FINANCIAL TIMES

رئيس أمازون في المقعد الساخن

 رئيس أمازون في المقعد الساخن

في كانون الثاني (يناير) الماضي كان جيف بيزوس حريصا جدا على الاختلاط مع النخبة في واشنطن لدرجة أنه دعا عشرات منهم إلى قصره، الذي تبلغ قيمته 23 مليون دولار، على الرغم من أن أجزاء من العقار كانت لا تزال قيد التجديد.
قال أحد الضيوف إن تجمع الأشخاص المهمين للغاية في القصر، الذي كان متحفا في السابق والذي يطلق عليه الآن اسم "سفارة أمازون"، شمل إيفانكا ترمب وجاريد كوشنر، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول، ووزير الدفاع السابق جيم ماتيس، إلا أنه بطريقة ما "كان صغيرا جدا وهادئا". كان بيزوس يختلط بشكل عرضي، دون جدول أعمال واضح. قال الضيف: "لا بد أن هذا أمر استراتيجي، أليس كذلك؟ إنه ليس أحمق. لكنه لا يعرض الأمر كما يفعل الآخرون. إنه يقوم بعمل جيد (...) ويشق طريقه بالتملق في العاصمة واشنطن".
يوم الأربعاء، وجد بيزوس نفسه يحاول الاستفادة من ذلك الرضا المتراكم. وتم استدعاؤه ونظراؤه في "أبل" و"فيسبوك" و"جوجل"- عن بعد- للدفاع عن النجاح الباهر لشركاتهم خلال اجتماع هو الأكثر صعوبة ومشقة في واشنطن ـ جلسة استماع لإحدى لجان الكونجرس. كونه في دائرة الضوء بشأن مخاوف تتعلق بمكافحة الاحتكار، سعى بيزوس إلى الدفاع عن شركة التكنولوجيا المترامية الأطراف، التي جعلته أغنى رجل في العالم، ببيان افتتاحي غارق في خطاب أمريكي حالم بشأن الفرص والشمولية.
بدأ قائلا: "والدتي، جاكي، أنجبتني عندما كانت طالبة تبلغ من العمر 17 عاما في المدرسة الثانوية في ألبوكيركي"، مضيفا أن الأب الذي تبناه في عمر الرابعة، كان مهاجرا كوبيا وصل إلى الولايات المتحدة دون أن يكون قادرا على التحدث بكلمة واحدة من اللغة الإنجليزية". قال: "جنبا إلى جنب مع جدي وجدتي، هؤلاء الأشخاص البارعون والعطوفون المثابرون جعلوني ما أنا عليه اليوم".
بعد التخرج في جامعة برنستون، عمل بيزوس في نيويورك. لكن في عمر الـ30 ترك "وظيفة ثابتة في وول ستريت" - في صندوق التحوّط دي إي شو DE Shaw - للانتقال عبر البلاد إلى سياتل من أجل تأسيس متجر لبيع الكتب على الإنترنت "مع فهمه الكامل أنه قد لا ينجح". منذ ذلك الحين، نافس بلا رحمة، بالاستثمار في تقليل أوقات التسليم لشركة تجارة التجزئة عبر الإنترنت التابعة له، والتوسع في أعمال الحوسبة السحابية. بدا أن الوثائق الصادرة عن محققي الكونجرس تظهر كيف وضع المسؤولون التنفيذيون في "أمازون" استراتيجيات لإخراج الشركات المنافسة من السوق من خلال فرض أسعار زهيدة، ومن ثم شراء تلك الشركات.
لأعوام، أقنع بيزوس المستثمرين بالتخلي عن الأرباح لمصلحة الاستثمار طويل الأجل في الخدمات اللوجستية، والروبوتات، وتسليم الميل الأخير. وقد أثمر ذلك أثناء الوباء، عندما رفع المتسوقون المحاصرون المبيعات 40 في المائة على أساس سنوي. يوم الخميس، كشفت "أمازون" عن تسجيل أرباح ربعية قياسية بلغت 5.2 مليار دولار، على الرغم من تكاليف وصلت إلى أربعة مليارات دولار تتعلق بفيروس كورونا، وارتفع سعر سهمها نحو 70 في المائة منذ بداية العام.
فقدان رضا الشخصيات القوية في واشنطن هو أكبر تهديد يواجه خطط بيزوس، ليس فقط لـ"أمازون"، لكن أيضا لمجموعته المنفصلة لاستكشاف الفضاء، بلو أوريجن Blue Origin. يبدو أن السياسيين من كلا الحزبين على استعداد لاتخاذ إجراءات بشأن مخاوف المنافسة. في أول ظهور له على الإطلاق أمام الكونجرس، بدا رئيس "أمازون" أقل استعدادا من رؤساء شركات التكنولوجيا الكبرى الآخرين وغير مهيأ لتحمل الادعاءات بأن الشركة ربما كانت تسيئ استخدام بيانات التجار المستقلين، أو تروج عمدا السلع المقلدة لتوليد مبيعات إعلانية.
كانت "أمازون" تدفع أكثر من أي وقت مضى على مجموعة الضغط، التي تعمل لمصلحة "أمازون" - 8.7 مليون دولار حتى الآن هذا العام. كما عينت جاي كارني، مسؤول الإعلام السابق للرئيس باراك أوباما، في منصب رئيس شؤون الشركات العالمية، الذي جلب أسلوبا أكثر قتالية للجهود الإعلامية على قنوات "الكابل الإخبارية" و"تويتر".
بيزوس مشارك بشكل شخصي أيضا. تقول جوليانا جلوفر، خبيرة الاستراتيجية لمصلحة الحزب الجمهوري وعضوة مجموعة الضغط لشركات لا تعمل لمصلحته، إن شراءه عام 2013 لصحيفة "واشنطن بوست" منحه "مقعدا في الصف الأمامي بجانب عدد من المراقبين الأكثر حكمة وخبرة في العاصمة واشنطن". تضيف: "لا أعتقد فعلا أن بيزوس يلعب لعبة العاصمة واشنطن الأنموذجية (...) لا أراه يحاول إثارة الأمور السيئة عن المنافسين من خلال الكلام الفارغ المعتاد. يبدو لي كأنه ينمي حضوره الخاص في العاصمة واشنطن في المقام الأول لأن أعماله تتطلب وجوده هنا".
اعترف بيزوس بأن امتلاك صحيفة "البوست" أمر "معقد"، ما جذب انتباها غير مرغوب من معارضي صحافتها.
في الوقت نفسه، يجادل الرئيس دونالد ترمب بشكل روتيني بأن "واشنطن بوست" التابعة لـ"أمازون" تعامله بطريقة غير عادلة. بعد أن خسرت "أمازون" عقد الحوسبة السحابية لمصلحة "مايكروسوفت"، اتهمت البنتاجون بالسماح لكراهية ترمب للشركة بالتأثير في العملية، القرار قيد الاستئناف.
ربما يكثف بيزوس حملته في واشنطن، لكن يبدو أنه يواجه مشكلة في إيصال رسالته، في جلسة الاستماع الأربعاء، التي شهدت مواطن خلل تكنولوجية، اضطر أحد أعضاء اللجنة إلى استرعاء انتباهه: "سيد بيزوس، أعتقد أن الميكرفون أمامك في وضع الصامت".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES