المدن الاقتصادية محطة لعودة الأموال المهاجرة من الأزمة العالمية
تشكل المدن الاقتصادية رافداً مميزاً من روافد الجذب الاستثماري بصفة عامة والجذب العقاري بصفة خاصة، التي تساعد بشكل أو بآخر على ضخ رؤوس الأموال المحلية وامتصاص السيولة من السوق وتوظيفها في مشاريع استراتيجية تنموية، وعدم هجرة الأموال المحلية للخارج وإيجاد محفزات للنشاط الاستثماري.
وأن إشراك القطاع الخاص في المشاريع الحكومية المختلفة قد حقق نتائج جيدة كان من أبرزها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وهي أكبر مدينة اقتصادية متكاملة في الشرق الأوسط باستثمارات 100 مليار ريال وإطلاق مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل بتمويل يقدر بنحو 30 مليار ريال خلال عشر سنوات يتم دفعه بالكامل من القطاع الخاص، ومدينة المعرفة الاقتصادية باستثمارات تقدر بـ 25 مليار ريال إضافة إلى المدن الاقتصادية الأخرى.
وقد جاءت فكرة إنشاء المدن الاقتصادية لتغيير فكرة الاستثمار العقاري التقليدي إلى فكرة ذات طابع استثمار صناعي عقاري، وأقصد هنا بالصناعي هو صناعة العقار التي لها ميزات وأساليب ومفاهيم جعلت من الاستثمار العقاري نموذجاً في إيجاد تحالفات بين الشركات العقارية الكبرى في المملكة ونظائرها من الشركات الأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي مثل الإمارات، والكويت، والبحرين لتقوم بتنفيذ مشاريع كبرى كمدن اقتصادية من أجل الاستثمار واستقطاب السيولة المتوافرة في البلد وتنمية المدن وإيجاد فرص وظيفية لمواطنيها، كل هذا يخدم المجتمع ويجعل الاستثمار العقاري ذا طابع استراتيجي وليس تكتيكيا أي لفترة من الزمن ينمو و يتطور.
وما أود الوصول إليه هنا أنه بعد حدوث هذه الأزمة المالية العالمية التي ضربت معظم دول العالم وبدأت تهدد بكساد جامح قد يطول الكثير من الدول، فإنه لا بد لنا أن نفكر جليا في كيفية الاستفادة من هذه الأزمة من خلال إيجاد قنوات استثمارية آمنة يمكنها أن تحتوي تلك الأموال التي خرجت من الأسواق العالمية التي أغلبها أموال مهاجرة, وأنا أعتقد أن المدن الاقتصادية هي إحدى هذه القنوات التي يمكنها أن تكون محطة لعودة الأموال المهاجرة، ذلك لأن المدن الاقتصادية جاءت أصلا كأوعية استثمارية لجذب رؤوس الأموال وتوظيف السيولة في مشاريع عملاقة وطموحة تعود بالنفع على المستثمرين والمواطنين والمقيمين وتعد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
أما من ناحية السوق العقارية، فانا أعتقد أنها لم تعد القناة الاستثمارية الأفضل لاحتواء رؤوس الأموال الضخمة، خاصة أن هذه السوق متضخمة وهي تعيش خلال الفترة الحالية نوعا من التذبذب والترقب بسبب التأثيرات التي أصابت سوق الأسهم، إضافة إلى عدم سلامة أوضاع بعض الشركات العقارية في الوقت الحالي، ما يجعل صورة الوضع الحالي لسوق العقار مشوبة بعض الشيء.
ومن هنا أرى أنه ينبغي علينا العمل على سرعة إزالة جميع المعوقات التي جعلت الأموال الوطنية تهرب إلى الخارج من جهة وإلى احتجاب المستثمرين الأجانب عن إدخال أموالهم بالشكل الذي يوازي الطموح إلى البلد من جهة أخرى، وذلك كما كان يحصل في بلدان شرق وجنوب آسيا التي انهالت عليها الأموال والخيرات من جميع الدول الغنية خبرة ومالاً للاستثمار فيها. إن مشاريع هذه المدن الاقتصادية فرصة كبيرة لجميع المستثمرين ليسترجعوا أموالهم المهاجرة ويوطنوها داخل بلدهم الذي سيدر عليهم ربحية أكثر واستقرارا.
عضو مجلس إدارة شركة الجبس الأهلية
[email protected]