FINANCIAL TIMES

4.5 تريليون دولار تباغت الأسواق .. بالإيجاب أم بالسلب؟

4.5 تريليون دولار تباغت الأسواق .. بالإيجاب أم بالسلب؟

استجابت بورصة وول ستريت لتمرير مجلس الشيوخ لقانون ضخ الأموال بالارتفاع.

أكثر الاستجابات المؤثرة لفيروس كورونا جاءت من الإيطاليين الخاضعين للحجر في المنازل، الذين يغنون معا من شرفاتهم. كانوا يتغنون بأن الاعتماد المتبادل هو الدفاع الوحيد الذي يملكه البشر ضد هشاشتهم.
بالنسبة إلى الفلاسفة الفرديين بعد الحرب مثل آين راند - المشجعة لصدارة رأس المال الخاص – فإن الموسيقى جيدة ورائعة فعلا. شاهد الجهود الاستثنائية التي تبذلها الحكومات لتحقيق الاستقرار في اقتصاداتها ومنع انهيار الأعمال.
وافقت الولايات المتحدة على حزمة مساعدة بقيمة تريليوني دولار في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء الماضي، وخطة الإنقاذ العالمية - بما في ذلك دعم السيولة من البنوك المركزية - ستكون بقيمة تزيد على 4.5 تريليون دولار. هذا رقم كبير، حتى بحسب معايير عمليات الاستحواذ الموصى بها. وليس لدي شك أن هذه عملية استحواذ.
إدخال الدولة للمساعدة على صد الفيروس يشبه تكتيكا بموجبه تجند الشركات المستهدفة مزايدي "الفارس الأبيض"، لإحباط المحاولات العدائية من قبل الذين يحاولون تجريد الشركة من أصولها.
إنه مصطلح ساخر لخيار أقل سوءا. أعداد كبيرة من الشركات موجودة في المكان نفسه المحتاج اليوم. قطاعات بالكامل - ولا سيما شركات الطيران والفنادق وخطوط الرحلات البحرية - ستفتقر إلى سبب الوجود لأشهر.
بالنسبة إلى كثير من الشركات، ستكون الإيرادات أقل من النفقات العامة. دعم الدولة، والمقابل الذي يأتي معه، أفضل من الانهيار.
يقول جيس فريد؛ وهو اقتصادي وأستاذ في كلية الحقوق في جامعة هارفارد: "هذا مماثل لحرب علينا التعبئة العامة لها لكي نتعامل معها. إنها ليست جزءا من دورة الطفرة والانهيارالعادية".
بريطانيا تتقدم على الولايات المتحدة فيما يتعلق بنصيب الفرد من مستويات العدوى. بالتالي، توفر بريطانيا مؤشرات عبر الأطلسي حول كيف يمكن أن يوسع فيروس كورونا حدود الدولة.
في الآونة الأخيرة، وعدت الحكومة بقروض ومنح للشركات بقيمة 330 مليار جنيه، وأجور أساسية لموظفي الشركات الذين تركوا بلا عمل.
في صدى للاقتصاد في زمن الحرب، ينسق الوزراء مع المتاجر الكبيرة لتوزيع الطعام، ومع شركات التصنيع لصناعة أجهزة التنفس الاصطناعي.
يقول هاورد ديفيز؛ رئيس مجلس إدارة بنك اسكتلندا الملكي: "إذا قالت الحكومة إنها تؤمم جميع متاجر الأحذية في بريطانيا، فسيرى الناس الأمر مقبولا تماما".
بالنسبة إلى أنصار السوق الحرة المتشددين، الرحمة الوحيدة هي أن جونسون هو حاكم متضارب. المحافظون مؤهلون لفكرة التدخل لأنهم عموما يسعون إليها كضرورة، وليس كخيار. مفارقة سن المحافظين أجندات المعارضة من حزب العمال أضعف مما يتظاهر الخبراء.
ستحتاج الحكومة إلى أن تذهب أبعد من ذلك، خاصة في تخفيف شروط القروض. شركات السفر مثل شركات الطيران بحاجة إلى عمليات إنقاذ. إذا استحوذت الدولة أيضاً على حصص أسهم، فسينتهي بها الأمر مع محفظة أسهم مرة أخرى.
كل هذا بعد 40 عاما من عمليات الخصخصة لم يقطعها سوى انعطاف قصير نحو عمليات إنقاذ المصارف.
مثل هذه التدخلات المناسبة ستشكل إرثا يستغرق إلغاؤه أعواما. يحذر سايمون فرينش؛ كبير الاقتصاديين في شركة وساطة: "الخطر هو أن تنتهي اقتصادات السوق الحرة إلى ما يشبه الجمعيات التعاونية للجرارات السوفياتية". في الوقت المناسب، يجب استرداد القروض أو شطبها، وبيع حصص الأسهم.
كل شيء يرفضه التحرريون الاقتصاديون يحدث في وقت واحد. يتنهد مات كيلكوين؛ من "معهد آدم سميث" التحرري قائلا: "إذا كان منزلك يحترق، فعليك تحمل رجال الإطفاء الذين يغمرونه بالماء".
لسوء حظ كيلكوين؛ فإن أعمال الفلاسفة التحرريين مثل آين راند ضمن الأعمال التي ستنهار. هذه المهاجرة الروسية، المصدومة من شرور الشيوعية، صاغت فلسفة مادية قاسية بالقدر نفسه.
هذه الفلسفة تمجد أصحاب المشاريع بدلا من العاملين، وترفع العلاقات المالية بدلا من العلاقات المجتمعية. وغذت وجهة النظر الليبرالية الجديدة في التسعينيات للشركات المعولمة، قاعدة قوة موازية للدول القومية.
هجمات 11/9 الإرهابية في عام 2001 والأزمة المالية في عام 2008 دمرتا هذه الأيديولوجية. ظهور شركات التكنولوجيا العملاقة أبقتها حية في الولايات المتحدة، وهو مجتمع أكثر فردية. غير أن فيروس كورونا يبدد أي شكوك حول أن الدولة في النهاية، وليست الشركات، هي المسؤولة. يمكنها إيجاد الأموال أو تخطيط الزيادات الضريبية المستقبلية. الشركات لا تستطيع.
ما يمكنها القيام به الآن هو المساعدة. الإفلاس الوشيك يستبعد هذا لكثير منها. كثير من الشركات قادر على السداد، وقادر على إظهار أنه جزء من المجتمع بشكل معقول، أكثر من طباعة كتيب جميل مرة واحدة في العام.
مجموعة المنتجات الفاخرة الفرنسية LVMH تصنع معقم اليدين. أنشأ متجر موريسون للمواد التموينية مركز اتصال لكبار السن الذين لا يمكنهم طلب الطعام عبر الإنترنت. وبحسب ما ورد، ستوزع شركة أمازون مجموعات أدوات اختبار فيروس كورونا "كوفيد - 19".
بغض النظر عن الواجب، من المنطقي تجاريا اكتساب النية الحسنة الآن. قد تكون هناك حاجة إليها في الأعوام المقبلة، عندما تواجه كل عملية إعادة شراء أسهم وأجر مسؤول تنفيذي اختبارا صعبا للواقع من الجمهور.
تحتاج الشركات في الدول المتقدمة والديمقراطية بشكل خاص، إلى أن تخرج في صحة جيدة من أزمة فيروس كورونا للحفاظ على مزاياها التنافسية.
لوسي نيفيل رولف؛ وهي عضو في مجلس اللوردات من حزب المحافظين ومن كبار الشخصيات في الحي المالي في لندن، تعبر عن الأمر بهذه الطريقة: "عندما اندلع الطاعون في أثينا القديمة، كان ذاك ما مكن إسبرطة، التي كانت أكثر انضباطا، من أن تصبح مهيمنة".
لا توجد جوائز للتخمين، ففي الوقت الذي تسعى فيه الصين للخروج من إغلاق فيروس كورونا، من قد يكون إسبرطة هذه المرة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES