FINANCIAL TIMES

المؤثرون .. صناعة ناشئة تروج لكل شيء عبر الإنترنت

المؤثرون .. صناعة ناشئة تروج لكل شيء عبر الإنترنت

المؤثرون مغناطيس لجذب الأنصار والمؤيدين.

حساب إنستجرام الخاص بلورين هانسن، وهي مدونة من ولاية وسكنسن ولديها نحو 12 ألف متابع، لا يبدو مكانا للسياسة. لكن بين نصائح الموضة ومقاطع الفيديو الخاصة بالأطفال التي تملأ خلاصتها، هناك أدلة على أن هانسن أصبحت جزءا من موجة جديدة من الحملات الناشطة عبر الإنترنت.
هناك تعليق على منشور من شهر أيار (مايو)، بجوار صورة هانسن في حقل مفتوح: "أعلم أنني شخصيا أشعر بالإحباط حقا بسبب كمية المعلومات المضللة الموجودة هناك". وتواصل نصح جمهورها "بضبط وإخراج الضوضاء الصادرة عن الذين يعتقدون أننا بحاجة إلى التضحية بالأرواح (...) والبقاء في المنزل #stayhome".
في أسفل المنشور يوجد بيان صغير يشتمل على إخلاء المسؤولية: "التكاليف مدفوعة من قبل لجنة العمل السياسي، Defeat Disinfo"، التي تعمل على كشف الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة.
هانسن هي واحدة من عدد متزايد من "المؤثرين الجزئيين" السياسيين: مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الذين لديهم عدد متابعين متوسط – عادة يكون بضعة آلاف، مقابل ملايين المتابعين للمبدعين الأكثر شهرة – الذين تدفع لهم شركات التسويق السياسي والمستشارون للترويج لكل شيء من المرشحين إلى القضايا.
قال صامويل وولي، الأستاذ في جامعة تكساس أوستن الذي شارك في تأليف تقرير عن أسلوب الحملات الرائج، الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات الشخصية والثقة لدى الناخبين: "أهم شيء يركز عليه المسوقون هذا العام هو التنظيم الارتباطي".
على عكس المؤثرين من الطبقة الأولى، الذين يمكن أن تخاطر شهرتهم على الإنترنت باستعداء بعض الناخبين الأكبر سنا، ينظر إلى أصحاب التأثير الجزئي – الذين لديهم وظائف يومية إلى جانب وظائفهم في وسائل التواصل الاجتماعي – على أنهم أكثر ارتباطا بالأحداث وبالتالي أكثر فائدة من حيث دفع الرسائل السياسية.
قال كيرتس هوجلاند، الرئيس التنفيذي لشركة مين ستريت وان Main Street One، وهي شركة اتصالات سياسية ذات ميول يسارية أنشأت شبكة من أصحاب التأثير الجزئي والصغير جدا لتعزيز الرسائل التقدمية: "نعلم جميعا أن المشاهير والأشياء من أعلى إلى أسفل ليس لها تأثير كاف. ينبغي أن يبدو الشخص الذي ينقل رسالتك مثلك ويتحدث مثلك".
صعود المؤثرين السياسيين الجزئيين يأتي في خضم دورة الانتخابات الرئاسية في 2020 التي تميزت بشكل ملحوظ بحملات رقمية غير تقليدية، من استخدام مايكل بلومبيرج لصانعي الميمات لدفع المحتوى المدفوع على إنستجرام، إلى البث المباشر لعضو الكونجرس ألكساندريا أوكاسيو كورتيز على منصة الألعاب Twitch كجزء من حملة "الخروج من أجل التصويت".
قالت نهيمة مارشال، باحثة في معهد أكسفورد للإنترنت: "هذا بعيد كل البعد عن التكتيكات التي رأيناها قبل أربعة أعوام. الخطوط تطمس بشكل متزايد مع كل هذا المحتوى المختلف".
كما يأتي هذا في الوقت الذي تقوم فيه المنصات الاجتماعية بقمع متزايد للإعلانات السياسية قبل واحدة من أكثر الانتخابات الأمريكية استقطابا في الذاكرة. أعلن موقع تويتر في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أنه سيحظر جميع الإعلانات السياسية، بينما قرر موقع فيسبوك، مالك إنستجرام، تشديد سياساته، بما في ذلك حظر الإعلانات السياسية الجديدة في الأسبوع الذي يسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
إضافة إلى Defeat Disinfo – التي يشغل هوجلاند فيها منصب المدير– فإن عملاء مين ستريت وان يشتملون على المؤسسة غير الربحية "مركز مشاركة الناخبين"، التي تهدف إلى زيادة إقبال الناخبين.
قائمة الشركة التي تشتمل على 6.3 مليون من أصحاب التأثير الجزئي تضم شبكة وطنية لسائقي الشاحنات وأمهات الضواحي في ولاية وسكنسن والناخبين الأمريكيين السود في ميشيجان والناخبين اللاتينيين المعنيين بتغير المناخ في فلوريدا.
تجد الشركة المؤثرين المحتملين باستخدام أداة آلية تقوم بالبحث في الإنترنت عن المستخدمين الذين يلائمون معايير معينة. قال هوجلاند إنه يقدم بعد ذلك موجزا للمرشحين الراغبين، لكنه يشجعهم على إنتاج "محتواهم العاطفي الشخصي للغاية".
قالت هانسن إن مين ستريت وان تواصلت معها عندما كانوا يبحثون عن منشئي محتوى من ولاية وسكنسن لتعزيز الوعي حول البقاء في المنزل أثناء الوباء، والحاجة إلى معدات الوقاية الشخصية للعاملين في مجال الرعاية الصحية. "أنا فقط أتقدم بطلب للحملات معهم التي تسلط الضوء على القضايا التي أنا شغوفة بمناقشتها"، مضيفة أنها تكتب تعليقاتها الخاصة وتختار الصور على المنشورات.
قالت أيضا إنها لطالما كانت تعبر بوضوح عن معتقداتها. "لا أعتبر بالضرورة شراكاتي مع مين ستريت وان على أنها سياسية. بالنسبة لي، يتعلق الأمر بالحصول على فرصة لتضخيم صوتي وتقديم معلومات قيمة لجمهوري".
شركة مين ستريت وان ليست وحدها في مجال المؤثرات السياسية الجزئية. في العام الماضي، ذكرت بزفيد أن يونايتد وي وين United We Win، لجان العمل السياسي المستقلة للإنفاق فقط للحزب الديمقراطي، عرضت الأموال على المؤثرين والمدونين لإنتاج محتوى لدعم كوري بوكر، عضو مجلس الشيوخ عن نيو جيرسي.
قال هوجلاند: "السؤال هو، هل يمكنك العثور على أفضل رسول لإرسال رسالة موثوقة بما يكفي من السرعة والحجم والجودة للتنافس مع التسليح الذي يقوم به آخرون للإنترنت؟ الأشخاص الحقيقيون الذين يروون قصصا حقيقية أقوى من أي روبوت أو دمية أو سرد غير حقيقي".
لكن يشعر الخبراء بالقلق من أن استخدام منشئي وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الحملات السياسية قد يؤدي إلى طمس الخط الأخلاقي، ولا سيما بالنظر إلى أن أتباعهم لا يدركون دائما أنه يتم التسويق لهم.
قالت مارشال: "إذا كنت تحشد جيشا من المؤثرين الصغار الذين قد تدعي بشكل مشروع أنهم يدعمون أفكارك السياسية، فأنت تسير على خط رفيع بين التنظيم على مستوى القاعدة أو نوع التكتيكات المنسقة التي يمكن اعتبارها تلاعبا أو خادعة إذا لم يتم الكشف عنها بشكل صحيح".
أضاف وولي أن النتائج التي توصل إليها من المقابلات مع شركات التسويق تشير إلى أنهم يفضلون عدم الكشف عن الجهات الراعية. قال: "في سياق السياسة، قال مخبرونا إنهم لا يريدون الإفصاح المدفوع لأنه يبدو غير حقيقي".
أوضح وولي أن أصحاب النفوذ الجزئي غالبا ما يتم تشجيعهم على إنشاء منشورات قائمة على قضايا معينة، بدلا من التأييد الصريح، على أمل الحصول على محتوى أكثر دقة. لكن كانت هناك استثناءات: تم نشر منشور مدفوع الأجر العام الماضي من قبل المؤثرة كايلين أرمسترونج دن التي تؤيد أحد المرشحين لمنصب حاكم ولاية كنتاكي بين منشورات حول الألعاب ومنتجات الرعاية الذاتية.
أكد هوجلاند أن جميع المنشورات المدفوعة من قبل المؤثرين في مين ستريت وان تم تمييزها بوضوح على أنها كذلك، لكن الحملات الأخرى لم تكن صريحة بالقدر نفسه. توصل تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية هذا الأسبوع إلى أن مجموعة من منشئي المحتوى المناهضين لترمب على تيك توك لم يفصحوا عن أنهم تلقوا المال من شركة إعلانات. في أيلول (سبتمبر)، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن شبكة من المراهقين، المدفوع لهم ينشرون رسائل منسقة على فيسبوك دون الكشف عن تمويلهم، كانت مرتبطة بمجموعة تيرنينج بوينت يو إس أيه المؤيدة لترمب.
قال جيرانت لويد تايلور، الشريك في لويس سيلكين، إنه في حين أن المؤثرين ذوي الخبرة يمكن أن يرتكبوا مخالفات بشأن قواعد الإفصاح، إلا أن أصحاب النفوذ الجزئي هم أقل احتمالا أن يكونوا على دراية بتلك القواعد. التزمت شركة فيسبوك إيرلندا، التي تدير إنستجرام في المملكة المتحدة، في وقت سابق من هذا الشهر بإجراء تغييرات من شأنها أن تجعل من الصعب على المؤثرين نشر المحتوى المدفوع دون الإفصاح.
قال لويد تايلور: "يغلب على الجهات التنظيمية اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحالات الأكثر شهرة. الجانب الأقل أهمية هو أن المؤثرين الصغار ربما كانوا مشكلة غير مرئية إلى حد ما".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES