FINANCIAL TIMES

معركة كسر عظم بين التأمين والشركات الصغيرة

معركة كسر عظم بين التأمين والشركات الصغيرة

النزاع المرير بين صناعة التأمين والشركات الصغيرة قضية الساعة في حي المال اللندني

تعتزم هيئة التنظيم المالي في بريطانيا مقاضاة شركات التأمين في محكمة البداية أو الموضوع، الشهر المقبل، في محاولة للإجابة عن سؤال صعب على نحو متزايد: ما النسبة التي ينبغي أن تتحملها الصناعة من فاتورة الفيروس؟ سيساعد الجواب على تحديد معركة قانونية عالمية يمكن القول إنها الأكبر، التي تبرز من أزمة أودت بحياة أكثر من 400 ألف شخص، وأغرقت الاقتصاد العالمي في حالة ركود.
في حين أن شركات التأمين دافعت عن كل شيء من إلغاء المناسبات إلى مطالبات السفر، إلا أن القضية التي رفعتها هيئة السلوك المالي تركز على ما إذا كانت بوالص انقطاع الأعمال، تغطي الخسائر التي لحقت بالشركات، بسبب عمليات الإغلاق المفروضة لوقف انتشار كوفيد - 19 أم لا؟
هذه معركة تشن في الأصل في أوروبا والولايات المتحدة وبريطانيا - في بعض الأحيان في المحاكم، لكن غالبا ما تكون مباشرة بين شركات التأمين الكبيرة والشركات الصغيرة، التي تكافح للبقاء على قيد الحياة.
قال كيه سي سوري، مالك سلسلة تجارية في بريطانيا، تبلغ مطالبتها البالغة أربعة ملايين جنيه، رفضتها مجموعة أكسا الفرنسية للتأمين "إنها تستخدم رفضا شاملا للدفع ولا تنظر في كل حالة على حدة. إنه قرار مستبد للغاية من مجموعة أكسا وشركات التأمين الأخرى. نحن نحارب من أجل المبدأ".
الشركات الصغيرة، التي ترواح بين المطاعم وأطباء الأسنان وصالونات الكوافير، تقول إن بوالص التأمين ضد انقطاع الأعمال ينبغي أن تغطي الأضرار الاقتصادية التي يسببها فيروس كورونا. إنها غالبا ما ترفض بشكل خاطئ دفع مدفوعات يمكن أن يتبين أنها شريان حياة مالي.
تقول الصناعة إن تكاليف الوباء، في جميع الحالات باستثناء حالات قليلة، لا تتم تغطيتها ببساطة من خلال البوالص المصممة للدفع، إذا اضطرت الشركات إلى الإغلاق مؤقتا بسبب حدث مثل الحريق.
قال هيوإيفانز، المدير العام لجمعية شركات التأمين البريطانية: "بوالص انقطاع الأعمال قائمة على الممتلكات. الأغلبية العظمى منها توفر تغطية ضد الفيضانات والحرائق والأضرار المادية الأخرى، التي يتعرض لها المبنى".
قال إيفانز إن أقلية من البوالص لديها ملحقات لتغطية الأمراض المعدية، لكن تأمين انقطاع الأعمال المذكور سيكون مكلفا أكثر بخمس مرات لو كان قد تم تصميمه للأوبئة.
إذا كانت الصناعة مصرة على أن الشروط التفصيلية الدقيقة في العقود واضحة، فإنها تدرك أيضا خطر السمعة من معركة بين الشركات متعددة الجنسيات ذات الموارد الجيدة ضد الشركات الصغيرة.
في بريطانيا، شرعت نحو عشر مجموعات عمل في حملات للضغط على شركات التأمين لتدفع. إحداها، على سبيل المثال، جمعت المئات من حاملي البوالص من الشركات، وأطلقت مطالبة بقيمة 40 مليون جنيه ضد شركة تأمين مدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 250.
قال روبرت يونجر، مدير مركز سمعة الشركات جامعة أكسفورد، في حديثه عن تكلفة التأمين: "في عام عادي، تختفي هذه الأموال في ثقب أسود. عندما تريد شيئا فعلا، تتغير شركات التأمين وتقول: ’هذا كان استثناء لم تتم تغطيته‘". هذا يساعد على تفسير سبب قيام بعض شركات التأمين بالدفع لتجنب أن ينتهي بها المطاف في المحكمة.
شركة هيلفثيا السويسرية، على سبيل المثال، عرضت الدفع للشركات في صناعة المواد الغذائية، على الرغم من أنها تقول إن تغطية الأوبئة مستثناة في بوالص التأمين ضد الأوبئة التي تصدرها.
توماس بوبرل، الرئيس التنفيذي لمجموعة أكسا دعا الزبائن غير الراضين إلى التفاوض بدلا من التقاضي. في الولايات المتحدة، كثير من النزاعات تتجه منذ الآن إلى المحكمة.
قال روبن كوهن، المحامي المختص بقضايا التأمين في شركة ماكول سميث في نيويورك: "هناك أكثر من 100 قضية فيدرالية تم رفعها الآن في جميع أنحاء البلاد. المثير للاهتمام أن صناعة التأمين رفضت دفع أي خسائر، بغض النظر عما إذا كانت البوالص المعنية تحتوي استثناء الوباء - لقد قررت رفضا شاملا".
منطق هذا النهج ينبع جزئيا من أن كثيرا من شركات التأمين تستخدم صياغة موحدة في بوالص الشركات الصغيرة - لذلك فإن قرار الدفع في حالة واحدة قد تكون له تداعيات هائلة.
من خطوط المعركة المحددة ما إذا كانت صياغة البوليصة تسمح لمالك شركة صغيرة بالمطالبة بتعويض الخسائر، إذا أجبرته الحكومة على الإغلاق.
لهذا السبب ستحظى قضية محكمة البداية في بريطانيا بجمهور عالمي. طلبت هيئة السلوك المالي من المحكمة أن تحكم في صياغة 17 بوليصة متنازعا عليها من ثماني شركات تأمين مختلفة، في محاولة لتحديد ما إذا كان انقطاع الأعمال بسبب الوباء مغطى.
حتى لو كان قرار المحكمة لصالح حاملي البوالص، سيبقى أصحاب المطالبات يواجهون عقبات ومناقشات مطولة حول المبلغ المستحق لهم. هذا يعني أن أي مدفوعات محتملة من المرجح أن تكون على بعد أشهر.
قال بروس هيبورن، الرئيس التنفيذي لشركة ماكتافيش، "إذا قالت المحكمة إن البوالص يجب أن تدفع وإن الاستثناءات لا تنطبق، فلا يزال أمامك طريق طويل لتلقي الأموال. من الناحية العملية تحل هيئة السلوك المالي الغموض بشأن بعض العبارات في بعض العقود".
إذا خسرت الصناعة، فقد تجد نفسها أمام فاتورة مطالبات إجمالية تتجاوز إلى حد كبير مبلغ الـ100 مليار دولار الذي توقعت مجموعة لويدز في لندن أن تواجهه الصناعة من فيروس كورونا.
عندما اندلع الفيروس أول مرة، قدم التنفيذيون تنبؤات مدمرة بالإفلاس، إذا أجبرت شركات التأمين على تغيير البوالص بأثر رجعي لتشمل تغطية الوباء.
هذا التهديد بالذات تم اقتراحه في هيئات تشريعية أمريكية، إلا أنه انحسر الآن، لكن لا يزال من الممكن أن تكون التكاليف لا يستهان بها.
شركة ويليستاورز واتسون، تتوقع أن تغطية انقطاع الأعمال قد تكلف شركات التأمين أكثر من 40 مليار دولار في بريطانيا والولايات المتحدة وحدهما.
إذا بدأت المحاكم في الحكم ضد الصناعة، فإن حجم الضرر المالي سيزداد. على سبيل المثال، تتوقع شركة زيوريخ أن تدفع 750 مليون دولار كمطالبات تتعلق بفيروس كورونا، لكنها تقول إن الرقم قد يزيد 200 مليون دولار إذا حكمت محكمة البداية بأن صياغة البوليصة توفر التغطية.
لن تكون شركات التأمين وحدها هي التي ستواجه وضعا غير مريح. التكاليف المتزايدة للصناعة يمكن أن ترتد في نهاية المطاف على هيئات التنظيم، أيضا.
أحد أعضاء جماعة ضغط للصناعة في الولايات المتحدة قال: "إذا كتبنا فعلا خطر وباء، عندها سيكون هذا أحد أكبر الإخفاقات التنظيمية في التاريخ - لأنه لم يطلب منا الاحتفاظ بأي أموال كضمان ضده".
منذ أن أدت الإغلاقات إلى إغلاق الاقتصادات الغربية في وقت سابق من هذا العام، حثت هيئة تنظيم الصناعة الأوروبية Eiopa شركات التأمين على التأكد من أنها تستطيع استيعاب المدفوعات، فضلا عن تجاوز أي اضطرابات في الأسواق المالية.
باستثناء الفاتورة المالية، تخشى بعض شركات التأمين أن غضب الزبائن بشأن بوالص انقطاع الأعمال يعني أنهم لن يعودوا.
قال سوري من سلسلة بريطانية تنفق نحو 250 ألف جنيه سنويا على التأمين: "سنكون حذرين جدا حول التأمين في المستقبل. سنتأكد من أننا سنحصل على ما ندفع مقابله بدون مناطق يشوبها الغموض".
توصل استطلاع حديث أجرته وكالة ماكينزي، إلى أن ثلث الشركات الصغيرة في بريطانيا، قد تتوقف عن شراء مثل هذا التأمين، ويرجع ذلك جزئيا إلى الجدل حول فيروس كورونا.
يحذر هيبورن من شركة ماكتافيش من أن الزبائن سيولون عناية أكبر بكثير عند شراء التأمين. وقال: "الشركات ستدقق بوالصها كما لم تفعل من قبل. أعتقد أن الصناعة تتجه نحو مشكلة أكبر بكثير مما لديهم الآن".
تعترض شركة إيه بي آي على فكرة أن الصناعة تعاملت مع الزبائن بشكل سيئ أثناء الوباء، مشيرة إلى المرونة في مجموعة من البوالص، وأنه تم دفع مبالغ كبيرة. قال إيفانز: "إذا نظرت عبر هذا المجال، فقد كانت استجابة مهمة للغاية".
في الوقت الحالي، يرجو حاملو البوالص تكرار الانتصار الذي حققه ستيفان مانيجولد صاحب المطعم الفرنسي الشهر الماضي، الذي قاضى شركة أكسا بسبب رفضها الدفع على بوالصها المتعلقة بانقطاع الأعمال. أمرت المحكمة شركة التأمين بدفع مبلغ 45 ألف يورو له. في محكمة البداية في الشهر المقبل، ستكون الأمور التي على المحك أكبر بكثير.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES