ثقافة وفنون

الثقافة في زمن «كورونا» .. أزمة عالمية تدق ناقوس الخطر

الثقافة في زمن «كورونا» .. أزمة عالمية تدق ناقوس الخطر

تشهد المنتجات الإلكترونية مثل الكتب والموسيقى رواجاً.

الثقافة في زمن «كورونا» .. أزمة عالمية تدق ناقوس الخطر

أصبحت المؤسسات الثقافية في تحدٍ قوي أمام استمرارها.

تأثرت السينما بشكل مباشر جراء انتشار "كورونا"، ولعل أحد أكثر المتضررين بشكل مباشر شركات الإنتاج، ومنها "هنجديان وورلد استديوز"، أكبر استوديو سينمائي في العالم، الذي أوقف تصوير الأفلام والمسلسلات حتى إشعار آخر، وأغلق أبواب مدينة الملاهي التابعة له في شرقي الصين أمام عشاق السينما. فيما قررت شركات الإنتاج في "هوليوود" إلغاء عروض أفلامها في الصين، مثل فيلم جيمس بوند الجديد، وفيلم مولان، وفيلم جاكي شان الجديد، لتتكبد خسائر تقدر بعشرات الملايين من أرباح شباك التذاكر في ثاني أكبر سوق سينمائية عالمية. وبحسب مجلة "ذا هوليوود ريبورتر"، فإن إيرادات شباك التذاكر في إيطاليا انخفضت بنسبة تتجاوز 44 في المائة، فيما قالت الجمعية الوطنية لتجار التجزئة في السينما "إن 850 صالة سينما أغلقت أبوابها في البلاد"، أي ما يمثل نحو نصف دور السينما الإيطالية، التي تحتضن 1830 شاشة، في آثار وصفت بالمدمرة لصناعة الترفيه، وصحب ذلك كله تأجيل مهرجان الشرق الأقصى إلى يونيو المقبل.

واستمرارا لسيناريو إغلاق "الشاشات الذهبية"، أعلن وزير الصحة العراقي إغلاق دور السينما والمنتديات الاجتماعية في البلاد، كإجراء احترازي. كما أثر "كورونا" في تصوير الأفلام الجديدة، مثل الجزء السابع من سلسلة أفلام "المهمة المستحيلة" للنجم توم كروز، الذي كان يصور جزءا من أحداثه في مدينة البندقية. تأجيل وإلغاء في ضربة أخرى موجهة نحو الثقافة، ألغى اتحاد الناشرين الفرنسيين دورة 2020 من معرض باريس السنوي للكتاب، المفترض أن يبدأ في وقت لاحق من هذا الشهر، بعد قرار الحكومة الفرنسية حظر أي تجمع لأكثر من خمسة آلاف شخص في مكان مغلق، ما يعني إلغاء الفعاليات الثقافية والفنية كافة، ومن بينها صالون "كوا دو بولار" في ليون، وصالون "لوتري" في باريس، و"لوسكال دو ليفر" في بوردو و80 فعالية أخرى. وقال الاتحاد في بيان له "إنه اتخذ هذا القرار "مع الأسف"، وتم تحديد موعد آخر عام 2021، مع وعود جديدة واكتشافات جديدة حول الكتب والقراءة". وفي خطوة صادمة لزوار العاصمة الفرنسية، أغلق متحف اللوفر أبوابه الأحد الماضي، بسبب المخاوف من "كورونا". ولم يكن العالم العربي بمنأى عن إلغاء الأحداث الثقافية وتأجيلها؛ ففي الكويت، تأجلت إقامة مهرجان "ربيع الشعر العربي" في موسمه الـ13، الذي دأبت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية على إحيائه في شهر مارس من كل عام، دون تحديد الموعد المقبل له، أما المغرب، فأجلت جميع الأحداث الثقافية والرياضية في البلاد.

وإلى البحرين، حيث قررت إدارة مهرجان البحرين السينمائي تأجيل موعد إقامة المهرجان حتى إشعار آخر، حفاظا على السلامة العامة، حيث كان من المقرر أن ينطلق أمس، بهدف تنشيط الحركة السينمائية، واكتشاف المواهب والاحتفاء بها، وجاء ذلك القرار تزامنا مع قرار هيئة البحرين للثقافة والآثار تعليق كل فعالياتها الجماهيرية. لا مفر "لم يكن هناك مفر من إلغاء الحفلات".. بهذه الكلمات تحدثت وكالة "بيج هيت إنترتينمنت" التي تتولى إدارة أعمال فرقة البوب الكورية الجنوبية الشهيرة BTS، عن إلغاء أربع حفلات موسيقية كان من المقرر إقامتها في سيئول في الفترة ما بين 11 و19 أبريل، بحضور يقدر بأكثر من 200 ألف شخص. وبررت الفرقة قرارها بأنه "من المستحيل في هذه المرحلة التنبؤ بحجم الوباء"، لتلغي الحفلات التي كانت ستقام في ستاد سيئول الأولمبي، وتروج لألبومها الجديد. والأمر سيان بالنسبة إلى أفريل لافين فنانة البوب الكندية، التي أجلت جولتها الآسيوية المقررة من 23 أبريل حتى 24 مايو المقبل في الصين واليابان والفلبين وتايوان وهونج كونج. وإلى العراق، حيث أعلنت الجهات المنظمة تأجيل حفل المطربة اللبنانية إليسا، المقررة إقامته في 20 مارس في محافظة أربيل العراقية، بأمر من "كورونا". وفي المملكة، حالة من الترقب للفعاليات الثقافية المقبلة، وسط مخاوف من تأجيل النسخة الأولى من مهرجان "البحر الأحمر السينمائي الدولي" المزمع انطلاقه الخميس المقبل، أو معرض "الرياض الدولي للكتاب"، الذي ينطلق أوائل أبريل المقبل. إنقاذ ما يمكن إنقاذه أصبحت المؤسسات الثقافية الصينية في تحد قوي أمام استمرارها، بعد إغلاق دور السينما، وإلغاء عروض الفرق المسرحية، وتأجيل المهرجانات والمعارض المحلية والدولية، وتوقف المطابع والاستوديوهات ومراكز الإنتاج.

وكحل لإنقاذ هذه المؤسسات، في دولة تعد المتضرر الأكبر من الفيروس، أطلقت مدينة ووهان حملة شعبية للتبرعات، كما قدمت تخفيضات وإعفاءات لهذه المؤسسات، وإعانات لاستهلاك الكهرباء والإنترنت، وتعويضا عن المخاطر، إضافة إلى خفض أسعار الفائدة على القروض. نافذة أمل على الرغم من التأثير المباشر لـ"كورونا" في دور السينما وتصوير الأفلام والفعاليات الثقافية، إلا أن ذلك فتح نافذة أخرى للمنتجات الثقافية، حيث استفاد قطاع ألعاب الفيديو من اتجاه الناس نحو قضاء كثير من الوقت في منازلهم، لتشكل مبيعات قياسية. بحسب شركة أبحاث Niko Partners، التي تركز على صناعة الألعاب في آسيا، فقد حققت لعبة Honor of Kings على الهواتف الذكية أعلى مستوى على الإطلاق في متوسط ​​المستخدمين اليومي، وارتفع إجمالي تحميل الألعاب من متجر أبل في الصين بنسبة 27 في المائة مقارنة بالعام الماضي. كما تشهد المنتجات الإلكترونية، مثل الكتب والموسيقى رواجا، إذ أصبح مرض "كورونا" دافعا نحو تغيير العادات الثقافية، ناقلا المجتمعات من الممارسات الجماعية إلى الممارسات الفردية، بعد تأجيل الفعاليات والأحداث إلى أجل غير مسمى.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون