FINANCIAL TIMES

إمدادات الغذاء في خطر .. عمال الحصاد ممنوعون من السفر

إمدادات الغذاء في خطر .. عمال الحصاد ممنوعون من السفر

عمال زراعيون موسميون كانوا في المملكة المتحدة أثناء الحصاد العام الماضي، لن يتمكنوا من المجيء هذا العام بسبب حظر السفر الذي فرضه فيروس كورونا.

في هذا الوقت من العام، يستعد مات ستانتون عادة لاستقبال 70 إلى 80 عاملا موسميا من رومانيا لحصاد نبات الهليون في مزرعة عائلته في مقاطعة كينت، جنوب شرقي إنجلترا. هذا العام يتوقع استقبال سبعة عمال فقط.
مشكلة مماثلة تواجه المزارعين في الدول الأكثر ثراء حول العالم في الوقت الذي يحد فيه تفشي فيروس كورونا من السفر الدولي، ما يعطل التدفقات السنوية الثابتة لمئات الآلاف من الناس من الدول الأكثر فقرا الذين يعملون في حصاد الإنتاج الزراعي.
القيود المفروضة على السفر أدت إلى تقليص هجرة العمالة الموسمية في وقت يستعد فيه المزارعون للحصاد، بينما أدى التخزين وانكماش اقتصادي حاد إلى زيادة الضغط على منتجي الأغذية في كثير من الدول.
"علينا فقط أن نفعل ما بوسعنا (...) إذا لم تستطع الحصاد، فستخسر محصول هذا العام"، حسبما قال ستانتون.
تشتد حدة المشكلة في أوروبا، حيث تتدافع كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا لتوظيف عمال محليين، من ضمنهم طلاب وأولئك الذين تم تسريحهم من صناعات مدمرة مثل الضيافة. لكن توقيت تفشي المرض لم يترك لمجال الزراعة إلا نطاقا ضئيلا لتهيئة سبل جديدة للتوظيف، بينما بعض العمال المحتملين ربما يحجمون عن العمل اليدوي.
لورا ويليسلي، زميلة الأبحاث في مؤسسة تشتام هاوس الفكرية، قالت: "أحد المخاوف الكبيرة هو أننا سنشهد نقصا كبيرا في اليد العاملة على مستوى سلسلة الإمداد اللوجستي. إذا رأينا نقصا في العمال المهاجرين، فأنت تنظر إلى نقص حقيقي في العرض".
في فرنسا وحدها هناك حاجة إلى 200 ألف عامل في الأشهر الثلاثة المقبلة لجلب محاصيل مثل الفراولة في وادي لوار والهليون في الألزاس، وفقا للاتحاد الوطني للمزارعين. وهناك حاجة إلى نحو 800 ألف عامل لموسم الحصاد بأكمله ـ ثلثاهم تقريبا يأتون من الخارج، من مناطق تشمل وسط وشرقي أوروبا وتونس والمغرب.
وفقا لجمعية المزارعين الألمان، ألمانيا تعتمد عادة على نحو 300 ألف عامل موسمي سنويا من أوروبا الشرقية، معظمهم من رومانيا وغيرهم من بولندا وأوكرانيا وبلغاريا والمجر. في المملكة المتحدة، عدد العمال الذين يفدون سنويا يرواح بين 70 و80 ألف عامل، كثير منهم من رومانيا وبلغاريا، لقطف الفواكه والخضراوات.
لكن منطقة شنجن في أوروبا حظرت الزوار الخارجيين لمدة 30 يوما. داخل الكتلة، أعلنت ألمانيا يوم الأربعاء أن العمال الموسميين سيتم منعهم من الدخول حتى إشعار آخر. النمسا والمجر ودول أخرى أغلقت الحدود البرية، ما أدى إلى سد الطرق البرية من أوروبا الشرقية.
قال مزارعون حتى في الأماكن التي يسمح فيها للعمال بالسفر، فإن عددا بسيطا من الرحلات الجوية والحافلات المعتادة تكون متاحة، في الوقت الذي يخشى فيه كثيرون من الإصابة بفيروس كورونا أو منعهم من العودة إلى الوطن عند انتهاء عملهم.
كريستين لامبرت، رئيسة الاتحاد الوطني للمزارعين في فرنسا، قالت إن النقابة تلقت بالفعل تقارير عن مزارعين يدمرون حقول نبات الهليون ويتخلصون منه بسبب نقص العمالة التي تعمل على حصاده.
وهذه ليست مشكلة أوروبية فحسب. الولايات المتحدة لديها تأشيرات عمال مزارع موسميين محدودة من المكسيك ومزارعوها يواجهون مشكلات مماثلة، في حين أن الصين، حيث بدأ تفشي المرض، تعاني أيضا نقص اليد العاملة بعد تقييد السفر الداخلي.
"كل اقتصادات العالم الأول اعتادت على استقبال عمال من اقتصادات أخرى لقطف الفواكه والخضراوات"، بحسب علي كابر، الذي يرأس مجلس البستنة في اتحاد المزارعين الوطنيين في المملكة المتحدة. أضاف: "ما تتحدث عنه هو تحول مجتمعي كبير".
مرددة صدى خطاب الحرب العالمية الثانية، دعت جمعية الأراضي والأعمال التجارية في المملكة المتحدة إلى تكوين "جيش الأرض" من عمال المزارع الجدد. ألمانيا ناشدت العاطلين عن العمل للعمل في المزارع، في حين وجه ديدييه جيوم، وزير الزراعة الفرنسي، نداء لحشد ما سماه "جيش الظل" الفرنسي من العاطلين.
قال على قناة BFM-TV يوم الثلاثاء: "أناشدكم: انضموا إلى جيش الزراعة الفرنسي العظيم. انضموا إلى أولئك الذين سيتيحون لنا تناول الطعام بطريقة نظيفة وصحية ومستدامة".
ستيفاني موريل، الرئيسة التنفيذية لشركة كونكورديا الخيرية البريطانية للتوظيف، قالت إن الدعوة إلى تقديم طلبات للعمل أسفرت عن ثمانية آلاف شخص أعربوا عن اهتمامهم، بمن فيهم صحافيون ولاعب رجبي محترف. شركة توظيف أخرى، "برو- فورس"، تجري محادثات مع سلاسل فنادق علقت عملياتها.
لكن كثيرا من العاملين في الدول الأكثر ثراء ليسوا معتادين على العمل البدني الشاق الذي يتم إنجازه غالبا مقابل الحصول على الحد الأدنى من الأجور، أو نظام الأجر بالقطعة. لوك باربييه، ممثل الاتحاد الوطني الفرنسي لمنتجي الفاكهة، ذكر أن مزرعته تحتاج إلى 80 عاملا في كل موسم، لكن كان عليه توظيف نحو 150 للتعامل مع حالات التسرب.
قال: "نبدأ في السادسة أو السادسة والنصف صباحا ونعمل في الخارج ثماني ساعات في طقس ماطر أو صاف". أضاف: "كثير من الناس يأتون لبضعة أيام ثم يستقيلون. أخبرني بعضهم أنهم يفضلون تحصيل إعانة البطالة".
الحكومات بدأت في الانخراط في التوظيف. أنشأت وكالة حكومية فرنسية موقعا إلكترونيا لربط المزارعين بالعمال وأبلغت الناس أن بإمكانهم الحصول على مزايا، أو كسب المال في حال كانوا مجازين، مع تحصيل دخل إضافي من الزراعة.
من جانبها، أعلنت حكومة المملكة المتحدة أن عمال المزارع هم "عمال رئيسيون" وسط الجائحة وهي على اتصال يومي بنقابات الزراعة.
مع اقتراب ذروة موسم الحصاد، أصبحت المشكلة أكثر إلحاحا. بعض مزارعي الفراولة في المملكة المتحدة أزالوا صوبا زراعية تستخدم عادة لتسريع النضج أثناء بحثهم عن يد عاملة إضافية.
عبد الرضا عباسيان، كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، قال: "إذا استمرت (الأزمة) حتى الصيف، فربما تكون ضربة قوية".
زافيير ماس، مزارع فراولة في جنوب غربي فرنسا، يكافح دون مجموعة من العمال المغاربة الذين منعوا من تقديم المساعدة هذا العام. قال: "يمكننا تدبر وضعنا في الوقت الحالي، لكن إذا استقال أي شخص أو ارتفعت حرارة الطقس - ما يتسبب في نضج الثمرة بشكل أسرع - سيكون الوضع كارثيا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES