FINANCIAL TIMES

الكونجرس يفشل في إقامة الحجة على شركات التكنولوجيا

الكونجرس يفشل في إقامة الحجة على شركات التكنولوجيا

قادة شركات التكنولوجيا الأربع الكبرى خلال جلسة الاستجواب جرت عبر تكنولوجيا مؤتمرات الفيديو.

أولا، لائحة الاتهام. قادة شركات التكنولوجيا الكبرى واجهوا أعضاء في الكونجرس الأمريكي الأسبوع الماضي وفشلوا في تقديم أدلة مقنعة بأنهم لم يكونوا مدفوعين بمصالحهم الذاتية لإمالة الملعب الرقمي لمصلحتهم.
جيف بيزوس، في أول ظهور له في جلسة استماع في الكونجرس، فوجئ ببعض الأسئلة، اعترف بأنه لا يعرف ما إذا كان موظفو "أمازون" يسيئون استخدام بيانات التجار المستقلين، الذين يفترض فيهم أن يكونوا شركاء. وأعلن أن "من غير المقبول" أن يكون بعض الأشخاص في شركته قد عمدوا إلى الترويج للسلع المقلدة عن عمد لتحقيق مبيعات إعلانية، وكان يبدو عليه الارتباك فعلا حين علم أن "أمازون" ألغت تسجيل بائع كتب صغير مستقل دون تفسير.
بالنسبة لأي شخص يعتمد مصدر رزقه على منصة أمازون القوية على الإنترنت، فإن هذا لا يوحي له بالثقة بأنه سيحصل دائما على صفقة عادلة.
نظراء بيزوس في "أبل"، و"ألفابت"، و"فيسبوك"، الذين يتمتعون بخبرة أكبر في جلسات الاستماع السياسية، كانوا أكثر قدرة على التعامل مع انتقادات اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار، التابعة لمجلس النواب، وكانوا يلجأون إلى العبارات المكرورة. لكنهم تمكنوا مع ذلك من الظهور بمظهر المراوغين، وكانوا في وضع دفاعي في مواجهة هجوم النواب الديمقراطيين الذي كان، رغم كل الاحتمالات المعاكسة، فعالا بشكل مدهش. لم يكن من السهل قط الوقوف في وجه عدد قليل من الشركات القوية بشأن مجموعة من القضايا المعقدة، خاصة مع إلهاء أقلية جمهورية مهتمة أكثر باستخدام جلسة الاستماع لتسجيل نقاط سياسية.
لكن إذا كان الحدث قد ساعد على تسليط الضوء على بعض الطرق، التي عززت بها أقوى المنصات التكنولوجية موقعها، وكيف أصبحت مكانا أكثر عداء لبعض المطورين والتجار والناشرين المستقلين، الذين يعتمدون عليها، فإنه أغفل تسليطا يسلط على كثير من الانتهاكات الواضحة، التي كانت تستوجب إجراءات فورية. جاءت الضربة الأكثر وضوحا ضد "فيسبوك". وكشفت الاتصالات الداخلية كيف ينظر مارك زوكربيرج إلى عمليات الاستحواذ بصفتها وسيلة فعالة لتحييد المنافسين المحتملين، وكيف أن الشركات الناشئة تخشى من أنها إذا رفضت عرض الاستحواذ المقدم من "فيسبوك"، فإنها ستصبح هدفا لـ"التدمير".
أظهرت وثائق داخلية أخرى اكتشفتها اللجنة أن التنفيذيين في شركات التكنولوجيا الرائدة يعيشون في صراع مع كيفية استخدام منصاتهم الهائلة لدعم مواقعهم في أسواق التكنولوجيا سريعة التغير. المطلعون في "جوجل" يشعرون بالقلق من كيفية درء المنافسة عن طريق إقامة ما سماه النقاد الديمقراطيون "حديقة مسورة". وكما قال أحد التنفيذيين: "الويب المفتوح الذي عرفناه وأحببناه سيتلاشى". لكن إذا كان هذا هو أكثر الأدلة الدامغة، التي استطاع الساسة استخراجها من الوثائق الداخلية التي جمعوها، والبالغ عددها 1.3 مليون وثيقة، فمن المحتمل ألا يكون لدى شركات التكنولوجيا الكبرى كثير مما تخشاه.
هذا يترك الهجمة ضد شركات التكنولوجيا إلى حد كبير، حيث كانت قبل جلسة الأسبوع الماضي، مع ضغوط سياسية وتنظيمية متزايدة من أجل اتخاذ إجراءات، لكن مع أساس قانوني هش لتحدي هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى بشكل جاد، وآفاق سياسية غير مؤكدة.
التحدي التنظيمي يتزايد بالتأكيد، ربما تكون هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة قد تخلت عن الموضوع الشهر الماضي، من خلال عدم التوصية بإجراء تحقيق كامل في الإعلانات الرقمية، لكن جهات أخرى تعمل على إنشاء حجة لمصلحة مواقفها.
يبدو أن المفوضية الأوروبية على استعداد لمقاومة استحواذ "جوجل" على "فيتبيت" دون فرض قيود صارمة على البيانات الصحية للمستخدمين. وفي أستراليا شرعت هيئة تنظيم الاستهلاك والمنافسة في مقاضاة شركة البحث بتهمة تضليل المستخدمين بشأن كيفية دمجها بين البيانات لاستهداف الإعلانات. وأشارت أيضا إلى أن سيطرة الشركة على عديد من أجزاء سلسلة القيمة في الإعلانات الرقمية تضعها في وضع غير عادل- وهي مسألة تنظر فيها الولايات المتحدة أيضا.
لكن إلى أي مدى لدى بروكسل شهية لهجوم جديد ضد شركات التكنولوجيا الكبرى فهو سؤال آخر، الاستئناف الناجح ضد الغرامة الضخمة المفروضة على المركز الضريبي لشركة أبل في إيرلندا أدى إلى إضعاف سمعة مفوضة الشؤون الرقمية، مارجريت فيستاجر، وترك سؤالا حول تكتيكاتها القوية.
على النقيض من ذلك، يبدو أن وزارة العدل الأمريكية مستعدة للمضي قدما بشكوى ضد "جوجل"، فيما سيكون أهم قضية تكنولوجية لها منذ تحديها "مايكروسوفت" منذ أكثر من عقدين. وزارة العدل برئاسة، بيل بار، استعدت الديمقراطيين بدعمها لبعض سياسات الرئيس ترمب الأكثر إثارة للجدل، لكن قد تكون هذه قضية تجمع بين الجانبين.
بالنسبة لوزير العدل، القضية المرفوعة ضد "جوجل" ستكون طريقة جيدة لإظهار مدى قوة قوانين مكافحة الاحتكار الحالية، وتأكيد الحجة المحافظة بأنه لا توجد حاجة لسن تشريع أكثر صرامة ضد الشركات الكبيرة. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي يظهر فيها المرشح الديمقراطي مفضلا واضحا في استطلاعات الرأي، تقلص الضرر المحتمل من إقامة قضية محفوفة بالمخاطر.
في غضون ذلك، يمكن للديمقراطيين أن يشعروا بالتشجيع من جلسة الاستماع الأسبوع الماضي، إذا كانوا يأملون في قصقصة أجنحة شركات التكنولوجيا الكبرى. لكن البيت الأبيض برئاسة جو بايدن سيواجه قضايا أكثر إلحاحا، بدءا من أزمة صحية واقتصادية مشتركة ذات حجم تاريخي. هناك أيضا حاجة ملحة بصورة متزايدة للتعامل مع القضايا العميقة للعدالة الاجتماعية والعرقية - ناهيك عن تغير المناخ.
بالنسبة لمليارات الأشخاص الذين ينشرون، أو يبحثون في مواقع شركات التكنولوجيا الكبرى، ويشترون هواتفها ويتسوقون في مراكز التسوق الخاصة بها عبر الإنترنت، لا تزال تلك الشركات تحظى بشعبية كبيرة. إنه سؤال مفتوح حول مقدار الإرادة السياسية اللازم لفرض قيود جدية على الصناعة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES