الطاقة- النفط

رغم عودة الأسعار إلى الارتفاع .. السوق النفطية تعاني ضغوط تسارع إصابات كورونا وزيادة الإمدادات

رغم عودة الأسعار إلى الارتفاع .. السوق النفطية تعاني ضغوط تسارع إصابات كورونا وزيادة الإمدادات

الوفرة في المعروض يقابلها انكماش حاد للطلب على النفط الخام والوقود.

عادت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع بعد خسائر حادة سابقة، لكنها ما زالت تعاني ضغوطا هائلة بسبب الإصابات السريعة بفيروس كورونا، ومخاوف الإغلاق الثاني الممتد إلى أغلب دول أوروبا وأمريكا، إضافة إلى ارتفاع الإنتاج خاصة في ليبيا التي تتجه إلى تعويض التوقفات السابقة، وضخ إمدادات واسعة بعد توقيع اتفاق السلام بين الطرفين المتحاربين في البلاد.
وتترقب الأسواق نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل خاصة في ضوء تهديدات أطلقها المرشح جو بايدن بشأن تحجيم صناعة النفط الصخري الأمريكي لمصلحة دعم موارد الطاقة المتجددة.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون "إن الارتفاعات السعرية التي تحدث من وقت إلى آخر في ظل خسائر الطلب الفادحة بسبب الجائحة ترجع إلى الإشارات الإيجابية التي ترسلها سياسة "أوبك+" إلى أسواق النفط الخام، خاصة بعد اجتماع اللجنة الوزارية الأخير لمراقبة خفض الإنتاج".
وأشار المختصون إلى أن أغلب الدراسات التحليلية والبحثية لسوق النفط الخام تتوقع أن يقدم المنتجون في "أوبك+" خلال اجتماعهم الموسع في نهاية الشهر المقبل على اتخاذ قرار تمديد قطع الإنتاج بالمستويات الحالية نفسها في عام 2021 والتخلي عن خطط تخفيف قيود الإنتاج، خاصة مع تصاعد أزمة الوباء بشدة وضربها اقتصادات كل دول العالم.
وثمن المختصون استمرار التنسيق والتفاهم السعودي - الروسي في التعامل مع متغيرات السوق وتحدياتها الواسعة، وهو ما جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرحب بتمديد التخفيضات الحالية البالغة 7.7 مليون برميل يوميا حتى عام 2021، مع تأكيده استمرار التشاور والتنسيق مع السعودية وجميع الدول الأعضاء في تحالف "أوبك+".
وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي آندستري" الألمانية، أن وضع سوق النفط المتوتر ما زال مستمرا ويزداد شدة وهو ما يهدد الجهود الدولية لاستعادة التوازن بين العرض والطلب، خاصة مع عوامل مستجدة ومهمة مثل استمرار ليبيا في زيادة الإنتاج الذي يبلغ حاليا 525 ألف برميل يوميا وقد يصل إلى مليون برميل يوميا خلال أسابيع قليلة.
وأضاف أن "هذه الوفرة في المعروض يقابلها انكماش حاد للطلب على النفط الخام والوقود، خاصة في ضوء مستجدات أخرى أبرزها احتمال فرض تدابير الإغلاق في عديد من الاقتصادات الكبرى في جميع أنحاء العالم بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وإسبانيا، وهو ما عزز حالة المخاوف المتزايدة بشأن إجراءات الإغلاق الشامل في أوروبا".
من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، "إن من أبرز العوامل المعززة للضغوط الهبوطية على أسعار النفط الخام ارتفاع مخزونات البنزين في الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن مواقف "أوبك+" تحاول امتصاص صدمات السوق ودعم الأسعار، وأحدثها تصريحات الرئيس الروسي التي سلطت الضوء على إمكانية تمديد التخفيضات الحالية، لكن الأمر ما زال محل البحث من اللجنتين الوزارية والفنية في اجتماعهما الشهر المقبل الذي يسبق الاجتماع الموسع للمنتجين أواخر تشرين الثاني (نوفمبر).
وأشار إلى أن تحالف "أوبك+" المشترك بقيادة السعودية وروسيا يعمل دائما بشكل جماعي، حيث يحتاج قرار تمديد الخفض إلى دعم من الدول الأخرى في "أوبك" والمنتجين الآخرين، خاصة أولئك الذين حققوا امتثالا جيدا في أهدافهم الإنتاجية في عام 2020.
من ناحيته، أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز أن العوامل الطارئة مثل العواصف والأعاصير لها تأثير حاد وواسع في الإنتاج الأمريكي، مبينا أن الأسواق تراقب هذا الأسبوع العاصفة الاستوائية "زيتا" في خليج المكسيك التي من المحتمل أن تؤدي إلى انقطاع آخر في الإمدادات النفطية الأمريكية، حيث يقوم عمال الحفر بإغلاق المنصات بشكل استباقي.
وذكر أن من غير المتوقع أن تكون العاصفة بقوة إعصار دلتا نفسه قبل أسبوعين، لكن تبقى مشكلة تعطل الإمدادات قائمة على المدى الطويل في منطقة يبلغ إنتاجها نحو 1.7 مليون برميل يوميا، لافتا إلى أن الأعباء تفاقمت على الإنتاج الأمريكي أيضا مع تضاؤل احتمالات إقرار خطة التحفيز المالي قبل الانتخابات في واشنطن، ما أدى إلى تراجع العقود الآجلة في نيويورك بنسبة 2.3 في المائة.
بدورها، قالت مواهي كاسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، "إن الموجة الثانية من وباء كورونا تهدد بخصم نسبة كبيرة وجديدة من حجم الطلب العالمي على النفط الخام وهو ما يهدد بمزيد من التدهور في الأسعار، وتتزامن آفاق الطلب المتدهورة مع سعي ليبيا إلى مضاعفة إنتاج النفط الخام تقريبا عبر إعادة فتح آخر حقل نفطي كبير".
وأكدت أهمية تصريحات الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة بأن سوق النفط لم تخرج بعد من مرحلة الخطر، على الرغم من الانتعاش القوي الذي تحقق في الأشهر الأخيرة، مشيرة إلى حدوث صمود نسبي للطلب الآسيوي في مقابل ضعف واسع في أوروبا وأمريكا مع انتشار الفيروس.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس بعد خسائر حادة تكبدها في الآونة الأخيرة، لكن معنويات السوق ما زالت ضعيفة، إذ يلحق ارتفاع الإصابات بكوفيد - 19 الضرر بآفاق الطلب على الوقود بينما ترتفع الإمدادات.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام برنت 42 سنتا أو ما يعادل 1 في المائة إلى 40.88 دولار للبرميل، وربح الخام الأمريكي 37 سنتا أو ما يعادل 1 في المائة إلى 38.93 دولار للبرميل، وانخفض الخامان القياسيان ما يزيد على 3 في المائة أمس الأول.
وأضيف عدم إحراز تقدم بشأن الاتفاق على حزمة للتخفيف من تداعيات فيروس كورونا في الولايات المتحدة إلى الأجواء القاتمة في السوق، على الرغم من أن نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي قالت "إنها تأمل في إمكانية التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)".
وتجتاح موجة من الإصابات بفيروس كورونا أنحاء الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وعديدا من الدول الأخرى، ما يقوض توقعات الاقتصاد العالمي، مع تسبب الأعداد القياسية للحالات الجديدة في إجبار بعض الدول على فرض قيود جديدة مع اقتراب الشتاء.
وقال فيفيك دهار محلل السلع الأولية لدى بنك الكومنولث أوف أستراليا "نعتقد أن الطلب من الآن فصاعدا سيعاني حقا لينمو. قيود كوفيد - 19 كلها جزء من ذلك".
ويتوقع البنك أن يبلغ النفط الأمريكي في المتوسط 38 دولارا وأن يبلغ برنت في المتوسط 41 دولارا في الربع الأخير من العام الجاري.
وتلقت الأسعار بعض الدعم من انخفاض محتمل في الإنتاج الأمريكي، إذ بدأت شركات النفط تغلق منصات بحرية مع اقتراب إعصار من خليج المكسيك.
وتوقعت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الجمعة الماضي أن يصل إنتاج البلاد إلى مليون برميل يوميا في الأسابيع المقبلة، في عودة أسرع وتيرة مما توقعه عديد من المحللين، ما يعرقل جهود "أوبك+" لتقييد الإنتاج.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 39.22 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 41.05 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وإن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 41.38 دولار للبرميل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط