FINANCIAL TIMES

شركات الطيران: طائراتنا أكثر أمانا من القطارات والمطاعم

شركات الطيران: طائراتنا أكثر أمانا من القطارات والمطاعم

أعلن بعض شركات الطيران إن المسافرين سيحتاجون إلى طلب إذن للذهاب إلى التواليت وكثير منها قلّص الخدمات للحد من التفاعل بين الطاقم والمسافرين.

مع تدافع شركات الطيران لإعادة أساطيلها إلى الأجواء، تكافح الصناعة لاستعادة ثقة المسافرين بأن السفر في طائرة مغلقة مع مئات الأشخاص ليس خطرا كما قد يبدو.
خلال الشهر الماضي كثفت صناعة الطيران- من شركات الطيران، إلى شركات تصنيع الطائرات، إلى المطارات- حملتها لمعالجة مخاوف السلامة المتعلقة بانتشار فيروس كورونا، في الوقت الذي تتطلع فيه للانتعاش من أسوأ أزمة في تاريخها الممتد على مدى 100 عام.
قال الدكتور ديفيد باول، المستشار الطبي في "أياتا"، الاتحاد الدولي للنقل الجوي: "جميع البيانات التي يمكننا الاطلاع عليها تخبرنا أن الطائرات أقل خطورة من أي مكان عام مكافئ مثل حافلة، قطار، مطعم، أو مكان عمل". لكنه يعترف بأن القطاع يواجه "تصورا واسع الانتشار بأن الطائرات مكان خطير".
ينبع الخوف من كون الطائرات مساحات محصورة، حيث يكون الأشخاص، أحيانا من بلدان مختلفة، قريبين من بعضهم بعضا لفترات طويلة - جميع العوامل، التي تزيد خطر الإصابة بفيروس كورونا، وذلك وفقا لدراسات علمية.
استطلاع بتكليف من الصناعة شمل 4700 مسافر جوي سلط الضوء على هذه المخاوف. وفقا لـ"أياتا"، 65 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قالوا إن أكبر مخاوفهم هي الجلوس بجانب شخص قد يكون مصابا. نحو 42 في المائة قالوا إنه استخدام التوليت، بينما قال 37 في المائة إنهم قلقون بشأن استنشاق الهواء في الطائرة.
لكن خبراء يشيرون إلى أن السمات المميزة لأنظمة تهوية الطائرات يمكن أن تقلل المخاطر، "معدل الاستبدال" - عدد المرات التي يتم فيها إزالة حجم الهواء المكافئ لحجم المقصورة كل ساعة - سريع جدا.
شون فيتزجيرالد، أستاذ زائر في الأكاديمية الملكية للهندسة في جامعة كامبريدج، قال إن وقت الدوران هذا يمكن أن يصل إلى ثلاث أو أربع دقائق في الطائرة، مقارنة بـ20 أو 30 دقيقة في بيئة داخلية على الأرض.
في حين أن هذا لا يعني إزالة كل جزيء في البيئة كل بضع دقائق، إلا أن تدفق الهواء الذي يخلقه ربما يقلل بشكل كبير من خطر التعرض لتركيزات عالية من الفيروس على مدى فترات طويلة.
هناك عامل حاسم آخر هو أن الهواء المعاد تدويره عبر مقصورة الطائرة يمر عبر أنظمة تكييف الهواء مع فلاتر أكثر تطورا وفاعلية من تلك الموجودة بشكل عام في الأماكن الداخلية على الأرض.
وجدت دراسات سابقة أن ما يسمى فلاتر إتش إي بي أيه HEPA - المصممة لبيئات تكون فيها جودة الهواء العالية ضرورية - تزيل جميع جزيئات الحجم العادي لفيروس كورونا.
قال البروفيسور فيتزجيرالد: "معظم أنظمة تكييف الهواء اليومية لا تعمل بمعدلات عالية لاستبدال الهواء - ولا توجد فيها فلاتر HEPA لأنها لا تحتاج إليها".
قدمت كل من "إيرباص" و"بوينج" نصيحة لشركات الطيران بإبقاء نظام التهوية يعمل في حالة صعود المسافرين ونزولهم من الطائرة لتقليل المخاطر أكثر - من آذار (مارس) لم تكن منتشرة قبل كوفيد - 19.
هناك عوامل أخرى قد تقلل أيضا انتقال الفيروس. ظهر المقاعد يساعد على حجب مسار قطرات الجهاز التنفسي، التي تنبعث من الفم والأنف. كما يميل الركاب أيضا إلى البقاء في مقاعدهم وعدم قضاء فترات طويلة في أجزاء مختلفة من المقصورة، ما يقلل من خطر نقلهم المرض إلى مجموعات متعددة من الأشخاص.
قالت بعض شركات الطيران، مثل "ريان إير"، إن المسافرين سيحتاجون إلى طلب إذن للذهاب إلى التواليت، وكثير منها قلص الخدمات للحد من التفاعل بين الطاقم والمسافرين.
قالت آشلي وودكوك، أستاذة طب الجهاز التنفسي في جامعة مانشستر: "إنها بيئة منضبطة جدا، اعتاد الأشخاص على الوقوف في طوابير والجلوس حيث يطلب منهم. يمكنك جعلها أكثر انضباطا بسهولة نسبيا".
حتى الآن لا توجد أدلة تذكر على انتقال فيروس كورونا على متن الطائرة أثناء الرحلة. رحلة من الولايات المتحدة إلى تايوان في آذار (مارس)، حيث تم في وقت لاحق تأكيد وجود 12 شخصا تظهر عليهم الأعراض في وقت الرحلة، لم تسفر عن حالات مؤكدة ثانوية بين المسافرين الآخرين وأفراد الطاقم البالغ عددهم 328.
في استطلاع شمل 18 شركة طيران وجدت "أياتا" أن الفترة من كانون الثاني (يناير) حتى آذار (مارس) شهدت أربعة حوادث فقط لاشتباه انتقال كوفيد - 19 على متن الطائرة، جميعها من مسافرين إلى أفراد الطاقم، وأربع حالات أخرى لانتقال واضح من طيار إلى طيار.
استطلاع أكثر عمقا على أربع شركات طيران بحث في رحلات كانت تحمل نحو 125 ألف مسافر- تم تحديد 1100 حالة مؤكدة منهم- حدد حالة ثانوية محتملة لمسافر واحد وحالتين من أفراد الطاقم.
لكن هناك استثناءات. تحقيق في رحلة من المملكة المتحدة إلى فيتنام في آذار (مارس) أشار إلى أن هناك مسافرا واحدا نقل العدوى إلى 14 آخرين - 12 منهم كانوا يجلسون في مكان قريب منه.
جيم هاس، مدير تسويق المنتجات في "بوينج"، قال في حين كانت هناك حالات "قليلة" لاحتمال نقل العدوى على متن الطائرة، إلا أن المخاطر لا تزال منخفضة، في سياق آلاف الرحلات هذا العام.
لكن العلماء يقولون إن الأدلة على انتقال فيروس كورونا على متن الطائرة لا تزال ضعيفة ومن المحتمل أن تظهر دراسات تشير إلى مزيد من المخاوف.
في حين أن التباعد الاجتماعي على متن الطائرة قد يقلل من خطر انتقال العدوى أكثر، كما يقول العلماء، إلا أن قلة من شركات الطيران- باستثناء بعض الشركات في الولايات المتحدة- تخطط لترك المقاعد المتوسطة فارغة، لأن ذلك يعني أنها ستكافح لتحقيق أي ربح. كما لم يكن هناك أيضا أي شرط من قبل سلطات الطيران، مثل وكالة "سلامة الطيران" التابعة للاتحاد الأوروبي، أو إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية، أو منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة، لجعل التباعد الاجتماعي إلزاميا على متن الطائرات.
أدخلت شركات الطيران تدابير سلامة أخرى، مثل الكمامات الإلزامية للمسافرين والطاقم، وتحسين نظافة المقصورة، وتغيير عمليات الصعود، والعمليات على متن الطائرة للحد من الاتصال بين الأشخاص.
بعض شركات الطيران والمطارات تنظر في إدخال فحوص كوفيد - 19 لتوفير مزيد من الاطمئنان، وذلك في محاولة منها لفتح الخطوط المهمة، مثل السوق المربحة عبر المحيط الأطلسي.
كذلك تبحث شركات تصنيع الطائرات في طرق أخرى لتحسين السلامة، تبحث "بوينج" في مواد جديدة مثل الأغلفة أو الأسطح المضادة للميكروبات، التي قد تقتل أي فيروس يهبط عليها، ويمكن استخدام هذه المواد على معدات يتم تركيبها من قبل شركة صناعة الطائرات- كما هو الحال في التوليت.
وتعكف أيضا على تطوير مطهر محمول بالأشعة فوق البنفسجية يقول هاس إنه يمكن أن يكون متوافرا "في غضون عام أو نحو ذلك". وهو مصمم كحقيبة ظهر مع عصا محمولة للأشعة فوق البنفسجية، وفي إمكان موظفي شركات الطيران التلويح بالضوء على المنطقة لتطهيرها وسيقتل أي فيروس "خلال ثوان"، كما قال.
السير تيم كلارك، رئيس شركة طيران الإمارات، قال: "لا يوجد حل سحري يوفر ضمانا 100 في المائة ضد الإصابة بكوفيد - 19، أو أي عدوى أخرى بهذا الشأن، دون وضع الأشخاص في فقاعة من لحظة مغادرتهم لمنازلهم. من المستحيل القضاء تماما على المخاطر، لكن بشكل جماعي كل هذه التدابير تساعد أكثر على تقليل مخاطر التعرض للمرض وانتقاله".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES