أخبار اقتصادية- محلية

ثقة المستثمرين بالاقتصاد السعودي تقود لإنجاح ثاني أكبر طرح محلي لأدوات الدين في 4 أعوام

ثقة المستثمرين بالاقتصاد السعودي تقود لإنجاح ثاني أكبر طرح محلي لأدوات الدين في 4 أعوام

أغلقت السعودية في أقل من 48 ساعة البارحة الأولى، ثاني أكبر طرح محلي من حيث القيمة الإجمالية للتخصيص من أدوات الدين الحكومية على مدار الأعوام الأربعة الماضية، في مؤشر يعكس عمق سوق أدوات الدخل الثابت وثقة المستثمرين المحليين بالمتانة الائتمانية لحكومة المملكة الحاصلة على خامس أعلى تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية من وكالة "موديز".
وبحسب بيانات وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، جاء إصدار شهر يوليو من 2017 كأكبر إصدار من حيث القيمة بنحو 17 مليار ريال، متبوع بإصدار شهر مارس من الصكوك الادخارية البالغ نحو 15.5 مليار ريال.
وكشف رصد لـ"الاقتصادية" استند إلى بيانات الإصدارات من موقع "المركز الوطني لإدارة الدين"، عن ازدياد جاذبية الاستحقاقات الطويلة الأجل للصكوك الحكومية المقومة بالريال خلال 2019، وذلك بعد دخول الاقتصاد العالمي لمرحلة الفائدة المتدنية، التي جعلت مستثمري أسواق الدخل الثابت في الأسواق الناشئة، يبحثون عن العائد الأعلى من جهات الإصدار ذات التصنيف الائتماني الرفيع.
تلك المنهجية الاستثمارية تم العمل بها محليا (مع الأطروحات الرئيسة primary offering) من قبل المستثمرين المؤسسين وعدد محدود من الأفراد، الذين استأثروا بـ 64.4 في المائة من الإصدارات طويلة الأجل بالسعودية، التي بلغ إجمالي ما تم إصداره 44.9 مليار ريال.
والإصدارات طويلة الأجل في السعودية هي الصكوك، التي تحوي استحقاقات بين 12 و30 عاما، في حين بلغ إجمالي الإصدارات المتوسطة الأجل أي بين خمسة وعشرة أعوام 24.9 مليار ريال، وهذا ما يعادل 35.6 في المائة من إجمالي إصدارات 2019.
وفي ظل انخفاض أسعار الفائدة في السوق المحلية، أصبح التشبث بالإصدارات طويلة الأجل جزءا من السياسة الاستثمارية لبعض المستثمرين، إذ تجلى ذلك في عمليات التخصيص الشهرية، التي تميل كفتها نحو الاستحقاقات طويلة الأجل.
وقدم "المركز الوطني لإدارة الدين" تلك الآجال الطويلة للمرة الأولى في 2019 بغرض إطالة منحنى العائد الخاص بالإصدارات الحكومية المقومة بالريال، وكذلك لغرض تنويع خيارات مستثمري الدخل الثابت في المملكة.

عدد مرات الطرح وإجمالي القيمة
وكان اللافت من حيث عدد مرات الطرح الشهري للشريحة هو أن شريحة الأعوام عشرة كانت الخيار المفضل لجميع المستثمرين بلا استثناء، وذلك بعد أن وجدت 12 مرة وبشكل متواصل، بعد حساب عدد مرات إعادة الفتح والطرح الجديد.
وتبعها من حيث تفضيل المستثمرين شريحة الأعوام الخمسة، التي تكرر طرحها سبع مرات مع الإصدار الحكومي، فيما جاءت شريحة الأعوام السبعة كأقل الشرائح طرحا في 2019 وذلك بعد أن تم طرحها مرة واحدة هذا العام، متبوعة بشريحة الـ30 عاما، التي تم طرحها مع إعادة فتحها أربع مرات.
واستحوذت الصكوك الثلاثينية على الحصة الأكبر من إصدارات 2019 من حيث القيمة، وذلك عندما بلغ ما طلبه المستثمرون من هذه الشريحة 23.7 مليار ريال من إجمالي الإصدارات، متبوعة بالصكوك العشرية، وذلك بقيمة بلغت 16.1 مليار ريال، في حين كانت الصكوك السبعية الأقل تفضيلا من حيث القيمة عندما بلغ ما تم إصداره منها 1.9 مليار ريال.

طرح مارس
وكانت وزارة المالية قد انتهت الخميس من استقبال طلبات المستثمرين على إصدارها المحلي لشهر مارس 2020 تحت برنامج صكوك حكومة السعودية بالريال، حيث تم تحديد حجم الإصدار بمبلغ إجمالي 15,568 مليار ريال.
وأوضحت الوزارة أن الإصدارات قسمت إلى ثلاث شرائح، الشريحة الأولى بـ170 مليون ريال ليصبح الحجم النهائي للشريحة 2.743 مليار ريال لصكوك تستحق في 2025.
أما الشريحة الثانية فتبلغ 504 ملايين ريال ليصبح الحجم النهائي للشريحة 8.346 مليار ريال لصكوك تستحق في 2030، وآخرها الشريحة الثالثة، بمبلغ 14.894 مليار ريال ليصبح الحجم النهائي للشريحة 14.894 مليار ريال لصكوك تستحق في 2050.

قوة ومتانة الاقتصاد
ويعكس إعلان الوزارة قوة ومتانة الاقتصاد السعودي ومرونته وقدرته في التعامل مع الصدمات ومواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، كما يعكس جودة السياسات المالية المتبعة من قبل الحكومة، والدور الذي تلعبه وزارة المالية في بلوغ أهداف رؤية المملكة 2030 وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وحققت الوزارة إنجازا جديدا في تطبيق خطتها لتنويع أدوات الدين المحلية والدولية من خلال إصدار صكوك متوافقة مع الشريعة الإسلامية، تهدف إلى تأمين احتياجات المملكة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة على المديين القصير والمتوسط والبعيد، حيث تكون المخاطر متوافقة مع السياسات المالية في المملكة، وضمن توجهات الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية، التي تضمنتها خطة التحول 2020 بهدف تطبيق وتحقيق "رؤية المملكة 2030".
ويعد إقفال الطرح بمنزلة نجاح في ظل ما تواجهه دول العالم من بطش جائحة فيروس "كورونا" (كوفيد-19)، إضافة إلى تحذير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من التداعيات الكبيرة لتفشي الفيروس على النمو الاقتصادي العالمي هذا العام، وخفض توقعاتها لإجمالي الناتج الداخلي العالمي بنصف نقطة مئوية إلى 2,4 في المائة، أدنى مستوى منذ أزمة 2008- 2009 المالية.
وعلى الرغم من أن عديدا من دول العالم اتخذت مع تفشي (كوفيد-19) إجراءات احترازية للحد من انتشاره السريع، حيث تعهدت دول عدة بدعم اقتصاداتها بمبالغ تجاوز إجماليها أكثر من تريليون دولار بما في ذلك الاستدانة من أسواق الدخل الثابت، إلا أن المملكة كانت سباقة في اتخاذ عدة إجراءات احترازية مبكرة لمنع انتشار الفيروس، إضافة إلى دعم جهود الدول والمنظمات الدولية لمجابهة هذه الجائحة.
وكان محمد الجدعان، وزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط المكلف، أكد في مؤتمر صحافي عقده أخيرا بمشاركة وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، توافر القدرة لدى الحكومة على تنويع مصادر التمويل بين الدين العام والاحتياطي الحكومي بما يمكنها من التعامل مع التحديات المستجدة، ويسمح بالتدخل الإيجابي في الاقتصاد من خلال القنوات والأوقات المناسبة، مع الحد من التأثير في مستهدفات الحكومة في الحفاظ على الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي على المديين المتوسط والطويل.
وتتعامل حكومة المملكة منذ نشأة المالية العامة عام 1344هـ في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، مع العجز من خلال أسلوب السحب من الاحتياطي أو من خلال إصدار أذونات الخزانة، لكنها غيرت من أسلوبها مع انطلاق "رؤية المملكة 2030" ومبادراتها، التي منها إصلاحات المالية العامة، حيث تم اعتماد تمويل المالية العامة من خلال إصدار السندات والصكوك المحلية المتداولة أو الدولية.
ومن أجل تحقيق الأهداف المنشودة في إنشاء سوق نشطة للصكوك والسندات الحكومية يعمل المركز الوطني لإدارة الدين على ضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين لإصدار أدوات الدين السيادية بتسعيرة عادلة ضمن أطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر، كما له أدوار مختلفة أخرى تتعلق بالتصنيف الائتماني للمملكة وتقديم خدمات استشارية، واقتراح خطط تنفيذية للأجهزة الحكومية والشركات، التي تمتلك فيها الدولة ما يزيد على 50 في المائة من رأسمالها.

تماسك الأسعار
وتزامن الطرح الجديد مع تماسك أسعار الصكوك الحكومية التي يتم تداولها بالسوق الثانوية لدى تداول، الأمر الذي يدل على توجه المستثمرين المحليين نحو الأوراق المالية الحكومية، التي توزع أرباحا دورية مضمونة، وذلك في ظل التذبذبات التي تشهدها سوق الأسهم السعودية.
وأظهر رصد "وحدة التقارير الاقتصادية" استند إلى بيانات تداول الخاصة بسوق الصكوك والسندات، أنه بنهاية إغلاقات الإثنين الماضي، فمن بين 21 إصدارا حكوميا مدرجا من الصكوك، 19 إصدارا يتم تداوله فوق القيمة الاسمية وإصدارين دونها.
ويأتي ذلك بعد موافقة المقام السامي في مارس على زيادة نسبة الاقتراض للناتج المحلي من 30 في المائة كسقف إلى 50 في المائة، حيث تتوقع وزارة المالية ألا يتم تجاوز تلك النسبة من الآن حتى نهاية 2022.
وأكد وزير المالية، وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف أن الحكومة ستقوم بمزيد من الاقتراض، متوقعا ألا يتجاوز الاقتراض الإضافي هذا العام الـ 100 مليار ريال. وتتوافق تلك الاستراتيجية مع المعطيات الحالية لأسواق الدين العالمية والمحلية، التي تشهد تكلفة تمويل متدنية لجهات الإصدار، التي تتميز بمتانة تصنيفها الائتماني كالسعودية، التي أعلنت في مارس أنها لا تعتزم السحب من الاحتياطيات أكثر مما تم إعلانه خلال الميزانية، كما أنها لا تعتزم تسييل أي من استثماراتها.
ومع تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" قام عديد من دول العالم باتخاذ إجراءات احترازية للحد من انتشاره السريع، حيث تعهدت دول عدة بدعم اقتصاداتها بمبالغ تعدى إجماليها أكثر من تريليون دولار بما في ذلك الاستدانة من أسواق الدخل الثابت.

إعادة تمويل
وأفادت بيانات "وحدة التقارير الاقتصادية" أن السعودية ستبدأ بعد أربعة أشهر من الآن في "سداد أصل" قيمة سندات خمسية (مقومة بالعملة المحلية) سبق وأن أصدرتها في يوليو 2015 عبر مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، التي جاءت بالفائدة الثابتة، وكذلك بالمتغيرة.
وكان المركز الوطني لإدارة الدين قد ذكر في وثيقة الاقتراض السنوية أنه يحل في 2020 أجل استحقاق ديون بمقدار 44,4 مليار ريال من الديون المحلية، وعليه سيقوم المركز "بإصدار أوراق مالية للحفاظ على متوسط أجل استحقاق الدين العام للمملكة والحد من مخاطر إعادة التمويل".
ويتم تحديد الاستحقاقات بناء على إرشادات الحد الأقصى للاستحقاق المحددة مسبقا، ويعني ذلك أن إعادة تمويل تلك الاستحقاقات المقبلة بشكل تدريجي خلال شهر يوليو 2020 (فما بعده) ستتم عبر إصدارات الصكوك.

جائحة "كوفيد-19"
وكانت السعودية سباقة في اتخاذ عدة إجراءات احترازية جريئة ومبكرة لمنع انتشار الفيروس، ودعم جهود الدول والمنظمات الدولية لمجابهة هذه الجائحة، حيث أكد وزير المالية، ووزير الاقتصاد والتخطيط المكلف توافر القدرة لدى الحكومة على تنويع مصادر التمويل بين الدين العام والاحتياطي الحكومي بما يمكنها من التعامل مع التحديات المستجدة، ويسمح بالتدخل الإيجابي في الاقتصاد من خلال القنوات والأوقات المناسبة، مع الحد من التأثير على مستهدفات الحكومة في الحفاظ على الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي على المديين المتوسط والطويل.
* وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- محلية