FINANCIAL TIMES

آندي أوين .. رئيسة تنفيذية تقاتل لتحويل أزمة إلى ميزة

آندي أوين .. رئيسة تنفيذية تقاتل لتحويل أزمة إلى ميزة

أندي أوين، الرئيسة التنفيذية لشركة هيرمان ميلر.

مضى على عودة آندي أوين إلى مكتبها بضعة أسابيع الآن، وهي ترى أن هناك شيئا ما بشأن المكان، لا يمكن أن يماثله العمل من المنزل.
تقول "لا يزال هناك شيء لا يمكننا استبداله بشأن الوجود معا في مكان مصمم حول استراتيجيتك وثقافتك. كان من الرائع وجود تلك المحادثات الوسيطة عندما تستدير من مكتبك بدون الحاجة إلى تحديد موعد لمكالمة على تطبيق زووم".
لدى أوين أسباب أكثر من معظم الناس للتحمس بشأن الفوائد الجانبية للكرسي الدوار: بوصفها الرئيسة التنفيذية لشركة هيرمان ميلر، فإن مفروشات المكاتب هي شريان الحياة لعملها.
إذا كان من المزعج لمرتادي المكاتب في العالم استبدال دعم أسفل الظهر لكراسي مكاتبهم من "أيرون آند إيماس" مقابل مقاعد المطبخ القاسية جدا وأرائك غرفة المعيشة اللينة جدا، فإن فيروس كورونا يمثل تحديا وجوديا أكثر لأوين.
"هيرمان ميلر" هي في الوقت نفسه شركة تصنيع، تواجه سلاسل توريد محطمة، كما تواجه مهمة تشغيل المصانع بأمان من الصين إلى إنجلترا، ومتجر تجزئة اضطر هذا الربيع إلى إغلاق متجرين فرعيين تابعين له.
تراجعت مبيعاتها 35 في المائة في الأشهر الثلاثة المنتهية في أيار (مايو) مقارنة بالفترة نفسها من الأعوام السابقة، ما أدى إلى محو أرباح عام كامل خلال ربع واحد، وانخفض سعر سهمها إلى النصف منذ كانون الثاني (يناير).
تقول أوين "لا أحد يكون مستعدا على الإطلاق لأزمة كهذه، لكنها واحدة من تلك الأوقات التي تتعلم فيها مدى صلابتك أنت وفريقك".
يقع المقر الرئيس لشركة هيرمان ميلر في زيلاند، بلدة في ميشيجان يبلغ عدد سكانها 5500 نسمة، لديها اهتمام غير متناسب بمسألة إذا ما كانت المباني المكتبية التي تشكل المدن الكبرى ستمتلئ مرة أخرى.
باعتبارها واقعة بالقرب من مدينة جراند رابيدز، مركز الأعمال الخشبية المعروفة فيما مضى باسم مدينة الأثاث، زيلاند هي المدينة التي جلب إليها ديرك دان دي بري شركة ستار للأثاث في عام 1923 وأعاد تسميتها على اسم حميه الذي مول الاستثمار.
تقول تقاليد الشركة "إن دي بري استجاب للكساد العظيم من خلال تحويل تركيز هيرمان ميلر من الأثاث المحشو في تلك الفترة التي حققت فيها الشركة أموالها، إلى الحداثة التي انتهت بتحويل منازلنا ومكاتبنا".
أوجه التعاون التي عقدها هو وأبناؤه مع مصممين قيمين جلبت لنا كراسي إيماس آند إيرون - وعلاقة الحب والكراهية مع نظام حجرة العمل المكتبي. كما صاغ أيضا أحد أولئك الأبناء، ماكس دي بري، مفاهيم مثل "الرأسمالية الشاملة" و"القيادة الخادمة".
التحدي الذي تواجهه أوين يتمثل في ضبط تلك الثقافة مع صافي الأرباح، وإثبات أن "هيرمان ميلر" يمكن مرة أخرى أن تحول الأزمة لمصلحتها.
المخضرمة البالغة من العمر 55 عاما جاءت من متجر جاب Gap وانضمت قبل عامين فقط بعد فترة قضتها تكافح لتغيير سلسلة بانانا ريبابليك التابعة لمتجر جاب. على عكس مؤسس "هيرمان ميلر"، ليس لديها أزمة اقتصادية لتجاوزها فحسب، لكن تهديد كوفيد - 19 لفكرة العمل المكتبي الذي تعتمد عليه أعمالها الآن.
مثل معظم الرؤساء التنفيذيين، تقول "إن أولويتها الأولى هي سلامة موظفيها"، لكن عندما أغلقت المصانع، واجهت مقاومة "لكل شيء".
تقول "أطلق علي رجعية، مجنونة"، حتى إن بعض أعضاء مجلس الإدارة تساءلوا "هل أنت متأكدة أنك يجب أن تكوني بهذا القدر من الصرامة؟ إنها مجرد إنفلونزا".
عززت أوين اتصالاتها مع الموظفين، حيث فتحت لجميع الموظفين اجتماعات كانت في السابق تعقدها بشكل غير متكرر مع 300 من القياديين في الشركة، وجعلها مناسبات أسبوعية. تقول "مدى تكرار تواصلنا، ليس مثل أي شيء رأيته من قبل".
لكن في الوقت الذي أصبحت فيه الخسائر المالية للوباء واضحة، تضمنت اتصالاتها الأخبار القاتمة وأن الشركة ستضطر إلى التخلص من أكثر من 400 موظف من أصل ثمانية آلاف، كما قامت أوين بخفض رواتب معظم القوة العاملة لديها بنسبة 10 في المائة وراتبها بنسبة 50 في المائة أخرى. تقول "يجب أن تكون مستعدا لتقديم التضحيات التي تطلبها من موظفيك".
كان عليها أيضا تحقيق التوازن بين سلامة الموظفين واحتياجاتهم. في غضون أسبوع من إغلاق عمليات "هيرمان ميلر" في ميشيجان، عملت أوين مع حاكمة الولاية وشركات منافسة، مثل ستيلكيس، لإعادة ثلث موظفي التصنيع، لصناعة الكمامات، ودروع الوجه، والمفروشات للمستشفيات المؤقتة.
كانت إعادة فتح المصانع تتطلب تعديل مواعيد المناوبات، وتوسيع خطوط التجميع، وإضافة ميزات مثل الأبواب التي لا تعمل باللمس، وقامت الشركة بتعبئة مثل نصائح الأمان هذه للعملاء عند انتقال فريقها للبيع عبر مكالمات الفيديو.
جاءت أوين إلى "هيرمان ميلر" مع استراتيجية الرقمنة والتصنيع المحلي وبناء أعمال البيع المباشر لزبائنها والاستثمار في "الأتمتة من أجل الخير". أوضحت أن مهمتها هي الاستمرار في التركيز على هذه الأولويات.
تقول "سنجتاز الأزمة هذه المرة أيضا، هي لن تمر بسهولة لكننا سنجتازها. عليك تحقيق التوازن بين الواقع الصعب للغاية للمكان الذي نحن فيه الآن والمكان الذي نتجه إليه"، حيث ترى "فرصة في إعادة التعريف".
اضطرت الشركة في البداية إلى إعادة تعريف نفسها لعصر العمل من المنزل. شركات مثل جوجل قدمت للموظفين نفقات معدات المكاتب المنزلية، وتسابق فريق أوين لتجهيز عرض "العمل من المنزل" لهم.
لكن إذا كانت إجراءاتها المبكرة قد منحت الشركة مستقبلا تركز عليه، فإن التحدي الثاني سرعان ما عمل على تفاقم التحدي الأول. الاحتجاجات التي أعقبت مقتل جورج فلويد على يد الشرطة انتقلت من الشوارع إلى مكالمات للشركات الأمريكية عبر تطبيق زووم، حيث طرح الموظفون أسئلة صعبة حول نقص التنوع في شركاتهم. "هيرمان ميلر"، مثل معظم الشركات المنافسة، يهيمن عليها مصممون بيض.
وتشير إلى أن سلفها، ماكس دي بري، قال ذات مرة "إن مسؤولية القائد الأولى هي تعريف الواقع"، وتعترف أوين بأن محاولة فهم جميع القضايا التي أثارها موت فلويد كانت "رحلة".
تقول "دائما ما كنت أعد نفسي متعلمة فعلا ويقظة فعلا. لكن كوني امرأة بيضاء، لدي الكثير لأتعلمه". كانت قد استثمرت في مبادرات التنوع والاندماج، لكنها عرفت أنها يجب أن تذهب أبعد من ذلك، من خلال تحديد أهداف جديدة والعمل مع كليات التصميم لإدخال مزيد من الطلاب غير البيض إلى الصناعة.
هل واجهت مقاومة؟ تقول "نعم، بالتأكيد. مثل أي شيء آخر في عالمنا اليوم، الأشياء مستقطبة للغاية... واجهت جميع نهايات الطيف، وأشعر بالحاجة إلى تثقيف الأشخاص ومشاركتهم".
لكنها تؤكد أن ما من شيء سيبعدها عن التزاماتها بشأن هذه القضية، وتجادل بأن هذه - بقدر الأولويات التي وضعتها استجابة لفيروس كورونا - ستجعل "هيرمان ميلر" تخرج من الأزمة أقوى.
من السابق لأوانه رؤية كثير من الأدلة على ذلك في نتائجها، لكن كانت هناك نقطة مضيئة واضحة: ارتفعت شحنات كراسي المكاتب إلى العناوين السكنية 110 في المائة بين آذار (مارس) وأيار (مايو).
لا يفتقد الجميع مكاتبهم مثلما افتقدته أوين، لكنها تلاحظ الآن "نحن جميعا في المنزل نجلس على كراسي غرفة الطعام لدينا، مدركون مدى فظاعتها".
عن درس القيادة الأول الذي تعلمته، تقول أوين "أول دور إداري لي هو مديرة دائرة في بلومينج ديلز، كنت شابة صغيرة، وقد تخرجت للتو في الجامعة، وكان لدي طاقم كامل من وكلاء المبيعات المخضرمين للغاية. كان علي أن أجرب مجموعة متنوعة من الأشياء قبل أن أجد في نهاية المطاف طريقي للاستماع والتعلم".
تضيف "هناك كثير من المبادئ المرتبطة بكونك قائدا، أعتقد أن أهم شيء بالنسبة إلي طوال هذه الأزمة بأكملها هو أهمية الشفافية وإعلام الناس بما يحدث ومتى يحدث، وما تعرفه وما لا تعرفه. كنت أعرف دائما ذلك في رأسي من قبل، لكن هذه الأزمة جعلت الأمر أكثر وضوحا".
وهي تعد أن كتاب "القيادة فن"، من تأليف ماكس دي بري، الرئيس التنفيذي السابق لـ"هيرمان ميلر" ـ أول كتاب تقرأه حول القيادة ـ غير حياتها عندما كنت مديرة شابة صغيرة. "من وجهة نظر فلسفية، كان ذلك عامل تغيير قويا في حياتي".
وتقول "إنها لو لم تكن مديرة كانت على الأرجح ستكون مدرسة. كانت أمي معلمة طوال حياتها وأحب التبادل الإبداعي للأفكار وأحب العودة إلى المدرسة وتدريس الصفوف، في الآونة الأخيرة كانت الصفوف في إدارة الأزمات، كلية الأعمال التي درست فيها تقدم دائما كثيرا من الفرص التعليمية الإضافية، وأعتقد أنها طريقة رائعة لكي يبقى المرء على اطلاع".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES