تقارير و تحليلات

80.8 % من حاملي السندات التنموية السعودية حولوها إلى صكوك ادخارية .. تفوق المستويات العالمية

80.8 % من حاملي السندات التنموية السعودية حولوها إلى صكوك ادخارية .. تفوق المستويات العالمية

علمت "الاقتصادية" أن ما نسبته 80.8 في المائة من حاملي السندات التنموية للحكومة السعودية قد حولوا ممتلكاتهم من السندات المقومة بالريال إلى صكوك ادخارية.
وقال لـ"الاقتصادية"، مصدر قريب من ترتيبات الهندسة المالية، التي تمت بين جهة الإصدار والمستثمرين، إن إجمالي قيمة السندات الخمسية، التي يحين أجل استحقاقها في 2020 يصل إلى 42.3 مليار ريال.
وبناء على طلبات المستثمرين أوائل 2020 لجهة الإصدار، تم إصدار صكوك جديدة أواخر شهر تموز (يوليو) بقيمة 34.2 مليار ريال لتكون بديلة عن ممتلكاتهم من السندات الخمسية، التي يحين أجل سدادها هذا العام. وسمحت جهة الإصدار السيادية للمستثمرين القدامى بزيادة حصتهم بقيمة قريبة من 400 مليون ريال (لترتفع بذلك القيمة الإجمالية للصكوك الجديدة إلى 34.6 مليار ريال).
وتعني تلك البيانات أن 19.2 في المائة من حاملي سندات التنمية الخمسية، تم إصدارها في 2015، سيتسلمون من جهة الإصدار السيادية نحو 8.1 مليار ريال للسندات التي يحين أجل استحقاقها في الأشهر المقبلة من العام الجاري.
وأكد المصدر، أن الاسترداد الزكوي المطبق على الصكوك الادخارية، منذ 2019، دفع بحاملي السندات التنموية للطلب من جهة الإصدار تحويل حيازتهم من السندات التي يحين أجل استحقاقها إلى صكوك جديدة، للاستفادة من هذه الميزة.
يأتي ذلك بعد تشريعات الهيئة العامة للزكاة والدخل في أوائل 2019 التي أشارت إلى أن تحمل الدولة الزكاة وضريبة الدخل سيتوقف عن السندات الحكومية بنهاية 2019، إلا أن الدولة ستستمر في تحمل زكاة الصكوك الحكومية منذ شروع القرار في 2019.
وأشار المصدر إلى أن الفقهاء المصرفيين قد دعموا توجه تحويل السندات إلى صكوك ووجهوا جهة الإصدار والمستثمرين حول أفضل الحلول الشرعية. وتأتي عملية الإصدار الثانية خلال شهر تموز (يوليو) كحدث استثنائي، نظرا لكونه يأتي ضمن أول عملية شراء مبكر لسندات قائمة خمسية يحين أجل استحقاقها هذا العام. ومن المنتظر أن تقود منهجية "تحويل السندات إلى صكوك" المعروفة بين المصرفيين بـSwitching bonds into sukuk ستقود السعودية لتعزيز معروضها من السندات الإسلامية وتعزيز مكانتها كرائدة في مجال صناعة الصكوك العالمية، من حيث إجمالي قيمة الإصدارات القائمة، وكونها منصة لتقديم الحلول التقدمية للهيكلة المالية للسندات الإسلامية.
وبناء على طلبات المستثمرين، قامت جهة الإصدار السيادية في البداية بعملية الشراء المبكر للسندات الخمسية وإنهاء كامل التزاماتها التعاقدية. وتلا ذلك قيام المستثمرين القدامى بالاكتتاب في الصكوك الجديدة "رباعية الشرائح" متوسطة وطويلة الأجل، راوحت عوائدها بين 1.64 و3.10 في المائة.
وتعد منهجية تحويل السندات إلى صكوك أمرا جديدا على صناعة المال الإسلامية، حيث إنه من المعتاد عالميا في مثل هذه المواقف أن يكون التحويل إلى أداة من النوع نفسه، إلا أن ما قامت به السعودية يعد حلا مبتكرا ومتقدما، وستستفيد من جهات الإصدار بصناعة المال الإسلامية.

نسبة المشاركة

وبحسب تحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، فإن إصدار الـ34.6 مليار ريال، التي تم إدراجها وتداولها في البورصة المحلية أواخر تموز (يوليو)، قد شهد نسبة مشاركة من المستثمرين (بالسندات القائمة) تراوحت بين 80.8 في المائة إلى 82 في المائة، وهذه النسبة أعلى من المعدل العالمي مع الإصدارات الدولارية، التي تصل فيه نسبة المشاركة إلى نحو 40 في المائة في المتوسط وفي الأسواق المحلية بشكل عام إلى 60 في المائة في المتوسط.
وتعني "نسبة المشاركة" Participation Ratio بين المتخصصين في أسواق الدخل الثابت إلى نسبة حائزي السندات الذين على استعداد للتخلي عن حيازتهم واستبدالها بأداة دين صادرة من جهة الإصدار نفسها. وكون السعودية حصلت على نسبة مشاركة عالية من المستثمرين، أعلى من النطاق الدولي المعهود، فإن هذا يعطي دلالة واضحة على ثقة المستثمرين بالجدارة الائتمانية للأوراق المالية الصادرة عن حكومة المملكة. ومعلوم أن السعودية حاصلة على تصنيف (A1)- وهذا التصنيف يعد خامس أعلى تصنيف من بين درجات التصنيف التي يصل تعدادها إلى 24 درجة.
وبحسب بيان لوزارة المالية، تعد هذه الصفقة هي إحدى مبادرات المركز الوطني لإدارة الدين، التي تهدف إلى توحيد الإصدارات المحلية للمصدر ضمن إطار برنامج الصكوك المحلية للمصدر في السعودية، حيث تعد هذه هي المرحلة الأولى من مراحل المبادرة المذكورة، وسيتبعها مراحل أخرى حتى اكتمال التوحيد الكامل للإصدارات المحلية.
وتعد مبادرة المركز استمرارا للتدابير المتخذة لتعزيز السوق المحلية، التي تعكس آخر تطورات السوق مثل ارتفاع حجم التداولات في السوق الثانوية والسماح لجميع حاملي الصكوك بالاستفادة من الاسترداد الزكوي المطبق في إطار برنامج الصكوك المحلي.

الأهداف المحققة

وكانت "الاقتصادية" قد نشرت تحليلا موسعا في 2 آب (أغسطس) تطرقت فيه إلى الأهداف الثلاثة المرجوة من منهجية الشراء المبكر للسندات التنموية، التي يحين أجل استحقاقها هذا العام.
أولها بحسب الوثيقة، التي اطلعت عليها "الاقتصادية"، توحيد الإصدارات المحلية، ولا سيما من السندات ضمن برنامج الصكوك الذي تم إنشاؤه منتصف 2017. وبخلاف أن الشرائح الأربع (منها آجال استحقاق جديدة تطرح للمرة الأولى وهي أجل أربعة وثمانية أعوام) ستساعد على إطالة آجال الاستحقاقات للديون المحلية، فإنها تقود لتطوير أسواق الدخل الثابت المحلية عبر توسيع خيارات التسعير للشركات والجهات الحكومية، التي تطرح إصداراتها الخاصة وتسترشد بالجانب التسعيري لإصدارات الحكومة القائمة.
والمعدل المتوسط لآجال استحقاق السندات الخمسية، التي يحين أجل استحقاقها في 2020 يصل إلى شهرين فقط. وبعد عملية الشراء المبكر لتلك السندات ومن ثم طرح نظيرتها من الصكوك، أصبح المعدل المتوسط لآجال الاستحقاق يصل إلى ثمانية أعوام وخمسة أشهر.

عوائد الإصدار المقوم بالريال

يشهد العائد على أدوات الدين المقومة بالعملات المحلية تراجعا في جميع أنحاء العالم مع اتجاه البنوك المركزية لخفض معدل الفائدة وتطبيق تحفيزات نقدية غير مسبوقة للحد من تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية.
وعين المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، "إتش إس بي سي" العربية السعودية وشركة سامبا كابيتال لإدارة الأصول وإدارة الاستثمار بشكل مشترك كمنسقي ومديري الطرح. وجرى تقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بقيمة إجمالية 34.645 مليار ريال.
وتوزعت الصكوك الجديدة على أربع شرائح، الشريحة الأولى بقيمة 8.97 مليار ريال تستحق في عام 2024 وذلك بواقع "عائد" للصكوك ذات أجل أربعة أعوام عند 1.64 في المائة، وذلك وفقا لسعر الإصدار الجديد عند ألف ريال.
أما الشريحة الثانية بقيمة 6.02 مليار ريال فتستحق في 2028 وبلغ عائد الصكوك ذات أجل ثمانية أعوام عند 2.29 في المائة وذلك وفقا لسعر الإصدار الجديد عند ألف ريال.
في حين جاءت الشريحة الثالثة بقيمة 6.5 مليار ريال تستحق في 2032 وبعائد الصكوك ذات أجل 12 عاما عند 2.89 في المائة وذلك وفقا لسعر الإصدار الجديد عند ألف ريال.
في حين جاءت الشريحة الرابعة بقيمة 13.15 مليار ريال وتستحق في 2035 وبلغ عائد الصكوك ذات أجل 15 عاما عند 3.10 في المائة، وذلك وفقا لسعر الإصدار الجديد عند ألف ريال.
ويعد نشاط الطروحات السيادية المقومة بالريال بمنزلة النقطة المضيئة للسعودية في سماء التمويل الإسلامي العالمي بسبب ضخامة أحجام تلك الطروحات.
وعلى سبيل المثال وبحسب تقرير لـ"ستاندرد آند بورز"، فإن السعودية قد احتلت المرتبة الثانية لأداء صناعة الصكوك العالمية بنهاية 2019 عندما وصل إجمالي إصدارات الجهات السعودية عند 29 مليار دولار.

المعالجة الزكوية

تشهد السعودية منذ إطلاق "رؤية 2030" سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، التي مست أسواق الدخل الثابت المحلية. كان أولها التشريعات الخاصة بزكاة الصكوك الحكومية، التي صدرت من الهيئة العامة للزكاة والدخل في آذار (مارس) من 2019.
وبخلاف ما يجري مع بعض الدول الأخرى عندما يضطر الأفراد لدفع ضرائب على الأرباح المتحصلة من الدفعات الدورية للسندات الحكومية، فإن السعودية قد تكفلت بتحمل الزكاة على الصكوك الحكومية، التي تصدرها وزارة المالية محليا (المقومة بالريال السعودي). لكن آلية استرداد المبالغ المدفوعة للزكاة تكمن في تقدم المستثمرين بطلب الاسترداد من وزارة المالية، بحسب توضيحات مصدر مسؤول للصحيفة.
مع العلم أن الزكاة ستكون مقتصرة على العوائد السنوية للسندات الإسلامية (التي يتسلمها المستثمرون) وليس على قيمة الإصدار ككل.
وجاء تحمل الدولة للزكاة المترتبة على الصكوك ليعزز الاستثمار المحلي والدولي فيها، وهذه المسألة تحظى بأهمية كبرى لدى المستثمرين، حيث إنها تؤثر في نسبة ما يتحصلونه من الأرباح الدورية للصكوك. ويتماشى ذلك التوجه مع وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي التي كان من أهم مبادراتها معالجة المعاملة الزكوية، وطريقة الاحتساب، وكذلك ضريبة الاستقطاع الخاصة بأدوات الدين.
وتشير قواعد حساب زكاة أنشطة التمويل بأنه سيتم التوصل للأصول الزكوية للمكلف بحسم الأصول "غير الزكوية" من إجمالي الأصول. وعند النظر للأصول غير الزكوية سيتضح أنها تنحصر على الصكوك الحكومية، التي يتبقى من مدة أجل استحقاقها أكثر من عام ، والتي ستتحمل الدولة زكاتها. كما تتمثل في القروض التي توجهها البنوك نحو مشاريع البنية التحتية، وكذلك القروض التمويلية الطويلة الأجل، وهي في الغالب منتجات الإسكان، التي يتم توجيهها في العادة للأفراد.

زكاة الصناديق المتخصصة

في الإطار ذاته تتباين المعالجة الزكوية للصناديق المتخصصة بالصكوك الحكومية والمطروحة في السوق السعودية، فعلى سبيل المثال، أفادت وثيقة لأحد مديري الصناديق أنه يحق لمدير الصندوق إخراج زكاة الوحدات الاستثمارية عن المستثمرين وتقع على مالك الوحدة مسؤولية إخراج زكاة ما يملك من وحدات استثمارية، وذلك في حال عدم القيام بالربط الزكوي، كما نص القرار الوزاري رقم (2218) والصادر في 2019.
ونص القرار الوزاري عن توقف تحمل الدولة عن أي أداة من أدوات الدين الحكومية عدا الصكوك المصدرة ضمن برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي لدى وزارة المالية بدءا من 2020.

ضريبة القيمة المضافة

خلال النصف الأول من 2019، أطلقت الهيئة العامة للزكاة والدخل الدليل الإرشادي الخاص بالتمويل الإسلامي، الذي تطرق لكيفية تطبيق ضريبة القيمة المضافة على أهم منتجات التمويل الإسلامي كالمرابحة والإجارة والمشاركة والتورق والصكوك والمضاربة والوكالة.
وتعد تلك المنتجات العمود الفقري للبنوك والنوافذ المصرفية الإسلامية في السعودية، وتم التطرق لكيفية معالجة الضريبة الخاصة بصكوك الشركات، وذلك نظرا لوجود تشريع خاص بزكاة أدوات الدين الحكومية.
وعالج الدليل الإرشادي أبرز النقاط الشائكة في المجال الضريبي كمسألة الانتقال المؤقت لأصول الصكوك (يعد خارج نطاق الضريبة لأن الحيازة للطرف الآخر ليست دائمة)، إضافة إلى ذلك فتلك الأصول، التي بحوزة شركة الأغراض الخاصة سترجع لجهة الإصدار لاحقا، وعليه فأصول الإصدار والأقساط الدورية لا تخضع لضريبة القيمة المضافة.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات