FINANCIAL TIMES

الضغط الأمريكي يرفع الرقائق إلى صدارة جدول الأعمال الصيني

الضغط الأمريكي يرفع الرقائق إلى صدارة جدول الأعمال الصيني

الشكوك الأمريكية في شركة هواواي دفعت واشنطن إلى تضييق الخناق على شركات التكنولوجيا الصينية.

عندما يجتمع مندوبو الحزب الشيوعي الصيني، الإثنين، لمناقشة خطتهم الاقتصادية للأعوام الخمسة المقبلة، ستكون صناعة أشباه الموصلات على رأس جدول الأعمال.
جهود بكين المستمرة منذ 30 عاما لبناء قطاع رقائق محلي اكتسبت شعورا جديدا بأهميتها وإلحاحها، بسبب تضييق إدارة ترمب خناقها على مجموعات التكنولوجيا الرائدة في الصين.
منعت واشنطن الشركات في جميع أنحاء العالم من تصنيع الرقائق لشركة هواوي للاتصالات، فيما يعد حكما محتملا بالإعدام على شركة هاي سيليكون التابعة لها، وهي أكبر شركة لتصميم الرقائق في الصين. كذلك منعت الولايات المتحدة الشركات الأمريكية من إمداد الشركة الدولية لصناعة أشباه الموصلات SMIC، وهي شركة تصنيع الرقائق الأكثر تقدما في الصين، بالآلات اللازمة لصنع الرقائق.
يعتقد خبراء ومسؤولون تنفيذيون في الصناعة أنه حتى مع قرار الصين ضخ 1.4 تريليون دولار أخرى في قطاع التكنولوجيا الخاص بها بحلول 2025، فإن هذا الجهد الأمريكي المستهدف لخنق البلاد فيما يتعلق بإمدادات أشباه الموصلات ووسائل تصنيعها يجعل تقدم بكين نحو تطوير قطاع الرقائق المحلي أكثر صعوبة.
قال راندي أبرامز، رئيس أبحاث التكنولوجيا الآسيوية في "كريدي سويس"، إن جهود الصين لتطوير قطاع أشباه الموصلات في الماضي أعطت الأولوية لـ"اللبنات الأساسية" مثل صناعة الرقائق، والتعبئة والتغليف، والتجريب "لكنها الآن بحاجة إلى محاولة تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة حيثما أمكنها ذلك".
من ضمن أولويات بكين في الوقت الحالي تعزيز براعتها التكنولوجية في أتمتة التصميم الإلكتروني EDA - البرنامج المستخدم في تصميم الرقائق - وفي صنع الآلات المنتشرة في مصانع تصنيع الرقائق. وتمتلك شركتا "كادينس" و"سينوبسيس" لصناعة أدوات أتمتة التصميم الإلكتروني في الولايات المتحدة سيطرة خانقة على السوق العالمية للرقائق المتقدمة، في حين تهيمن "أبلايد ماتيريالز" و"لام ريسيرتش" و"كيه إل أيه تينكور" على أجزاء مهمة من سوق معدات صناعة الرقائق المتطورة.
فيما يتعلق بمعدات أشباه الموصلات وأتمتة التصميم الإلكتروني، يرى محللون أن الصين اليوم في المكان الذي كانت فيه "هواوي" و"زد تي إي" ZTE في أواخر التسعينيات، إذ لا يزال المزود منخفض التكلفة متخلفا عن نظرائه في الخارج في مجال التكنولوجيا. قال أبرامز: "الفجوة لا تتعلق فقط بمبلغ معين من الدولارات، بل تحتاج أيضا إلى الوقت لتطوير الخبرات والمواهب".
الأدوات التي تقدمها "هوادا إمبايريان"، وهي شركة أتمتة التصميم الإلكتروني الأكثر تقدما في الصين، متخلفة بشكل كبير عن القدرات التي تتطلبها شركة دولية لصناعة أشباه الموصلات.
قال زينج جوان-وي، المحلل في شركة تريند فورس للأبحاث: "إن إحراز تقدم في مجال معدات أشباه الموصلات يمثل العقبة الأكبر"، مضيفا أن أقل من 10 في المائة من هذه الآلات المستخدمة في الصين تصنعها شركات محلية.
شركات صناعة المعدات لم تكن أكثر من مجرد فكرة لاحقة في برامج بكين السابقة للإنفاق على هذا القطاع. وفقا لجمعية صناعة أشباه الموصلات، تلقت شركات صناعة الرقائق الصينية نحو 50 مليار دولار في شكل إعانات من الحكومة المركزية خلال الـ20 عاما الماضية. هذا يشكل ضعف المبلغ الذي حصلت عليه الشركات في تايوان 100 مرة، التي تعد إلى جانب كوريا الجنوبية أكبر مركز لتصنيع الرقائق في العالم.
حددت دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شملت 21 شركة لصناعة الرقائق في جميع أنحاء العالم، أربع شركات صينية من بين أكبر الشركات المستفيدة من التمويل الحكومي. وجدت المنظمة أن الشركة الدولية لصناعة أشباه الموصلات وشركة تسينجوا يونيجروب، وهي إحدى شركات تصميم الرقائق الرائدة في الصين التي تستثمر الآن أيضا في الإنتاج، حصلتا على دعم من الدولة تجاوز في مجموعه 30 في المائة من عائداتهما بين 2014 و2018.
على الرغم من ذلك، انخفض إنتاج الصين من الرقائق كثيرا إلى مستوى يقل عن تلبية احتياجات البلاد. وفقا لجمعية صناعة أشباه الموصلات الصينية، 27 في المائة فقط من الرقائق المبيعة في البلاد تم تصنيعها محليا، أما الباقي فهو مستورد.
التزمت بكين بالاستثمار بكثافة باعتباره جزءا من استجابتها لضغوط واشنطن، إضافة إلى حوافز ضريبية جديدة لشركات صناعة الرقائق. من المتوقع أن تجلب الخطة الخمسية الـ14 مزيدا من الدعم.
لكن بعضهم يحذر من أن الصين بحاجة إلى إعادة ضبط الطريقة التي تدعم بها الصناعة.
قال مهندس في الشركة الدولية لصناعة أشباه الموصلات: "أعتقد أن التمويل ليس مشكلة في الوقت الحالي. لكن كيف سيتم توزيع أموال الدعم هذه؟ هل ستحصل بعض الأجزاء المتخلفة نسبيا، لكنها رئيسة لصناعة الرقائق في الصين، على مزيد من الاهتمام، مثل أتمتة التصميم الإلكتروني أو معدات التصنيع؟".
أضاف، يمكن لخبراء البرمجيات، مثلا، أن يكسبوا كثيرا من المال من العمل في شركات الإنترنت أكثر من شركات أتمتة التصميم الإلكتروني.
كذلك عانت الصناعة بسبب عدم الكفاءة. خلال العقود الثلاثة الماضية، فشل مئات من مشاريع الرقائق بسبب افتقار المستثمرين إلى المعرفة الفنية المطلوبة، أو بعد إعادة توجيه الإعانات إلى مشاريع عقارية غير ذات صلة.
الوعد بتقديم مزيد من الدعم الحكومي للصناعة قد يؤدي في الواقع إلى تفاقم الوضع. في الأشهر التسعة الأولى من 2020 تم تسجيل أكثر من 13 ألف شركة صينية باعتبارها شركات لصناعة الرقائق، على الرغم من عدم وجود خبرة صناعية سابقة لدى كثير منها.
قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، وهي هيئة التخطيط الحكومية الرئيسة في الصين، هذا الأسبوع إن الدفعة الأخيرة يجب أن تركز على تفادي مثل هذا الهدر.
قال دوجلاس فولر، الأستاذ في جامعة هونج كونج سيتي وخبير في السياسة الصناعية للصين في قطاع الرقائق: "يبدو أن هناك ميلا في الصين إلى اغتنام المغامرين الفرصة لتنصيب أنفسهم مستثمرين وطنيين عندما يكون هناك خطاب قومي". أضاف: "أنا أسمع مرارا وتكرارا مدى سوء الأمور في معظم القطاعات الأخرى، بالتالي احتمال التمويل الضخم في قطاع الرقائق يعمل كالمغناطيس".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES