FINANCIAL TIMES

المليارديرات ومستشاروهم ينعمون بثراء فاحش في عالم كوفيد

المليارديرات ومستشاروهم ينعمون بثراء فاحش في عالم كوفيد

بنك لومبارد أودييه مضى على وجودة 222 عاما في جنيف وكان يقرض نابليون بونابرت.

العالم يترنح من التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا، لكن بالنسبة للمصرفيين السويسريين الذين يرعون ثروات أغنى أغنياء العالم، فهذا وقت الطفرة.
عشرات البنوك الخاصة السويسرية شديدة السرية والمشهورة – بنوك المودعين مثل لومبارد أودييه، الذي كان يقرض نابليون بونابرت في الماضي – شهدت أصول عملائها ترتفع هذا العام. البنوك الكبرى تستفيد أيضا. بنك يو بي إس ـ مقره زيوريخ ـ الذي تعد عملياته المصرفية الخاصة هي الأكبر في العالم، أعلن الأسبوع الماضي عن أفضل أرباح ربع سنوية خلال عقد من الزمان. هذا الأسبوع من المتوقع أن يحقق منافسه، كريدي سويس، طفرة مماثلة.
سيرجيو إرموتي، الرئيس التنفيذي لبنك يو بي إس، قال لـ"فاينانشيال تايمز": "لم يشعر عملاؤنا بالذعر خلال موجة البيع الواسعة. بدلا من ذلك استخدموها لإنشاء مراكز استثمارية".
من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي 4.4 في المائة هذا العام – وهو أكبر انكماش في التاريخ الحديث – ما يلقي بالملايين في براثن الفقر، وفقا لصندوق النقد الدولي. لكن أصحاب المليارات في العالم أصبحوا أكثر ثراء مقارنة بـ2019، استنادا إلى بيانات جمعها يو بي إس. الاتجاه الذي لوحظ عبر مناطق تمتد من البرازيل والصين إلى الولايات المتحدة وألمانيا، هو مؤشر إضافي على أن الوباء يمكن أن يعمق عدم المساواة.
يعتقد بعض المصرفيين أن آخر مرة تمتع فيها أغنى الأغنياء بهذا الوضع الممتاز كانت في 2009، بعد الأزمة المالية العالمية. كما كان الحال آنذاك، كانت الأزمة فرصة استثمارية بقدر ما كانت تمثل تهديدا. هذه المرة، أصبح حجم يوم الدفع أكبر بكثير، وذلك بفضل ردود الفعل السريعة من الحكومات والبنوك المركزية لتخفيف الضربة.
قال إيرموتي، الذي استقال الأسبوع الماضي بعد تسعة أعوام في قيادة يو بي إس: "مقارنة بـ2008 / 2009، كان لديك حافز ضخم يدخل إلى النظام على الفور. وكان هناك بالفعل الكثير من السيولة، مع وجود أماكن قليلة جدا للذهاب إليها. لذلك، صمدت أسعار الأصول في الأسواق المالية بشكل جيد للغاية".
قبل أقل من عام، كان المحللون في وول ستريت قلقين بشأن التقييمات الجامحة لأسهم التكنولوجيا. لكن الوباء أزاح كل هذه المخاوف.
ارتفع صافي ثروة الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، جيف بيزوس، 73 مليار دولار بين منتصف آذار (مارس) ومنتصف أيلول (سبتمبر)، مدعوما بحيازاته في الشركة، وفقا لتقرير صادر عن معهد دراسات السياسة، وهو مؤسسة فكرية أمريكية.
خلال الفترة نفسها، تمتع مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لفيسبوك وإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لتسلا وسبيس إكس، بزيادة صافي ثروتيهما أكثر من 45 مليار دولار لكل منهما.
في الصين، الحضانة الأسرع نموا في العالم لأغنى الأغنياء، أصبح 257 شخصا من أصحاب المليارات هذا العام. لم يكن كبار أساطين المال في البلاد أقل حظا.
جاك ما، مؤسس منصة علي بابا، زاد صافي ثروته 45 في المائة خلال الأشهر العشرة الماضية، لتصل إلى 58.8 مليار دولار الآن، وفقا لتقرير هورون، جهاز المراقبة القياسي لثروات احتكار القلة في الصين. خلال الأعوام الـ22 التي تم فيها إعداد التقرير، لم يكن هناك قط عام توسعت فيه ثروة الأشخاص المدرجين فيه مثلما حدث هذا العام.
النجاحات المذهلة لأصحاب المليارات المشاهير هي نصف الصورة. في جميع المجالات، الوباء جعل الأغنياء أكثر ثراء. بالنسبة لكثيرين كان المفتاح هو النصيحة التي قدمها لهم المصرفيون في بداية الأزمة: لا تبيعوا.
تقول نيكول كورتي، رئيسة مستشاري الثروة في ستانهوب كابيتال، الذراع السويسرية لشركة ستانهوب كابيتال: "إذا أصبت بالذعر وبعت في شباط (فبراير) أو أوائل آذار (مارس)، لكان من الصعب للغاية العودة لأن السوق تعافت بسرعة كبيرة". تروي كورتي حالة شقيقين ثريين تقدم لهما ستانهوب النصح والمشور: أحدهما باع محفظته مع تفشي الوباء. الآخر حافظ على مخاطره. الثاني شهد أصوله تنمو 7 في المائة هذا العام. أما الأول فقد بقي على حاله.
تقول: "كان الأمر صعبا من الناحية العاطفية، لكن مفتاح الأداء هذا العام كان الاستمرار في الاستثمار".
بدأ لومبارد أودييه، الذي يدير ما قيمته 287 مليار فرنك سويسري من أموال الأثرياء من جميع أنحاء العالم، بأن أبلغ عملاءه في وقت مبكر من شباط (فبراير) أن عليهم تشغيل رأس المال في الأسواق المذعورة.
في كانون الثاني (يناير)، كلف البنك جميع محلليه الكميين تقريبا بمشروع لجمع أكبر قدر ممكن من البيانات العامة حول المؤشرات الاقتصادية، بدءا من بيانات المرور في المدن الآسيوية إلى أرقام المستشفيات في الولايات المتحدة.
يقول فريديريك روشا، أحد سبعة شركاء منتدبين في لومبارد أودييه: "أظهر لنا ذلك في وقت مبكر جدا أنه على الرغم من عمليات الإغلاق وعلى الرغم من تعطل بعض القطاعات الاقتصادية بشكل واضح – مثل شركات الطيران – كانت هناك حياة في قطاعات أخرى".
"كنا متسقين للغاية بشأن ذلك منذ شباط (فبراير). لا تبيعوا. عليكم بناء مراكز التحوط".
أحد أنواع التحوط على وجه الخصوص تم التشجيع عليه من قبل كثير من المصرفيين السويسريين ومستشاري الثروات لعملائهم بنجاح كبير هذا العام – الذهب.
وصل المعدن الثمين إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 2073 دولارا للأونصة في آب (أغسطس). كان شراؤه نتيجة طبيعية للمحفزات الحكومية الضخمة التي عززت أسواق الأسهم. ومثلما استفاد الأغنياء من الإنفاق العام الذي حافظ على استقرار تقييمات سوق الأوراق المالية، استفادوا أيضا من الخوف الناجم عن الاقتراض الحكومي الضخم الذي استلزمه.
هذا موضوع يتوقع كثير من أغنى الناس في العالم استمراره في الوقت الذي تصبح فيه التكاليف الاقتصادية الحقيقية للوباء أكثر وضوحا.
يقول روشا إن أسعار الأسهم المرتفعة في التكنولوجيا والقطاعات المتخصصة الأخرى هي التداولات "قصيرة الأجل" للأزمة.
"على المدى الطويل، يدرك كثير من المستثمرين ذلك – حتى أكثر مما كان عليه الحال في 2007 و2008، عندما بدأنا اللعب بهذه الاقتصادات التجريبية في المالية العامة. وهذا يثير كثيرا من الأسئلة الآن حول ما يكمن في المستقبل وكيف يمكن للتضخم أن يعود".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES