FINANCIAL TIMES

هل نحن جاهزون للجائحة التالية؟

هل نحن جاهزون للجائحة التالية؟

عندما التقى النفيذيون في عالم الأعمال والمسؤولون والعلماء قبل ثلاثة أعوام في منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس، لم تكن لديهم أدنى فكرة عن جائحة فيروس كورونا الحالية، لكنهم كانوا قلقين للغاية من التقدم البطيء في الاستعداد للأمراض القاتلة الناشئة.
الإلهام الذي جاءهم من الفشل الأخير للمجتمع الدولي في إيجاد معالجة سريعة لفيروس إيبولا، الذي هدد بالانتشار من غرب إفريقيا قبل أن يتراجع في النهاية بسبب الحظ لا التخطيط، جعلهم ينشئون تحالف ابتكارات التأهب الوبائي Cepi .
قال ريتشارد هاتشيت، الرئيس التنفيذي للتحالف، الذي أصبح منذ ذلك الحين آلية محورية لتمويل وتسريع اللقاحات للوقاية من كوفيد - 19 "كان الحافز هو المأساة المتمثلة في أن لدينا لقاحا فعالا بنسبة 100 في المائة ظل مسترخيا في مرحلة التطوير لأكثر من عقد ووصل متأخرا لمنع الضرر".
كان فيروس إيبولا في إفريقيا مجرد حالة واحدة من نحو عشرة أمراض معدية متفشية جديدة حتى الآن في هذا القرن، كان من الممكن أن تسبب دمارا صحيا واقتصاديا عالميا واسع النطاق. فيروس سارس، وفيروس ميرس، وفيروس زيكا وكثير من سلسلة الإنفلونزا تسببت في قلق المتخصصين الصحيين قبل أن تنحسر. في كل مرة كان القلق يفسح المجال للتهاون وتلاشي الإجراءات العلاجية في أعقاب الكوارث غير المتحققة. تضاءل الالتزام السياسي والتمويل باستمرار، على خلفية الاتهامات بالاستغاثة الكاذبة والأولويات الأكثر إلحاحا على المدى القصير.
يقول جون بيل، أستاذ طب يشغل أحد الكراسي الملكية في جامعة أكسفورد: "لقد تمكنت المجتمعات الغربية المتقدمة من التظاهر بأنها مهتمة بالمشكلة لكنها لم تفعل شيئا حيالها. الفشل الذريع للأغلبية في الاستعداد للجائحة هو قصة سيئة جدا".
يذكر بيل أمثلة على التقدم البطيء في تلبية دعوات لبناء منشأة لتصنيع لقاحات الطوارئ في المملكة المتحدة. في مكان آخر، باع الفرنسيون مخزونا من معدات الحماية الشخصية قبل كوفيد - 19، وفي الولايات المتحدة قوض الرئيس دونالد ترمب آليات الاستعداد للأوبئة وضعتها إدارة أوباما.
الإصابات المزعزعة للاستقرار، بدءا من فيروس نقص المناعة البشرية إلى السل المقاوم للأدوية، تستمر في إيقاع خسائر فادحة في الأنظمة الطبية في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك الموارد تميل إلى الأمراض غير المعدية. حتى في الدول منخفضة الدخل كانت هناك زيادة في عبء الحالات طويلة الأجل مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، مدفوعة بنمط حياة يعتمد على الجلوس أكثر وعادات غذائية أقل صحية.
السير جون، وهو أيضا مدير غير تنفيذي لشركة روش للأدوية، يسلط الضوء على فشل السوق: أنظمة الرعاية الصحية وشركات الأدوية على حد سواء لا يتم تحفيزهما للاستثمار في الوقاية من تهديدات الأمراض المعدية والاستعداد لها في المستقبل.
نتيجة لذلك تركز الشركات بشكل كبير على الأدوية المتخصصة مثل علاجات السرطان التي تتطلب أسعارا عالية، التي يوجد طلب واضح عليها حاليا. ويقول: "جميع تحديات الصحة العامة الكبيرة تترك على الهامش. في غياب أنموذج عمل ناجح، يتعين على الحكومات الدفع مقدما".
بعد قرن تقريبا من جائحة الإنفلونزا الإسبانية في نهاية الحرب العالمية الأولى، قدم فيروس كورونا تذكيرا مهما بمدى ضآلة التغيير في الاستجابة للأمراض، مع التركيز على تدابير مكافحة العدوى التي تتصدرها قيود السفر والحجر الصحي والتباعد الاجتماعي.
لكن منذ ذلك الحين زادت بعض العوامل من احتمال تكرار ظهور العدوى وانتشارها. البروفيسور مارتن ماكي، من كلية لندن للحفاظ على الصحة وطب المناطق الحارة، يسلط الضوء على تقاطع شهية البشر وأمراض الحيوانات: تغير المناخ وإزالة الغابات والتصنيع تجعل الناس والحياة البرية أقرب إلى الاتصال والمنافسة. "نحن جميعا متكاتفون. بقية العالم تدفع مقابل أرباح الأشخاص الذين يجنون الأموال من تجارة الحيوانات البرية".
إذا كانت التحالفات الدولية لتتبع ومعالجة هذه التهديدات تعاني منذ فترة طويلة نقص التمويل وضعف القوة، فإنها تواجه الآن مزيدا من الهجمات السياسية المباشرة، مثل اتخاذ ترمب من الصين كبش فداء وعزمه الواضح على إيقاف تمويل منظمة الصحة العالمية.
أشار إد كيلي، مدير الخدمات الصحية المتكاملة في منظمة الصحة العالمية، إلى الظاهرة الأخيرة المتمثلة في "الوباء المعلوماتي" لوسائل التواصل الاجتماعي الذي يؤدي إلى تفاقم الأوبئة المعاصرة. يقول: "هناك أطنان من المعلومات المضللة". وقد أثار ذلك نصائح خاطئة ونظريات مؤامرة، وساعد على دعم اتجاه أوسع من الشعبوية والقومية.
وبشكل أكثر إيجابية، يشير السير جون إلى بوادر تقدم في الآونة الأخيرة. يقول: "لقد كانت حقبة جيدة لصناعة علوم الحياة وقدرتها على العمل مع القطاع العام نحو شراكة أكبر". شكلت شركات الأدوية المنافسة تحالفات غير مسبوقة أثناء العمل جنبا إلى جنب مع الحكومات والمنظمات الدولية وفاعلي الخير.
السير جون جزء من إحدى هذه التحالفات: أكاديميون من أكسفورد يطورون لقاحا تجريبيا بتمويل من تحالف ابتكارات التأهب الوبائي، بينما يعملون في تحالف مع شركة أسترا زينيكا البريطانية للأدوية في مرحلة الاختبار والتطوير، ومعهد سيروم في الهند للتصنيع منخفض التكلفة، بالتشاور الوثيق مع المنظمين.
يتم تعاون مماثل في عدد من الأدوية الجديدة ووسائل التشخيص، بدعم من متبرعين دوليين. مع ذلك، لا يزال التمويل بعيدا عن المطلوب لتقاسم المنافع عالميا، بينما لا يزال الجو السياسي حاميا.
حسبما يلاحظ هاتشيت، من تحالف ابتكارات التأهب الوبائي "الجائحة تهديد عابر للحدود تتطلب التعاون. الدول التي تركز حصريا على حماية سكانها لن تبلغها من دون جهد عالمي".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES