FINANCIAL TIMES

موكيش أمباني .. ملياردير منزله ناطحة سحاب من 27 طابقا

موكيش أمباني .. ملياردير منزله ناطحة سحاب من 27 طابقا

موكيش أمباني أيام الشباب مع شقيقه أنيل ووالدهما ديروبهاي أمباني الذي توفي عام 2002.

كان أنيل شقيق موكيش أمباني واحدا من أكثر المتضررين من صعود جيو، شركة تشغيل الهاتف المحمول التي أطلقها موكيش في 2016. فقد تبين أنها سددت ضربة قاسية لـRCom التي تمثل نصف إمبراطورية الأعمال المتقلصة لأنيل.
لم تكن RCom قادرة على مواكبة قطاع الهاتف المحمول وخرجت منه في 2017 قبل أن تصاب بالإفلاس. في 2018، قال أنيل نفسه إن قطاع الاتصالات أصبح "هيكل احتكار القلة الذي يمكن أن يصبح احتكارا لجهة واحدة في النهاية".
تقف حظوظ موكيش، الذي ولد في اليمن في 1957، في تناقض صارخ مع أخيه. قالت سوشيتا دلال، الصحافية المخضرمة، التي تغطي الاثنين منذ فترة طويلة: "ما فعله موكيش بشكل صحيح، هو أنه كان الرجل الذي يقف وراء الأعمال الأساسية. لم يكن أنيل".
في العام الماضي كانت مشكلات ديون أنيل المتصاعدة حادة للغاية لدرجة أنه كان سيسجن خلال أيام بتهمة ازدراء المحكمة بسبب تفويت دفعة مقدارها 77 مليون دولار لمجموعة إريكسون السويدية. كان الإنقاذ في اللحظة الأخيرة من موكيش أكثر حلاوة عندما أوصل أنيل، في استسلام مهين بعد نزاعهما المرير، رسالة إلى إخية يقول فيها "خالص الشكر من أعماق قلبي لأخي الأكبر المحترم".
قال متحدث باسم أنيل إن الدفع كان معاملة تجارية، نافيا أنه تم بصفته الشخصية.
الآن يلاحق دائنون صينيون أنيل، وكانوا قد حصلوا في أيار (مايو) الماضي على أمر من محكمة بريطانية يقضي بدفع 717 مليون دولار لهم. دفعه الضغط في النهاية، وهو الذي كان سادس أغنى رجل في العالم، إلى الادعاء أمام المحكمة في وقت سابق من هذا العام بأن صافي ثروته تهاوى إلى الصفر.
اليوم موكيش هو الذي يحتل المرتبة السادسة في قائمة فوربس. يعيش هو وعائلته في ناطحة سحاب من 27 طابقا مع مهبط للطائرات العمودية ومرافق رياضية ومساحة لمئات الموظفين. يعتقد أن المبنى، المسمى أنتيليا Antilia على اسم جزيرة أسطورية، هو أغلى منزل في العالم، إذ يشاع أن سعره يصل إلى رقم عال بحدود مليار دولار. وهو أيضا أحد أكثر الرموز قوة لعدم المساواة الصارخ الموجود أصلا في الهند، وكذلك أكثر الرموز إثارة للانفعالات، كونه يرتفع فوق الأحياء الفقيرة التي تضم 40 في المائة من سكان مومباي من دون مياه جارية وبها مراحيض مشتركة بين مئات العائلات.
يقول أحد رجال الأعمال المخضرمين في مومباي، الذي يعد المبنى "محاولة صريحة للتباهي بثروته": "هناك فئة من الناس، بمن فيهم أنا، غاضبة من حقيقة أنه أنفق الكثير من المال لبناء مبنى".
في كانون الأول (ديسمبر) 2018، الأفراح التي أقيمت للاحتفال بزفاف إيشا، ابنة أمباني، التي يشاع أن تكلفتها وصلت إلى 100 مليون دولار، دفعت بهذا النوع المتطور بالفعل من حفلات الزفاف الهندية إلى مستويات متطرفة جديدة. قدمت بيونسيه عرضا غنائيا، وكان من بين الضيوف هيلاري كلينتون وبان كي مون، وفي منعطف غريب، تم تصوير نجمي بوليوود شاه روخ خان وأيشواريا راي باتشان وهما يقدمان الطعام.
على الرغم من ذلك يقدم أمباني وشركته صورة متقنة الصنع لرجل يتمتع بالبساطة. تقول ريلاينس أن أمباني حد من راتبه السنوي إلى 150 مليون روبية (مليوني دولار) "من أجل وضع مثال شخصي للاعتدال في مستويات التعويض للإداريين". وهو متدين ويؤدي بانتظام شعائر هندوسية، ويتجنب اللحوم وشرب الخمر.
يقول أحد الأشخاص المقربين من الشركة إن لديه "فضولا طفوليا"، حيث يسهر حتى وقت متأخر في القراءة عن اتجاهات الأعمال الناشئة. وهو أيضا رجل عائلة. يقول شخص كانت له تعاملات تجارية معه: "تسمع قصصا عن حفلات الزفاف والمروحيات وما إلى ذلك، لكنه، شخصيا، لا يدل مظهره على أنه شخص يعاني جنون العظمة. هو رجل بسيط للغاية".
ثروة أمباني ونفوذه في الداخل فتحا الأبواب في الخارج. وأدت التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين إلى زيادة جاذبية أمباني في أعين المستثمرين الأمريكيين الذين يبحثون عن شركاء بديلين في آسيا. كما عملت علاقة الهند المتوترة مع الصين لمصلحة شركة ريلاينس. أدى قرار الهند حظر ما يقارب 200 تطبيق صيني الصنع، بما في ذلك تيك توك، في أعقاب اشتباكات حدودية دامية بين الدولتين في حزيران (يونيو)، إلى إيجاد فراغ للقادمين الجدد من أصحاب المال.
أمباني نفسه ساعد على إثارة القومية الاقتصادية. في 2019، حذر من مخاطر "استعمار البيانات" من قبل الشركات الأجنبية. لكن بينما كانت الحكومة تدرس قيودا جديدة صارمة على عمالقة التكنولوجيا الأجانب، دخل في شراكة مع جوجل وفيسبوك، اللتين تسيطران على ثلثي سوق الإعلانات الرقمية في الهند تقريبا.
ويقال الآن إنه يجري محادثات حول استثمارات محتملة في شركة التجزئة التابعة له مع أمازون، عملاق البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، التي تم في السابق إحباط خططها التوسعية في الهند بسبب عمليات تنظيمية غير مواتية للشركات الأجنبية، عملت لمصلحة ريلاينس. رفضت ريلاينس الحديث عن مثل هذه المحادثات باعتبارها تكهنات، وشددت على أن شراكتها مع جوجل وفيسبوك لن تعرض بيانات الهند للخطر.
في الداخل، أثبت أمباني أنه خبير في التعامل مع الرياح السياسية المتغيرة للهند، وتنمية العلاقات مع عدد من الأحزاب السياسية. لكن تقارب الملياردير مع ناريندرا مودي أثبت أنه أكثر قوة. فكلاهما من الهندوس المتدينين من ولاية جوجارات، ويشارك أمباني شعور مودي بأنه شخص خارجي يحطم هياكل السلطة التي تعود إلى عقود، وهو أمر تمسك به الهنود أيضا، ما أدى إلى فوزين ساحقين في الانتخابات لمودي.
استخدم أمباني هذا التقارب بقوة لتعزيز جيو، حيث قام بإلصاق وجه رئيس الوزراء على إعلاناته وحتى تثبيت تطبيقه المثير للجدل NaMo (الأحرف الأولى من اسم رئيس الوزراء) مسبقا على هواتف جيو منخفضة التكلفة. في الشعارات تغنت ريلاينس بأنها، مثل مودي، "مكرسة للهند".
لكن هناك امتعاضا متزايدا بشأن الطريقة المنهجية التي تضع بها ريلاينس نفسها في مركز القطاعات الحساسة للاقتصاد الجديد المزدهر في الهند، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت قدرة أمباني على تجاوز المنافسة ستكون مفيدة في النهاية للهنود العاديين في واحدة من أسرع الأسواق الاستهلاكية نموا في العالم.
في أيلول (سبتمبر) أحرق مزارعون محتجون بطاقات جيو في لفتة ضد القوة المفرطة للشركات. هارسيمرات كور بادال، الوزيرة المنتهية ولايتها، عرضت على شاشة التلفزيون جيو كمثال على خطر الاحتكارات. قالت: "قدموا هواتف مجانية يعتمد عليها المستخدمون. تم القضاء على المنافسة، ثم رفعت جيو أسعارها".
تدير ريلاينس الآن ثلث جميع المتاجر الفعلية على الأرض في قطاع التجزئة الرسمي في البلاد، ما يجعلها أكبر بعدة مرات من منافسها التالي. الارتباط الأخير مع فيسبوك وخدمة واتسآب، التي تضم 400 مليون مستخدم هندي، يمنح ريلاينس وصولا فريدا بين المستهلكين. يقول شخص يعرف أمباني: "من الصعب للغاية أن يكون لديك لاعب رئيس آخر بسبب كثافة ما يقوم به، وضخامة ما يفعله. عندما يدخل ميدانا، يدخل ليكون اللاعب المسيطر".
يتعين على أمباني الآن إثبات قدرته على تنفيذ ادعاءاته الجريئة. في حين أنه يتحدث للمستثمرين عن العدد الهائل لمستخدمي شركة جيو، تظهر بيانات تنظيمية عن حزيران (يونيو) أن خمس قاعدة عملاء ريلاينس البالغ عددهم 398 مليون عميل غير نشط. وعلى الرغم من أنها في مرحلة مبكرة، فإن كثيرا من غزوات جيو خارج نطاق الاتصالات مثل المدفوعات أو تطبيقات الدردشة حققت نجاحا محدودا حتى الآن.
مع ذلك، يخشى المنافسون أن قدرة ريلاينس على جذب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات، وكل ذلك مع المضاربة على الأسعار لإضعاف المنافسين، ستترك الهند أمام خيارات أقل. يقول أحد أصحاب رأس المال المغامر: "المشكلة بالنسبة لنا أنهم سيخيفون المستثمرين. لكن من الصعب أن نعلم إن كانوا سينشئون أفضل المنتجات والخدمات".
في مسلسل على نتفليكس يلقي ظلالا على فريق مومبي إنديانز أي بي إل Mumbai Indians IPL في 2018، يقف أكاش، الابن الأكبر لأمباني، في ملعب للكريكيت حيث الجزء العلوي من قميصه الأبيض مفكك الأزرار. أكاش، الذي تشمل مسؤولياته في الشركة العائلية المساعدة على قيادة الفريق، يمزح بالكاميرا بينما يتدرب كبار لاعبي الكريكيت معه. يقول: "نريد الفوز بشدة هذا العام، وإثبات خطأ الجميع".
واصل الفريق ليحقق موسما متواضعا، لكن ثقة أمباني الأصغر وصفاقته تتناسب مع عقلية والده التي يأخذ فيها الفائز كل شيء. رجل الأعمال، الذي غالبا ما يلجأ إلى زوجته للحصول على المشورة مع مجموعة حصرية من كبار التنفيذيين، يعمل ببطء على تنقل أبنائه الثلاثة - أكاش وأخته التوأم إيشا وشقيقه الأصغر أنانت - في مناصب مهمة باستمرار داخل الإمبراطورية في ما يرى كثيرون أنها المرحلة الأولى من خطة الخلافة.
شغل أكاش وإيشا مقعدا على الطاولة خلال مفاوضات على صفقات جرت أخيرا، بما في ذلك الصفقة مع فيسبوك. يقول أحد الأشخاص المعنيين: "كانت هذه هي الطريقة التي كنت أتوقع أن تتم من خلال تنفيذ تمرين الإعداد. كانوا يتعلمون كيفية العمل. ربما كانوا يتعرضون لضغط شديد، حتى يتمكنوا يوما ما من إدارة الشركة".
العائلات الهندية من أصحاب الشركات، خصوصا عائلة أمباني، واجهت مشاكلات خلافة سيئة السمعة. الأجيال التي نشأت في بيئة من الثروة الموروثة تعامل بريبة خاصة. يقول أشخاص مقربون من الملياردير إنه مصمم على تجنب المشاحنات العائلية الفوضوية التي شوهت حياته المهنية، مشيرين إلى التناسق الواضح لتقسيم إمبراطورتيه إلى ثلاث وحدات تركز على الطاقة وتجارة التجزئة والخدمات الرقمية.
من خلال المساعدة على تحويل أعمال ريلاينس إلى مشاريع تدار عالميا، بما في ذلك منح مقاعد في مجلس إدارة جيو للمستثمرين ذوي الخبرة، فيسبوك وجوجل، يقولون إنه يريد ضمان حماية أطفاله من المماحكات السياسية المحلية المحفوفة بالمخاطر. يقول أحد المستشارين: "يريد موكيش الآن أن يكون لديه تفاعل أقل مع صانعي السياسة. وهو لا يريد لأطفاله أن يضطروا للتعامل معها".
لكن أمباني أيضا لا يريد التقاعد قبل أن ينجح في تحويل ريلاينس إلى واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم. على حد تعبير أحد المقربين منه، فإن خطة أمباني هي إنشاء "ليس مجرد مشغل اتصالات، بل لاعب تكنولوجيا جاد له بصمة عالمية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES