FINANCIAL TIMES

أمريكيون يخشون فقدان وظائفهم إلى الأبد

أمريكيون يخشون فقدان وظائفهم إلى الأبد

عندما ضرب الوباء سان فرانسيسكو في آذار (مارس) كانت بيرتا لوبيز (47 عاما) تكسب ألف دولار أسبوعيا من عملها الذي يجمع بين التنظيف ورعاية الأطفال من الساعة الثامنة صباحا إلى السادسة مساء لزوجين عاملين في قطاع التكنولوجيا.
ساعدت الوظيفة التي كان أجرها 20 دولارا في الساعة في إعالة أسرتها، إلى جانب الدخل من ولدين بالغين يعملان في صناعة السفر والضيافة. لكن سبل عيشهم تحطمت عندما ضربت الأزمة: لم يكن بإمكان أرباب عمل لوبيز أن يدفعوا لها إلا في الأسبوعين الأولين من الإغلاق، في حين تم نقل أحد ولديها إلى دوام جزئي، وتم تسريح الآخر.
الآن ليس لديها خيار سوى قبول عرض من العائلة التي كانت تعمل لديها، بإعادتها للعمل لمدة 26 ساعة فقط في الأسبوع، وهي عودة ترجو أن تبدأ أوائل حزيران (يونيو). قالت في مقابلة عبر الهاتف: "أتمنى أن تتحسن الأمور وأدعو الله كثيرا، لأني بصرحة أنفقت كل مدخراتي وجميع وسائل الدعم. الوضع سيكون صعبا".
مأزق لوبيز وعائلتها هو تحذير لصناع السياسة والتنفيذيين الذين يدرسون الأضرار التي يسببها الفيروس في سوق العمل الأمريكية. لم تكن الضربة شديدة فحسب حيث ارتفع معدل البطالة إلى 14.7 في المائة في نيسان (أبريل) وترك نحو 39 مليون أمريكي عاطلين عن العمل. لكن هناك قلق متزايد من أن أي انتعاش سيأتي مع عدد أقل من الوظائف، وانخفاض في الأجور، وقلة في الدخل على النحو الذي عاناه كثيرون قبل بضعة أشهر فقط.
قالت ميشيل إيفرمور، وهي محللة عليا للسياسة في مشروع قانون التوظيف الوطني في واشنطن: "مع استمرار هذا الوضع وفي الوقت الذي تتراجع فيه أزمة الصحة العامة، لست متأكدة أن الوظائف ستعود وستكون أنواع الوظائف نفسها".
كانت الخسائر الاقتصادية من الفيروس وعدم اليقين بشأن المستقبل أكثر حدة على الإطلاق بين ذوي الأصول الإسبانية، الذين يشكلون العمود الفقري لبعض الصناعات الأكثر تضررا من الوباء، بما في ذلك المطاعم والفنادق ومنافذ البيع بالتجزئة والرعاية المنزلية. وفقا لبيانات وزارة العمل، ارتفعت البطالة بين الأمريكيين من أصل إسباني من 4.4 في المائة في شباط (فبراير) إلى 18.9 في المائة في نيسان (أبريل)، متجاوزة معدل الأمريكيين السود.
كارلا هيرنانديز نافارو، وهي خريجة جامعية حديثة تعمل في برامج تعليم اللغة الإنجليزية لدى "كنال أليانس" Canal Alliance، وهي مجموعة غير ربحية تخدم مقاطعة مارين، شمال سان فرانسيسكو، قالت إن 55 في المائة من طلابها فقدوا وظائفهم خلال الأيام الخمسة الأولى من الإغلاق في آذار (مارس). حتى بعد رفع بعض القيود هذا الشهر في كاليفورنيا، استمرت معاناتهم. أضافت نافارو، التي كانت تتحدث من خلال تطبيق زووم من منزل عائلتها في ستوكتون، حيث أعطي والدها نفسه إجازة من وظيفة البناء التي يعمل فيها: "لم يكن الأمر كأن جميع طلابنا عادوا إلى العمل. لا يزالون يبحثون، ولا يزالون في حالة من اليأس".
على مدى الشهرين الماضيين ضخت إدارة ترمب والكونجرس مليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي لمحاولة تخفيف الضربة على الأسر والشركات الأمريكية، بما في ذلك جولة واحدة من التحويلات المباشرة بقيمة 1200 دولار لكل شخص بالغ يكسب أقل من 75 ألف دولار في العام والتوسع في إعانات البطالة الفيدرالية، وخطة لتقديم قروض قابلة للإعفاء للشركات الصغيرة حتى تتمكن من إبقاء الموظفين على كشوف الرواتب.
لكن تأثير هذه الإجراءات سيتلاشى في الأشهر المقبلة، ولم يوافق البيت الأبيض والمشرعون على حافز إضافي، ما يزيد عدم اليقين بالنسبة لكل من العمال وأصحاب العمل، خاصة أن فيروس كورونا لا يزال يشكل تهديدا صحيا في كثير من المجتمعات .
بات دوجاكوفيتش، رئيس فرع كانساس سيتي الكبرى في AFL-CIO، أكبر اتحاد للنقابات العمالية في الولايات المتحدة، قال في مناسبة عامة عن حالة الاقتصاد نظمها الاحتياطي الفيدرالي في الأسبوع الماضي: "فيما يلي الأسئلة المهمة التي تشغلنا: ما الذي يستمر لفترة أطول، المال أو الفيروس؟ هل سنعود إلى العمل بشيكات الأجور نفسها عندما تنتهي مدفوعات البطالة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما حجم هذه الفجوة؟ لأن كثيرا من الناس لا يملكون الموارد اللازمة لتغطية هذه الفجوة لفترة طويلة جدا".
بالنسبة لبعض العائلات التي واجهت البطالة فجأة، حتى الجولة الأولى من المساعدة الحكومية لم تطبق بالتساوي ولم تصل دائما في الوقت المحدد. كانت هناك شكاوى واسعة النطاق من التأخير في توزيع إعانات البطالة من جانب الولايات الأمريكية التي تدير البرامج. قدر مشروع هاملتون وهو مركز أبحاث للسياسة الاقتصادية، أن الولايات دفعت 45 مليار دولار من إعانات البطالة في نيسان (أبريل)، لكن ذلك لم يعوض سوى نصف الأجور والمرتبات المفقودة. وكتب باحثون في المركز: "كان التأمين ضد البطالة حاسما بالنسبة لكثير من الناس، لكن من الواضح أنه لم يصل إلى كل شخص يحتاج إليه في نيسان (أبريل)".
قالت جوين، وهي منتجة مستقلة وعاملة في الأفلام الوثائقية تعيش في بروكلين، إنها حصلت للتو على موافقة للحصول على إعانات البطالة في 18 أيار (مايو) فقط، أي بعد شهرين تقريبا من تقديم طلباتها الأولية وفي أعقاب مكالمات متابعة لا حصر لها مع سلطات ولاية نيويورك. أضافت في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز": "هذه هي شبكة الأمان الاجتماعي التي لدينا؟ لا عجب أن الناس لا يثقون بالحكومة. أنا أشتعل عضبا لأن الأمر صعب إلى هذه الدرجة".
في ديترويت، تقدمت كارين أديسون (58 عاما) بطلب للحصول على إعانات البطالة في 13 آذار (مارس) لكن بعد مرور شهر تقريبا، لم تتلق أي مدفوعات. تعمل أديسون في مجال الحجوزات في مسرح في ديترويت، وهي بعيدة عن التفاؤل بشأن متى يمكنها البدء في كسب المال مرة أخرى. قالت: "ليس لدي أدنى فكرة متى سيعود ذلك. نحن نتحدث هنا عن أربعة آلاف مقعد بجوار بعضها بعضا ولا يمكنك إجراء التباعد الاجتماعي في خط المشروبات، أو كسب ما يكفي من المال للدفع إلى فناني الأداء إذا كان الناس يتركون مقعدا فارغا بين كل مقعدين. هذا مخيف".
أشارت لوبيز إلى أن أحد أبنائها لا يزال ينتظر إجابة من كاليفورنيا حول ما إذا كان سيحصل على إعانات البطالة، وهي نفسها غير مؤهلة للحصول على الإعانة. وكأسرة فإن المساعدة الحكومية الوحيدة التي تلقتها هي شيك بقيمة 1200 دولار، يستخدمونه لدفع فواتير الخدمات. بالنسبة للطعام، يعتمدون على صندوق من السلع تحصل عليه والدة لوبيز من منزل رعاية المسنين الذي تعيش فيه، وهم يقتسمونه فيما بينهم بالتساوي. قالت: "أنا أؤمن بالله وأنا أعلم أنه يرزقني، لكن هذا صعب".
هيرنانديز نافارو أشارت إلى أن مجتمعها يعاني الانهيار وإن الناس الآن "على استعداد لقبول وظيفة في أي مكان".
قالت: "هم يخشون ما سيحدث إذا مرضوا ولم يحصلوا على الرعاية الصحية، لكنهم يحاولون وضع الطعام على الطاولة وإعالة أسرهم".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES