ثقافة وفنون

«لون الغد» .. مثقفون عرب يرصدون رؤيتهم لما بعد الجائحة

«لون الغد» .. مثقفون عرب يرصدون رؤيتهم لما بعد الجائحة

طالب الرفاعي.

«لون الغد» .. مثقفون عرب يرصدون رؤيتهم لما بعد الجائحة

مثقفون: الحكومات أقرت قوانين خلال أزمة كورونا لحماية الإنسان لكنها ستبقى نافذة بعد انتهاء الأزمة.

«لون الغد» .. مثقفون عرب يرصدون رؤيتهم لما بعد الجائحة

الكتاب: لولا الانكشاف التكنولوجي الهائل لما تمكن فيروس كورونا أن يشكل هلعاً للإنسان حول العالم.

في إجابة عن سؤال محوري: كيف تتخيل عالمنا في العام المقبل؟ أطلق 88 مفكرا ومبدعا ومثقفا عربيا العنان لتصوراتهم ورؤاهم حول البشرية، التي تجتاز منعطفا تاريخيا للوقوف في وجه جائحة كورونا، في كتاب جديد حمل اسم "لون الغد.. رؤية المثقف العربي لما بعد كورونا"، رصد فيه الأديب الكويتي طالب الرفاعي آراء المبدعين العرب، في قالب شيق.
لم تكن إصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفيروس كورونا أهم ما تنبأ به المثقفون في الكتاب، فـ"لون الغد" ضم حصيلة متنوعة من الأفكار والتصورات والاستنتاجات، استنطقها الرفاعي وقارنها بآراء المفكرين والساسة العالميين، مستنبطا في دراسته الفكرية تعبيرات ثقافية وسياسية جديدة على القاموس الثقافي والسياسي العربي، مثل المواطن المحلي/ العالمي "المحعالمي".
عالم تائه
العالم ما بعد كورونا بالتأكيد ليس كما كان قبله، فاليوم تغير شكل الاقتصاد، والفكر والثقافة، تنقل البشر، وحتى السيادة العالمية، في شكل وصفه الروائي والمفكر العالمي أمين معلوف حين قدم لكتاب "لون الغد" بأنه عالم عليل تائه، فقد كتب بأن من يقرأ التوقعات والتأملات التي جمعها ونسقها الرفاعي تتضح أمامه صورة عالمنا كما ظهر فجأة تحت مجهر الجائحة، "عالم لم يعد يثق بالوعود ولا بالعقائد ولا بالقادة، عالم قويه هزيل، وعظيمه ضئيل، وثوابته زائفة، عالم عليل تائه، يبحث عن بداية جديدة تغير المسار، وتصلح ما أفسده الماضي، وتعيد العدادات اللعينة كافة إلى الصفر. أليس أملنا جميعا أن تكون وقفة كورونا مقدمة لانطلاق عالمنا، أخيرا، نحو غد مختلف"؟.
يقول الرفاعي عن كتابه في تصريح صحافي له "إنه تواصل مع أصدقائه المثقفين في أنحاء العالم كافة، للاطمئنان عليهم، والوقوف على رؤية المثقف العربي لما بعد كورونا، طارقا باب أكثر من مائة مثقف من 19 دولة عربية، استجاب منهم 88 مثقفا، 24 منهم سيدات، ودعمت بأكثر من 66 مرجعا، وعقد صلة بين آراء المبدعين أمثال أدونيس وواسيني الأعرج وقاسم حداد وآخرين، وآراء وقراءات المفكرين والسياسيين العالميين أمثال هنري كيسنجر، ونعوم تشومسكي، وتوماس فريدمان، ويوشكا فيشر، ويوفال هراري، ويربط ذلك كله بأهم الدراسات والإحصائيات والمواقف التي جاءت على لسان الساسة العالميين".
ويرى أنه لولا الانكشاف التكنولوجي الهائل لما تمكن فيروس كورونا من أن يشكل هلعا للإنسان حول العالم، مبينا "نحن ضحايا التكنولوجيا ومواقع التواصل بقدر ما نحن ضحايا كورونا، والجميع يتخوف مما هو آت، كون ميزانية وزارات الثقافة في العالم العربي لا تساوي 1 في المائة من إجمالي ميزانية الدولة، ومعظمها يصرف على رواتب الموظفين، والهامش المتبقي عاجز عن مواكبة ثورة المعلومات والصورة، كما أن الحكومات أقرت قوانين خلال أزمة كورونا لحماية الإنسان، لكنها ستبقى نافذة بعد انتهاء الأزمة، وبالتالي، ستحد من سقف الحرية، مضيفا أن "التنقل بين الدول أصبح أصعب بكثير، والأديب العربي لا يملك ما يقدم له العزاء سوى تنقله من دولة إلى أخرى، سواء في المهرجانات أو معارض الكتب والمقابلات وغيرها"، متأسفا بأن الوضع ما بعد كورونا سيكون أسوأ مقارنة بالوضع قبله.
إصابة ترمب بكورونا
الكاتب والإعلامي العُماني سليمان المعمري، أحد المبدعين الذين شاركوا في كتاب "لون الغد"، تنبأ بإصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفيروس كورونا، وذلك في تصوره لما يمكن أن يصير إليه العالم بعد عام من كورونا، وشارك تصوره في الكتاب عبر صفحته على "فيسبوك"، ورسم تصورا ليوم الأربعاء 24 مارس 2021، وفيه رأى برنامجا إخباريا في قناة "فوكس نيوز"، كان الرئيس الأمريكي مايك بنس يهاجم في حوار بالأقمار الاصطناعية ريد هاستينجز مؤسس ومالك "نتفليكس"، ويتهمه بمحاولة التكسب من معاناة الشعب الأمريكي المحجور في 50 ولاية، الأخير كان قد أعلن نيته ترشيح نفسه لرئاسة الولايات المتحدة، ووصف بنس بدوره بـ"رئيس الصدفة"، وأنه لولا وفاة ترمب المفاجئة بفيروس كورونا في يناير الماضي لما صار رئيسا للولايات المتحدة، بعد أن تسبب هو ورئيسه الراحل في مقتل مليونين من الشعب الأمريكي، بسبب تباطؤ إدارتهما في التعاطي مع الأزمة.
تصور المعمري الغريب، الذي تحقق في جزء منه، تنبأ فيه بزعامة الصين للعالم، وحل الأمم المتحدة، والحاجة الملحة لقارة إفريقيا وأجزاء من آسيا إلى مساعدات طبية واقتصادية عاجلة، لارتفاع حالات الوفيات اليومية، فضلا عن هبوط أسعار النفط، وإفلاس شركات الطيران وتغيير نشاطها إلى بيع الكمامات والأدوية، في الوقت الذي تحولت فيه الأخبار الرياضية إلى أخبار صحافة صفراء، تهتم بأخبار زواج وطلاق النجوم مثل ميسي ورونالدو، ومحمد صلاح، الذي أعلن اعتزامه التحول إلى مدرب في إنجلترا بعد انتهاء الأزمة.
اجتاح الحصون
أجاد طالب الرفاعي في وصف كورونا، حينما كتب في كتابه "الثابت أن فيروس كورونا المستجد اجتاح حصوننا، واستطاع بتميز غير مسبوق إيقاف وشل حركة النشاط البشري على كوكب الأرض، وحبس شعوب العالم وراء جدران سجون بيوتها، فيما سمي بـ"الحجر المنزلي"، وبعث بمصطلح "التباعد الاجتماعي" الذي صار لازمة تتردد صباح مساء في وسائل الإعلام، وعلا صراخ الحناجر اللاهثة فوق كل المنابر والقنوات، محذرا الإنسان من الإنسان، وناصحا إياه بالتباعد عنه، وأن يتنبه لخطورة ملامسة أصابعه وجهه".
وتعد نسبة المثقفين والمبدعين المتشائمين من حال العالم بعد كورونا، أكثر من نظرائهم المتفائلين، وهم 24 مشاركا متشائما، و19 متفائلا، وفي المنتصف كتب 45 "متشائلا"، من إجمالي 88 مثقفا، وقسم الرفاعي كتابه بناء على ذلك، رأى فيه المتفائلون أن ما بعد كورونا سيكون مختلفا عما قبله، وتمنت أن تكون الجائحة العابرة توطئة لقيامة عالم جديد متوازن، ينعم بالطمأنينة والوفرة والسلام، ومفاتيح أبوابه الحكمة والعقل.
وبحسب تحليل الكتاب، فإن "المتشائلين" يتمنون انتهاء سيادة القطب الأمريكي الواحد وانبعاث التعددية، مع احتمال إمكانية نشوب حرب دولية باردة على زعامة العالم، بثوب جديد وأدوات أخرى، كالاقتصاد والنيوليبرالية والعولمة، لتلافي أي مواجهة نووية.
فيما يقول الأديب الرفاعي - على لسان المتشائمين - مجموعة من الاستنتاجات، الذين داروا فلك الإنسان، والخوف من إفلاس الأخلاق، في حين سيواجه العالم خيارا جوهريا بين "المراقبة الشمولية" أو "التعويل على حس المسؤولية لدى المواطنين".
أما حال المفكر والمبدع العربي، فقد كتب مثقفون عن قسوة الظروف التي يعملون فيها، وسط حالة من الرقابة على إنتاجهم، والعمل في أقطار تعيش تحت خط الفقر، مهددة المبدع بعيشه وأفراد أسرته، ما يجبره على الهجرة، أو البقاء تحت نار التهديد اليومي المخيف.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون