تقارير و تحليلات

مستثمرون أجانب جدد يدخلون سوق أدوات الدخل الثابت السعودية

مستثمرون أجانب جدد يدخلون سوق أدوات الدخل الثابت السعودية

مستثمرون أجانب جدد يدخلون سوق أدوات الدخل الثابت السعودية

علمت "الاقتصادية"، أن السعودية تمكنت مع الإصدارين المقومين بالعملة الدولارية والريال، اللذين تم إغلاقهما الشهر الماضي، من إضافة مستثمرين دوليين جدد لأول مرة في أسواق أدوات الدخل الثابت السعودية، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنويع قاعدة المستثمرين وتعميق الطلب على الأوراق المالية الصادرة من الحكومة السعودية.
وبخلاف جهات الإصدار الأخرى التي تبحث عن متعهدي تغطية من أجل اكتتاب البنوك المرتبة للإصدار في معظم قيمة الطرح، فإن المركز الوطني لإدارة الدين التابع لوزارة المالية، عبر وحدة "علاقة المستثمرين"، ارتأى العمل مع البنوك الدولية التي تنشط في البحث عن مستثمرين جدد، حيث نجح في تحقيق ذلك الهدف مع مطلع العام الجاري.
وقال مصدر على دراية بتلك التطورات، "إن الإصدار المحلي شهد مشاركة مستثمرين أجنبيين من خارج المملكة، أحدهما يشارك للمرة الأولى والآخر قد سبقت له المشاركة عدة مرات".

التوزيع الجغرافي

أحدث المستثمرون الآسيويون تغيرا جوهريا في قائمة أكثر المناطق الجغرافية استثمارا في الأوراق المالية المقومة بالدولار والصادرة عن حكومة المملكة.
أظهر رصد لوحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أنه ومع الإصدار الدولاري الأخير، احتل المستثمر الآسيوي المرتبة الأولى من حيث نسبة التخصيص في شريحة 35 عاما وسبعة أعوام، ليزيحوا بذلك مستثمري الولايات المتحدة الأمريكية الذين اعتادوا الحصول على أعلى نسبة تخصيص على مدار الأعوام الأربعة الماضية.

زيادة قاعدة المستثمرين

ما يلفت الأنظار هو مقدار الزيادة أو الانخفاض في نسبة تخصيص منطقة جغرافية على حساب أخرى، ومن أجل قياس مقدار أثر استراتيجية وزارة المالية الرامية إلى تنويع قاعدة المستثمرين، قامت وحدة التقارير في الصحيفة بمقارنة نسبة تخصيص شرائح الإصدارات الثلاثة الأخيرة مع أقرب شرائح من حيث آجال الاستحقاق لفئة السندات "التي سبق أن تم إصدارها في الأعوام الثلاثة الماضية"، واتضح أن نسبة الزيادة في التخصيص للمستثمر الآسيوي ارتفعت ما بين 55.5 في المائة إلى 141.1 في المائة، وارتفعت بالوتيرة نفسها مع المستثمر الشرق الأوسطي ما بين 100 في المائة إلى 240 في المائة، ما يعني نجاح السعودية في توسيع قاعدة مستثمريها على حساب مناطق جغرافية أخرى.
وجاءت تلك الزيادة على حساب مستثمري الولايات المتحدة الأمريكية الذين تباينت نسبة التراجع في التخصيص لهم ما بين 20 في المائة و64 في المائة.
في حين شهد مستثمرو أوروبا وبريطانيا استقرارا نسبيا، حيث راوحت نسبة الانخفاض في التخصيص ما بين 2.7 في المائة و15.3 في المائة.

آلية ممنهجة

من المتعارف عليه أنه عندما تنجح جهة إصدار ما في زيادة قاعدة المستثمرين في جهة جغرافية ما، تحاول بعد ذلك مع الإصدارات المقبلة تكرار الأمر نفسه مع جهة جغرافية أخرى على حساب الأولى.
ويضطر المستثمر الذي لم يحصل على حصته المطلوبة من الإصدار أن يبحث عنه في السوق الثانوية عندما يتم إدراج تلك الأوراق المالية، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على أسعار تلك السندات أو الصكوك.
ولا يعني انخفاض نسبة التخصيص في منطقة جغرافية عدم وجود طلب عال على الإصدار، بل على العكس من ذلك، بدليل وصول المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب أكثر من 23 مليار دولار، وتجاوزت نسبة التغطية أكثر من أربعة أضعاف إجمالي الإصدار الأخير.
ويهدف التعمد في تقليل حصة منطقة جغرافية على حساب الأخرى إلى إحداث ما يوصف بلغة المتخصصين في أسواق الدخل الثابت "اشتداد سعري" في التداولات الثانوية بين المستثمرين "القادمين من فئات جغرافية متنوعة"، بهدف الحصول على الحصة المستهدفة من الإصدار "التي لم يحصلوا عليها خلال عملية التخصيص" من التداولات الثانوية ما ينعكس إيجابا على إمكانية رفع قيمة الصك خلال التداولات.

شريحة 35 عاما

حصل المستثمر الآسيوي على أعلى نسبة تخصيص مع شريحة 35 عاما، بنسبة بلغت 41 في المائة، متبوعا بنسبة 35 في المائة من المستثمر الأوروبي.
وكانت "الاقتصادية" قد أشارت في وقت سابق إلى أن شريحة 35 عاما لفتت أنظار المستثمرين، حيث طرحت للمرة الأولى في تاريخ السعودية، بعدما تمركزت معظم طلبات المستثمرين عليها.
ويفيد العاملون في أسواق الدخل الثابت بأن شريحة 35 عاما جذبت اهتمام شركات التأمين الآسيوية التي تفضل آجال الاستحقاق الطويلة التي تتواءم مع مطلوباتها، إضافة إلى صناديق التقاعد، والمستثمرين التقليديين، الذين يبحثون عن العائد الأعلى في زمن تدني مستويات الفائدة.
وتبحث السعودية دوما عن "مستثمرين جدد" بغرض تنويع وتوسيع قاعدة المستثمرين.
يذكر أن "الاقتصادية" أشارت في وقت سابق إلى أنها اطلعت على وثيقة صادرة من "المركز الوطني لإدارة الدين" تفيد بأن السعودية تمكنت في العام الماضي من زيادة قاعدة المستثمرين الدوليين بنسبة 10 في المائة، في خطوة جوهرية ينتظر لها أن تنعكس إيجابيا على تسعير أدوات الدين الجديدة أو القائمة التي تم إدراجها في البورصات العالمية والمحلية.
وذكر المركز الوطني لإدارة الدين، أنه سيواصل استراتيجيته الخاصة بالتعامل مع مستثمريه في كل من الجولات الترويجية في الخارج، إضافة إلى استمرار زيارات المستثمرين إلى السعودية، كما أن التركيز المستمر على مزيد من التنوع في المستثمرين هو الهدف الرئيس لعام 2020 لاستراتيجية علاقات المستثمرين.

الإصدارات الدولية منصة جذب

تثبت الأوراق المالية الصادرة عن الحكومة السعودية أنها قد حصلت على شعبية واسعة وقبول عال مع مستثمري الأسواق الناشئة المتمركزين في القارة الآسيوية، الأمر الذي يمهد الطريق لأكبر اقتصادات الشرق الأوسط لطرح إصدارات بعملات كبار المستثمرين الآسيويين في تلك الدول، في حال ارتأت السعودية ذلك.
وبذلك تمنح أدوات الدين التي تقوم المملكة بإصدارها معلومات أكبر "عبر نشرة الإصدار"، حيث أصبحت بمنزلة المنصة التي تجذب الأموال الأجنبية نحو الاقتصاد السعودي.

إتمام الطرحين الدولي والمحلي

كانت وزارة المالية أعلنت الشهر الماضي من خلال المركز الوطني لإدارة الدين، الانتهاء من استقبال طلبات المستثمرين على إصدارها الدولي السادس للسندات ضمن برنامج حكومة السعودية الدولي لإصدار أدوات الدين.
ووصل المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب إلى أكثر من 23 مليار دولار، حيث تجاوزت نسبة التغطية أكثر من أربعة أضعاف إجمالي الإصدار.
وبلغ إجمالي الطرح خمسة مليارات دولار "ما يعادل 18.75 مليار ريال سعودي" مقسمة على ثلاث شرائح، كما يلي: مليار دولار "ما يعادل 3.75 مليار ريال" لسندات سبعة أعوام استحقاق عام 2027، و1.25 مليار دولار "ما يعادل 4.68 مليار ريال" لسندات 12 عاما استحقاق عام 2032، و2.75 مليار دولار "ما يعادل 10.31 مليار ريال" لسندات 35 عاما استحقاق عام 2055.
كما أعلنت وزارة المالية الأسبوع الماضي، الانتهاء من استقبال طلبات المستثمرين على إصدارها المحلي لشهر يناير 2020 تحت برنامج صكوك حكومة السعودية بالريال السعودي، مشيرة إلى أنه تم تحديد حجم الإصدار بمبلغ إجمالي قدره 6.720 مليار ريال سعودي.

الصعود الآسيوي يتواصل

هذه ليست المرة الأولى التي يلفت فيها المستثمر الآسيوي الانتباه نحو استثماراته في أدوات الدين السعودية؛ فمع صكوك الـ2.5 مليار دولار الخاصة بالسعودية التي تم طرحها العام الماضي، ارتفعت حصة التخصيص لهم من 4 في المائة إلى 22 في المائة.
وقبل ذلك أظهرت إحصائية المكتتبين في إصدار السعودية من السندات المقومة باليورو "ثلاثة مليارات يورو في 2019"، أن المملكة تمكنت من إنشاء قاعدة مستثمرين وفية من القارة الآسيوية، في إشارة تعكس عمق الروابط السياسية والاقتصادية بين القارة الآسيوية والسعودية.
يأتي ذلك الدخول اللافت للمحافظ الآسيوية، على الرغم من أن عملة اليورو لا تعد إحدى العملات الرئيسة للدول الآسيوية.

إعادة تموضع التوزيع الجغرافي للمستثمرين

يكشف رصد "الاقتصادية" عن حدوث تغيير إيجابي ممنهج لآلية التخصيص الجغرافي على مدى أربعة أعوام.
في 2017 و2018، كان التركيز على بناء قاعدة من المستثمرين الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط وكذلك أوروبا.
أما في العام الماضي فانصب التركيز على توسيع قاعدة المستثمرين في القارة الآسيوية وكذلك الأوروبية "مع طرح السندات المقومة باليورو"، وفي 2020 تركزت الجهود على تعزيز توسيع قاعدة المستثمرين في آسيا والشرق الأوسط.

دعم الشرق التاريخي

أظهر رصد "الاقتصادية"، أن السعودية كانت على الدوام ومنذ إنشاء برنامج استدانتها على الساحة الدولية كانت تعطي اهتماما متزايدا لقاعدة المستثمرين التي أنشأتها هناك منذ 2016. بعدها جاء إصدار اليورو الذي أظهر وجود ولاء عال للأوراق المالية الصادرة من الحكومة السعودية.
في مدينة تايبيه، على سبيل المثال، يوجد كبار المستثمرين المؤسساتيين من شركات التأمين، حيث تظهر البيانات التاريخية لـ"الاقتصادية" أنه عندما أرادت السعودية تقديم ملفها الائتماني لأول مرة في يوليو 2016 "قبل أن تبدأ جولتها التسويقية لباكورة سنداتها"، قامت بالبدء من "الشرق" وبعده تحركت نحو "الغرب".
وأسهمت تلك الاستراتيجية في جعل المستثمرين الآسيويين "الذين تم الاجتماع معهم في تايبيه" يأخذون الوقت الكافي لدراسة السجل الائتماني للقادم الجديد لساحة أدوات الدين العالمية.
وعندما حانت اللحظة الحاسمة للتسعير النهائي للإصدار، كانت المحافظ الآسيوية داعما كبيرا لأول سندات دولية في تاريخ المملكة. وتظهر نشرة إصدار سندات "أرامكو" عمق الروابط مع القارة الآسيوية في مجال الطاقة، حيث تستحوذ القارة على نسبة عالية من إجمالي صادرات النفط السعودي.
وتلك الروابط تعززت عبر المشاريع المشتركة لمصافي النفط التي ابتدأتها "أرامكو" في القارة الآسيوية منذ أكثر من عشرة أعوام، التي يتم عبرها شراء النفط السعودي.

صعود الدور الملحوظ للمستثمر الآسيوي

كانت "الاقتصادية" نشرت تحليلا في 6 يوليو 2019 تطرقت فيه إلى ظاهرة الزيادة الملحوظة في نسبة التخصيص للمستثمر الآسيوي.
ويعود سبب زيادة الشهية الآسيوية إلى عوامل عدة منها: الصعود الملحوظ لأسواق الدخل الثابت في منطقة الخليج خلال الأعوام الأربعة الأخيرة على صعيد إصدارات الأسواق الناشئة، فضلا عن توجه بعض المصدرين من المنطقة نحو إصدار أدوات دين مقومة بالعملات الآسيوية، إلى جانب قيام جهات الإصدار بإضافة عدد أكبر من المعتاد إلى المدن الآسيوية خلال جدول الجولة الترويجية "ليصبحوا أكثر قربا إلى المستثمر المؤسسي الآسيوي".
وجرت العادة أن يتم تسويق أدوات الدين الخليجية في الغالب للمستثمرين الأمريكي والأوروبي "مع الاكتفاء بمدينة آسيوية وحيدة خلال الجولة الترويجية للإصدارات"، إلا أن الإصدارات الأخيرة شهدت "نموا جوهريا" بأحجام اكتتابات المستثمر الآسيوي.
عند رصد أحجام التخصيص في الأعوام الماضية يتضح أنه تاريخيا تصل حصة المستثمر الآسيوي في الإصدارات الخليجية إلى ما بين 5 و10 في المائة، إلا أن الأمور قد تبدلت بعد 2019 عندما قفزت تلك النسبة إلى ما بين نطاق 17 في المائة و37 في المائة.

مزاحمة الشرق الأوسطي

لم يكتف المستثمر الآسيوي بمزاحمة نظيره الأوروبي أو أولئك القادمين من الولايات المتحدة الأمريكية على الأوراق المالية الصادرة من الشركات السعودية والإماراتية، بل امتد أثرهم إلى المستثمر الخليجي، الذي برفقة آخرين من الشرق الأوسط، يستحوذ في العادة على نسبة تخصيص ما بين 45 و51 في المائة من أحجام إصدارات الصكوك القادمة من المنطقة.
فمع صكوك ماجد الفطيم الخضراء "في 2019"، وصلت نسبة التخصيص إلى 32 في المائة، وفقا للبيانات الصادرة من البنوك التي رتبت الإصدار "بعد استحواذ الآسيويون على نسبة 27 في المائة".
وكانت سندات بنك المشرق الإماراتي أول إصدارات 2019 التي لفتت فيها نسبة التخصيص "27 في المائة" للمستثمر الآسيوي الأنظار، حيث أعاد نجاح "بنك المشرق" رسم كيفية تسويق الإصدارات الخليجية في المدن الآسيوية، وأن تحمل ساعات السفر الطويلة لمقابلة المستثمرين هناك يستحق كل هذا العناء.
ويتضح عند الاستشهاد بالاستراتيجية التسويقية لسندات "أرامكو"، أنها اشتملت على ثلاث مدن آسيوية، لذلك استحوذت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على نسبة عالية من التخصيص وصلت إلى 19 في المائة.

*وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات