FINANCIAL TIMES

الشركات الأمريكية الصغيرة تقرع ناقوس الخطر

الشركات الأمريكية الصغيرة تقرع ناقوس الخطر

إذا كنت تتطلع إلى توقع شكل الانتعاش الاقتصادي الأمريكي - سواء كان ذلك على شكل V أو W أو L أو حتى K - فلا تنظر إلى الأسواق. انظر بدلا من ذلك إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل 50 في المائة من العمالة في الدولة. فهي أفضل مؤشر اقتصادي في أمريكا الآن. وهي أيضا في مأزق.
الإعانات الطارئة منذ بداية الوباء ساعدت أكثر من 70 في المائة منها. لكن هذه الفوائد انتهت بنهاية الشهر الماضي، على الرغم من أن الشركات الصغيرة العادية لديها احتياطيات نقدية كافية فقط لتغطية تكاليف أسبوعين.
في الوقت نفسه، بحلول نهاية تموز (يوليو) سيعود برنامج حماية الرواتب، PPP، إلى مستويات ما قبل كوفيد - 19. وهذا يعني أن إعانات البطالة ستنكمش إلى نحو 40 في المائة مما هي عليه الآن، مع تأثير كبير في إنفاق المستهلكين. بافتراض عدم وجود حوافز أو مساعدات أخرى من المالية العامة، سيؤدي هذا المزيج إلى موجة جديدة من إخفاقات الشركات الصغيرة. أخشى أن تكون بعض المؤسسات المحلية المفضلة لدي من بينها. يوجد في الشارع مطعم ودار للسينما – يسمى نايتهوك Nitehawk، أغلق أبوابه في آذار (مارس). وحاول منذ ذلك الحين جمع أموال لدعم موظفيه من خلال بيع شهادات هدايا عبر الإنترنت (سيتم استردادها في مرحلة معينة من مستقبل متفائل) والتمويل الجماعي. عندما راجعت الموضوع قبل بضعة أيام، كان لا يزال ينقصهم 13 ألف دولار للوصول إلى هدفهم البالغ 40 ألف دولار. قد يكون السبب في ذلك هو أن الحي يمول بالمثل عددا لا يحصى من المؤسسات المحلية الأخرى، من المحال الصغيرة إلى صالونات الأظافر. تقول اللافتات الموجودة خارج نايتهكوك: "نراكم على الجانب الآخر". لكن هل سنفعل؟
بعض الأرقام الأخيرة تجعلني أشعر بالتشاؤم. أظهرت دراسة أجراها بنك جيه بي مورجان تشيس الأسبوع الماضي على 1.3 مليون شركة صغيرة ومتوسطة الحجم أن أرصدتها النقدية تراجعت 13 في المائة قبل أن يبدأ مفعول برنامج التحفيز.
بحلول منتصف نيسان (أبريل)، انخفضت عائدات شركات الخدمات الشخصية - عادة ما يعمل فيها شخص واحد، مثلا، صانع أقفال، أو مصفف شعر، أو حاضنة حيوانات أليفة - بنسبة 80 في المائة. مثل هذه الشركات مملوكة بشكل غير متناسب من قبل أصحاب المشاريع من الأقليات، وهو سبب آخر يجعل الوباء يزيد عدم المساواة. بحلول منتصف حزيران (يونيو)، قال ما يقارب نصف أصحاب الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة إنهم لا يتوقعون العودة إلى العمليات الطبيعية خلال الأشهر الستة المقبلة، وفقا لاستطلاع أجراه بنك كريدي سويس.
مثل هذه الشركات - من النوادي الصحية إلى المطاعم وشركات التجزئة - توظف نحو نصف القوة العاملة الأمريكية. فهي ليست من الشركات "الاستراتيجية" أو "ذات النمو المرتفع" من النوع الذي يسعى صناع السياسة والاقتصاديون عادة إلى تشجيعها. لكن ألمها "يمثل مشكلة كبيرة للاقتصاد الكلي"، كما أخبرني تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة دويتشه بانك للأوراق المالية – خصوصا لأنها توفر وظائف أكثر بكثير من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500، التي تمثل 10 في المائة فقط من إجمالي العاملين في الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة.
أداء كثير من تلك الشركات الكبرى جيد جدا، ولا سيما شركات التكنولوجيا التي تمثل شريحة أكبر من ثروة الشركات مما كانت عليه قبل الوباء. أسعار أسهمها ترتفع إلى الأعالي. لكن الأسواق لا علاقة لها بالواقع في الوقت الحالي. أدت السيولة التي أطلقها الاحتياطي الفيدرالي إلى قتل عملية اكتشاف الأسعار من خلال دعم كل أنواع الأصول التي يمكن تصورها. ارتفع سعر سهم هيرتز، على الرغم من أنها أعلنت إفلاسها. هل من بين مسؤولي البنوك المركزية والمضاربين المراهقين في موقع روبنهود Robinhood من يعتقد حقا أن الأسواق تقدم حاليا تقييما دقيقا للاقتصاد؟
هذا النوع من الانفصال يمكن أن يستمر لبعض الوقت. كما أشار المؤرخ الاقتصادي تشارلز كيندلبيرجر في كتاب عن حالات الطفرة والانهيار المالي، يمكن أن تظل الأسواق خاطئة لفترة طويلة قبل أن تشرع في التصحيح. وإلا كيف يمكن تفسير أسعار الأصول التي تفترض حاليا انتعاشا على شكل حرف V، على الرغم من أننا نشهد فيما يبدو موجة ثانية من الإصابات بكوفيد - 19 في عدد من الولايات؟ كذلك حذر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد العالمي يواجه تباطؤا أعمق من الركود الذي يشبه الكساد العظيم الذي توقعه منذ فترة.
لست مضطرا إلى تحليل إحصاءات الصحة العامة أو تقارير المحللين غير الواضحة لتفهم كيف يبدو الاقتصاد الحقيقي في أمريكا. ما عليك سوى السير في الشارع التجاري الرئيس. العدد الذي لا يحصى من الشركات الصغيرة التي أغلقت أبوابها تمثل ثلثي الـ20 مليون وظيفة التي فقدت منذ تفشي الوباء. بعض مواقع الوباء الساخنة السابقة، مثل نيويورك، يعاد فتحها الآن بحذر شديد. لكن توقعات الإيرادات لمعظم الشركات الصغيرة ليست قريبة ولو من بعيد من الوضع الطبيعي.
من المؤكد أن موجة ثانية من المرض ستثير جولة أخرى من عمليات تسريح الموظفين والإعسار. وفقا للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، يمكن لواحدة فقط من بين كل خمس شركات صغيرة أن تنجو من فقدان الدخل لمدة شهرين. حتى إن كثيرا من الشركات الصغيرة تقلص من إعادة التوظيف في الوقت الذي يعاد فيه فتحها. بالنسبة للقطاعات الأكثر تضررا، قد لا تعود الأمور إلى طبيعتها أبدا. وجدت دراسة لـ"كريدي سويس" أن 17 في المائة من الفنادق والمطاعم تعتقد أن إيراداتها لن تعود أبدا إلى مستويات ما قبل كوفيد - 19.
التأثيرات الثانوية لكل ذلك ستكون ضخمة. كثير من الشركات الصغيرة موجودة فعليا على الأرض وليست افتراضية. لم يتم تصميمها للإغلاق، وليست لديها إمكانية الوصول إلى رأس المال العالمي. فهي متجذرة في المجتمعات المحلية التي تخدمها.
حظوظ هذه الشركات لا تتحسن بفعل سيولة البنك المركزي. أي مستثمر يريد فعلا أن يقيس النبض الاقتصادي لأمريكا يحتاج فقط إلى التحدث إلى صاحب المقهى، أو صالون التجميل، أو صالة السينما في منطقته المحلية. وسيحصل على قراءة مختلفة تماما عن قراءة وول ستريت.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES