FINANCIAL TIMES

الحاجة إلى مواجهة الجائحة توفر أرضية خصبة للاحتيال السيبراني

الحاجة إلى مواجهة الجائحة توفر أرضية خصبة للاحتيال السيبراني

بعد أن عانى مورده المعتاد للمعدات الطبية من تأخيرات مع استمرار أزمة فيروس كورونا في آذار (مارس)، بحث علي الدقاق على الإنترنت ووجد شركة مقرها ماليزيا قالت إنها يمكن أن تفي بطلبه.
الدقاق، وهو مدير مجموعة مقرها في الإمارات تزود المستشفيات في المنطقة بمعدات وقاية شخصية، دفع أكثر من 30 ألف دولار مقدما مقابل شحنة كبيرة من الكمامات لكنها لم تصل قط.
اختفت الشركة التي يفترض أنها ماليزية. تم مسح موقعها على الإنترنت من الشبكة وتم تحويل رقم الهاتف إلى البريد الصوتي. قال الدقاق: "أدركت أنها عملية احتيال".
ليس هو الوحيد الذي يتعرض للخداع. أثبتت فوضى الوباء أنها أرض خصبة للمحتالين الذين يتطلعون إلى استغلال يأس الناس والتدافع في جميع أنحاء العالم لمعدات الحماية الشخصية. مع انقلاب سلاسل التوريد، وارتفاع الطلب مستويات قياسية، كانت هناك زيادة في عدد المواقع المشبوهة التي تدعي بيع الكمامات والقفازات المعتمدة من قبل المنظمين، وانتشار شهادات السلامة المزيفة.
المحتالون خدعوا أفرادا وحكومات لشراء سلع لا تستوفي معايير الأمان المهمة للغاية، والدفع مقدما مقابل طلبيات لا تصل أبدا. تظهر مواقع الويب وتختفي بسرعة، ويطلب من المشترين الدفع في حسابات مصرفية موجودة في جميع أنحاء العالم، ما يجعل مهمة الإمساك بها أكثر صعوبة.
جرايم بيجار، المدير العام للذراع الاقتصادية للوكالة الوطنية للجرائم في المملكة المتحدة، قال إن هناك "زيادة كبيرة حقا في تسجيل أسماء النطاقات المتعلقة بكوفيد - 19" منذ بدء الوباء. وتمكنت وكالته في الأشهر الأخيرة من "اعتراض عشرات الآلاف من الكمامات" التي اعتبرت مشبوهة.
أزال المركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة مئات المواقع الإلكترونية التي تبيع مواد احتيالية تتعلق بالفيروس. وتظهر بيانات تسجيل النطاقات أنه على الرغم من أن المواقع تدعي في كثير من الأحيان أنها تنتمي إلى الشركات المصنعة لمعدات الوقاية الشخصية المعروفة، إلا أن إنشاءها في الواقع تم في الأشهر القليلة الماضية.
وحذر الإنتربول من "زيادة في المنتجات الطبية المزيفة والاحتيال والجرائم السيبرانية" فيما يتعلق بفيروس كورونا، بينما فتح مكتب مكافحة الاحتيال في الاتحاد الأوروبي تحقيقا في استيراد منتجات مزيفة خاصة بمواجهة الفيروس.
في إحدى القضايا البارزة الشهر الماضي حاول مجرمون بيع شحنة غير موجودة تحتوي على 39 مليون كمامة لنقابة عمال في كاليفورنيا، قبل أن يكشف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن عملية الاحتيال. في الوقت نفسه تقريبا، تم القبض على شخص بعد محاولته بيع 125 مليون كمامة غير موجودة وغيرها من معدات الوقاية الشخصية إلى دائرة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية مقابل أكثر من 750 مليون دولار، وفقا لوزارة العدل الأمريكية.
قالت شركة 3M، إحدى الشركات الرائدة في توريد معدات الوقاية الشخصية في العالم، إن بعض البائعين يدعون زورا أنهم ينتمون إليها، ويبيعون منتجات 3M المزيفة والمواد الأصلية على حد سواء "بأسعار مضخمة للغاية". قال مايك رومان، الرئيس التنفيذي للشركة، إنه "يعمل مع سلطات إنفاذ القانون حول العالم" لإيقاف ذلك، مبينا أنه أقام دعاوى قضائية تتعلق بالتلاعب بالأسعار والاحتيال في كندا وعدد من الولايات الأمريكية ضد بائعين يزعمون أنهم على صلة بشركة 3M.
حتى عندما تصل الطلبيات بالجملة فعلا، فهي ليست في الغالب ما كان متوقعا. بيجار، من الوكالة الوطنية للجريمة، سلط الضوء على حالات متعددة لشحنات تحتوي على مواد أقل بكثير مما هو مطلوب. قال: "لا يمكننا التأكد من أنها متعمدة (...) قد يكون هذا خطأ في الترجمة"، على الرغم من أنه تم الإبلاغ عن عدد منها باعتبارها تشتمل على شبهة الاحتيال.
لا يوجد في الوقت الحاضر وصف أو تعريف أنموذجي لمحتال معدات الوقاية الشخصية. يبدو أن بعضهم انتهازيون صغار يتطلعون إلى كسب المال، لكن يعتقد أن بعضا آخر مرتبط بشبكات الجريمة المنظمة المتطورة. قال بيجار: "ستقوم الأغلبية والأكثر تطورا بغسل (المدفوعات) من خلال عدد من الولايات القضائية"، مضيفا أن بعضهم كانوا يسعون إلى الدفع بعملة مشفرة.
في حالة الدقاق، تم تحويل المبلغ الكبير من المال إلى حساب مصرفي في ألمانيا. أخبره البائع بعد ذلك أنه بسبب تغيير الحد الأدنى لمتطلبات البيع، عليه مضاعفة حجم الطلبية تقريبا ليتم شحنها. عند هذه النقطة، طلب استرداد ماله. توقف البائع عن الرد على الاتصالات.
بمجرد أن أدرك أنه تعرض للخداع، ناشد السفارة الماليزية في الإمارات لكنه لم يسمع جوابا منها حتى الآن. وهو يعتزم أن يطلب من محاميه الاتصال بالإنتربول. قال: "سنستمر في متابعة ذلك، حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت. علينا إيقاف هؤلاء المجرمين".
يتم تسهيل كثير من عمليات الاحتيال بشهادات مزيفة يستخدمها البائعون المحتالون لإقناع المشترين بصدقيتهم. يمكنهم أن يثبتوا أن البائع مصرح له بصنع معدات الوقاية الشخصية وبيعها، ومسموح له قانونا بالبيع في مناطق جغرافية معينة، أو أن المواد اجتازت اختبارات السلامة ذات الصلة.
قال لوكا كريسيوتي، الرئيس التنفيذي لـDNV، هيئة إصدار الشهادات: "في الأشهر القليلة الماضية، اتصلت بنا السلطات في جميع أنحاء العالم للحصول على نصائح بشأن ما إذا كانت الوثيقة مزيفة أو حقيقية. نحن نرى كثيرا من المنتجات المزيفة".
كثير من الشهادات المزيفة هي نسخ من شهادات صادرة عن جهات منح شهادات أصلية، لكن مع تغيير التفاصيل المهمة، مثل التواريخ والأسماء. أشار كريسيوتي إلى أن كثيرا من الحكومات ـ رفض ذكر أسمائها ـ ألغت عقودا كبيرة لمعدات الحماية الشخصية لأن DNV رصدت حالات تزوير، بعضها يحمل اسم الهيئة.
أكدت DQS وNelson Labs وBSI، وهي شركات تصدر شهادات لمختلف معايير السلامة والأمان الأوروبية والأمريكية أن عددا من الشهادات التي تحمل أسماءها - بما في ذلك اثنتان تم إرسالهما إلى الدقاق - مزورة.
قال المعهد البريطاني للمعايير إنه قبل الوباء كان يصادف شهادة مزورة مرة واحدة في الشهر. الآن يحدث ذلك يوميا. بالنسبة إلى العملاء يمكن أن يكون ذلك "حقل ألغام"، حسبما قال ديمبل ماثارو، العضو المنتدب لدى DQS، مضيفا أن الناس "يتعرضون للتضليل" وأن العملاء "بحاجة إلى أن يتنبهوا لما هو موجود هناك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES