الطاقة- النفط

محللون: السحب الكبير من المخزونات الأمريكية يربك تقييم المتعاملين لاتجاهات السوق النفطية

محللون: السحب الكبير من المخزونات الأمريكية يربك تقييم المتعاملين لاتجاهات السوق النفطية

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على مكاسب جديدة مدعومة من تخفيف إجراءات الإغلاق، والانتعاش النسبي للطلب العالمي على النفط، فى مقابل تطبيق ناجح لخفض الإنتاج، الذي تنفذه مجموعة "أوبك +"، إضافة إلى تخفيضات طوعية وغير طوعية أخرى داخل مجموعة "أوبك +" وخارجها.
ويكبح المكاسب استمرار وفرة المعروض من النفط الخام في الأسواق، لكن الهبوط في المخزونات الأمريكية خلال الاسبوع الماضي أربك حسابات المتعاملين في تقييم اتجاهات السوق النفطية، رغم الشكوك المحيطة بالنمو الاقتصادي والقلق من الفاتورة الاقتصادية لجائحة كورونا ومداها الزمني.
ويقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، إن أسعار النفط الخام حققت مكاسب متتالية منذ أواخر أبريل، وهو ما يعكس المضي قدما في خطة التعافي والمحاولات الحثيثة لعدم تكرار سيناريو الانزلاق إلى المنطقة السلبية مرة أخرى.
وأكدوا أن ذلك يأتي إلى جانب الاستمرار في دعم الاتجاه الإيجابي للأسعار من خلال تقييد المعروض، وهو ما دفع الخام الأمريكي إلى مستوى فوق 30 دولارا للبرميل، ومن المتوقع أن يحقق مزيدا من المكاسب مع تحسن معنويات السوق واستمرار ردم الهوة بين العرض والطلب.
وذكر المختصون أن أبرز العوامل الإيجابية في السوق وعززت العوامل النفسية والمعنوية لتجار النفط، هي أن الطلب الصيني على النفط ارتفع إلى نحو 13 مليون برميل يوميا ـ وهو انتعاش تم على نحو سريع، مشيرين إلى أن الطلب الصيني استعاد بالفعل نحو 90 في المائة من مستويات ما قبل الوباء، وهو ما جعل الأمال تمتد إلى دول رئيسة أخرى في منظومة الطلب العالمي.
وفي هذا الاطار، يقول روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن فائض المعروض يتجه إلى التقلص سريعا، وهو أحد الأسباب الرئيسة في المكاسب السعرية الراهنة، خاصة ما يتعلق باتفاق "أوبك +" لتقليص المعروض النفطي بنحو9.7 مليون برميل يوميا، إضافة إلى الإغلاق السريع للإنتاج في أمريكا الشمالية، حيث تم إغلاق أكثر من 2.2 مليون برميل يوميا من إنتاج النفط الأمريكي وذلك بوتيرة أسرع من المتوقع.
وأوضح أن تغييرات جذرية في وضع السوق تحدث حاليا، خاصة فيما يخص علاقة العرض والطلب، مشيرا إلى توقعات بعض البنوك الاستثمارية باحتمال حدوث عجز في العرض في النصف الثاني من العام الجاري، لكن وضع السوق يتجه إلى مزيد من الإيجابية، وربما يكون الحديث عن أزمة العرض أمرا مبالغا فيه، خاصة على المديين القصير والمتوسط .
من جانبه، يضيف لوكاس برتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، أن التعافي الحالي في الطلب الصيني لم يمنع من وجود حذر شديد فى التعامل مع تطورات السوق، خاصة ما يخص جائحة كورونا وتداعياتها الممتدة على الاقتصاديات الدولية كافة، وهو ما دفع الحكومة الصينية إلى عدم تحديد هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 نتيجة ما سمي حالة "عدم اليقين الكبير" نتيجة الفيروس الوبائي.
وأوضح أن الجائحة طالت لاعبا جديدا ومؤثرا في منظومة العرض العالمي، وهي البرازيل، التي تقود طفرة إنتاجية من خارج "أوبك +"، لكن بعض الأبحاث تتحدث حاليا عن أزمة الجائحة قد تسحق الطفرة النفطية في البرازيل، إضافة إلى التأثير الخاص بالتوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، الذي يؤثر أيضا في الأسواق العالمية.
ويقول ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، إن وضع المخزونات الملتبس، هو محور تركيز التجار والمتابعين لتطورات السوق النفطية، مشيرا إلى أنه في الولايات المتحدة انخفضت مخزونات الخام بمقدار 5.6 مليون برميل الأسبوع الماضي، ما يعد سحبا كبيرا، لكن في المقابل نرصد زيادة في مخزونات البنزين، ما أدى إلى تباين في تقديرات وضع السوق في المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن تخفيف قيود الإغلاق والعزل أعطى دفعة جيدة للطلب، لكن جزئيا، خاصة في ضوء استمرار المخاوف من وقوع موجات ثانية من الوباء قد تعيد قيود الإغلاق مرة أخرى، لافتا إلى بيانات صادرة عن "كوميرتس بنك" الألماني، تشير إلى أن الطلب على المنتجات النفطية لا يزال ضعيفا للغاية في أماكن متفرقة، ما بث حالة من الشكوك في استمرارية المكاسب السعرية الراهنة.
وتؤكد نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن عوامل تحسن الطلب وتقلص المعروض ليست وحدها السبب وراء صعود الأسعار، فهناك عوامل أخرى عززت هذه الحالة، منها رهانات المضاربة على عقود النفط الآجلة، لكن قد يعقب ذلك تراجعات، لأن حالة تقلب الأسعار ما زالت مهيمنة على السوق في ضوء غياب اليقين وصعوبة وضع توقعات مستقبلية موضوعية.
وأشارت إلى أن ارتفاع معدلات البطالة في أمريكا وأوروبا وأغلب اقتصاديات العالم، تعطي صورة قاتمة عن الاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة، لافتة إلى أن أكثر من 38 مليون شخص تقدموا بطلب للحصول على إعانات البطالة في الشهرين الماضيين في أمريكا.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أن الوباء ما زال مستعرا، إلا أن التعافي الاقتصادي الكامل لا يزال هدفا بعيد المنال، خاصة في ضوء تأكيد شركات دولية مثل "ريستاد إنرجي" أن حدوث الموجة الثانية من الوباء، احتمال ليس بعيدا.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، ماحية خسائرها المبكرة، مع مواصلة الدول في أنحاء العالم تخفيف الإجراءات المفروضة لمكافحة جائحة فيروس كورونا، معززة الآمال في تعافي الطلب على الوقود.
وفي معاملات هادئة، بسبب عطلات في أسواق سنغافورة ولندن ونيويورك، ارتفع برنت ستة سنتات بما يعادل 0.2 في المائة، إلى 35.19 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:36 بتوقيت جرينتش. وزاد الخام الأمريكي 27 سنتا أو 0.82 في المائة، مسجلا 33.52 دولار للبرميل.
وارتفع كلا العقدين في الأسابيع الأربعة الأخيرة، لكن الأسعار ما‭ ‬زالت منخفضة نحو 45 في المائة، منذ بداية العام الحالي.‬ ويقول مايكل مكارثي، كبير استراتيجيي السوق لدى "سي. إم. سي ماركتس" في سيدني، "أسواق النفط تركز على فرص تخفيف إجراءات الغلق الشامل".
وجاءت أحجام التداول هزيلة، ومن المرجح أن تظل أي مكاسب محدودة بفعل تنامي التوترات بين الولايات المتحدة والصين بخصوص خطوات بكين لفرض تشريع أمني على المستعمرة البريطانية السابقة هونج كونج.
وفي سياق متصل، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 28.43 دولارللبرميل الجمعة مقابل 28.21 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق سابع ارتفاع له على التوالي، وأن السلة كسبت نحو ستة دولارات مقابل اليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 22.83 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط