FINANCIAL TIMES

إلى أي مدى تصرفت سوق الأسهم بعقلانية؟

إلى أي مدى تصرفت سوق الأسهم بعقلانية؟

اقتصاد كوفيد - 19 جعل عديدا من الأحداث غير المسبوقة تحدث خلال بضعة أشهر، لكن لا يوجد ما هو غير عادي أكثر من التعرجات الكثيرة في الأسهم العالمية.
شهدت الاقتصادات المتقدمة سوقا هابطة وحشية، لكنها قصيرة حتى 23 من آذار (مارس) تبعها انتعاش مذهل أزال خلال 17 أسبوعا جميع خسائر العام حتى الآن. أي مستثمر نجح في تجاوز كلا اتجاهي هذا الانعكاس كان إما ماهرا جدا، أو محظوظا جدا.
ويبحث الاقتصاديون منذ الآن فيما جرى، فماذا تعلموا؟
السؤال الأول هو ما إذا كانت السوق قد تصرفت "بعقلانية". بمعنى أن التراجع والانتعاش التام في أسعار الأسهم يمكن تفسيرهما من خلال التغييرات في توقعات النمو، المدفوعة بحالات الإغلاق الاقتصادية التي كانت بهدف السيطرة على الفيروس في آذار (مارس)، تلتها بداية الفتح في نيسان (أبريل) وأيار (مايو)، لكن لا يبدو أن الأمر كذلك.
لفهم السبب، لنبدأ مع فكرة أن القيمة الإجمالية لسوق الأسهم تساوي القيمة الحالية للمنافع التي يتوقعها حاملو الأسهم في المستقبل. هذا يتغير لسببين. أولا، التوقعات بشأن حجم المنافع - أرباح الشركات وأرباح الأسهم - ترتفع وتنخفض. ثانيا، القيمة الحالية لهذه المنافع المستقبلية تتأثر بما يعرف باسم معدل خصم حقوق الملكية. هذا يساوي العائد على الأصول الآمنة مثل سندات الخزانة الأمريكية، إضافة إلى ما يتوقع المستثمرون دفعه مقابل المخاطر الإضافية - الخسائر، الإفلاس - لامتلاك الأسهم.
قدم أوغسطين لاندير وديفيد ثيسمار أدلة تشير إلى أن جزءا صغيرا فقط من تغييرات أسعار الأسهم الأمريكية تم تفسيرها من خلال توقعات أرباح الشركات. في الاتجاه الهبوطي، استطلاع لتوقعات محللي الاستثمار للأرباح خلال الفترة 2020-2023 يظهر أن القيمة الحالية لهذه الأرباح انخفضت بضع نقاط مئوية فقط منذ بداية العام، على افتراض أن معدل الخصم بقي كما كان قبل كوفيد - 19. خلال انتعاش الأسهم، استمرت توقعات الأرباح في الانخفاض، بالتالي لا تفسر أي جزء من الانتعاش.
الحسابات على أساس توقعات أرباح الأسهم ترسم صورة مماثلة. حيث يظهر نيلز جورمسون ورالف كويجين، من كلية بوث للأعمال في جامعة شيكاغو، أن العقود الآجلة لأرباح الأسهم، التي تقيس النمو المتوقع لأرباح الأسهم، انخفضت خلال الأزمة بمقدار أقل كثيرا من أسعار الأسهم. ويظهر خبراء الاقتصاد في شركة فولكروم لإدارة الأصول أنه على الرغم من انخفاض توقعات الأرباح في آذار (مارس)، إلا أن توقعات أرباح الأسهم تغيرت قليلا.
لذلك في خضم هذا التقلب، لا يبدو أن التغييرات "العقلانية" في توقعات النمو تفسر سلوك أسعار الأسهم. يبدو أن عديدا من الاقتصاديين والمحللين عدوا صدمة كوفيد - 19 حدثا قصير الأجل إلى حد ما، يستمر مدة 12-24 شهرا فقط، بالتالي لا يحدث فرقا كبيرا في القيمة الحالية لأرباح الشركات في المستقبل.
إذن، ما سبب هذه الأحداث العجيبة؟ إذا لم يكن مسار الأرباح أو أرباح الأسهم كافيا، فلا بد أن معدل الخصم المطبق على ذلك المسار ارتفع لتفسير السوق الهابطة. يشير البروفيسوران، لاندير وثيمسار، إلى أن معدل الخصم توسع 3 نقاط مئوية بحلول 23 آذار (مارس).
بالنظر إلى أن سعر الفائدة الخالي من المخاطر على سندات الخزانة الأمريكية انخفض نحو 1.5 نقطة مئوية خلال تلك الفترة، فلا بد أن تكون علاوة مخاطر الأسهم ارتفعت ما يقارب 4.5 نقطة مئوية في انهيار السوق. علاوة على ذلك، كل الانتعاش تقريبا في السوق كان مدفوعا بعودة العلاوة على مخاطر الأسهم إلى الوضع الطبيعي.
هذا ليس بالأمر غير العادي بشكل خاص. أظهر روبرت شيلر، الحائز على جائزة نوبل في الثمانينيات، أن تقلبات أسعار الأسهم الكبيرة عادة ما تكون مدفوعة بمعدل الخصم، وليس بالتغييرات في توقعات أرباح الأسهم. في الآونة الأخيرة، أشار إلى أن التغييرات في علاوة المخاطر تفاقمت من "القصص القوية" عن انتشار الفيروس، والتخفيف الكبير للسياسة المالية والنقدية الأمريكية في غضون يوم من انخفاض السوق.
من المؤكد أن هذه الروايات لعبت دورا، لكن ربما كان البروفيسور شيلر يقلل من شأن عامل آخر. هيكل النظام المالي، خاصة القواعد الجديدة التي تقلل من رأسمال المخاطر المتاح لصناع سوق السندات، أدى إلى سلوك معطل، وأضعف بالتالي الثقة بالنظام المالي. تم تشديد مؤشر الظروف المالية التابع لجولدمان ساكس بأكثر من 3 نقاط مئوية خلال هذه الفترة، والأسهم تضررت بشدة.
التخفيف الطارئ الذي أجراه الاحتياطي الفيدرالي في 23 آذار (مارس) ربما كان العامل الرئيس في معالجة هذه المشكلات، ما سمح باستعادة الرغبة في اتخاذ المخاطر في الأسهم والائتمان والسندات الحكومية طويلة الأجل.
الآن بعد أن أظهر الاحتياطي الفيدرالي رغبته في اتخاذ إجراءات غير محدودة لمنع حدوث مزيد من نقص السيولة والتعطيل، ينبغي أن تكون العلاوة على مخاطر الأسهم أقل تقلبا بكثير، حتى في حالة حدوث موجة كبيرة أخرى من الضرر الاقتصادي الناجم عن الفيروس.


رئيس مجلس إدارة شركة فولكروم لإدارة الأصول.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES