FINANCIAL TIMES

كوفيد – 19 يوسع تعريف الأمن القومي ونطاقه

كوفيد – 19 يوسع تعريف الأمن القومي ونطاقه

يبدو أن القيود التي وضعتها اليابان حديثا على الاستثمار الأجنبي، التي تم طرحها أخيرا وصنفت الشركات وفقا لأهميتها للأمن القومي، تم اختلاقها عمدا للتشويش.
يمكن العثور على "فاليو جولف"، وهو موقع ويب لحجز أوقات لعب الجولف، في الفئة غير الأساسية نفسها، مع "إم يو إف جي"، أكبر مصرف في البلاد. تجلس "جولف - دو"، وهي شركة لتوريد المضارب المستعملة، في درجة عالية من الحساسية إلى جانب "فانوك"، أهم الشركات المصنعة للروبوتات الصناعية في اليابان. يتم تصنيف "ريزورت ترست"، التي تدير سلسلة من ملاعب الجولف الفاخرة، في المجموعة الأكثر حماية إلى جانب "ميتسوبيشي" للصناعات الثقيلة، التي تبني غواصات عسكرية.
ربما تم تصنيفها بشكل غريب، لكنها أيضا تكشف عن موقف اليابان تجاه الأعمال التجارية، وربما تشكل أنموذجا للحكومات حول العالم، في الوقت الذي يعيد فيه فيروس كورونا تحديد نطاق الأمن القومي ومعناه بشكل عنيف.
على الرغم من جميع تناقضات القائمة اليابانية، إلا أن الرسالة الأوسع لا لبس فيها. حتى قبل الجائحة نظرت طوكيو بطريقة أكثر شمولية إلى دور الشركات الجماعي في المصلحة الوطنية وفي الحفاظ على الملامح المنشودة لثالث أكبر اقتصاد في العالم. تطور ذلك إلى رأي أكثر ما ذكرته وزارة المالية بشأن الطريقة التي يشجع بها التصنيف الاستثمار الأجنبي، إلا أنه يرقى إلى إطار عمل حمائي يمكن أن يكون أقوى مما يبدو عليه، اعتمادا على الإدارة التي تستخدمه وعلى الضغوط الآنية.
يقول رؤساء تنفيذيون في اليابان وأماكن أخرى في آسيا، إن جائحة كوفيد - 19 كشفت خلال هجومها المستمر على العولمة، مواطن الضعف في سلاسل التوريد، التي شعرت في السابق بالثقة وأنه يمكن إعادة توجيهها بسهولة وحمايتها بواسطة الغرائز الأساسية للتجارة. حطمت الأزمة الافتراض المريح بأن السوق ستجد دائما طريقة لتقديم ما يلزم. أبرزت الجائحة قائمة الشركات – بداية من شركات صناعة الأقنعة الورقية والقفازات المطاطية، إلى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية وشركات إنتاج المواد الكيماوية المتخصصة – التي ربما تكون بحاجة من الآن فصاعدا إلى أن يتم فرض قيود عليها وفقا للسياسة المتبعة.
في منتدى حديث حول الموضوع استضافته كلية لندن للاقتصاد، حذر بيتر واتكينز، وهو زميل زائر، من "فقدان البراءة" حول العولمة. قال: "ما كان ينظر إليه سابقا على أنه قرارات اقتصادية أو فنية بحتة تقريبا حول مصادر الحصول على المكونات سيصبح سياسيا أكثر". من المرجح أن يتم توسيع تعريف الأمن القومي ليشمل مفهوم "المرونة المجتمعية".
ويتوقع أيمن مير، الرئيس السابق للجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة ـ في إدارتي أوباما وترمب ـ وهو محام الآن في "فريشفيلدز"، أن يتم الآن تشديد أنظمة الاستثمار في كل مكان. قال: "هناك وعي بأن ما تجب حمايته هو أوسع نطاقا من الأفكار التقليدية"، مضيفا أنه في بعض الدول ستكون هناك مقاومة خاصة للمشترين الأجانب الذين يستهدفون الشركات في الوقت الذي تعاني فيه.
تغيرت تصورات ما هو مطلوب لحماية الشعب ومخاطر التنازل عن ملكية التكنولوجيا. أعربت ألمانيا وكندا وأستراليا وفرنسا، من بين دول أخرى (بعبارات مختلفة) عن الحاجة إلى زيادة التدقيق في عمليات الاستحواذ من قبل الكيانات الأجنبية. ويقول محامو عمليات الاندماج والاستحواذ إن عددا من الصفقات التي انعقدت "أثناء الرحلة" التي امتدت إلى الأشهر الأولى من الجائحة تخضع لمراجعات أكثر صرامة.
في بعض الحالات، يفاقم الفيروس المخاوف القائمة. أشارت وثيقة سياسة وزارة الدفاع البريطانية في 2017 إلى ضرورة اتخاذ "خطوات إضافية لزيادة متانة ومرونة سلاسل التوريد لدينا". في أواخر 2019، وفقا لمسؤولين يابانيين وأمريكيين في طوكيو، بدأت الحكومة الأمريكية مناقشة خطة لإعادة بناء سلاسل التوريد الرئيسة التي تعتمد حاليا على الصين وغيرها من الدول إلى "شبكة عالمية موثوقة". على الرغم من الأعوام التي مضت من العلاقات الأكثر دفئا مع بكين، خصصت طوكيو 2.2 مليار دولار من حزمة حوافزها الخاصة بفيروس كورونا لمساعدة الشركات على نقل الإنتاج إلى خارج الصين.
لكن الخطوة كانت جزءا من نمط موجود مسبقا. تعمل اليابان على تشديد نظام الفرز الاستثماري في عشرات القطاعات الحيوية (توليد الطاقة، المعدات العسكرية، البرمجيات) منذ الخريف الماضي. المجموعة التي تم الكشف عنها حديثا من شركات المصلحة الوطنية "الأساسية"، التي سيتعين على بعض المستثمرين الناشطين، أو المدعومين من الدولة، إخطار وزارة المالية مسبقا إذا كانوا يريدون بناء حصص فيها تتجاوز 1 في المائة، تضم 518 اسما، تمثل نحو 40 في المائة من القيمة السوقية لبورصة طوكيو. هذا أكثر شمولا، حسب بعض المقاييس، مما توقعته الأسواق، لكنه ينسجم مع ما توقعه الخبراء.
قال مسؤول متقاعد من وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة إن اليابان كانت تنظر دائما بوعي إلى اقتصادها على أنه مجموع شركاتها وأصولها الملموسة وملكيتها الفكرية. لكن بالنسبة لإحباط المستثمرين الشديد، كانت تميل إلى تبني نظرة أوسع بكثير من الدول الأخرى التي تحتاج إلى الحماية منها للحفاظ على هذا الاقتصاد سليما.
يقول أحد كبار التنفيذيين لدى واحدة من أكبر الشركات في البلاد، عملت اليابان منذ فترة طويلة على بناء سياستها حول مخاوف الجزيرة: يتطلب فيروس كورونا الآن من الجميع أن يفعلوا الأمر نفسه.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES