ثقافة وفنون

هوس «هوليوود» بالفيروسات يتحول إلى حقيقة

هوس «هوليوود» بالفيروسات يتحول إلى حقيقة

أفلام خيالية تعكس الواقع.

هوس «هوليوود» بالفيروسات يتحول إلى حقيقة

مشهد من مسلسل My Secret Terrius الكوري.

جثث متناثرة كحبات البرد، ينتشلونها من الشارع ويرمون بها داخل الحافلات، تعود إما لمسنين أو لشباب، مشهد تقشعر له الأبدان، بدأنا نراه في مقاطعة ووهان الصينية، التي ولد فيها فيروس كورونا المستجد، أعاد هذا المشهد إلى أذهاننا أفلام عالجت أنواعا من السيناريوهات، صورت القتلى يموتون على أبواب المستشفيات، ونقلت معاناة الحجر الصحي، مثل فيلم ‫Quarantine‬.
منذ القدم كان انتشار الأوبئة والكوارث الصحية مادة خصبة للقصص والأفلام، بل إن انتهاء الحضارة بفعل الفيروسات والأمراض لهو حلم كتاب الخيال العلمي منذ القدم، فانتشرت أفلام الوباء وأفلام الكوارث في سينما "هوليوود" بكثرة أخيرا، كنوع من التنظير السينمائي لفكرة "نهاية العالم" وحملت صور هذه الأفلام مشاهد كئيبة لجثث مصابين بالوباء، وسماء سوداء ومبان مدمرة ومدنا مهدمة، وغربان سوداء، وأراض تغمرها البحار أو الثلوج الكثيفة في الوقت الذي يبحث فيه ما تبقى من البشر عن ملجأ أو مأوى محصن يقيهم من هذه الكوارث القاتلة.
أفلام خيالية تعكس الواقع
ولا شك أن عديدا من الأفلام الخيالية تعكس الوضع الحالي، الذي يتخبط فيه العالم اليوم، ويظهر هذا جليا في كثير من الأفلام، التي صورت وصول فيروس شديد العدوى ومميت يصيب البشرية، ويدفع العلماء إلى العمل ليلا ونهارا لتطوير لقاح ضده، تماما كما يحصل مع وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، حيث وصل الأمر في بعض الأفلام إلى تصويره على أنه بدأ في مدينة ووهان الصينية وتفشى حول العالم، ما دفع السلطات في عديد من البلدان إلى اتخاذ تدابير وقائية وصولا إلى الحجر الصحي المنزلي، وهذا ما يحصل في هذه الأيام التي أقل ما يقال فيها أنها أيام عصيبة.
"كورونا" في فيلم كوري صدر عام 2018‫ ‬
أفلام ومسلسلات من هنا وهناك، بدأت أصداؤها تصدح على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مع إنتشار وباء "كورونا" وبدأت المقارنات والتحليلات تحاول شرح العلاقة بين الفيلم والواقع، لنقف في نهاية المطاف عند حلقة مفرغة مذهولين من كمية التشابه بين الواقع والخيال السينمائي، ويراودنا هذا الشعور بقوة عندما شاهدنا مشهدا من مسلسل My Secret Terrius الكوري، الذي طرح في 2018، وفي إحدى حلقاته يتحدث عن اكتشاف فيروس جديد، يستهدف الجهاز التنفسي، وكشف في لقطة المسلسل، أنه فيروس تلوعب به، ليقتل 90 % من البشرية، إن هذا المسلسل، الذي أنتجته شبكة نتفلكس لم يتمحور في مضمونه عن الوباء، بل جاء ذكره بلقطة واحدة كأنه كان تحضيرا للمرحلة التي نعيشها اليوم، حتى إن السيناريو أتى على ذكر فيروس كورونا حرفيا، وأنه طور من قبل الإنسان ويعيش بين يومين و14 يوما، فهل جميع ما ذكر في الفيلم صدفة؟
الدقة تدحض الصدفة
إن الصدفة يمكن أن تصنع قصصا مشابهة، لكن أن تأتي التفاصيل بهذه الدقة؛ أمر يدعو إلى التأمل قليلا، والشك في أن ما ظهر من أفلام عن الأوبئة ينذر بتخطيط دولي لحرب جرثومية، وإذا كان فيلم My Secret Terrius أتى على ذكر "كورونا" بحرفيتها، فإن أفلاما أخرى تحدثت عن الوباء عموما مثل فيلم ‫Outbreak، الذي أنتج عام 1995، ‬يحكي الفيلم عن مجموعة من الجيش الأمريكي تواجه فيروسا غامضا في إفريقيا، ثم يقابلهم الروتين والتعنت الحكومي في فحص الفيروس وتحييده بحجة أن المسافة بعيدة وأن المرض لا ينتشر بالهواء، لكن الأمور تتصاعد مع دخول قرد إفريقي من المنطقة نفسها إلى الولايات المتحدة، هرب من الحجر الصحي لبيعه في السوق السوداء، ثم سرح بعد الفشل في بيعه. بشكل مفاجئ يموت المهرب من مرض غريب، ثم يظهر وباء جديد في الجانب الآخر من البلاد بشكل سريع، ويصارع الجيش الوقت من أجل السيطرة عليه، في حين أن السلطات لديها أجندات أخرى للاستفادة من الفيروس.
‫ ‬
تعزيز مفهوم الحجر الصحي
إن العلاج الوحيد لفيروس كورونا، هو الحجر المنزلي أو الصحي، ولقد ظهرت أفلام تمهد للحجر المنزلي، أو ترشد وتزرع في عقول المشاهدين كيفية القيام بهذا الأمر مثل فيلم ‫Quarantine أو الحجر الصحي، الذي يحكي قصة كفاح مجموعة من الأشخاص يشتبه فيهم، حجزوا فى بناية معزولة بعد ظهور وباء يحول المصابين به إلى متعطشي دماء يؤذون الآخرين. ‬
ويتطرق الفيلم لمعاناة الذين يشتبه فيهم بإصابتهم بفيروس ما، ومعهم المسعفون الصحيون، الذين يتكفلون بعنايتهم داخل الحجر الصحي، وهو ما وقع أيضا مع وباء "إيبولا"، ويقع الآن مع وباء "كورونا" حيث نسمع يوميا أخبار مشكلات الحجر الصحي، مثل هروب أحد المرضى منه، وإصابة عدد من المسعفين الصحيين بالفيروس داخله.
صدر الفيلم فى أكتوبر عام 2008، بميزانية 12 مليون دولار، من إخراج وكتابة الأمريكي جون إريك دوديل وبطولة الممثلة جينيفر كاربنتر، وهو مقتبس من فيلم رعب إسباني صدر عام 2007. الملجأ هو الفن السابع
‫مع انتشار فيروس كورونا وعجز الجميع – حتى الآن - عن إيجاد علاج، يبدو أن العالم على موعد مع وباء جديد قد يغير موازين البشرية، ومع استمرار انتشاره بشكل واسع، يسيطر الرعب على العالم، خاصة عندما يدور في خلد بعضهم، أن الطاعون الأسود الذي أودى بحياة 75 إلى 200 مليون شخص في أوروبا وآسيا في القرن الـ14 من الممكن أن يتكرر، أو الإنفلونزا الإسبانية التي جاءت عام 1918 وراح ضحيتها 500 مليون مصاب و50 مليون ضحايا شخص على مستوى العالم. ‬
وفي مقابل هذه الصورة السوداوية، يبقى عالم الفن السابع الملجأ الذي يلجأ إليه الإنسان لتمضية أوقاته أثناء الحجر المنزلي المفروض في معظم دول العالم، وفي الوقت نفسه، هو أفضل وسيلة للتوعية من أخطار هكذا أوبئة وإن كانت تحمل في طياتها كثيرا من المبالغة المسموح فيها لضرورات درامية فنية.
الحقيقة رهن الأيام
فمنذ عشرات الأعوام، يسعى القائمون على صناعة الأفلام العالمية، إلى طرح الأعمال، التي تركز على الموضوعات المثيرة، كالأمراض الغريبة والوبائية، وبالفعل طرحت شركات الإنتاج الكبرى هذه النوعية من الأفلام العالمية، التي تدور حول الأمراض القاتلة، دون وجود حلول لها، ويجتاح العالم هذه الفترة، فيروس "كورونا"، الذي ظهر في كثير من البلدان المختلفة حول العالم، وهنا سؤال يطرح نفسه، هل تنبأت "هوليوود" بتفشي وباء عالمي يدفع البشر إلى صراع البقاء؟ أم هناك عالم مهووس في مختبر ما، أراد تحويل تلك السيناريوهات المصورة إلى حقيقة ملموسة؟ أم نتيجة صراع مصالح وقضايا اقتصادية وحروب جرثومية بين الدول؟ أم مجرد فيروس من نتاج الطبيعة والتغييرات الكونية والمناخية؟
أسئلة ستبقى في طي الكتمان، ربما سيحمل المستقبل إجابات عنها، وإن كانت الشكوك تساورنا حولها.
 

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون