Author

توازن الاقتصاد ودعم العاملين

|

خلال أسبوع واحد، أصدر خادم الحرمين الشريفين عددا من الأوامر، التي تؤكد حرصه - رعاه الله - على التخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية من تبعات الجائحة العالمية "كوفيد - 19"، وهذه الأوامر تأتي من خلال متابعة يومية ومباشرة من قبل خادم الحرمين الشريفين، ورعايته كل إنسان على هذه الأرض المباركة بألا يصيبه مكروه، لا في بدنه ولا عمله. وأمس صدرت الأوامر الملكية باستثناء العاملين السعوديين في منشآت القطاع الخاص المتأثرة من التداعيات الحالية من جراء انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، من المواد الثامنة، والعاشرة، والـ14، من نظام التأمين ضد التعطل عن العمل.

ولعل من المناسب الإشارة إلى أن نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، يعد واحدا من أهم الأنظمة التي صدرت في هذا العهد الميمون، ومن خلاله تتم الموازنة بين حق صاحب العمل في تخفيف تكاليف الإنتاج وإعادة هيكلة الأجور وحقوق العامل في الحصول على دخل ثابت يواجه به أعباء الحياة حتى يجد عملا آخر، لكن المادة الثامنة تضمنت شروطا منها، أن يكون المستحق للدعم سعودي الجنسية، أكمل المدد المحددة، و ألأ يكون مفصولا من العمل بسبب راجع إليه، كما اشترطت المادة التاسعة، أن يستحق الدعم أول الشهر التالي، واشترطت المادة العاشرة، أن یكون المستحق مسجلا لدى الوزارة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ ترك العمل، فإذا استوفى هذه الشروط؛ استحق تعويضا شهريا بنسبة 60 في المائة من الأجر المسجل في التأمينات الاجتماعية.
فالمملكة قد حصنت الموظفين في القطاع الخاص من مخاطر التوقف عن العمل، لكن الاشتراطات، التي وضعت في النظام لم تكن لتخدم حالات التعطل، التي ظهرت مع كورونا، فالتعطل الآن أصاب مؤسسات العمل نفسها، وبعضها لم يعد قادرا على تحمل أعباء الأجور مع انخفاض الأعمال والتدفقات النقدية، ولذا، فإن البعض منهم قد يتخذ قرارا بفصل العمال أو تخفيض رواتبهم أو تأجيل صرفها، مايترك آثارا اقتصادية بعيدة المدى، قد يصعب على الاقتصاد معالجتها إلا بعد مرور وقت من الزمن، كما أن خفض رواتب العمال، أو توقفها سيقود إلى انخفاض في القوة الشرائية بشكل حاد، ورغم أن جوهر الحالة الاقتصادية بل الحالة القانونية للتعطل عن العمل أصبح فعليا قائما ويمكن للنظام خدمته، إلا أن النظام بما تشترطه المواد المشار إليها لم يكن قادرا على معالجة الحالة الراهنة، فصدر الأمر الملكي بهذه الاستثناءات.
لا شيء أخطر على الاقتصاد، من فقدان الموظفين وظائفهم، ولقد بذلت الحكومة السعودية جهودا كبيرة من أجل توطين عديد من المهام خاصة في الأسواق، وتعزيز فرص عمل المرأة السعودية، ووفقا لتصريحات وزير المالية رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فإن عدد المستفيدين من الأمر الملكي سيتجاوز 1.2 مليون عامل سعودي، فالأمر الملكي الكريم يأتي امتدادا لحرص خادم الحرمين الشريفين على منشآت القطاع الخاص، التي استفادت من مبادرات عدة تتعاقب، والدعم الذي بلغ 70 مليارا قبل عدة أيام، والتسهيلات المصرفية التي تم إقرارها، فالأمر الملكي يحدث توازنا في الأسواق، هي في أشد الحاجة إليه، فمع إعفاء صاحب العمل من الالتزام بدفع الأجر الشهري للمستفيدين وفق الأمر الملكي، ومع التعويضات عن التعطل فإن المنشآت لن تقوم بفصل العمال، كما لا يحق للمنشأة إلزام العامل بالعمل خلال فترة صرف التعويض.           

إنشرها