FINANCIAL TIMES

عدوى «كورونا» ترفع حرارة صناديق الاستثمار الكمي

عدوى «كورونا» ترفع حرارة صناديق الاستثمار الكمي

كافحت بعض أشهر صناديق التحوط، التي تعمل بالكمبيوتر للتكيف مع الأسواق الفوضوية التي هزها فيروس كورونا، وشهدت "رينيسانس تكنولوجيز" و"تو سيجما" و"دي شو" بعض أكبر صناديقها وقد تضررت هذا الشهر.
تعتمد ما يسمى الصناديق الكمية على أجهزة كمبيوتر عالية الطاقة ومجموعات بيانات كبيرة وخوارزميات لاستغلال الأنماط في أسعار الأوراق المالية بشكل منهجي. وقد أفرز نجاحها عددا من المقلدين ودفع كثيرا من مجموعات الاستثمار التقليدية إلى محاولة محاكاة أساليبها. "رينيسانس تكنولوجيز" و"تو سيجما" و"دي شو" - التي تعد المعيار الذهبي للصناديق الكمية - تدير الآن ما يقارب 200 مليار دولار مجتمعة.
لكن ضراوة الاضطرابات الأخيرة في السوق تسببت في بعض الخسائر المؤلمة، ما أجبر كثيرا من هذه الصناديق على تقليص مراكزها. أحد كبار المستثمرين في صناديق التحوط وصف أرقام الخسائر في محفظته الكمية بأنها "كارثة"، بينما يقول بعضهم، إن النكسات تشبه "زلزالا كميا" - إشارة إلى فترة وجيزة، لكنها مؤلمة للصناعة في آب (أغسطس) 2007.
يقدر بنك كريدي سويس أن الصناديق الكمية ككل خفضت تقريبا حجم مراكزها إلى النصف منذ بداية الشهر، وأن الصندوق الكمي المتوسط فقد 14 في المائة هذا العام. قال مكتب صناديق التحوط التابع للبنك في مذكرة للعملاء يوم الأحد: "هذا التفكك السريع يشير إلى حجم التحول الأوسع في الموقف تجاه التداعيات الاقتصادية الناشئة عن فيروس كوفيد - 19".
وبحسب مارك كونورز، الرئيس العالمي لاستشارات المخاطر في مكتب الخدمات الرئيسة في البنك السويسري: "هناك أسابيع تصبح فيها إدارة المخاطر صعبة". وأضاف: "في هذه البيئة تواجه معظم الصناديق فترة صعبة مع كل من المراكز الدائنة والمدينة".
شهدت شركة رينيسانس، أحد أكثر الأسماء شهرة في الصناعة، خسائرها تتفاقم في الآونة الأخيرة. انخفض صندوقها الرئيس للأسهم "رينيسانس إنستتيوشينال إيكوتيز"، الذي يميل إلى أن تكون لديه مراكز دائنة في الغالب، 18 في المائة في آذار (مارس)، ما زاد من تراجعه حتى الآن إلى 24 في المائة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأرقام. وانخفض صندوقها الآخر، "إنستتيوشينال دايفرسفايد"، 15.8 في المائة للعام، حتى نهاية الأسبوع الماضي.
المجموعة التي تتخذ من لونج آيلاند مقرا لها، التي أسسها جيم سيمونز، عالم الرياضيات والمختص السابق في تفكيك الشفرات، حققت خلال العقدين الماضيين سجل أداء تحسد عليه. كان صندوق مداليون Medallion الرائد ناجحا جدا لدرجة أنه كان يبعد المستثمرين الخارجيين في عام 2005، ومنذ ذلك الحين اقتصر على إدارة أموال التنفيذيين في شركة رينيسانس نفسها. قال سيمونز العام الماضي، إن "مداليون" حقق متوسط عائد سنويا يبلغ نحو 40 في المائة منذ عام 1988، بعد خصم الرسوم.
كذلك وجدت "تو سيجما" أن البيئة صعبة بشكل غير عادي. وفقا لمصدر مطلع على النتائج، انخفض صندوقها "سبكترم" الرائد 2 في المائة تقريبا خلال العام. لكن صندوقها "كمباس" المختص بالاقتصاد الكلي العالمي كان أسوأ، إذ تراجع 13 في المائة حتى نهاية الأسبوع، في حين خسر صندوق أبسوليوت رتيرن 3 في المائة.
تم تأسيس شركة تو سيجما في عام 2001 من قبل ديفيد سيجل عالم الكمبيوتر وجون أوفرديك عالم الرياضيات، اللذين التقيا أثناء العمل معا في "دي شو" (حيث تداخلا مع جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون). على الرغم من كونها شركة أصغر من "رينيسانس" و"دي شو"، إلا أن "تو سيجما" نمت بسرعة على مدى العقد الماضي وتعد على نطاق واسع في طليعة صناعة الاستثمار المنهجي.
في غضون ذلك، خسر صندوق دي شو الرئيس المركب - الذي عانى عاما واحدا من الانخفاض فقط خلال العقدين الماضيين - 2.6 في المائة في الشهر المنتهي في بنهاية الأسبوع الماضي، ما دفعه إلى المنطقة السلبية هذا العام.
صندوق الاقتصاد الكلي العالمي لمجموعة أوكيولس في نيويورك انخفض 0.8 في المائة هذا الشهر، لكنه لا يزال شاذا في عالم صناديق التحوط مع مكاسب بلغت 2.5 في المائة حتى الآن في عام 2020. لكن مرونة صندوق فالانس Valence "للمراجحة الإحصائية" التي تميز بها في وقت مبكر من العام تلاشت خلال التقلبات الشديدة الأسبوع الماضي. وانخفض الآن أكثر من 9 في المائة لهذا الشهر وهو أدنى 4.6 في المائة لهذا العام.
حقيقة أنه حتى "فالانس" تعرض للأذى وتسلط الضوء على الكيفية التي أصبحت بها الأسواق غادرة بشكل متزايد. يفرض صندوق فالانس رسوما بنسبة 3.5 في المائة مقابل الأصول التي يديرها ويحصل على 35 في المائة من الأرباح التي يحققها، أي ما يقارب من ثلاثة أضعاف متوسط الصناعة.
كانت المراجحة الإحصائية - استغلال العلاقات الصغيرة لكن الموثوقة في الأسواق بشكل منهجي – هي استراتيجية شركة دي شو الأولى عندما بدأها ديفيد شو عالم الكمبيوتر، في عام 1988. وتصنف الشركة على أنها خامس أعلى صندوق تحوط من حيث العائدات على الإطلاق، وفقا لترتيب سنوي من قبل LCH للاستثمار.
ربما لا يزال أداء الثلاثي أفضل بشكل عام من متوسط الصناعة الكمية، إلا أنه يظهر انعكاسا في الحظوظ عما كان عليه الحال في نوبات التقلبات السابقة التي تمكنت المجموعة من إدارتها إلى حد كبير. ففي عام 2018، مثلا، حققت الأدوات الاستثمارية الرائدة في "رينيسانس تكنولوجيز" و"تو سيجما" و"دي شو" مكاسب كبيرة، على الرغم من الظروف المتقلبة في ذلك العام.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES