FINANCIAL TIMES

الإغلاق يكلف غاليا .. صناعات تصارع من أجل البقاء

الإغلاق يكلف غاليا .. صناعات تصارع من أجل البقاء

شوارع المدن الغربية التي كانت حتى وقت قريب تنبض بالحياة أصابها "كوفيد 19" بحالة من الشلل شبه التام.

تم إفراغ المطاعم ودور السينما والمحال التجارية في جميع أنحاء العالم، بينما انخفضت بشكل حاد الرحلات الجوية وحركة المرور على الطرق واستخدام الطاقة، وفقا لتحليل أجرته "فاينانشيال تايمز" يعطي لمحة أولية عن تأثير فيروس كورونا في الاقتصاد العالمي.
حذرت مجموعة من كبار الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد أخيرا من أن الركود العالمي بدأ منذ الآن، لكن على الرغم من تباطؤ النشاط الاقتصادي بشكل حاد، كثير من البيانات الرسمية تصبح قديمة حتى قبل نشرها، نظرا للوقت الذي تستغرقه عملية جمعها.
لتعويض النقص في المعلومات الرسمية، جمعت "فاينانشيال تايمز" مجموعة من المقاييس البديلة عالية التردد للنشاط الاقتصادي للقطاعات المختلفة، التي تعطي إشارة مبكرة لما يمكن توقعه عندما تصبح البيانات الرسمية متاحة في الأسابيع المقبلة.
وفقا لهذه المقاييس، حركة مرور المركبات انخفضت إلى النصف على الأقل في كثير من أكبر مدن العالم، وتوقف الإنفاق في المطاعم، وانهارت مبيعات دور السينما. بدأ الشعور بالتأثيرات حتى قبل تنفيذ عمليات الإغلاق على صعيد الدول عبر أجزاء من أوروبا والولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم.
قال جيان تشانج، الاقتصادي في بنك باركليز، إن قطاعات الخدمات في الصين مثل الترفيه والفنادق وخدمات المطاعم "تعرضت لأشد الأضرار" وإن نشاط الخدمات "يظهر علامات على انكماش أطول من التصنيع".
هذه التأثيرات أخذت تظهر الآن في الولايات المتحدة وأوروبا. قالت جوانا كونينجس، الخبيرة الاقتصادية في بنك ING ـ مقره هولندا: "الآن في الوقت الذي تستجيب فيه الحكومات والشركات للفيروس في أوروبا، يواجه قطاعا التجزئة والضيافة انخفاضات حادة في الطلب، حيث تم إغلاقهما في عديد من الدول". أضافت: "سيكون الموسم المفقود من العطلات والأحداث والوجبات الخارجية - وتكلفة الإلغاء والمبالغ المستردة - من الصعب على القطاع استرداده حين يبدأ التعافي".
توقف الطلب العالمي على المطاعم، وفقا لبيانات من "أوبن تيبل" OpenTable، خدمة حجز المطاعم عبر الإنترنت ـ مقرها سان فرانسيسكو ـ التي سجلت توقفا شبه تام في الحجوزات في جميع الاقتصادات الكبرى، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وأظهرت الأرقام أن الزبائن أخذوا في الابتعاد عن المطاعم حتى قبل دخول الإغلاق الذي فرضته الحكومات حيز التنفيذ.
تتبع مبيعات التجزئة نمطا مشابها وفقا لبيانات من "سبرينج بورد"، وهي شركة عالمية لأبحاث البيع بالتجزئة. انخفض المعدل اليومي للمتسوقين أكثر من 70 في المائة في الولايات المتحدة وإيطاليا في 18 آذار (مارس) مقارنة باليوم نفسه من العام السابق، وأكثر من 20 في المائة في المملكة المتحدة والسويد.
قالت جينفر ماكيون، رئيسة خدمة الاقتصاد العالمي في شركة كابيتال إيكونومكس: "انتقل الجدل حول التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا من المخاوف بشأن سلاسل التوريد والأضرار التي تلحق بشركات الصنيع إلى آثار عمليات الإغلاق واسعة النطاق والعزل الذاتي في قطاع الخدمات".
على الرغم من حزم التحفيز الكبيرة التي يطبقها كثير من الدول والبيانات الرسمية القليلة، قالت إن "العلامات المبكرة مقلقة".
يمتد الإغلاق إلى أماكن الترفيه أيضا. في عطلة نهاية الأسبوع في 15 آذار (مارس)، تقلصت حجوزات السينما بنسبة الثلثين على الأقل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي في معظم الدول التي تزيد على 50 دولة توجد بشأنها بيانات متاحة، وفقا لتحليل "فاينانشيال تايمز" لبيانات من "بوكس أوفيس موجو"، موقع إلكتروني يتتبع مبيعات شباك التذاكر. ولم تبلغ إيطاليا والصين، أول دولتين تم إغلاقهما كل في منطقته، عن أي بيانات في عطلة نهاية الأسبوع المذكورة، في مقابل 1.6 مليون تذكرة بيعت في الصين في يوم واحد في 20 كانون الثاني (يناير).
دور السينما الأمريكية حصلت على 75.8 مليون دولار من الإيرادات في الأيام السبعة المنتهية في 16 آذار (مارس)، أي أقل من نصف 190.3 مليون دولار في الأسبوع نفسه من العام الماضي.
قال جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في شركة أكسفورد إيكونوميكس: "بالنظر إلى البيانات عبر مختلف قطاعات الاقتصاد الأمريكي، يبدو أننا نتجه إلى ما يمكن أن يكون أكبر انكماش حاد في الإنفاق الاستهلاكي على الإطلاق".
على صعيد السفر انخفضت أرقام الرحلات الجوية اليومية في العالم أكثر من 20 في المائة في الأيام السبعة المنتهية في 21 آذار (مارس)، مقارنة بالفترة نفسها من الشهر السابق، وفقا لبيانات من خدمة تتبع الرحلات "فلايترادار24" Flightradar24، وهذا دلالة على انهيار السفر والسياحة نتيجة الوباء.
قالت جلوريا جيفارا، رئيسة المجلس العالمي للسفر والسياحة، مع تزايد القيود على السفر في جميع الاقتصادات الكبرى، فإن السفر والسياحة "في صراع من أجل البقاء"، مضيفة أن كثيرا من الاقتصادات المعتمدة على السياحة تواجه "تهديدا وجوديا".
انخفضت حركة المرور على الطرق أيضا في معظم المدن الكبرى، وفقا لمؤشر حركة المرور الذي تعده شركة توم توم Tom Tom للملاحة الفضائية، وهو يقيس الوقت الذي يقضيه مستخدمو خدماتها في حركة المرور. شهدت كل من روما وباريس ونيويورك حركة مرور ساعة الذروة أقل بكثير من متوسطها المعتاد. رد فعل سكان لندن استغرق وقتا أطول. تراجعت حركة المرور ساعة الذروة، لكن التراجع ليس قريبا ولو من بعيد من الانخفاض في المدن الرئيسية الأخرى.
انخفض استهلاك الطاقة، وهو مقياس واسع للنشاط الاقتصادي، في معظم الاقتصادات الأوروبية، وفقا لتحليل "فاينانشيال تايمز" لبيانات من الشبكة الأوروبية لمشغلي أنظمة نقل الكهرباء، التي تمثل 43 مشغلا لنظام نقل الكهرباء في 36 دولة عبر أوروبا.
في أوروبا، لوحظ الانخفاض في استهلاك الكهرباء لأول مرة في شمال إيطاليا، حيث انخفض 15 في المائة في 18 آذار (مارس) مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع في منتصف شباط (فبراير).
قال بيتر أوسبالدستون، مدير الأبحاث في شركة وود ماكينزي الاستشارية العالمية للطاقة: "من المتوقع حدوث مزيد من تخفيضات الطلب (حول العالم) مع تزايد نطاق عمليات الإغلاق".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES