FINANCIAL TIMES

يا للحسرة .. بريطانيا بطلة العالم في العقم التنظيمي

 يا للحسرة .. بريطانيا بطلة العالم في العقم التنظيمي

اكتشف صديق لي يرمم حظيرة في جزء رائع من إنجلترا، أنه قد تكون هناك خفافيش في قبة الجرس.
كلف "التقييم الأولي" للتأكد نحو 500 جنيه إسترليني، وتضمن تعثر رجل باحث عن الفضلات.
كلف البحث الشامل عن الخفافيش ألفي جنيه إسترليني، بما في ذلك 200 جنيه إسترليني لفحص سجل المنطقة المحلية.
بغض النظر عن رأيك في حقوق الخفافيش المهددة بالانقراض مقابل مالكي المنازل الغاضبين، يبدو كما لو أن لوائحنا قد أنتجت صناعة نهب.
أولئك الذين قادوا حملات لمغادرة الاتحاد الأوروبي، اعتقادا منهم بأن بروكسل كانت هي التي استحدثت هذا النوع من الإجراءات الرسمية العقيمة على وشك أن يخيب أملهم. بريطانيا بارعة في إحداث البيروقراطية بنفسها.
اتضح أن الخفافيش محمية بموجب قانونين: بريطاني وآخر من الاتحاد الأوروبي. إن سلطاتنا هي التي عقدت الأمور.
إذا "انزعجت بتهاون" الخفافيش -وهي جريمة أتصور أن من الصعب توضيحها في المحكمة- فيمكن أن تسجن لمدة ستة أشهر.
إذا كنت ترغب في البحث عن الخفافيش، فيجب عليك تقديم طلب إلى الجهة المنظمة NaturalEngland، للحصول على واحد من أربعة أنواع مختلفة من التراخيص.
مثل هذا الغموض والتعقيد صديقان للمحامين والمصالح المكتسبة، وعدوان على روح التنظيم التجاري التي يريد بوريس جونسون، رئيس الوزراء، ومستشاره دومينيك كومينجز إطلاق العنان لها.
لطالما اشتهرت بريطانيا بعادة المغالاة مقارنة بلوائح الاتحاد الأوروبي.
لندن تجاوزت بروكسل بكثير في جميع أنواع الأمور، من إجازة الأمومة إلى متطلبات رأس المال المصرفي. وفي الوقت الذي يلوح فيه "بريكست" في الأفق نحتاج إلى اختبار ميلنا إلى التعقيد المفرط.
خدمة الصحة الوطنية يجب أن تستفيد من إنهاء توجيهات الاتحاد الأوروبي لوقت العمل التي أضرت بالتدريب الطبي من خلال منع الطلاب من مشاهدة إجراء ما من البداية إلى النهاية.
الجمعية الطبية البريطانية طلبت بالفعل الاحتفاظ بالقواعد حتى يتاح لهؤلاء المساكين النوم.
مغادرة الاتحاد الأوروبي ستستلزم مزيدا من البيروقراطية على المدى القصير، لأن عديدا من القطاعات، مثل الطيران والمواد الكيميائية، ستحتاج إلى هيئات محلية لتنظيمها. علاوة على ذلك، لن تكون الشركات في عديد من القطاعات راغبة في الابتعاد، لحماية التجارة.
بريطانيا تحتل المرتبة الثامنة في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال للبنك الدولي.
للأسف، لا يوجد تصنيف مماثل لسهولة أن تكون مواطنا. أشعر أحيانا أن لوائح غسل الأموال أدى إلى معاملة المصارف الكبيرة للعملاء القدامى على غرار المجرمين؛ بينما وضعت التعديلات المتكررة على النظام الضريبي بعض الأسر متوسطة الدخل في مواجهة معدلات ضرائب هامشية أعلى بكثير من الرؤساء التنفيذيين. لا شيء من هذا له علاقة ببروكسل.
التنظيم والمراقبة أصبحا صناعتين صغيرتين. جلست ذات مرة مع مديرة دار رعاية مستاءة كانت تعلق ملصقات تكافؤ الفرص قبل زيارة مراقب، وأرتني البيانات التي كانت تجمعها للوكالات، بما في ذلك الهيئة التنفيذية للصحة والسلامة، ومعايير البناء، والإدارة المحلية المعنية بالتحقيق في الشكاوى ولجنة جودة الرعاية التي كنت فيها مديرة غير تنفيذية.
كانت هناك حجة جيدة لكل ذلك؛ على أن أحدا لم يفكر قط في التأثير الجماعي فيها، أو تكلفة الامتثال.
التناقضات لا تعد ولا تحصى. المسؤولون عن التراث يرفضون السماح بوضع زجاج شبابيك مزدوج في المباني القديمة، في حين أن الوزراء قلقون بشأن تغير المناخ.
تتعهد الحكومة بتوظيف مزيد من الأطباء والمعلمين والممرضات، بينما تفشل في تخفيف عبء العمل الورقي المتزايد الذي يدفع البعض إلى التقاعد، وقد أبعدهم الآن عن مهنهم.
الحكومة الحالية وعدت بمراجعة قانون الضريبة لعام 2017 "آي آر 35"IR35 الذي قد يكون كارثيا للعاملين المستقلين.
حتى بعد ذلك، تشير كلمة "مراجعة" إلى حذر محزن. في كثير من الأحيان، يكون رد فعل وايتهول الافتراضي للمطالبة بالتحرك، هو طرح فكرة لمراجعتها أو التشاور في شأنها، أو التكليف بإجراء دراسة جدوى.
يمكن لهذه الأدوات في بعض الأحيان أن تسلط الضوء وتبني توافق في الآراء.
على أنه يمكن أيضا أن تكون خطط تشغيل تطيل العملية دون داع.
يمكن أن يكون الوزراء يميلون إلى الخداع مثل موظفي الحكومة. بصفتها وزيرة الداخلية، كانت تيريزا ماي من أشد المشجعين للتحقيق العام.
طلبت ذات مرة، عندما عملت في داونينج ستريت، أن أرى نتائج أحد تلك التحقيقات التي تم إعلانها في العام السابق.
قيل لي إنها لم تبدأ بعد: كان تعيين فريق التحقيق لا يزال جاريا.
كومينجز رأى كل هذا مباشرة، ويتعامل معه بقلق شديد في الخدمة المدنية، ويعود ذلك جزئيا إلى أنه عدواني للغاية.
بغض النظر عن سجله في شأن "بريكست" كان على الجانب الصحيح عندما حارب هو وميشيل جوف السلطات المحلية التي تركت أطفال الأقليات العرقية نهبا للمعاناة من البقاء لأعوام في الرعاية، بدلا من أن تتبناهم عائلات محبة لم تنطبق عليها معايير التطابق العرقي الدقيق.
إن قواعد التبني تضر بشكل فعال مصالح الأطفال.
لا يجب أن تكون متحررا كي ترغب في تنظيم ذكي. لا يتعين على الإدارة الجديدة إتاحة أن تهب عاصفة الفكر الشومبيتري على كل طريق.
يجب أن تقدر النصيحة الموضوعية من موظفي الخدمة المدنية، لا أن تحدث ثقافة الخوف هذه بأن يخبر المسؤولون رئيس الوزراء ببساطة بما يريد أن يسمعه، بل يجب شن الحرب على الازدواجية، وأن تطلق حملة مناسبة لتبسيط الضرائب، وبذل جهود متضافرة لإراحة الموظفين الذين يتعاملون مع الجمهور من العمل الورقي.
إذا كانت "بريكست" ستجلب ببساطة مزيدا من الإجراءات الرسمية العقيمة، فسيكون ذلك جنونيا.
• الكاتبة رئيسة سابقة لوحدة السياسة في "داونينج ستريت"، وزميلة مرموقة في جامعة هارفارد.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES