بعد أن شكلت تلك الاستثمارات 12 في المائة من قيمة الأصول الإجمالية للبنوك بنهاية حزيران (يونيو) 2018 مقارنة بـ8 في المائة بنهاية 2016.

تقييم الأداء

يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمقياس "العائد حتى تاريخ الاستحقاق" YTM، وذلك من أجل حساب العائد المستقبلي لأداة الدين وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها.
ويحدد هذا المقياس مدى جدوى الاستثمار من عدمه، ويكثر استخدام هذا المؤشر بين المستثمرين من أجل إجراء مقارنات بين العوائد السنوية لأدوات الدين بغض النظر عن آجال استحقاقاتها.

صكوك أربعة أعوام

كان أول ظهور للصكوك الرباعية في تموز (يوليو) 2020، حيث سجلت هذه الشريحة أدنى "عائد حتى تاريخ الاستحقاق" مع طرح أيلول (سبتمبر) من هذا العام، إذ وصل العائد إلى 1.50 في المائة. وأشار رصد "الاقتصادية" إلى أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة بلغ الآن 8.5 في المائة.

الصكوك الخمسية

بعائد نهائي وصل إلى 2.03 في المائة، سجلت شريحة الصكوك الخمسية، مع طرح شهر آب (أغسطس) 2019 أقل "عائد حتى تاريخ الاستحقاق"، ويأتي مع إعادة فتح إصدار، منذ بدأ العمل ببرنامج إصدارات الصكوك الحكومية المقومة بالريال في منتصف 2017.
وأظهر رصد صحيفة "الاقتصادية" أن مقدار نسبة الانخفاض بالـ"عائد حتى تاريخ الاستحقاق" مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة قد بلغ الآن 44.8 في المائة. مع العلم أن السندات الخمسية للحكومة السعودية التي تمت في السوق المحلية خلال تشرين الأول (أكتوبر) 2015 تحتفظ بالرقم القياسي لأدنى عائد وهو 1.70 في المائة.

صكوك 5 الأعوام و5 أشهر

أما شريحة خمسة الأعوام وخمسة أشهر التي تم طرحها للمرة الأولى في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، فقد بلغ أدنى "عائد حتى تاريخ الاستحقاق" الخاص بالإصدار القديم الذي تمت إعادة فتحه في تموز (يوليو) 2020م 1.43 في المائة.
وهذا العائد يعد الأدنى على الإطلاق خلال ستة أعوام من فئة الشريحة نفسها. وأشار رصد صحيفة "الاقتصادية" إلى أن مقدار نسبة الانخفاض بالـ"عائد حتى تاريخ الاستحقاق" مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة وصل إلى 35.8 في المائة.

الصكوك السبعية

بلغ العائد حتى تاريخ الاستحقاق للصكوك السبعية 1.73 في المائة، وذلك مع الإصدار الذي تم فتحه في تموز (يوليو) 2020. وهذا العائد يعد الأدنى على الإطلاق خلال ستة أعوام من فئة الشريحة نفسها، حيث بلغ أعلى عائد من شريحة الصكوك السبعية 3.88 في المائة وتم تسجيله مع طرح تشرين الأول (أكتوبر) 2018، بحسب البيانات التاريخية لوحدة التقارير الاقتصادية.
أي أن استراتيجية "إعادة فتح الإصدار" جلبت معها انخفاضات بمقدار 55.4 في المائة، وذلك عند مقارنة أعلى وأدنى عائد.

صكوك 8 أعوام

كان أول ظهور للصكوك الثمانية في تموز (يوليو) 2020، حيث سجلت هذه الشريحة أدنى "عائد حتى تاريخ الاستحقاق" مع طرح أيلول (سبتمبر) من هذا العام، إذ وصل العائد إلى 2.13 في المائة.
وأظهر رصد صحيفة "الاقتصادية" أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة بلغ الآن 6.9 في المائة.

الصكوك العشرية

سجلت عوائد الصكوك العشرية أدنى "عائد حتى تاريخ الاستحقاق" تاريخي لها منذ بدء العمل ببرنامج إصدارات الصكوك الحكومية، وذلك بعد أن بلغ الـ"عائد حتى تاريخ الاستحقاق" للصكوك العشرية "إعادة فتح اصدار سابق" 2.45 في المائة مع طرح آب (أغسطس) 2019. وهذا العائد يعد الأدنى على الإطلاق خلال ستة أعوام من فئة الشريحة نفسها.
وأشار رصد صحيفة "الاقتصادية" إلى أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة يبلغ الآن 39.6 في المائة.

شريحة 10 الأعوام و5 أشهر

أما شريحة عشرة الأعوام وخمسة أشهر التي تم طرحها للمرة الأولى في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، فقد بلغ أدنى "عائد حتى تاريخ الاستحقاق" الخاص بالإصدار القديم الذي تمت إعادة فتحه في حزيران (يونيو) 2020 إلى 2.26 في المائة.
وهذا العائد يعد الأدنى على الإطلاق خلال ستة أعوام من فئة الشريحة نفسها. وأشار رصد صحيفة "الاقتصادية" إلى أن مقدار نسبة الانخفاض بالـ"عائد حتى تاريخ الاستحقاق" مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة وصل إلى 20.1 في المائة.

شريحة الـ 12 عاما

كان عائد شريحة الـ12 عاما، التي تم طرحها للمرة الأولى في شباط (فبراير) 2019 عند 4.10 في المائة، ووصل الـ"عائد حتى تاريخ الاستحقاق" الخاص بالإصدار القديم الذي تمت إعادة فتحه في أيلول (سبتمبر) 2020م 2.75 في المائة. وهذا العائد يعد الأدنى على الإطلاق خلال ستة أعوام من فئة الشريحة نفسها.
وأظهر رصد صحيفة "الاقتصادية" أن مقدار نسبة الانخفاض بالـ"عائد حتى تاريخ الاستحقاق" مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة وصل إلى 32.9 في المائة.

شريحة 15 عاما

رغم وجود ثلاثة إصدارات قائمة للصكوك ذات أجل استحقاق 15 عاما، تم طرحها في العامين الجاري والماضي، فإن الإصدار الذي تمت إعادة فتحه في شهر حزيران (يونيو) 2020 "بعائد حتى تاريخ الاستحقاق عند 2.69 في المائة"، لا يزال هو الأدنى على الإطلاق خلال ستة أعوام من فئة الشريحة نفسها. وأشار رصد صحيفة "الاقتصادية" إلى أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة بلغ الآن 32.9 في المائة.

الصكوك الثلاثينية

أما أكثر آجال الصكوك طلبا بين المستثمرين فهي الصكوك الثلاثينية التي يوجد لها إصداران قائمان، تم طرحهما في العامين الجاري والماضي.
وفي هذا العام هبط العائد مع الإصدار الذي تم طرحه في آذار (مارس) 2020 إلى 3.68 في المائة. وهذا العائد يعد الأدنى على الإطلاق خلال ستة أعوام من فئة الشريحة نفسها. وأظهر رصد صحيفة "الاقتصادية" أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تم تسجيله هو 20.6 في المائة.

منتج ادخاري طال انتظاره

تقود مقارنة تاريخية للمسار التدريجي لتطور أسواق الدين إلى أن جهات الإصدار السيادية تتريث في إصدار سندات الأفراد حتى تكون الثقافة المالية كافية لتشجيع هذا النوع من الاستثمارات.
وتتفاوت مدة الجاهزية بين سوق وأخرى، فمثلا فإن أول صكوك تم طرحها على مستوى العالم كانت في 1990 عن طريق الفرع الماليزي لشركة "شل" النفطية. في حين إن أول صكوك أفراد تم طرحها في الدولة التي عاصمتها كولالمبور كان عام 2013. أي أن ماليزيا انتظرت 23 عاما لكي تقدم صكوك الأفراد لمواطنيها، وذلك بعد أن تشبع الأفراد بالثقافة المالية اللازمة.
وتظهر البيانات التاريخية لـ"الاقتصادية"، أن تاريخ أول صكوك مقومة بالريال، في تاريخ السعودية، يعود إلى تموز (يوليو) 2006 من قبل "سابك"، وكانت القيمة الاسمية للإصدار البالغ ثلاثة مليارات ريال تصل إلى 50 ألف ريال لكل صك، أي أن السعودية انتظرت 13 عاما من أجل أن تعرض صكوك الأفراد لمواطنيها.
وهذا يعني اختصارا تقريبيا لنصف المدة التي استغرقتها ماليزيا، وهي الرائدة في أسواق الدخل الثابت الإسلامي، قبل أن تعرض صكوك "مشاريع البنية التحتية" لمواطنيها من أجل تمويل تلك المشاريع، مع العلم أن الإصدارات التي جاءت قبل 2006، وبالتحديد في 2004 كانت صكوكا دولارية صادرة من مؤسسة دولية متعددة الأطراف يقع مقرها في جدة، وهي مملوكة من أكثر من 55 دولة.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات