FINANCIAL TIMES

تهديد الانتعاش المصرفي الهندي في المهد

تهديد الانتعاش المصرفي الهندي في المهد

مشهد رنا كابور، أحد كبار المصرفيين في الهند، أثناء نقله إلى محكمة مومباي في أوائل آذار (مارس) الماضي، كان نذير شؤم بما أصبح شهرا سيئا للغاية، بالنسبة إلى القطاع المصرفي في البلاد.
كابور، اعتقل واتهم بأخذ رشا، بعد أيام فقط من استيلاء البنك المركزي في الدولة على "يس بنك"، المصرف المقرض، الذي أسسه في عام 2004، وغادره العام الماضي، وسط مخاوف من أنه لن ينجو من تدهور في سجل القروض. كابور، الذي ينفي الادعاءات الموجهة، تم إرساله إلى الحجز.
لإنقاذ " يس بنك"، أطلقت السلطات سريعا خطة إنقاذ شهدت ضخ مجموعة من المصارف الهندية ذات الصيت للأموال، بقيادة بنك الدولة الهندي SBI، أكبر المصارف التجارية في الهند، مقابل الحصول على حصة في الأسهم.
هذه الحادثة كانت بمنزلة صدمة للمستثمرين، الذين كانوا يخشون من أنها ربما تؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف في النظام المالي.
حجم التحديات، التي تواجه القطاع المصرفي الهندي، بلغت الآن درجة أخرى من الضخامة بسبب خطر فيروس كورونا، فيما أعلن المستثمرون ذلك عن طريق إغراق الأسهم (العرض المفاجئ وبيع كميات كبيرة من الأسهم). أسهم المصارف كانت من بين الأكثر تضررا.
مؤشر نيفتي بنك في البورصة الوطنية انخفض بنحو 41 في المائة حتى الآن خلال الشهر الماضي، متجاوزا انخفاض 26 في المائة في مؤشر نيفتي 50 الأوسع.
أسهم المصارف الخاصة الكبيرة مثل، بنك أكسيس، وبنك إندوس إند، فقدت نصف قيمتها، على الأقل، خلال الفترة نفسها.
من عمالقة القطاع العام إلى مجموعة متزايدة من الشركات الخاصة، عملت المصارف الهندية طوال أعوام للتغلب على أكوام متزايدة من القروض المعدومة، من النوع الذي أسقط بنك "يس بنك". نسبة إجمالي الأصول المتعثرة في المصارف الهندية، ارتفعت إلى 11 في المائة في عام 2018، من نحو 2 في المائة فقط منذ عقد من الزمن، قبل أن تبدأ في التراجع.
بنك الاحتياطي الهندي "البنك المركزي" RBI قدر بالفعل أن التباطؤ الاقتصادي في الهند سيعني ارتفاع هذا الرقم مجددا. إلا أن المتداولين يراهنون الآن على أن أحداث الشهر الماضي، التي بلغت ذروتها بقرار إغلاق الهند استجابة لفيروس «كوفيد - 19»، يمكن أن تخرج أي انتعاش عن مساره.
"الاقتصاد كان سيئا بالفعل. ربما كان يظهر بعض علامات استقرار هش، لكننا نعاني الآن التأثير الشامل لفيروس كورونا. ماذا سنفعل الآن؟" قال ساسواتا جوها، رئيس قسم المؤسسات المالية الهندية في وكالة فيتش للتصنيف. "تبدو الأوضاع قاتمة للغاية". كان لهذا الضغط الإضافي جزئيا ضرر جانبي ناتج عن تدخل "يس بنك".
بعض المودعين المتقلبين في عدد قليل من المصارف الخاصة الأصغر سحبوا أموالهم، مراهنين على أنها ستكون أكثر أمانا في المستقبل ضمن العمالقة المدعومين من الدولة، الذين يهيمنون على القطاع، مثل بنك الدولة الهندي.
كانت هناك ضربة أخرى ذاتية. قبل أن تهدأ الأوضاع فيما يخص "يس بنك"، حكمت المحكمة العليا بأن على مشغلي الاتصالات دفع مستحقات تقدر بمليارات مستحقة للحكومة. تسبب ذلك في البيع الناتج عن الذعر في أسهم المصارف، بسبب تعرضها المكثف لقطاع الاتصالات. شركة فودافون آيديا المحلية التابعة لشركة الاتصالات البريطانية، قالت مسبقا، إن مثل هذه الخطوة يمكن أن تجبرها على التوقف عن العمل، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى إلحاق ضرر فوري بالدائنين، مثل مصرف إندس إند، أو آي دي إف سي بنك، اللذين انخفضت أسهمهما بشكل حاد هذا الشهر.
المصارف الهندية تواجه الآن التحدي الصعب المتمثل في تفشي الفيروس.
رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أعلن في خطاب، أن الهند ستشرع في حظر تام لمدة 21 يوما، لإبقاء الناس في منازلهم وقصر العمل على الشركات الأساسية. المصارف تواجه الآن احتمالية انخفاض نمو قروض الشركات وزيادة سريعة في الخسائر.
يقول محللون، إن أكبر خطر على الإطلاق هو، أن الإغلاق المطول بدأ يفسد ما كان يعد في السابق رهانا أكثر أمانا، أي قروض التجزئة، التي تشكل وفقا لوكالة نومورا 28 في المائة من معروض المصارف.
هذه القروض تعد محمية بشكل أفضل من القرارات الخطرة أو السيئة، التي أفسدت إقراض التكتلات الهندية، ولكن احتمال فقدان الوظائف وإغلاق الشركات الصغيرة، في الوقت الذي يبقى فيه أكثر من مليار هندي في المنازل، يمكن أن يغير هذه المعادلة.
قال جوراف أرورا، رئيس الخدمات المصرفية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة جرينتش أسوشيتس، "ما لا نريده حقا هو، عندما تبدأ رؤية تصدعات في سجل التجزئة. إن السوق تقدر تكلفة، حقيقة أنه مع تباطؤ كل شيء، سيجري تسريح الناس، وقد لا يتمكنون من الحصول على السيولة وسداد ديونهم".
من أجل تحمل الصدمة، سعت المصارف إلى تدابير مساعدة، بما في ذلك الطلب من بنك الاحتياطي الهندي "المركزي" تخفيف القواعد التي تتطلب منهم تصنيف قرض غير مسدد، على أنه متعثر السداد خلال 90 يوما. ستكون هناك حاجة إلى مزيد بينما يستقر الهنود لثلاثة أسابيع طويلة من حظر التجول. ومن الواضح الآن أن الانتعاش، الذي طال انتظاره في القطاع المصرفي في الهند، بات قبالة خطر شديد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES