لعل في الأيام الحالية الأمر الذي يشغل كثيرين، هو الوباء الذي اجتاح العالم وأصبح يهدد كثيرا من جوانب الحياة فيه، ولعل أهم هذه الجوانب حياة الإنسان والاقتصاد حتى أصبحت دول العالم غير قادرة على إحداث توازن بين إدارة كفوءة للاقتصاد في ظل العمل على مكافحة هذا الفيروس، ما كان له دور في إحداث تأخر في اتخاذ القرارات، التي لم تأخذ في الحسبان، أن هذا الوباء لا يستأذن الدول قبل انتشاره، حتى أصبح العالم اليوم مذهولا، ويضع تقديرات غير يقينية لحجم الأثرين الاقتصادي والإنساني، حيث سينعكس أثره على الجانبين السياسي والاجتماعي في كثير من دول العالم. وبحمد الله، فإننا نشهد في هذه البلاد تضافر الجهود، ومبادرات مبكرة، وقرارات فورية، كان لها الأثر في الحد من انتشار الوباء في المملكة والقدرة على العناية بالحالات القائمة، واستشعار الجميع - مؤسسات حكومية ومواطنين -، دعما ومتابعة وإشرافا من القيادة العليا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ـ حفظهما الله ـ، ما كان سببا بحمد الله في الشعور بالاطمئنان والثقة من قبل كل المواطنين والمقيمين، نسأل الله أن يحفظ هذه البلاد والعالم ويرفع عنها الوباء.
في خبر أوردته صحيفة "الاقتصادية" الأربعاء بتاريخ غرة نيسان (أبريل) 2020: "وفرت منصة "أبشر" ما يقدر بـ15 مليار ريال في 2019، بعد تنفيذ أكثر من 26 مليون عملية بحسب تقرير التحول الرقمي الوطني لعام 2019، الذي أصدرته اللجنة الوطنية للتحول الرقمي بتوجيه ودعم مباشر من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد. حصدت المملكة - نتاج هذه المنجزات - تقدما ملحوظا في المؤشرات الدولية، حيث كانت المملكة الأكثر تقدما وإصلاحا حسب تقرير سهولة ممارسة الأعمال، وحلت المملكة في المرتبة الثالثة عالميا لأكبر شبكات الجيل الخامس، ومن بين دول العشرين؛ حققت المملكة المرتبة الثانية في تحرير النطاقات الترددية. كما ارتفع تصنيف المملكة في مؤشر بدء وممارسة العمل التجاري في تقرير البنك الدولي من المرتبة الـ141 إلى المرتبة الـ38 عالميا، كما حققت المملكة المرتبة الثالثة بين دول العشرين في الحوكمة التقنية، واحتلت مدينة الرياض المرتبة الـ30 للمدن الذكية والمستدامة حسب تقييم منظمة الأمم المتحدة".
هذا التحول الكبير نلمس أثره اليوم في تسهيل كثير من المهام والأعمال والإنجازات، وإذا كان تأثير منصة أبشر المباشر توفير 15 مليار ريال بعد تنفيذ 26 عملية، فكيف بالأثر غير المباشر، الذي يتضمن أمورا متعددة منها، توفير الانتقال إلى الجهات الحكومية ما لا يقل عن أكثر من 26 مليون انتقال، فيما لو افترضنا أن العمليات تنتهي فقط بالذهاب إلى المؤسسة الحكومية مرة واحدة، وهذا نادر، وما الأثر الاقتصادي والبيئي؟ إضافة إلى التوفير الكبير على المواطن والوطن، فتفرغ المواطن لإتمام هذه الإجراءات سيكون على حساب عمله في الجهة الأخرى، التي يوجد طلب على خدماتها، وهذا بلا شك، له أثر كبير في تحسين وجودة الخدمات والتوفير الكبير على الاقتصاد، وهذا فقط عبر منصة أبشر، التي أصبح كثير من القطاعات اليوم يحذو حذوها في إيجاد أدوات تقنية لتقديم الخدمات التي في نهاية الأمر تقدم خدمات أكثر جودة في وقت قياسي.
التحول اليوم، الذي يمكن أن نشهده في هذه المرحلة خصوصا بعد هذا الوباء، الذي اجتاح العالم هو، كيف يمكن أن يكون العمل من المنزل أسلوب حياة، يمكن الاعتماد عليه في مجموعة من الوظائف خصوصا بعد أن ظهرت فاعليته؟ وحاليا هو مناسب للإنسان، حيث إن التنقلات اليومية أصبحت تؤدي إلى كثير من الازدحامات، ليس ذلك فقط بل إن البعض يضطر إلى السفر من المكان الذي يقيم فيه إلى العمل، وهذا الوقت قد يستنزف طاقة الإنسان ويقلل إنتاجيته عند الوصول إلى العمل، ولذا من المهم أن يكون هناك توجه عالمي لمسألة العمل عن بعد، يمكن أن يحقق فاعلية أكبر وموردا اقتصاديا جيدا للدول، التي يمكن أن تتبناه بقدرتها على أداء المهام بشكل أكثر فاعلية وسرعة، والوصول إلى عملاء في مختلف دول العالم والقدرة على استقطاب كفاءات أكبر، وتشجيع البعض على أن يكون له نشاطه الخاص من خلال منصة، يمكن أن يقدم بها خدماته أيا كان نوعها، كما هو الحال اليوم في تطبيقات توجيه المركبات والتوصيل، التي أصبحت اليوم تظهر أكثر كفاءة من الأسلوب التقليدي لتقديم هذه الخدمات.
الخلاصة: إن التحول الرقمي، الذي تقدمه الجهات الحكومية اليوم كبير وفاعل، ويوفر كثيرا من الخدمات، التي توفر كثيرا من الجهد والمال على الاقتصاد وتزيد جودة الحياة، واليوم أصبح الحديث عن العمل عن بعد أو العمل من المنزل، يمكن أن يكون له دور كبير في جاذبية الاقتصاد وقدرته على تقديم الخدمات عن بعد، ومنصة لاستقطاب الكفاءات وتفعيل دور الكفاءات الوطنية خارجيا، ما يزيد كفاءة الاقتصاد واستقطاب الاستثمارات، وهذا التحول يمكن أن يكون مفيدا بيئيا بانخفاض الانبعاثات الناتجة عن التنقل.