FINANCIAL TIMES

تأخير الفواتير يعطل التعافي الاقتصادي

تأخير الفواتير يعطل التعافي الاقتصادي

تظهر أحدث البيانات أن إجمالي المدفوعات المتأخرة في جميع أنحاء المملكة المتحدة بلغ 23.4 مليار جنيه في نهاية 2019.

تعلمت جوانا جنسن وبسرعة شيئا عندما بدأت عملها الخاص: تحقيق المبيعات صعب بما فيه الكفاية، والحصول على ثمنها أكثر صعوبة.
"هناك بعض بائعي التجزئة في السوق الرئيسة الذين سيدفعون لك خلال 75 يوما، مع خصم 2.5 في المائة إذا كنت تريد تقاضي الثمن في وقت مبكر. أنا مندهشة من أن هذا لا يزال مسموحا به. اعتقدت أن السطو على الطريق السريع محظور"، كما تقول. يطلب تجار التجزئة في المملكة المتحدة مخزونا كافيا للبيع على المستوى الوطني، لكنهم يدفعون للموردين في وقت لاحق فقط.
علامتها التجارية "تشايلدز فارم" الخاصة بالعناية الشخصية من المرطبات الملائمة للأطفال والشامبو وما شابه ذلك، المصنوعة من مكونات طبيعية، التي أسستها في 2010، وصلت إلى 20 مليون جنيه استرليني هذا العام. لكنها احتاجت إلى مساعدة من الشركة المصنعة "ميدي كيم" لمنتجاتها في أيامها الأولى.
منحتها "ميدي"، شروط ائتمان طويلة حتى تتمكن من دفع ثمن البضائع بمجرد بيعها. تقول: "لقد بعت أيضا كل الحلي التي أملكها".
تستخدم الآن تمويل الفواتير لإدارة التدفق النقدي. سيدفع بنك "إتش إس بي سي" لها الفواتير التي ترسلها، ثم يجمع المال من العميل، ويفرض رسوما على الخدمة. لكنها تقول إن النظام ليس في مصلحة الشركات الصغيرة.
وفقا لشركة الاستشارات "دان آند براد ستريت"، يختلف متوسط شروط الدفع على نطاق واسع حول العالم. بحسب تقريرها السنوي عن المدفوعات في 2019، في تايلاند تم دفع 53.8 في المائة من الفواتير في الوقت المحدد، مع عدم دفع 1.1 في المائة فقط لمدة 90 يوما على الأقل. في البرتغال كانت النسبة 16 في المائة و11.6 في المائة، على التوالي.
لقد غيرت الجائحة أمورا كثيرة. في تموز (يوليو) كان لدى ثلثي الشركات في المجر، التي جاءت في المرتبة الأخيرة في قائمة تضم 25 دولة، فواتير مستحقة بعد 90 يوما. في اليابان لم يكن لدى أي شركة فواتير معلقة.
حاولت المفوضية الأوروبية منذ فترة طويلة معالجة المشكلة في الاتحاد الأوروبي وأصدرت في 2011 توجيهات الدفع المتأخر. ألزم هذا السلطات العامة بدفع ثمن السلع والخدمات في غضون 30 يوما أو في ظروف استثنائية للغاية، في غضون 60 يوما، بينما على الشركات الدفع في غضون 60 يوما.
في حال لم يتم الدفع يمكن للدائن أن يفرض فائدة بنسبة 8 في المائة على الأقل فوق سعر الفائدة من البنك المركزي الأوروبي، بحد أدنى 40 يورو لتكاليف الاسترداد. لكن صغار الموردين يترددون بشدة في فرض ذلك خوفا من خسارة العقود.
وجدت دراسة أجرتها المفوضية الأوروبية في 2018 أن أقل من 40 في المائة من الشركات تم الدفع لها في الوقت المحدد. قالت المفوضية: "في بعض القطاعات، مثل البناء أو البيع بالتجزئة، أو المواد الغذائية حالات التأخير في السداد التي تتجاوز 30 يوما وأكثر تكاد تكون عامة".
خلصت الدراسة أيضا إلى أنه كان من الممكن استحداث 6.5 مليون وظيفة إذا كانت الشركات قد دفعت إلى بعضها بعضا في الوقت المحدد، مضيفة: "على المديين القصير والمتوسط ، يمكن أن يؤدي التأخير في السداد إلى مشكلات في التدفق النقدي، وفقدان الدخل، والنمو البطيء، وعدم القدرة على توظيف موظفين جدد، وهذا بدوره له عواقب مباشرة على الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف".
وتفاقم الوضع خلال الجائحة، حين لجأت الشركات إلى تخزين السيولة النقدية. ولأن التوجيه وحده غير كاف، تعمل المفوضية مع الدول الأعضاء لتحسين الإنفاذ، بما في ذلك مرصد الدفع المتأخر لتسمية المخالفين وفضحهم، وآليات بديلة محتملة لحل النزاعات.
وفقا لاتحاد الأعمال الصغيرة، المملكة المتحدة ليست الاستثناء الوحيد. تعرض نحو 62 في المائة من الشركات لتأخير المدفوعات أو تجميدها في أعقاب تفشي كوفيد - 19، حسبما أفادت دراسة أجريت في تموز (يوليو) على أكثر من أربعة آلاف شركة.
تظهر أحدث البيانات أن إجمالي المدفوعات المتأخرة المستحقة في جميع أنحاء المملكة المتحدة ارتفع 80 في المائة على أساس سنوي إلى 23.4 مليار جنيه في نهاية 2019.
"باي. يو كيه" Pay. UK التي تدير خدمات مدفوعات "باكس دايريكت كريديت"Bacs Direct Credit و"دايريكت ديبت" Direct Debit، (الأول نظام يسمح للشركات بتسديد المدفوعات إلكترونيا والثاني ترتيب يسمح لطرف ثالث بتحويل من حساب شخصي لسداد فواتير في تاريخ معين، تقول: إن الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة تواجه فاتورة بقيمة 4.4 مليار جنيه سنويا مقابل تحصيل الأموال المستحقة عليها.
شركة بريفايس، وهي شركة للتكنولوجيا المالية، تتبعت تأثير الجائجة وذكرت أن المدفوعات المتأخرة تضاعفت تقريبا اعتبارا من 11 آذار (مارس)، مقارنة بالعام السابق واستمرت عند مستويات عالية طوال نيسان (أبريل) مع استمرار الإغلاق. استقرت أوقات الدفع الآن إلى المستويات الطبيعية، لكن يمكن أن ترتفع بشكل حاد حيث تفرض الحكومة قيودا جديدة على شركات الضيافة.
يقول بول كريستنسن، الرئيس التنفيذي لشركة بريفايس: "تظهر بياناتنا أن الإغلاق كان له تأثير مباشر في سرعة المدفوعات للشركات الصغيرة والمتوسطة". أضاف: "نحتاج إلى أن يكون لدى كل شركة صغيرة في المملكة المتحدة خيار الدفع في اليوم الأول إذا أردنا تجنب عدد كارثي من حالات الإفلاس وزيادة حتمية في البطالة تلي ذلك". وتابع: "التكنولوجيا متاحة لإجراء مدفوعات اليوم الأول".
يمكن لخوارزميات بريفايس تحديد الفواتير القليلة التي بها مشكلات، ما يتيح دفع الباقي على الفور. ربما تكون هذه التكنولوجيا هي الأمل الأكبر لأولئك الذين يريدون حل أزمة المدفوعات المتأخرة.
يقول بهارات ماثور، رئيس المدفوعات في المملكة المتحدة في شركة إي واي EY الاستشارية (إيرنست آند يونج، سابقا)، إن مزودي البرمجيات الكبار مثل "ساب" و"أوراكل" يطورون منصات دفع يمكن أن تساعد العملاء على الدفع في الوقت المحدد، مضيفا أن شركات عديدة لا تزال تستخدم الأنظمة الورقية وتتحقق من الفواتير يدويا.
يقول هاميش توماس رئيس استشارات التكنولوجيا المصرفية في المملكة المتحدة في "إي واي"، إن الجائحة "تعجل بالتحرك نحو الدفع الرقمي". لكنه يحذر من أنه بينما تريد المصارف الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة، فإنها تحتاج أيضا إلى خفض الإنفاق في حين أن البيئة الاقتصادية مضطربة. أضاف: "تعمل شركات التكنولوجيا المالية والمصارف والشركات والحكومات معا، هذه هي الطريقة التي يتم بها حل هذه الأنواع من المشكلات".
تعتقد جنسن أن تشديد اللوائح أمر ضروري. تستشهد بمثال قانون ممارسة توريد البقالة الذي قدمته حكومة المملكة المتحدة في 2013، الذي اعتمد قاضيا لفرض غرامات على المخالفات. وبحلول 2020، أدى ذلك إلى انخفاض عدد الموردين الذين أبلغوا عن تأخر السداد من 35 في المائة إلى 12 في المائة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES