FINANCIAL TIMES

فلنتعلم من الذين يفعلون الأشياء بشكل مختلف

فلنتعلم من الذين يفعلون الأشياء بشكل مختلف

خسرت البرازيل اثنين من وزراء الصحة ـ بديلهما جنرال. من المحتمل أن الدولة لديها الآن أعلى نسبة انتشار لعدوى فيروس كورونا في العالم.
لفترة وجيزة كانت كوريا الجنوبية الأكثر تضررا خارج الصين. قمعت الفيروس، وإن كان مع عمليات تقليص كبيرة للحياة اليومية. توفي 280 شخصا فقط في المجموع. في المملكة المتحدة في منتصف نيسان (أبريل) كان يمكن الوصول إلى عدد الوفيات هذا كل صباح قبل موعد الإفطار.
دخلت فيتنام في حركة تقييد قاسية ومبكرة وسريعة وأدخلت برنامجا قويا لتتبع المخالطين. كان هناك بضع مئات الحالات المؤكدة ولم تحدث وفيات.
شرعت ألمانيا في تنفيذ برنامج ضخم لامركزي للفحوص وتتبع المخالطين للمساعدة على إبطاء انتشار الفيروس، ثم طبقت إغلاقا مبكرا. تم احتواء الضرر الاقتصادي، بينما بقي معدل الوفيات أقل بكثير مما هو في فرنسا أو إيطاليا أو إسبانيا.
اختارت السويد سياسة "مناعة القطيع"، من خلال إبقاء المدارس والشركات مفتوحة واعتماد تدابير التباعد. أعلن يوهان جيزكي، عالم الأوبئة السويسري المؤثر، أن معدل الوفيات ربما كان نحو 0.1 في المائة - أقل فتكا مما كان يخشى في أماكن أخرى. السويد لديها أعلى نسبة انتشار للعدوى في أوروبا في الوقت الحالي، عن قصد. تدفق الحالات المؤكدة الجديدة لا يزال ينمو.
حاولت المملكة المتحدة تجربة سياسة مناعة القطيع، أيضا، قبل أن تلجأ إلى الإغلاق في وقت متأخر وإخراج بعض المسنين من المستشفيات إلى دور الرعاية من دون فحصهم. واحد من 16 مقيما في دور الرعاية في المملكة المتحدة توفي حتى الآن، وفقا لستيوارت ماكدونال من معهد وكلية الاكتواريين، ويمكن القول إن بريطانيا عانت واحدة من أشد حالات الوباء فتكا في أي بلد حتى الآن. المتاجر مفتوحة. بالنسبة لمعظم التلاميذ، في معظم الأيام، المدارس ليست كذلك.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، كانت الاستجابة متنوعة جدا في جميع أنحاء الولايات المختلفة على نحو يجعل من الصعب إعطاء وصف سهل. "خليط مشتت من عمليات إعادة فتح الولايات"، كما وصفتها "واشنطن بوست" في منتصف أيار (مايو)، مضيفة أنها "لعبة مميتة من التجربة والخطأ".
من المؤكد أن هذا التنوع الفوضوي للطرق والأساليب، في كل من الولايات المتحدة وجميع أنحاء العالم، يجعل من الصعب على جميع الدول أن تتمكن في وقت واحد من قمع الفيروس مثلما فعلت كوريا الجنوبية. لكن القمع العالمي الآن يبدو مستحيلا على أية حال.
على الأقل نقص التنسيق المثير للقلق هو فرصة لمعرفة ما يمكن أن ينجح من خلال مقارنة الطرق المختلفة. في 1932 كتب قاضي المحكمة العليا الأمريكية، لويس برانديس: "ولاية شجاعة واحدة قد تكون ـ إذا اختار مواطنوها ـ مختبرا لإجراء التجارب الاجتماعية والاقتصادية الجديدة دون تعريض بقية البلاد للخطر".
في حالة المرض المعدي، بالكاد يمكننا القول إن التجارب لا تخلو من المخاطر. لكن ربما ينبغي لنا إعادة صياغة مجموعة متنوعة من الاستجابات باعتبارها فرصة للتعلم من مختبر الذين يفعلون الأشياء بشكل مختلف.
يجادل الاقتصادي تشارلز مانسكي بشكل مقنع أن النمذجة تعلمنا كثيرا فقط عن مستقبل غير مؤكد، سواء كان منفذو النمذجة هم اقتصاديون أو علماء أوبئة. في نهاية المطاف، يجب أن يتعلم الإنسان من التجربة. كلما زادت التجارب التي تشهدها المدن أو الولايات أو الدول، يصبح بإمكاننا التعلم بشكل أسرع من بعضنا بعضا.
لكن تقديم ذلك مع مثال عملي أمر والتعلم منه أمر آخر. يبدو من الواضح أن الدول الغربية لم تتعلم سوى القليل من تجربة فيروس سارس. وحتى عندما وصل الفيروس الجديد إلى إيطاليا، بدت الدول الأوروبية مترددة قبل أن تتصرف بجدية. التأخير كان قاتلا.
لماذا كان عدد كبير للغاية من الدول بطيئا جدا؟ سألت جيل روتر وجيما تيتلو، من معهد الحكومة. إحدى المشكلات التي ذكرتها - وهي محزنة وبشرية جدا - هي أنه ببساطة من الملائم أكثر التعلم من الدول ذات اللغة المشتركة. هناك كثير من المعلومات في المملكة المتحدة حول ما يحدث في نيوزيلندا والولايات المتحدة والسويد التي تتحدث الإنجليزية بطلاقة. يبدو أن الرسائل من كوريا الجنوبية أو فيتنام تأتي من كوكب آخر.
ينبغي أن يكون بإمكان الدبلوماسيين، بالطبع، جمع المعلومات من أي مكان في العالم. لكن الأشخاص في الحكومة البريطانية الذين لديهم معارف في هانوي وسيئول ليسوا بالضرورة هم أنفسهم الذين لديهم معارف في الصحة العامة وعلم الأوبئة.
الأيديولوجيا مهمة أيضا. بالنسبة لبعض السياسيين الولايات المتحدة هي أنموذج يحتذى به. بالنسبة لآخرين اسكندنافيا هي المثل الأعلى. يبدو أن الحكومة البريطانية الحالية غير راغبة في تعلم أي شيء من ألمانيا، بينما يبدو أن لا أحد يهتم بفيتنام.
هناك سبب آخر لعدم كون الدول معدة في الغالب للتعلم من الآخرين: لكل مكان مؤسساته وثقافته وتاريخه. في معظم مجالات السياسة، لا تترجم الدروس بسهولة. هناك حد لمقدار ما يمكن أن تتعلمه المملكة المتحدة في الواقع من الهيئات التنظيمية المصرفية اليابانية، أو ما يمكن أن تستخلصه إثيوبيا من دراسة لمعاشات التقاعد الألمانية. نقاط الانطلاق بعيدة جدا بحيث تكون الدروس غامضة.
فيروس كورونا مختلف. فهو لا يهتم بالمعايير الثقافية وبالكاد يهتم بمستوى التنمية الاقتصادية. هناك كثير من الدروس التي يمكن أن نتعلمها من بعضنا بعضا حول كيفية التعامل معه. لكن يجب تعلمها بسرعة – ونحن لسنا معتادين على الدراسة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES