تقارير و تحليلات

ظهور أثر موجة خفض الفائدة في 43 % من القروض المصرفية في المملكة

ظهور أثر موجة خفض الفائدة في 43 % من القروض المصرفية في المملكة

ظهور أثر موجة خفض الفائدة في 43 % من القروض المصرفية في المملكة

كشفت بيانات مالية أن أثر تخفيضات الفائدة التي تمت ثلاث مرات في 2019 قد بدأ الظهور وبشكل تدريجي خلال الربع الأول من 2020.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن المقترضين من الأفراد والشركات بدأوا في تلمس أثر ذلك، حيث إن ما بين 40 و43 في المائة من قروضهم، التي يتم تسعيرها بالفائدة المتغيرة "وتتبع حركة السايبور، ويعاد تسعيرها كل ثلاثة أشهر"، بدأت تشعر بأثر انخفاض مدفوعات الفوائد في القروض وخطوط التمويل منذ نهاية كانون الثاني (يناير) من العام الجاري.
في حين ينتظر أن تشعر الفئة الأخرى من المقترضين "الذين يعاد تسعير مديوناتهم كل ستة أشهر" بآثار "الموجة الأولى من تخفيضات فائدة 2019" بعد شهر من الآن أي بنهاية نسيان (أبريل) وما يليه.
واستند الرصد إلى بيانات متفرقة من إعداد بيوت أبحاث عالمية - كذراع الأبحاث الخاصة في "بلومبيرج" - على دراية بآلية إعادة التسعير والفترة الزمنية التي تستغرقها بعض الجهات المانحة للتمويل للسعودية.

الموجة الثانية من تخفيضات الفائدة لن تكون فورية

رغم أن أسعار الفائدة في السعودية تم تخفيضها في آذار (مارس) بمقدار 125 نقطة أساس، إلا أن أثر ذلك لن يكون فوريا في المستدينين، على الرغم من خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام.
ويرجع سبب ذلك إلى كون المؤسسات المانحة لخطوط التمويل والائتمان تأخذ فاصلا زمنيا من أجل عملية إعادة التسعير للقروض القائمة على الفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور.
وأظهر الرصد أن المستدينين "الذين لديهم قروض قائمة" سيشعرون بالفرق الفعلي خلال ثلاثة إلى ستة أشهر، أو حتى ما بين عام وعامين، وفقا لمنهجية التسعير الخاصة بجهة التمويل المانحة للقرض.
مع العلم أن معظم العملاء قد لا يشعرون بفرق جلي في مدفوعات فوائد القروض - أو أرباح التمويل الإسلامي - الخاصة بتخفيضات الموجة الثانية للفائدة، لكون الجهة المانحة للتمويل قامت بإعادة تسعير القرض قبل أكثر من أربعة أشهر عندما كانت مستويات السايبور مرتفعة مقارنة بما هي عليه الآن، حيث يتفاوت الفاصل الزمني لإعادة تسعير محفظة القروض بين مؤسسة وأخرى.

الفاصل الزمني

تعني منهجية إعادة التسعير - التي تأخذ فاصلا زمنيا من أجل عكس مستويات السايبور الحالية على القرض القائم - أن بعض المؤسسات العاملة في قطاع الائتمان لا تزال تتربح من محفظة قروضها، على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة، حيث إن "إعادة التسعير" المقبلة قد تأخذ فاصلا زمنيا من أجل حدوثها.
وترتكز سرعة أو تأخر إعادة تسعير القرض على بنود وشروط التمويل بين المؤسسة المالية والعميل.
وتأكيدا لذلك، أظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية - استند إلى البيانات المالية للشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية - أن عددا قليلا من الشركات لا يزال يعاني تكلفة التمويل المرتفعة بسبب الفائدة الثابته "التي لن تتغير معدلاتها إلا مع إعادة هيكلة القرض" إبان فترة أخذ القرض في 2018 أو 2019 أو لكون الفائدة المتغيرة للتمويل يعاد تسعيرها كل عام أو عامين. مع العلم أن عددا محدودا من قروض الأفراد يعاد تسعيره كل ثلاثة أعوام.

برنامج دعم القطاع الخاص وتكلفة التمويل

أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي "البنك المركزي" منتصف آذار (مارس) الجاري إعداد حزمة بقيمة 50 مليار ريال "13 مليار دولار" لإعانة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على مواجهة الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا.
ويهدف التمويل إلى السماح للشركات الصغيرة والمتوسطة بتأجيل دفع مستحقات البنوك وشركات التمويل لمدة ستة أشهر والحصول على التمويل بشروط ميسرة مع إعفاءات من تكاليف برنامج دعم ضمانات التمويل.
ويرتبط اثنان من حزمة الإجراءات تلك بتكلفة التمويل، الأول برنامج تمويل الإقراض، وهو عبارة عن تقديم التمويل الميسر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبلغ يصل إلى 13.2 مليار ريال، عن طريق منح قروض من البنوك وشركات التمويل لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تستهدف دعم استمرارية الأعمال ونمو هذا القطاع خلال المرحلة الحالية، وبما يسهم في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على مستويات التوظيف في هذه المنشآت.
والثاني، برنامج دعم ضمانات التمويل، حيث يتم ذلك عبر إيداع مبلغ يصل إلى ستة مليارات ريال لمصلحة البنوك وشركات التمويل لتمكين جهات التمويل "البنوك وشركات التمويل" من إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تكاليف برنامج ضمانات تمويل قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة "كفالة" بغرض المساهمة في تخفيض تكلفة الإقراض للمنشآت المستفيدة من هذه الضمانات خلال العام المالي 2020 ودعم التوسع في التمويل.

شهية القطاع الخاص للاستدانة

من ناحية أخرى وتزامنا مع انخفاض تكلفة التمويل على الشركات، ارتفع إقراض القطاع المصرفي السعودي للقطاع الخاص بأعلى وتيرة منذ مايو 2016، في إشارة إلى أن المؤسسات تستدين من أجل الاستثمار، بحسب "بلومبيرج"، التي اعتمدت على بيانات صادرة من مؤسسة النقد السعودي "ساما"، حيث ازدادت مطالبات البنوك على القطاع الخاص بنسبة 8.5 في المائة في كانون الثاني (يناير) مقارنة بالعام السابق، بعدما ارتفعت بنسبة 7 في المائة في كانون الأول (ديسمبر).
ويرى الاقتصاديون أنه في الوقت الذي يعد فيه النمو الائتماني الملحوظ في تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) مبررا بسبب اكتتاب "أرامكو"، فإن استمرارية الشهية الائتمانية من طرف الشركات يعد أمرا إيجابيا لأنه يعني أن تلك المؤسسات تجمع الأموال من أجل خططها الاستثمارية والتوسع.
وتؤكد تلك الأرقام ما ذهب إليه تحليل "الصحيفة" المنشور في 5 أغسطس 2019 الذي أوضح أن التمويل متدني التكلفة سيفتح شهية الشركات نحو التوسع الائتماني لتعزيز أنشطتها.
وتوقع التحليل، بعد قيام "ساما" بخفض الفائدة، أن يمنح التمويل المتدني التكلفة فرصة للشركات السعودية لدفع عجلة نمو أنشطتها الاقتصادية المتنوعة.
وأظهر رصد "الاقتصادية، حول جهات التمويل المحلية والأجنبية "المرخصة" والعاملة في السعودية، أن تلك الجهات باتت من المرشحة للاستفادة من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، شريطة اقتران ذلك بنمو محفظة الإقراض الخاصة بها، حيث يحفز نمو الائتمان "بتكاليف تمويلية معقولة" من أن تقوم جهات التمويل بزيادة أحجام قروضها الجديدة التي تنشئها مع العملاء تلك المؤسسات.
ونظريا يسهم نمو الائتمان، في بيئة الفائدة المتدنية، بزيادة آفاق النمو الائتماني التي تتزامن مع حدوث ضغوطات أقل من ناحية تسديد مدفوعات القروض للجهات التي قدمت خطوط التمويل للعميل.
في حين سيعود ذلك بالنفع على الشركات التي من المفترض أن تحسن استخدام خطوط الائتمان التي ستفتح لهم، وفق الجدارة الائتمانية، عبر تنمية وتوسيع أنشطتهم التي ستنجم عنها زيادة أعداد الذين سيعملون من السعوديين، ما ينعكس على المنظومة الاقتصادية بسبب ما سيتم جنيه الذي سيضخ "في نهاية المطاف" في الاقتصاد الوطني.
وتبلغ أعداد شركات التمويل المرخصة بممارسة نشاط أو أكثر من الأنشطة التمويلية 30 جهة، في حين يصل عدد الجهات المرخصة بممارسة نشاط التمويل العقاري إلى 20 جهة "شاملة المصارف المحلية". مع العلم أن فروع البنوك الأجنبية المرخصة "17"، حيث تنشط في تقديم خدماتها إلى الجهات السيادية والشركات السعودية.

تكلفة التمويل

كانت "الاقتصادية" نشرت تحليلا في 18 مارس أشارت فيه إلى أن أهم مؤشرات الفائدة، التي تستخدم في أسواق النقد ومعظم العقود المصرفية، هوت إلى مستويات قياسية في ظرف 15 يوما ما بين 32.6 و34.3 في المائة، توزعت بين آجال السايبور الأربعة.
وتترجم تلك النسب المئوية إلى نطاق تراجع ما بين 62 و69 نقطة أساس.
وأشارت إلى أن تلك التطورات النوعية في حركة مؤشرات الفائدة السعودية جاءت بعد خفض المركزي السعودي "ساما" في الأسبوع الثالث من الشهر الجاري، معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" وإعادة الشراء المعاكس 75 نقطة أساس ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
جاء قيام "ساما" بتلك الخطوة بعد يوم من خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي "المركزي الأمريكي" أسعار الفائدة إلى قرب الصفر مع مسارعة الدول إلى اتخاذ إجراءات للتخفيف من أثر تفشي فيروس كورونا.
وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية أن "الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر" قد سجلت أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام وثلاثة أشهر، وذلك بحسب إغلاق السايبور عند 1.33 في المائة في 15 مارس.
وتعكس تلك الانخفاضات في أسعار الفائدة منذ 2019 حتى الآن الواقع الجديد لفائدة الإقراض المتدنية في السعودية، التي أسهمت في تعزيز النمو الائتماني للقطاع الخاص والأفراد، التي ستسهم في الوقت نفسه في تخفيض تكلفة التمويل على المقترضين الذين تم تسعير قروضهم بالفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور.

الفائدة الصفرية

خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين يوم الأحد الماضي لشهر مارس، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة في التسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان "إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى ما بين الصفر و0.25 في المائة".
وكان مجلس الاحتياطي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من آذار (مارس)، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد مؤسسة النقد "البنك المركزي السعودي" على خفض الفائدة الثاني من قبل "الفيدرالي الأمريكي" خلال أوائل الأسبوع الثالث عندما خفضت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة.

3 مراجع لتسعير الائتمان

يذكر أن القطاع المالي في السعودية يعتمد على ثلاثة مراجع تسعيرية، الأول وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، والثاني "عقود المبادلة المقومة بالريال" التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاع الخاص والحكومي.
ويعد "عوائد الصكوك الحكومية لجميع آجال الاستحقاق" آخر مراجع التسعير للائتمان التي ظهرت في الآونة الأخيرة.

خفض 2019

قبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قامت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" أواخر تشرين الأول (أكتوبر) بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019.
معلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، قد خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.

عام استثنائي

وصف العام الماضي من قبل القطاع المالي بالاستثنائي، نظير التقلبات الائتمانية النادرة التي ظهر بعضها لأول مرة خلال تسعة أعوام على أهم مؤشرات أسعار الفائدة بين البنوك السعودية.
وخلال هذا العام حصل الاقتصاد السعودي والمقترضون من الأفراد والشركات على أخبار إيجابية بعد تكرار خفض الفائدة المحلية ثلاث مرات في العام نفسه، الأمر الذي أسهم في تخفيض تكاليف التمويل عليهم.

ما السايبور؟

تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر.
وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض "القصيرة الأجل" التي قد تراوح بين شهر وعام. وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية "التي تسعر بالفائدة المتغيرة" في السوق المحلية.
فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة، ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين، ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة.
وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. ووحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.

* وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات