FINANCIAL TIMES

ذهب أفغانستان يستعصي على الغربيين

ذهب أفغانستان يستعصي على الغربيين

يوم الثلاثاء، سيجتمع المساهمون إلكترونيا في شركة خاصة مقرها في جيرنسي (جزيرة في القنال الإنجليزي قريبة من الساحل الفرنسي) لمناقشة نهاية محتملة لصراع لا نهاية له، مستمر منذ عقد من الزمان من أجل التنقيب عن الذهب والنحاس في جبال أفغانستان.
وفقا لخطاب إلى المساهمين اطلعت عليه "فاينانشيال تايمز"، شركة سنتار التي أنشأها في 2011 المصرفي الاستثماري إيان هانان، الذي كان في ذلك الحين في "جيه بي مورجان كازينوف"، نفد منها المال تقريبا.
يمكن للمستثمرين الذين ضخوا 30 مليون دولار على مر الأعوام، تجديد خزائن الشركة. لكن معدات الحفر والاستخراج الثقيلة التابعة للشركة، التي تم نقلها بجهد كبير إلى جبال شمال شرقي أفغانستان، أصبحت الآن في أيدي قوات طالبان المنشغلة بتعدين الذهب لأغراضها الخاصة في مقاطعة بادخشان.
كانت الرؤية الأصلية لشركة سنتار مختلفة إلى حد ما. بوصفه قائدا سابقا في قوة الطيران الخاصة في الجيش البريطاني قضى بعض الوقت في العمل مباشرة مع القوات الخاصة الأمريكية، أقنع هانام الجنرال ديفيد بترايوس، الذي كان يقود القوات الأمريكية في أفغانستان في ذلك الوقت، بأن أفضل طريقة لتحرير أمريكا من وضعها المعقد في أفغانستان هي تحديث الاقتصاد ورفع مستويات المعيشة من خلال استغلال الموارد الطبيعية الهائلة في البلاد. علاوة على ذلك أقنع الجيش الأمريكي بأن سنتار هي الشركة المناسبة لتكون في طليعة هذا الجهد.
لقيادة كل هذا على الأرض، لجأ هانام إلى قوة الطيران الخاصة، وجلب الآمر السابق في قوة العمليات الرئيسة، المقدم ريتشارد وليامز، ليكون رئيسا تنفيذيا لشركة سنتار.
بالنسبة لنوع معين من المستثمرين، كان هذا أمرا مثيرا، وإن كان محفوفا بالمخاطر. لدى هانام سجل مذهل باعتباره خبيرا ماليا في عالم الشركات، حيث قدم المشورة بشأن تعويم شركات في الأسواق الناشئة وبشأن اندماج شركات تعدين كبيرة غيرت وجه مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن.
في الوقت نفسه، من الواضح أن أفغانستان لديها احتياطيات ضخمة من النحاس وخام الحديد، إضافة إلى الذهب ومجموعة من المعادن النادرة. تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية في ذلك الوقت قدر قيمة الموارد الطبيعية الهائلة في البلاد بتريليون دولار وربما أكثر.
علاوة على ذلك جاء المقدم وليامز، الذي جلب التاريخ الذاخر لقيادته مهام القوات الخاصة البريطانية في العراق خلال فترة قتل أو أسر خلالها أكثر من ثلاثة آلاف مسلح وتم تقليص العدد اليومي لضحايا التفجيرات في بغداد.
كل هذا جذب انتباه أغنى رجل في بولندا، الملياردير يان كولتشيك، الذي انتهى بحصة 25 في المائة في شركة سنتار وأصبح رئيسا لها.
لكن ما كانت تفتقر إليه شركة سنتار وداعموها هو رخصة تعدين أفغانية. منذ تسجيل الشركة عام 2011، مرت سبعة أعوام قبل أن تحصل الشركة على موافقة رسمية لبدء عمليات التعدين.
سبب التأخير هو الطبيعة المتقلبة للسياسة الأفغانية وكذلك الاستراتيجية الأمريكية سريعة التقلب. ومع أن شركة سنتار كانت قادرة على استخدام الوقت في إجراء اختبارات الحفر وأخذ العينات، إلا أن الوضع الأمني الصعب يعني أن المال يتم حرقه بسرعة، ما يؤدي إلى استنفاده. في الوقت نفسه تم تجميد مبلغ مودع في أحد المصارف المحلية حيث يكون صك تأمين قبل تقديم العطاءات للحصول على ترخيص التعدين، ولا يزال بعيدا عن متناول الإدارة.
وفي عام 2015 توفي كولتشيك فجأة بعد مضاعفات من عملية جراحية، وغادر المقدم وليامز الشركة بعد عرض مغر بأن يصبح كبير الموظفين في مجموعة التعدين الكندية باريك جولد. هذه التطورات أُجبرت هانام على التدخل وتولي الرئاسة، وكذلك السيطرة التنفيذية على شركة كانت تعاني نزيفا في السيولة وفقدت ممولها الأساسي، كولتشيك.
هانام الذي كان لا يزال يفتقر إلى رخصة التعدين، جلب "أومنيا استراتيجي"، شركة محاماة ترأسها شيري بلير زوجة توني بلير لتقديم المشورة. تم الاتفاق على استراتيجية ذات شقين: من جانب، يضغط هانام على واشنطن لتضغط بدورها على الحكومة الأفغانية برئاسة أشرف غني، ومن الجانب الآخر تبدأ شيري بلير إجراءات قانونية ضد الحكومة مباشرة في كابول.
الدعم الشخصي من الرئيس ترمب جلب أخيرا ترخيصين إلى سنتار أحدهما للذهب، والآخر للنحاس مع حفل توقيع في واشنطن في تشرين الأول (أكتوبر) 2018. لكن على أرض الواقع في بادخشان لم تكن هناك فرصة تذكر لبدء عمليات معقولة، في وقت تؤكد فيه طالبان نفوذها من جديد.
بعد أكثر من عام بقليل ألغت السلطات في كابول تراخيص سنتار بدعوى أن الشركة لم تف بالتزاماتها التعاقدية.
في رسالته إلى المساهمين في نهاية الأسبوع الماضي أشار هانام إلى أن الانتخابات الأفغانية التي أجريت في أيلول (سبتمبر) الماضي انتهت إلى طريق مسدود -تم في الأسبوع الماضي فقط الاتفاق على تقاسم السلطة بين الرئيس غني الذي يريد تأميم صناعة التعدين، ومنافسه عبدالله عبدالله الذي يعارض التأميم.
وقال "إن أفغانستان هي بوتقة تنصهر فيها السياسة، وقد تم تدمير جهود الاستقرار الأخيرة مرة أخرى بسبب العنف والتقلب"، مضيفا أن كبار المسؤولين الأفغان لم يكونوا راغبين في دعم مصالح التعدين الغربية كونهم يشعرون بأن الولايات المتحدة ستغادر البلاد بمجرد أن تجد استراتيجية للخروج.
"علاوة على ذلك أنشأت طالبان وزارة التعدين الخاصة بها، ويعمل شعبها على الأرض على جمع الإيرادات وتشغيل المناجم على الصعيد الوطني، ما أدى إلى صناعة تعدين مربحة جزء منها هو منجمنا في بادخشان الذي يحقق نجاحا كبيرا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES